أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 19 - صـ 112

جلسة 24 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

(18)
الطعن رقم 6 لسنة 36 ق "أحوال شخصية"

وقف. "دعوى الوقف". دعوى. سماع الدعوى. ملكية. "حق الملكية". سقوطه. تقادم. "تقادم مسقط".
الترك الموجب لعدم سماع الدعوى. ترك الدعوى بالعين مع قيام مقتضى الدعوى من غصب الغير للعين وتعديه عليها وإنكار حق مالكها فيها. مجرد ترك العين دون التعرض لها أو اغتصابها من الغير. لا يسقط حق الملكية ولا يمنع سماع الدعوى بها.
الترك الموجب لعدم سماع الدعوى طبقاً للمادة 375 من اللائحة الشرعية - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - هو ترك الدعوى بالعين مع قيام مقتضى الدعوى من غصب الغير للعين وتعديه عليها وإنكار حق مالكها فيها [(1)] أما مجرد ترك العين وإهمالها مهما يطل الزمن من غير أن يتعرض لها أو يغتصبها وينكر حق مالكها فيها فإنه لا يترتب عليه سقوط حق ملكيتها ولا يمنع سماع الدعوى بها [(2)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن أولاد المرحوم عبد المجيد عزت عبد العال أقاموا الدعوى رقم 624 سنة 1960 أحوال شخصية القاهرة الابتدائية ضد وزارة الأوقاف طلبوا فيها الحكم لكل منهم باستحقاقه لخمس قيراط من 24 قيراطاً ينقسم إليها ريع أعيان وقف المرحوم شهاب الدين أحمد زين العابدين العناني العمري وما ضم إليها من أعيان وقف المرحوم شمس الدين محمد أبو المراحم العناني الصادر أولهما في 17 رجب سنة 1205 هجرية وثانيهما في 12 رمضان سنة 1205 هجرية مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالوا شرحاً لها إنه في 17 رجب سنة 1205 هجرية وقف المرحوم الشيخ شهاب الدين أحمد زين العابدين العناني العمري الأعيان المبينة بحجة الوقف وأنه أنشأ هذا الوقف على نفسه مدة حياته ثم من بعده على ولديه الشمس محمد عابدين والمصونة خديجة خاتون ومن سيحدثه الله له من الأولاد - ذكوراً وإناثاً بالسوية بينهم ثم من بعد كل منهم فعلى أولاده ثم أولاد أولاده ثم أولاد أولاد أولاده وبعد انقراضهم يكون وقفاً على شمس الدين محمد أبو المراحم العناني العمري، وأن الواقف قد توفى وتوفي ولداه المذكوران عقيمين وآل الوقف لابن عمه شمس الدين الذي غير في الموقوف بإشهاد تغيير صادر منه في 22 رمضان سنة 1205 هجرية بأن جعل الحصة التي يستحقها في هذا الوقف من بعده على أولاده الثلاثة الشهاب أحمد وحميدة ونفيسة ومن سيحدثه الله له من الأولاد ذكوراً وإناثاً بالسوية ثم من بعد كل منهم فعلى أولاده ثم أولاد أولاده... وقد أشرك أخته وزوجته في الاستحقاق بالسوية بينهما ثم من بعد وفاتهما تضم حصتهما إلى أولاد الواقف الثاني وبهذا يؤول الوقف جميعه إليهم، وأن شمس الدين توفى وتوفيت بعده أخته وزوجته وانحصر فاضل ريع الوقف بعد نصيب الخيرات استحقاقاً لأولاده الثلاثة السابق بيانهم ولمن حدث له من الأولاد وهم محمد أبو المراحم ومحمد أبو الفتح وعبد الرحمن ثم ماتت نفيسة وحميدة بنتا شمس الدين بدون عقب فانتقل نصيبهما لأخوتهما الشهابي أحمد ومحمد أبو المراحم ومحمد أبو الفتح وعبد الرحمن لكل منهم ريع الوقف، واستطرد المدعون قائلين إنهم من ذرية محمد أبو الفتح وقد آلت حصته البالغة ستة قراريط لابنه الوحيد عبد الباسط المتوفى سنة 1852 عن ابنه عبد المجيد فقط فآل إليه نصيب أبيه ثم توفى عبد المجيد في سنة 1867 عن ابنه إبراهيم وأن إبراهيم توفى سنة 1897 عن ابنه علي فقط فآل نصيبه إليه ثم توفى علي في سنة 1903 فآل استحقاقه إلى ابنه الوحيد عبد العال وقد توفى عبد العال سنة 1919 عن أولاده الستة ومنهم عبد المجيد والد المدعين الذي توفى سنة 1925 وآل استحقاقه وقدره قيراط واحد إلى أولاده الخمسة فاستحق كل خمس قيراط، وأمرت المحكمة بضم هذه الدعوى إلى دعاوى أخرى من مستحقين في ذات الوقف ليصدر فيها حكم واحد، وبتاريخ 30 يونيه سنة 1964 حكمت المحكمة، باستحقاق كل من المدعين لخمس قيراط من 24 قيراطاً ينقسم إليها ريع وقف العناني بعد استبعاد حصة الخيرات وألزمت وزارة الأوقاف المصروفات - استأنفت الوزارة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم أصلياً بعدم سماع الدعوى واحتياطياً رفضها وقيد الاستئناف برقم 118 سنة 81 قضائية وبتاريخ 6 فبراير سنة 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وقبول الدفع وبعدم سماع الدعوى 624 سنة 1960 وكافة الدعاوى الأخرى المضمومة إليها للتقادم وألزمت المستأنف عليهم المصروفات ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة، وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول الدفع المبدى من وزارة الأوقاف بعدم سماع دعواهم مستنداً في ذلك إلى أن شروط انطباق المادة 375 من القانون رقم 78 لسنة 1931 متوافرة فقد آل الاستحقاق إلى الطاعنين بوفاة والدهم في سنة 1925 ولم يرفعوا دعواهم بالاستحقاق إلا في 13/ 6/ 1960 ولم يقم لديهم عذر شرعي مانع من رفع الدعوى خلال تلك الفترة وأن وزارة الأوقاف أنكرت عليهم هذا الاستحقاق، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أن وزارة الأوقاف لم تنكر حق الطاعنين أمام المحكمة الابتدائية أثناء نظر دعواهم وفي صحيفة الاستئناف صرحت بأنه لا يهمها سوى حصة الخيرات مما يجعل الإنكار منتفياً وهو شرط لازم لتطبيق حكم المادة 375 من القانون رقم 78 لسنة 1931.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الترك الموجب لعدم سماع الدعوى طبقاً للمادة 375 من اللائحة الشرعية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ترك الدعوى بالعين مع قيام مقتضى الدعوى من غصب الغير للعين وتعديه عليها وإنكار حق مالكها فيها أما مجرد ترك العين وإهمالها مهما يطل الزمن من غير أن يتعرض لها أو يغتصبها وينكر حق مالكها فإنه لا يترتب عليه سقوط حق ملكيتها ولا يمنع سماع الدعوى بها، وإذ كان يبين من الأوراق أن المطعون عليها وإن دفعت بعدم سماع الدعوى إلا أنها لم تدع أنها تملكت نصيب المستحقين في الوقف بالتقادم بل إنها تمسكت في أسباب استئنافها بأن الحكم المستأنف صدر على غير ذي صفة لأن النزاع في الدعوى ينصب على الاستحقاق في الحصة الأهلية وأنها لا تمثل جهة الوقف في هذه الحصة وإنما يمثلها جميع المستحقين أصحاب الصفة الحقيقية في النزاع وأنه لا يهمها سوى حصة الخيرات، وهي تقريرات ينتفي بها توفر شرط التعدي والإنكار الموجب لعدم سماع الدعوى بمقتضى المادة 375 من اللائحة الشرعية، إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بعدم سماع الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي الأسباب.


[(1)] نقض 23/ 4/ 1936. الطعن رقم 76 لسنة 5 ق والطعن رقم 61 لسنة 5 ق ونقض 18/ 4/ 1935 الطعن رقم 35 لسنة 4 ق - مجموعة الربع قرن ص 1220، 1221.
[(2)] هذه القاعدة وردت كذلك في الحكم الصادر في الطعن رقم 13 لسنة 36 ق أحوال شخصية بذات الجلسة.