أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 19 - صـ 116

جلسة 25 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

(19)
الطعن رقم 289 لسنة 31 القضائية

( أ ) إفلاس "حكم شهر الإفلاس". "أثر نقضه". دعوى. "الصفة في الدعوى". استئناف. نقض.
انتهاء مهمة السنديك كنتيجة لنقض حكم شهر الإفلاس. للمفلس الصفة في تعجيل الاستئناف المرفوع عن حكم الدين بعد نقض الحكم الصادر به والذي كان أساساً للحكم بإشهار الإفلاس.
(ب) حكم. "ماهيته". دفوع.
قضاء المحكمة الابتدائية برفض الدفع بعدم الاختصاص بعد سبق القضاء برفضه بحكم سابق. لا أثر على سلامة الحكم الابتدائي الثاني. الحكم الأول هو الذي فصل في الدفع. قضاء الحكم الثاني برفض هذا الدفع تحصيل حاصل.
(ج) كفالة "رجوع الكفيل على مدينه". التزام "الحلول الاتفاقي والحلول القانوني". "أثره". قرض. أعمال تجارية. دعوى. اختصاص.
رجوع الكفيل على مدينه بدعوى أساسها الحلول الاتفاقي والحلول القانوني المنصوص عليه في المادتين 326/ 1 و329 مدني. حلول الكفيل الموفى محل الدائن الأصلي في الدين بما له من خصائصه ومنها صفته التجارية. للكفيل رفع دعواه على المدين - في القرض المعتبر عملاً تجارياً بالنسبة لطرفيه - أمام المحكمة التجارية المتفق بين الدائن والمدين على اختصاصها.
(د) حساب جاري "عدم جواز تجزئة الحساب".
الحساب الجاري الذي يتضمن وجود معاملات متبادلة متصلة بين الطرفين بحيث تكون مدفوعات أحدهما مقرونة بمدفوعات الآخر. خضوعه لقاعدة عدم جواز التجزئة عدم خضوع الحساب لهذه القاعدة إذا نظم على أساس أن مدفوعات أحد الطرفين لا تبدأ إلا حين تنتهي مدفوعات الطرف الآخر.
1 - متى قضى بنقض حكم إشهار إفلاس الشركة كأثر لنقض الحكم الصادر بالدين والذي كان أساساً للحكم بإشهار الإفلاس، فإن هذه الشركة تكون هي صاحبة الصفة في تعجيل الاستئناف المرفوع عن حكم الدين، لا السنديك بعد أن انتهت مهمته كنتيجة لنقض حكم شهر الإفلاس الذي قضى بتعيينه.
2 - قضاء المحكمة الابتدائية برفض الدفع بعدم الاختصاص بعد سبق قضائها برفضه بحكم سابق لا يؤثر على سلامة الحكم الابتدائي الثاني لأن قضاءه برفض هذا الدفع يعتبر تحصيل حاصل ويعتبر الحكم الذي فصل في الدفع هو الحكم الأول.
3 - إذا كان أساس دعوى رجوع الكفيل على المدين بما أوفاه عنه هو حلول الكفيل محل الدائن في الرجوع على المدين - حلولاً مستمداً من عقد الحلول المبرم بين الدائن والكفيل ومستنداً إلى المادتين 326/ 1 و329 من القانون المدني اللتين تقضيان بأنه إذا قام بالوفاء شخص غير المدين حل الموفى محل الدائن الذي استوفى حقه إذا كان الموفى ملزماً بالدين مع المدين أو ملزماً بوفائه عنه وأن من حل قانوناً أو اتفاقاً محل الدائن كان له حقه بما لهذا الحق من خصائص وما يلحقه من توابع وما يكفله من تأمينات وما يرد عليه من دفوع. وكان القرض - المكفول - عملاً تجارياً بالنسبة لطرفيه فإن الكفيل الموفى يحل محل الدائن الأصلي فيه بما له من خصائصه ومنها صفته التجارية وبالتالي يكون للكفيل أن يرفع دعواه على المدين أمام المحكمة التجارية المتفق بين الدائن والمدين على اختصاصها.
4 - الحساب الجاري الذي يخضع لقاعدة عدم جواز التجزئة هو الحساب الذي يتضمن وجود معاملات متبادلة متصلة بين طرفيه يصير فيها كل منهما مديناً أحياناً ودائناً أحياناً أخرى وتكون هذه العمليات متشابكة يتخلل بعضها بعضاً بحيث تكون مدفوعات كل من الطرفين مقرونة بمدفوعات من الطرف الآخر. أما إذا نظم الحساب على أساس أن مدفوعات أحد الطرفين لا تبدأ إلا حين تنتهي مدفوعات الطرف الآخر فإن هذا الحساب لا يخضع لقاعدة عدم جواز التجزئة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المستأنف وسائر أوراق الدعوى - تتحصل في أن المرحومين ديمتري تيودوراكي وزوجته انستاسيا تيودوراكي مورثي المستأنف ضدهما الأول والثاني أقاما الدعوى رقم 1091 سنة 1950 تجاري كلي الإسكندرية بطلب الحكم بإلزام الشركة المستأنفة بأن تدفع لهما مبلغ 20777 ج 830 م والفوائد بواقع 5% سنوياً من أول أكتوبر سنة 1950 حتى السداد وتثبيت الحجز التحفظي وقالا شرحاً للدعوى إنه بمقتضى عقد مؤرخ 26 إبريل سنة 1949 فتح بنك الكريدي ليونيه اعتماداً لصالح الشركة المستأنفة بمبلغ عشرين ألف جنيه بضمانهما وتضامنهما معاً ونفاذاً لهذا العقد سحبت الشركة من البنك المذكور مبالغ مجموعها 20777 ج 830 م وإذ لم توف هذا المبلغ فقد اضطرا بسبب كفالتهما لهذا الدين إلى الوفاء به للبنك فاتح الاعتماد بمقتضى إيصال مؤرخ 30/ 9/ 1950 وحلا محله في كافة حقوقه قبل الشركة المدينة ولما امتنعت الشركة المذكورة عن الوفاء لهما بهذا المبلغ فقد رفعا عليها الدعوى بطلباتهما سالفة الذكر وقد أدخلت الشركة المستأنفة بنك الكريدي ليونيه خصماً في الدعوى ليقدم ما لديه من مستندات خاصة بهذا الاعتماد كما تدخل المستأنف ضدهما الأول والثاني بصفتهما شريكين موصيين في شركة بوليمنيس ومساهمين في الشركة المستأنفة وانضما إلى المدعيين في طلباتهما. ودفعت الشركة المستأنفة بعدم اختصاص محكمة الإسكندرية محلياً بنظر الدعوى لأنها بطلب حق شخصي تختص به محكمة القاهرة الابتدائية التي يقع مركز الشركة المدعى عليها بدائرتها. كما دفعت بعدم الاختصاص النوعي لمحكمة الإسكندرية التجارية لأن النزاع يتعلق بعقد كفالة وهي من العقود المدنية. وفي يوم 10 مايو سنة 1952 قضت المحكمة برفض هذين الدفعين وحددت جلسة لنظر الموضوع فاستأنفت الشركة هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 182 سنة 5 ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية التي أصدرت في 23 يونيه سنة 1953 حكمها بعدم جواز الاستئناف لأن الحكم المستأنف صادر قبل الفصل في الموضوع ولم تنته به الخصومة وأثناء سير الدعوى ادعت هذه الشركة بتزوير بعض المستندات المقدمة من المدعيين ومن بنك الكريدي ليونيه فقرر المدعيان بجلسة 28 ديسمبر سنة 1953 التنازل عن التمسك بالأوراق المدعي بتزويرها مكتفيين في إثبات دعواهما بباقي المستندات المقدمة منهما والتي لم يتناولها هذا الادعاء بالتزوير وعدلا طلباتهما إلى مبلغ 19700 ج وصحة الحجز الموقع تحت يد شركة بوليمنيس وفي نفس الجلسة قضت المحكمة أولاً - برفض الدفعين بعدم الاختصاص المحلي والنوعي وباختصاصها ثانياً - بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير وبإلزام الشركة المدعى عليها بمبلغ 19700 ج والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد وبصحة الحجز الموقع تحت يد شركة بوليمنيس. فاستأنفت الشركة المحكوم عليها هذا الحكم والحكم الصادر بتاريخ 10 مايو سنة 1952 برفض الدفعين بعدم الاختصاص وطلبت الحكم أصلياً بعدم الاختصاص واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان ومن باب الاحتياط الكلي برفضها وقيد استئنافها برقم 56 سنة 10 ق وأمام محكمة الاستئناف ادعت الشركة الطاعنة بتاريخ 8 فبراير سنة 1954 بتزوير بعض المستندات التي تناولها الادعاء بالتزوير الحاصل أمام محكمة الدرجة الأولى ومستندات أخرى وفي 5 يناير سنة 1955 قضت محكمة استئناف الإسكندرية أولاً برفض الادعاء بالتزوير في المستندات المطعون فيها بالتزوير من الطاعنة في 26/ 12/ 1953 أمام محكمة الدرجة الأولى وبتاريخ 8/ 2/ 1954 أمام محكمة الاستئناف مع تغريم الطاعنة 25 ج للخزانة. ثانياً. بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الشركة المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض وفي 14 يناير سنة 1960 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف وكان المستأنف ضدهما الأول والثاني قد رفعا - على الشركة المستأنفة - عقب الحكم عليها استئنافياً بالدين - الدعوى رقم 276 سنة 1956 كلي القاهرة طالبين الحكم بإشهار إفلاسها لتوقفها عن دفع هذا الدين فأجابتهم المحكمة الابتدائية إلى طلبهم وقضت في 8 مايو سنة 1956 بإشهار إفلاس الشركة. وفي 23 أكتوبر سنة 1956 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد هذا الحكم وفي 9 أكتوبر سنة 1960 عجلت الشركة الاستئناف رقم 56 سنة 10 ق وأعلنت المستأنف ضدهما الأول والثاني بصفتهما الشخصية وبصفتهما وارثين لوالديهما بعد وفاتهما طالبة الحكم بالطلبات المبينة بصحيفة الاستئناف فدفع المستأنف ضدهما الأول والثاني بعدم قبول صحيفة التعجيل لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أن الذي عجل الاستئناف هو مدير الشركة مع أن صاحب الصفة في التعجيل هو السنديك وفي 26/ 4/ 1961 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بعدم قبول تعجيل الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة فطعنت الشركة المستأنفة في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 26 مايو سنة 1966 نقضت المحكمة ذلك الحكم تأسيساً على أن حكم شهر إفلاس الشركة الطاعنة يعتبر ملغياً عملاً بالمادة 26 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تبعاً لنقض الحكم القاضي بالدين لأن هذا الحكم كان أساساً للحكم بإشهار الإفلاس وحددت محكمة النقض جلسة لنظر موضوع الاستئناف.
وحيث إنه بصدور حكم النقض الأخير يعود الخصوم إلى ما كانوا عليه قبل صدور الحكم في الاستئناف رقم 56 سنة 10 ق.
وحيث إنه بعد القضاء بنقض الحكم القاضي بعدم قبول تعجيل الشركة للاستئناف وبعد أن تقرر أن حكم إشهار إفلاس الشركة قد نقض كأثر لنقض الحكم الصادر بالدين والذي كان أساساً للحكم بإشهار الإفلاس فإن الشركة المستأنفة تكون هي صاحبة الصفة في تعجيل الاستئناف بعد أن انتهت مهمة السنديك كنتيجة لنقض حكم إشهار الإفلاس الذي قضى بتعيينه وبالتالي يكون تعجيل الشركة لهذا الاستئناف مقبولاً ويكون الدفع بعدم قبول صحيفة التعجيل لإعلانها من غير ذي صفة متعين الرفض.
وحيث إن الاستئناف استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه يبين من المذكرات المقدمة من شركة أتيك لهذه المحكمة بعد نقض الحكم أنها نزلت عن الادعاء بتزوير المستندات التي كانت قد ادعت بتزويرها أمام محكمة الاستئناف ووجهت دفاعها وجهة أخرى تخالف وجهتها في الدفاع أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إنه يبين من صحيفة الاستئناف أن الشركة المستأنفة قد استأنفت الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى بتاريخ 10 مايو سنة 1952 والقاضي برفض الدفعين بعدم الاختصاص المحلي والنوعي كما استأنفت الحكم الصادر من تلك المحكمة في الموضوع بتاريخ 28 ديسمبر سنة 1952 وعابت على محكمة الدرجة الأولى قضاءها في حكمها الأخير برفض الدفعين بعدم الاختصاص المحلي والنوعي مع أنها سبق أن قضت برفضهما بحكمها الصادر في 10 مايو سنة 1952 وهو نعي صحيح وإن كان غير مؤثر في سلامة الحكم الابتدائي الثاني لأن قضاءه برفض الدفعين بعد سبق القضاء برفضهما يعتبر حاصل ويعتبر الحكم الذي فصل فيهما هو الحكم الأول الصادر في 10 مايو سنة 1952.
عن استئناف الحكم الصادر في 10 مايو سنة 1952 برفض الدفعين بعدم الاختصاص المحلي والنوعي.
وحيث إن الشركة المستأنفة تؤسس دفعها بعدم الاختصاص المحلي على أن الدعوى هي دعوى شخصية تختص بها محكمة القاهرة الابتدائية التي يقع بدائرتها مركز الشركة المستأنفة وأن المستأنف ضدهما قد تنازلا عن عقد الكفالة حين تنازلا عن التمسك بخطابات الضمان بعد أن ادعت هي بتزويرها أمام محكمة الدرجة الأولى - كما تؤسس دفعها بعدم الاختصاص النوعي على أن الكفالة عمل مدني لا تختص به الدائرة التجارية.
وحيث إن الدفع بشقيه غير سديد ذلك أن الثابت من عقد القرض المؤرخ 26 إبريل سنة 1949 المبرم بين الشركة المستأنفة وبين بنك الكريدي ليونيه والمقدم بحافظة هذا البنك برقم 40 من ملف الطعن أنه قد نص فيه على اختصاص محكمة إسكندرية التجارية بكل المنازعات المتعلقة بتنفيذ هذا العقد وإذ كانت الدعوى الحالية أساسها رجوع الكفيل (المستأنف ضدهما) بما أوفاه عن المدين (الشركة المستأنفة) إلى الدائن (بنك الكريدي ليونيه) وحلول هذا الكفيل محل الدائن في الرجوع على المدين. هذا الحلول المستمد من عقد الحلول المبرم بين البنك الدائن وبين الكفيل (المستأنف عليهما) والمؤرخ 30 سبتمبر سنة 1950 علاوة على أن هذا الحلول يقوم أيضاً على سند من المادتين 326/ 1 و329 من القانون المدني واللتين تقضيان بأنه إذا قام بالوفاء شخص غير المدين حل الموفى محل الدائن الذي استوفى حقه إذا كان الموفى ملزماً بالدين مع المدين أو ملزماً بوفائه عنه وأن من حل قانوناً أو اتفاقاً محل الدائن كان له حقه بما لهذا الحق من خصائص وما يلحقه من توابع وما يكفله من تأمينات وما يرد عليه من دفوع، وإذا كان ذلك، فإن المستأنف ضدهما اللذان قاما بالوفاء نفاذاً لكفالتهما للشركة المستأنفة يكونان قد حلا محل البنك الدائن في هذا الدين ويكون من حقهما وفقاً للنص الوارد في العقد المؤرخ 26 إبريل سنة 1949 والمشار إليه فيما سبق أن يرفعا هذه الدعوى أمام محكمة الإسكندرية التجارية المتفق في هذا العقد على اختصاصها بنظر المنازعات المتعلقة بتنفيذه، كما أنه وقد كان هذا القرض عملاً تجارياً بالنسبة لطرفيه وحل المستأنف ضدهما محل الدائن الأصلي فيه بما له من خصائص ومنها صفته التجارية فإن محكمة الإسكندرية التجارية تكون مختصة بنظر المنازعات الناشئة عنه ويكون الحكم المستأنف الصادر في 10 مايو سنة 1952 إذ قضى برفض الدفعين قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ويتعين لذلك تأييده.
عن استئناف الحكم الصادر في 28 ديسمبر سنة 1953:
وحيث إن دفاع الشركة المستأنفة أمام هذه المحكمة يقوم على أنها فتحت اعتماداً بحساب جار لدى بنك الكريدي ليونيه بكفالة المرحومين ديمتري وانستاسيا تيودوراكي مورثي المستأنف ضدهما الأول والثاني وأن الثابت من المستخرج الأول لهذا الحساب أنها سحبت من البنك من هذا الاعتماد مبلغ 10000 ج بتاريخ 26/ 4/ 1949 ومن المستخرج الثاني ثبت أنها سحبت مبلغ 5000 ج في 26/ 7/ 1949 ثم سحبت 4700 ج في 29/ 12/ 1949 وصار رصيد هذا الحساب حتى 31/ 12/ 1949 مديناً بمبلغ 20011 ج و805 م يمثل المبالغ الثلاثة التي سحبتها والمشار إليها فيما سبق مضافاً إليها الفوائد والمصاريف والثابت من المستخرج الثالث أن رصيد هذا الحساب بلغ حتى 30/ 6/ 1950 مبلغ 2514 ج و339 م وأن هذا الرصيد مكفول حتى مبلغ 20000 ج بخطاب ضمان جديد مؤرخ 10/ 5/ 1950 وساري المفعول حتى 30/ 6/ 1950 وذلك بدلاً من خطابات الضمان الأخرى الخاصة بالكشوف السابقة وأن الثابت من المستخرج الرابع أن الرصيد حتى 30/ 6/ 1950 كان مديناً بمبلغ 20054 ج و339 م أضيف إليه الفوائد فصار 20777 ج و830 م وأثبت فيه في الجانب الدائن مبلغ 20777 ج و830 م بتاريخ 30/ 9/ 1950 بتحويل (نقل) مصرفي وصار الحساب مرصوداً على صفر وأن هذا الحساب قفل نهائياً في 31/ 12/ 1950 على ما جاء بخطاب البنك المرسل للشركة المستأنفة والمؤرخ 9/ 1/ 1951 وتقول الشركة أنه بذلك وبعد قفل هذا الحساب مرصوداً على صفر لا يكون للبنك أي حق قبلها وأن إيصال المخالصة والحلول المؤرخ 30/ 9/ 1950 والصادر من البنك إلى ديمتري وانستاسيا تيودوراكي لا يحتج به عليها وأن من طبيعة الحساب الجاري أنه لا يصح تجزئته وأخذ مفرد من مفرداته والمطالبة بقيمته هذا إلى أن الكفيلين قد تنازلا عن الكفالة بتنازلهما عن التمسك بخطابات الضمان الصادرة منهما لبنك الكريدي ليونيه وقد أفاضت الشركة المستأنفة في شرح أحكام الحساب الجاري وعدم جواز تجزئته وشرح النقل المصرفي وأثره.
وحيث إن هذا الدفاع غير سديد ذلك أن الشركة المستأنفة لم تنازع في أن مورثي المستأنف ضدهما قد أوفيا المبلغ المطالب به للبنك وتنازل مورثي المستأنف ضدهما الأول والثاني عن التمسك بخطابات الضمان على أثر ادعاء الشركة المستأنفة بتزويرها أمام محكمة الدرجة الأولى لا يفيد تنازلهما عن الحقوق التي يرتبها لهما عقد الكفالة الذي لا تجادل الشركة المستأنفة في إبرامه وبالتالي فإن من حق الكفيلين ومن بعدهما وارثيهما المستأنف ضدهما الأول والثاني التمسك بهذه الكفالة وما ترتبه لهما من حقوق قبل الشركة المستأنفة المكفولة - كما أنه لا محل للاحتجاج بعدم جواز تجزئة الحساب الجاري وعدم جواز الأخذ بأحد مفرداته ذلك أن البين من صور المستخرجات الأربعة المقدمة من الشركة المستأنفة والمقدمة أصولها من بنك الكريدي ليونيه أن العمليات الخاصة بالحساب الذي كان بين الشركة والبنك عبارة عن ثلاث عمليات كانت الشركة فيها دائماً هي القابضة والبنك هو الدافع وأما العملية الرابعة فهي عملية الوفاء من الكفيلين بقيمة ما قبضته الشركة من العمليات الثلاث الأولى وظاهر من ذلك أن هذا الحساب لا يتضمن معاملات متصلة بين طرفيه ومتشابكة ولما كان الحساب الجاري الذي يخضع لقاعدة عدم جواز التجزئة هو الحساب الذي يتضمن وجود معاملات متبادلة متصلة بين طرفيه يصير فيها كل منهما مديناً أحياناً ودائناً أحياناً أخرى وتكون هذه العمليات متشابكة يتخلل بعضها بعضاً بحيث تكون مدفوعات كل من الطرفين مقرونة بمدفوعات من الطرف الآخر أما إذا نظم الحساب على أساس أن مدفوعات أحد الطرفين لا تبدأ إلا حين تنتهي مدفوعات الطرف الآخر فإن هذا الحساب لا يخضع لقاعدة عدم جواز التجزئة ولما كان الثابت مما قرره بنك الكريدي ليونيه أن مورثي المستأنف ضدهما الأول والثاني هما اللذان قاما بسداد قيمة المبالغ التي سحبتها الشركة المستأنفة تنفيذاً للكفالة الصادرة منهما بمقتضى خطابات الضمان التي قدمتها له الشركة المستأنفة فإنه يكون من حق المستأنف ضدهما الأول والثاني اقتضاء ما أوفاه مورثاهما للبنك عن الشركة المستأنفة بوصفهما كفيلين لها.
وحيث إن المحكمة لا تلتفت إلى دفاع الشركة المستأنفة المؤسس على أن قيام مورثي المستأنف ضدهما الأول والثاني بالوفاء بالمبلغ إلى البنك إنما كان مقابل حصتهما في رأس مال شركة بوليتيس ذلك أن الشركة المستأنفة لم تقدم ما يدل على صحة هذا الذي تدعيه وقد جاء دفاع البنك الدائن مكذباً له كما أن الثابت من تقرير وكيل دائني الشركة المستأنفة والمقدمة صورته الرسمية بحافظة المستأنف عليهما الأول والثاني رقم 39/ 4 دوسيه مستند رقم 2 أن السنديك أثبت فيه أن لمورثي المستأنف عليهما المذكورين ديناً قدره 20777 ج و830 م وهو نفس المبلغ المطالب به في هذه الدعوى وحيث إن الحكم المستأنف إذ قضى للمستأنف ضدهما الأول والثاني بالمبلغ المطالب به والذي ثبت أن مورثيهما قد قاما بالوفاء به لبنك الكريدي ليونيه نفاذاً للكفالة الصادرة منهما للبنك المذكور عن هذا الدين فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويتعين لذلك رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 28 ديسمبر سنة 1953 فيما عدا ما قضى به من رفض الدفعين وذلك لسبق القضاء برفضهما.
وحيث إن الشركة المستأنفة وقد خسرت الاستئناف فإنها تكون ملزمة بمصروفاته شاملة أتعاب المحاماة.