مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1968 إلى منتصف فبراير سنة 1969) - صـ 56

(8)
جلسة 23 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح الدين محمد السعيد ومحمد بهجت محمود عتيبه المستشارين.

القضية رقم 195 لسنة 12 للقضائية

( أ ) - وكالة - انصراف آثار العقد إلى الأصيل دون الوكيل - أساس ذلك - المادة 105 من القانون المدني.
(ب) - وكالة - زعم الجهة الإدارية المتعاقدة أنها قصدت التعاقد مع الوكيل المسخر رغم علمها بأنه وكيل وليس أصيلاً وأنه يترتب على ذلك انصراف أثار العقد إلى الوكيل طبقاً للقواعد المقررة في التسخير - مردود بأن قصدها لم يتجه إلى التعاقد مع الوكيل إذ أنها قبلت العرض المقدم من الشركة بصفتها نائبة عن غيرها.
(جـ) - وكالة - المادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات - نصها على تقديم توكيل مصدق عليه من السلطات المختصة إذا كان العطاء مقدماً من وكيل عن صاحب عطاء - إغفال اتباع حكم هذه المادة - لا أثر له في قيام الوكالة إذا استوفت شروط قيامها - أساس ذلك.
(د) دعوى - قبولها - صفة في الدعوى - إقامة الدعوى على الشركة الوكيلة مع أن التعاقد معها كان نيابة عن الشركة الأصيلة في التعاقد، عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.
1 - إن الوكيل عندما يعمل باسم الموكل يكون نائباً عنه وتحل إرادته محل إرادة الأصيل كما لو كانت الإرادة قد صدرت منه، ولما كان النائب يعمل باسم الأصيل فأثر العقد لا يلحقه هو بل يلحق الأصيل وتتولد عن النيابة علاقة مباشرة فيما بين الأصيل والغير ويختص شخص النائب منهما المتعاقدان وهما اللذان ينصرف إليهما أثر العقد فيكسب الأصيل الحقوق التي تولدت له من العقد ويطالب الغير بها دون وساطة النائب كما يكتسب الغير الحقوق التي تولدت له من العقد ويرجع بها مباشرة على الأصيل، وهو ما تقضي به المادة 105 من القانون المدني حيث تنص على أنه إذا أبرم النائب في حدود نيابية عقداً باسم الأصيل فإن ما ينشأ عن هذا العقد من حقوق والتزامات تضاف إلى الأصيل، لذلك فإن شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وقد أفصحت صراحة لدى تقديمها العرض المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1959 والذي قبلته الهيئة العامة للمصانع الحربية أنها إنما تتقدم بهذا العرض نيابة عن موكلتها شركة سودامين وقد تم قبول هذا العرض وأبرم العقد على أساسه فإن الأثر القانوني للعقد المبرم إنما ينصرف إلى الشركة الأصيلة وحدها فإذا ما وجهت دعوى في شأن المطالبة بالالتزامات المترتبة على هذا العقد تعين توجيهها إلى الشركة الأصيلة إذ لا يجوز توجيه هذه المطالبة إلى الشركة الوكيلة.
2 - إن ما ذهبت إليه الهيئة العامة للمصانع الحربية من أن تطبيق القواعد المقررة في التسخير تؤدي إلى القول بأن المتعاقد معها في شركة البهنساوى للتجارة والهندسة لا شركة "سودامين" الأصيلة في التعاقد على أساس أن الهيئة قصدت التعاقد مع الوكيل المسخر لا مع الموكل وذلك بالرغم من علمها بأن من تتعاقد معه هو وكيل لا أصيل - وفي هذه الحالة لا يكون الوكيل المسخر نائباً عن الموكل بل تضاف إلى الوكيل حقوق العقد والتزاماته ولا يعترض على ذلك بأن الهيئة تعلم بأن المتعاقد معها وكيل لا أصيل إذ أن القواعد المقررة في التسخير تقضي بأن هذا العلم لا يمنع من أن تضاف حقوق العقد والتزاماته إلى الوكيل المسخر، هذا المذهب مردود بأن الثابت من الأوراق، على ما سلف بيانه، أن شركة البهنساوى للتجارة والهندسة تقدمت بعرضها مفصحة صراحة على أنها نائبة عن شركة "سودامين" البلجيكية وقبل العرض المقدم منها بهذه الصفة وقام المصنع الحربي المتعاقد بالاتصال المباشر بالشركة الأصيلة طالباً إليها بصفتها هذه تنفيذ العقد الأمر الذي ينفي ما ذهبت إليه الهيئة العامة للمصانع الحربية في دفاعها من أنها إنما قصدت التعاقد مع الشركة الوكيلة وأن قصدها لم يتجه إلى المتعاقد مع الشركة الأصيلة.
3 - إن إغفال اتباع ما تقضي به المادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات من أنه إذا كان العطاء مقدماً من وكيل عن صاحب العطاء فعليه أن يقدم معه توكيلاً مصدقاً عليه من السلطات المختصة لا أثر له في قيام الوكالة إذا استوفت شروط قيامها، ذلك أن اشتراط تقديم توكيل مصدق عليه قصد به التثبت على وجه اليقين من توافر صفة الوكالة فيمن يتقدم بعطاء نيابة عن الغير، لذلك فإن إغفال الإدارة التمسك بهذا الإجراء لا أثر له في قيام الوكالة التي استوفت شروط انعقادها واعترف ذوو الشأن بقيامها على نحو ما تم في هذه الدعوى.
4 - متى كان الثابت في الأوراق أن الهيئة العامة للمصانع الحربية طلبت الحكم بإلزام شركة البهنساوى للتجارة والهندسة بالمبالغ المطالب بها في حين تعاقدها كان نيابة عن شركة "سودامين" البلجيكية الأصيلة في التعاقد، فإن الدعوى تكون والحالة هذه قد رفعت على غير ذي صفة ويكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى إلزام الشركة الوكيلة بالمبالغ المقضى بها قد خالف القانون ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه والقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن -تتحصل في أن مدير الهيئة العامة للمصانع الحربية بصفته أقام الدعوى رقم 57 لسنة 16 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد شركة البهنساوى للتجارة والهندسة بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة في 22 من أكتوبر سنة 1961 طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع مبلغ 3554 جنيهاً و481 مليم والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقال بياناً للدعوى إن المصنع الحربي رقم 63 كان قد تعاقد مع مؤسسة معامل الدفاع بالإقليم السوري على توريد 165 طن أسياخ نحاس و50.72 طن شرائح نحاس تمباك على أن يقوم المصنع بالتعاقد على النحاس اللازم لهذه المشغولات في حدود 87640 دولار أمريكي وأن تتولى مؤسسة الدفاع فتح الاعتماد اللازم لصالح الشركة التي تقوم بتوريد النحاس المتعاقد عليه في حدود المبلغ المذكور، وتنفيذاً لذلك قام المصنع بإجراء ممارسة لتوريد 130 طن نحاس كانود على أساس أن يتم تثبيت السعر في اليوم الثالث من صدور الأمر البرقي حسب السعر في بورصة لندن للمعادن وأن يفتح الاعتماد خلال عشرة أيام من إرسال الشركة الموردة خطاب ضمان قيمته 10% من قيمة الأمر بالشراء. وقد تقدمت الشركة المدعى عليها في الممارسة طبقاً لهذه الشروط على أن يكون الثمن بعلاوة مقدارها سبعة جنيهات استرليني على سعر بورصة لندن في اليوم الثالث لإصدار أمر التوريد وقد قبل عطاء الشركة المدعى عليها وأبلغت ذلك بموجب برقية، وأرسل إليها أمر التوريد في 21 من ديسمبر سنة 1958 ونص في هذا الأمر على أن يكون التوريد خلال شهري يناير وفبراير سنة 1959 على أن تقدم الشركة خطاب ضمان قيمته 10% من قيمة العقد وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر وفي 22 من ديسمبر سنة 1958 طلب المصنع من مؤسسة معامل الدفاع فتح الاعتماد اللازم على أن يعلق الصرف على إخطار من المصنع بوصول الخطاب المطلوب فقامت مؤسسة معامل الدفاع بفتح الاعتماد في 4 من يناير سنة 1959 وبتاريخ 5 من يناير سنة 1959 أخطر المصنع شركة البهنساوى للتجارة والهندسة برقياً بأن سعر النحاس يوم 24 من ديسمبر سنة 1958 مقداره 222 جنيهاً استرلينياً وطلب إليها المبادرة بتقديم خطاب الضمان وكرر هذا الطلب بالخطاب المؤرخ 10 من يناير سنة 1959 وفي 5 من فبراير سنة 1959 أرسلت الشركة إلى المصنع تطلب تعديل الاعتماد فرد عليها المصنع بضرورة تقديم خطاب الضمان حتى يمكنه النظر في تعديل الاعتماد وحمل الشركة مسئولية التأخير ورغم ذلك لم تقم الشركة بتنفيذ تعهدها ولم تقدم خطاب الضمان الذي التزمت بتقديمه، وفي 9 من فبراير سنة 1959 ورد خطاب من الشركة المدعى عليها يفيد أن موكليها أيدوا تثبيت السعر على أساس سعر بورصة لندن يوم 24 من ديسمبر سنة 1958 ثم أرسلت خطاباً إلى المصنع في 16 من يناير سنة 1959 تطلب فيه تعديلات معينة في الإعفاء ورغم مخالفة ذلك للتعاقد فقد وافق المصنع على هذه التعديلات ونبه على الشركة بأنها لم تقم بتقديم خطاب الضمان وأن ذلك ينطوي على مخالفة شروط العقد، وبتاريخ 23 من فبراير سنة 1959 تم الاتفاق بين المصنع والشركة المدعى عليها على أن تقوم الشركة المدعى عليها بتقديم خطاب ضمان قبل يوم أول مارس سنة 1959 وتعديل ميعاد التوريد إلى 31 من مارس سنة 1959. ولما لم تقم الشركة رغم ذلك بتقديم خطاب الضمان فقد أنذرها ببرقية في 7 من مارس سنة 1959 بضرورة تقديمه في ميعاد غايته 12 من مارس سنة 1959 إلا أن الشركة لم تقم بتنفيذ تعهدها وأرسلت إلى المصنع خطابين مؤرخين 5 و9 من مارس سنة 1959 تخلط فيهما بين العقد وعقود أخرى فرفض المصنع ما جاء بهذين الخطابين وذلك ببرقية أرسلت في 11 من مارس سنة 1959 ثم تم اتفاق بين الشركة والمصنع بتاريخ 14 من مارس سنة 1959 ميعاد التوريد ليكون في شهري مارس وإبريل سنة 1959 إلا أن الشركة رغم ذلك لم تقدم خطاب الضمان وورد خطاب من البنك البلجيكي مؤرخ 15 من مارس سنة 1959 يبدي استعداده لتقديم خطاب الضمان بشروط وقيود وخلط بين هذا العقد وهو رقم 153 والعقدين رقمي 165 و167 تنفيذ شروط خاصة بهما وجعل تقديم خطاب الضمان رهناً بهذا التنفيذ فأرسل إلى البنك طالباً بضرورة تقديم خطاب الضمان دون ربط تقديمه بتنفيذ شروط عقدين آخرين لا شأن لهما بالعقد المبرم إلا أن البنك رد بأن الشركة متمسكة بوجهة نظرها ورغم تعسف الشركة فقد قبل المصنع شروطها وأخطر البنك بذلك في 2 من إبريل سنة 1959 إلا أن البنك رد بأن الشركة المدعى عليها سحبت عرض إصدار الخطاب نظراً لعدم فتح المصنع الاعتماد المستندي في الميعاد المقرر واستطرد المدعي في صحيفة الدعوى يقول إن الشركة لم تقم بتنفيذ التزامها ذلك أنه لم يكن هناك اتفاق على أن يكون فتح الاعتماد للعقدين 165 و167 سابقاً على إصدار خطاب الضمان للعقد رقم 153، وأنه كان يجب على الشركة أن تقوم بإيداع خطاب الضمان دون قيد خلال عشرة أيام من إصدار أمر التوريد، وأنه رغم ذلك فإن المصنع وافق على تنفيذ شروط الشركة وأخطر البنك بهذه الموافقة في 2 من إبريل سنة 1959 رداً على خطاب البنك الذي تسلمه في 29 من مارس سنة 1959 إلا أن الشركة سحبت عرضها بتقديم خطاب الضمان، لذلك تكون الشركة قد تخلفت عن تنفيذ التزامها في التوريد وقد قام المصنع بعد نكولها بالشراء على حسابها وأنه طبقاً للمادة 53 و106 من لائحة المناقصات والمزايدات تكون الشركة ملزمة بأداء مبلغ 607 م 2650 ج فرق سعر ومبلغ 210 م 1738 ج مصاريف إدارية ومبلغ 164 م 1550 ج وجملة ذلك 381 م و3554 ج والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية والمصاريف.
وردت الشركة المدعى عليها على الدعوى بالثابت بأوراق الدعوى أن موضوع المطالبة لا يخصها حيث أنها كانت أداة اتصال بين الطرفين فحسب وأن الشركة كانت حريصة دائماً على إبراز الوضع قائلة على الدوام إن العرض مقدم أصلاً من شركة سودامين البلجيكية. كما أن الضمان كان ليقدم من شركة سودامين وكانت الاعتمادات تفتح لشركة سودامين المذكورة، وأنه لا يجوز القول بإلزام شركة البهنساوى باعتبارها وكيلة لشركة سودامين لأنه لا يجوز قانوناً رفع الدعوى ضد الوكيل وتفريعاً على هذه القاعدة تكون الدعوى قد رفعت أصلاً في شكل باطل قانوناً وبالتالي لا تنعقد أية خصومة صحيحة يمكنه إصدار أي حكم فيها، وأن الحراسة فرضت على البلجيكيين بالأمر العسكري رقم 99 الصادر في 26 من فبراير سنة 1961 قبل رفع هذه الدعوى لذلك فإنه لو افترض جواز مقاضاة الوكيل في مادة العقود الإدارية فلن يكون ذلك حيث تكون هذه الوكالة قد سقطت بموجب قانون من قوانين أمن الدولة التي تعتبر أحكامها من النظام العام ومن ثم كان يتعين على الهيئة العامة للمصانع الحربية أن ترفع الدعوى على الحارس العام على الرعايا البلجيكيين ولو أن الحراسة كانت قد فرضت بعد رفع الدعوى لتعين الحكم بانقطاع سير الخصومة فيها أما وقد رفعت أصلاً ضد غير ذي صفة فيتعين الحكم بعدم جواز نظرها لرفعها على غير ذي صفة، يضاف إلى ذلك أن المشرع ألغى الوكالة التجارية بالقانون رقم 107 لسنة 1961 قبل رفع الدعوى ولذلك تكون هذه الوكالة علي فرض وجودها بين شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وشركة سودامين قد انقضت ولذلك تكون الدعوى مرفوعة على غير ذي صفة. وأضافت المدعى عليها بالنسبة لموضوع الدعوى أنها وإن كانت لا تمثل شركة سودامين فإن دفاع تلك الشركة الذي ضمنته كتابها المؤرخ 6 من إبريل سنة 1959 يتحصل في أنها طلبت فتح الاعتمادات لتقوم بدورها بتنفيذ التزاماتها ولكن الهيئة العامة للمصانع الحربية لم تحرك ساكناً إلى أن سقط عرض شركة سودامين وبعدها قامت الهيئة بفتح اعتمادين "بالجنيهات المصرية". (حساب بلجيكي) وبذلك يكون العرض قد انقضى وقت فتح الاعتمادين وأنه حتى على فرض عدم انقضاء الميعاد فإن فتح الاعتماد عن طريق حساب "الجنيهات المصرية" (حساب بلجيكي) غير مطابق لشروط التعاقد التي تقضي بفتح الاعتماد بالفرنكات البلجيكية أو بالدولارات الأمريكية وأن البنك البلجيكي أخطر شركة سودامين بأنه لا يمكن تحصيل قيمة الجنيهات المصرية "حساب بلجيكي" لا يمكن تحصيل قيمتها في بلجيكا في الوقت الحاضر. وانتهت الشركة المدعى عليها بصفة أصلية الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لعدم انعقاد الخصومة انعقاداً صحيحاً ومن باب الاحتياط الحكم بعدم قبولها شكلاً لرفعها على غير ذي صفة، ومن باب الاحتياط الكلي الحكم برفض الدعوى باعتبارها موجهة ضد شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وفي جميع الحالات إلزام الهيئة العامة للمصانع الحربية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وعقبت الهيئة العامة للمصانع على دفاع الشركة المدعى عليها بمذكرة تضمنت أن الشركة المدعى عليها حددت صلاحية العطاء المقدم منها يوم 15 من ديسمبر سنة 1958 وعلى أثر ذلك تشكلت لجنة ممارسة أفرغت العطاءات الواردة من الشركات للتوريد وأنه يبين من كشف تفريغ العطاءات أن اللجنة أدرجت به اسم شركة البهنساوى باعتبارها مقدمة عطاء وأرسلت الهيئة العامة للمصانع بتاريخ 16 من ديسمبر سنة 1958 خطاباً إلى الشركة بطلب مد مدة العرض حتى 22 من ديسمبر سنة 1958 فوافقت الشركة وفي 22 من ديسمبر سنة 1958 صدر الأمر رقم 153 إلى الشركة المدعى عليها لتوريد النحاس وأن الهيئة كانت تقصد التعاقد مع شركة البهنساوى الوكيلة المسخرة لا مع الشركة الموكلة بالرغم من علم الهيئة أن من تتعاقد معه وكيل لا أصيل إذ أن من القواعد المقررة في التسخير أن هذا العلم لا يمنع من أن تضاف الحقوق والالتزامات المترتبة على العقد إلى الوكيل المسخر دون الموكل وترتيباً على ذلك تنصرف إلى الوكيل المسخر الالتزامات المترتبة على أمر التوريد وترفع عليه الدعوى شخصياً لمطالبته بما في ذمته من التزامات أو لمطالبته بفسخ العقد والتعويض ولذلك يكون ما أثارته الشركة من أنه لا يجوز رفع الدعوى ضد الوكيل قول لا يتفق وحكم القانون، وأنه لا محل للقول بأنه كان يتعين أن ترفع الدعوى على الحارس العام على الرعايا البلجيكيين لأن الهيئة كانت تتعامل مع شركة البهنساوى للتجارة والهندسة باعتبارها وكيلة مستترة، وأن إلغاء الوكالة التجارية لا يمنع من إقامة الدعوى ضد شركة البهنساوى للتجارة والهندسة لأن الشركة المذكورة كانت وكيلة بالعمولة أبرمت العقد باسمها وانتهت الهيئة في مذكرتها إلى طلب الحكم بإلزام شركة البهنساوى للتجارة والهندسة مبلغ 7/ 4/ 3731 ج. ك تعادل مبلغ 48 م و3554 ج.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى إلزام الشركة المدعى عليها باعتبارها وكيلة لشركة سودامين البلجيكية في التعاقد وتنفيذ أحكام العقد رقم (153) لسنة 1958 مع الهيئة العامة للمصانع الحربية بسداد مبلغ 3787.777 مليمجـ والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22 من أكتوبر سنة 1961 والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن محكمه القضاء الإداري حكمت بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1965 برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وفي الموضوع بإلزام المدعى عليها (شركة البهنساوى للتجارة والهندسة) بأن تدفع إلى المدعية (الهيئة العامة للمصانع الحربية) مبلغ 481 م و3554 ج (ثلاثة آلاف وخمسمائة وأربعة وخمسين جنيهاً وأربعمائة وواحد وثمانين مليماً) والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22 من أكتوبر سنة 1961 حتى تمام السداد والمصاريف. وأقامت قضاءها على أن الواضح من نص المادة التاسعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات والمادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات أن المشرع اشترط أن يكون المتعاقد مع الحكومة في العقود الإدارية مقيماً في الجمهورية أو أن يكون له وكيل فيها وذلك حتى يتيسر للحكومة ضمان تنفيذ العقد والرجوع على أمواله الكائنة بالجمهورية إذا أخل بالتزامه وأجاز استثناء التعاقد إذا كان مركز المتعاقد في الخارج وكان له وكيل معتمد في مصر وأنه لما كانت الشركة المدعى عليها تدعي أن دورها لم يكن إلا دور الوكيل عن شركة سودامين (البلجيكية فكان عليها عملاً بنص المادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات، أن تقدم مع العطاء التوكيل مصدقاً عليه من السلطات المختصة غير أنها لم تفعل وأدرجت في كشف تفريغ العطاءات بمعرفة اللجنة المختصة باعتبارها أصيلة لا وكيلة ثم أخطرت برقياً برسو العطاء عليها لذلك فإن الادعاء بقيام الوكالة في غير محله وبذلك تكون الشركة المدعى عليها أصيلة في التعاقد وهو ما يتعين معه رفض الدفوع المبداة من الشركة القائمة على أساس أنها تعاقدت بصفتها وكيلة.
واستندت المحكمة في قضائها إلى أن الشركة المدعى عليها لم تقم بالتوريد في الميعاد المتفق عليه فقامت الهيئة العامة للمصانع الحربية بالشراء على حسابها طبقاً للمادتين 53 و105 من لائحة المناقصات والمزايدات فتم الشراء بفرق قدره 607 م 265 ج يضاف إليه قيمة المصاريف الإدارية وقدرها 710 م 1738 ج وغرامة تأخير قدرها 164 م 1550 ج وجملة ذلك 481 م 3554 ج.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم شابه قصور في التسبيب ذلك أنه رغم أن الحقائق الثابتة بالأوراق تثبت قيام وكالة الطاعنة عن شركة سودامين البلجيكية حيث ورد بالعرض المقدم من الطاعنة المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1958 أنه مقدم منها لحساب موكلتها شركة سودامين البلجيكية ببروكسل وأن أمر التوريد رقم 153 صدر بناء على هذا العرض ونص في البند السابع منه على أن الدفع لصالح الموكلة شركة سودامين البلجيكية ببروكسل وأن الهيئة العامة للمصانع خاطبت شركة سودامين البلجيكية مباشرة بشأن أمر التوريد بكتابها المؤرخ 22 من ديسمبر سنة 1958 لإيداع خطاب الضمان وأن الهيئة أرسلت خطاباً مؤرخاً 22 من ديسمبر سنة 1958 إلى مؤسسة الدفاع بالإقليم السوري أرفقت به أمر التوريد وضمنته أن الأمر المذكور صادر إلى شركة البهنساوى الوكيل عن الشركة البلجيكية وأن البنك البلجيكي والدولي في مصر الذي كان قد أنيط به إصدار خطابات الضمان أشار في كتابه المرسل إلى الهيئة العامة للمصانع الحربية المؤرخ 30 من مارس سنة 1959 أن الضمان المذكور لحساب شركة سودامين ببروكسل ويمثلها بالقاهرة شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وأن البنك أخطر الهيئة بكتابيه المؤرخين 19 و30 من إبريل سنة 1959 أن شركة سودامين، وليست شركة البهنساوى للتجارة والهندسة، سحبت عرضها في 28 من مارس سنة 1959 قبل موافقة المصنع على شروطها. ومع ذلك فإن الحكم لم يعن الحكم بإيراد الأسباب التي استند إليها في استبعاد الدلائل المثبتة لقيام وكالة الطاعنة، وقد بنى الحكم رفضه إقرار وجود الوكالة على أن الشركة الطاعنة لم تقدم توكيلاً مصدقاً عليه من السلطات المختصة طبقاً لما تقضي به المادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات في حين أن هذه مسألة شكلية تغاضت عنها الهيئة العامة للمصانع الحربية حيث قبلت التعامل مع الشركة الطاعنة دون أن تقدم الشركة توكيلاً مصدقاً عليه لذلك يكون الحكم قد أخطأ إذ جعل قيام الوكالة رهناً بتقديم الشركة توكيلاً مصدقاً عليه من السلطات المختصة، كما خالف الحكم قاعدة عدم جواز رفع الدعوى على الوكيل، وأن فرض الحراسة على أموال الرعايا البلجيكيين بالأمر العسكري رقم 99 الصادر في 26 من فبراير سنة 1961 قد أسقط الوكالة الاتفاقية وأصبح الحارس العام وحده هو الذي يمثل الرعايا البلجيكيين في الجمهورية العربية المتحدة ومن ثم فإن عدم توجيه الدعوى إلى الحارس العام يترتب عليه عدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة، كما أن إلغاء الوكالة التجارية إلغاء تاماً بالنسبة للقطاع الخاص بالقانون رقم 107 الصادر في 9 من يوليه سنة 1961 من شأنه إسقاط وكالة الطاعنة عن شركة سودامين بقوة القانون قبل رفع الدعوى موضوع الطعن وتكون الدعوى قد رفعت على غير ذي صفة.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة أمام المحكمة الإدارية العليا قدمت تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنة المصروفات..
ومن حيث إن الطاعنة عقبت بمذكرة رددت فيها ما أوردته في تقرير الطعن، وقد ردت الهيئة العامة للمصانع الحربية بمذكرة ضمنتها أن المشرع اشترط أن يكون المتعاقد مع الحكومة في العقود الإدارية بطريق العطاء مقيماً في جمهورية مصر وأن يكون له وكيل فيها وذلك ضماناً لتنفيذ هذه العقود وحتى يتيسر للحكومة الرجوع على أمواله الكائنة بالجمهورية وأن المشرع أجاز استثناء التعاقد مع غير المقيم في الجمهورية وله مركز في الخارج بشرط أن يكون له وكيل معتمد في الجمهورية، وأنه لكي تتمسك الشركة الطاعنة بما تدعيه عن وكالتها لشركة سودامين البلجيكية في ممارسة التوريد فقد كان يتعين عليها طبقاً لصريح نص المادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات أن ترفق بعطائها توكيلاً معتمداً من السلطات المختصة وهو إجراء أغفلته الشركة الطاعنة ومن ثم يكون ادعاء الوكالة غير مقبول قانوناً وأنه لما كان تقرير الطعن قد خلا من أي مطعن على الحكم بالنسبة لموضوع الدعوى لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه ويكون طعن الشركة على غير أساس وطلبت الحكم برفض الطعن وإلزام الهيئة العامة للمصانع الحربية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المصنع الحربي رقم 63 تعاقد مع مؤسسة معامل الدفاع بالإقليم السوري على توريد 165 طن أسياخ نحاس و50 طن شرائح نحاس تمباك على أن يقوم المصنع بالتعاقد على توريد النحاس اللازم لهذه المشغولات في حدود 87640 دولاراً أمريكياً وأن تتولى مؤسسة الدفاع فتح الاعتماد اللازم لصالح الشركة التي تقوم بتوريد النحاس المتعاقد عليه، وتنفيذاً لذلك قام المصنع بإجراء ممارسة لتوريد 130 طناً من النحاس وتقدمت شركة البهنساوى للتجارة والهندسة بعرض للتوريد ضمنته كتابها المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1958 وقد جاء في هذا الكتاب أن شركة البهنساوى تتقدم بهذا العرض بصفتها وكيلة عن شركة "سودامين" للمعادن والمناجم ببروكسل ولحساب هذه الشركة وأن التسليم يكون فوب في ميناء ألماني أو بلجيكي أو هولندي وفق اختيار الشركة الموكلة في ديسمبر سنة 1958 أو يناير سنة 1959 وأن السداد يكون بخطاب اعتماد غير قابل للرجوع فيه بالفرنكات البلجيكية يفتح لحساب الشركة الموكلة بمصرف الشركة ببروكسل، وفي 20 من ديسمبر سنة 1958 أرسل المصنع الحربي رقم 63 برقية إلى شركة البهنساوى للتجارة والهندسة بأن عطاءها عن توريد 130 طن نحاس كهربائي كاتود قد قبل ويثبت السعر على أساس المعاملات ببورصة لندن في الفترة الصباحية يوم الأربعاء 24 من ديسمبر سنة 1958 ثم أرسل مصنع 63 إلى مؤسسة الدفاع بالإقليم السوري كتابة المؤرخ 22 من ديسمبر سنة 1958 وقد أثير فيه إلى أنه قد أرفق به أمر التوريد الصادر إلى شركة البهنساوى الوكيل عن شركة "سودامين" وتضمن الكتاب طلب فتح الاعتماد اللازم خلال عشرة أيام وقد أرفق بالخطاب صورة من طلب أرسل إلى معامل مؤسسة الدفاع بالإقليم السوري بطلب فتح مستندي غير قابل للإلغاء وقابل للتحويل والدفع الجزئي باسم شركة "سودامين" وذلك قيمة حوالي 130 طن نحاس كهربائي كاتود، وأخطر مدير عام مصنع 63 العضو المنتدب للجنة العامة لشئون النقل البحري بكتابه المؤرخ 22 من ديسمبر سنة 1958 بأن المصنع قد تعاقد مع شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وهي الوكيلة عن شركة "سودامين" وأن مركزها ببروكسيل ببلجيكا وذلك على توريد حوالي 130 طن نحاس كهربائي كاتود بموجب أمر التوريد رقم 153 بتاريخ 22 من ديسمبر سنة 1958 على أن يتم التوريد خلال يناير وفبراير سنة 1959 ونص الأمر على أن يتم الشحن طبقاً لتعليمات وكيل اللجنة بأوروبا وطلب مدير المصنع في كتابه أن يقوم العضو المنتدب للجنة بالاتصال بوكيله لمخابرة الشركة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لشحن البضاعة حال إعدادها للشحن، وفي 20 من يناير سنة 1959 أبرق المصنع الحربي رقم 63 إلى شركة "سودامين" ببروكسل أشار فيه إلى أمر التوريد رقم 153 الذي سلم إلى شركة البهنساوى وكيلة الشركة في مصر وطلب إلى شركة "سودامين" تقديم خطاب ضمان قيمته 10/ من قيمة الاعتماد، وفي 5 من فبراير سنة 1959 وجهت شركة البهنساوى خطابها إلى المصنع الحربي رقم 63 تضمن أن موكلتها شركة سودامين تطلب تعديل الاعتماد، وفي 10 من فبراير سنة 1959 أرسل المصنع رقم 63 إلى شركة "سودامين" ببروكسل برقية أشار فيها العرض المقدم من ممثلتها في مصر لتوريد 130 طناً من النحاس وطلب إلى الشركة المبادرة بتقديم خطاب الضمان، وبتاريخ 5 من مارس سنة 1959 أرسلت شركة البهنساوى للتجارة والهندسة كتاباً إلى المصنع الحربي رقم 63 تضمن أنها اتصلت بموكلتها ببلجيكا أفادت بأن خطاب الضمان سيقدم عن طريق البنك البلجيكي والدولي في مصر. وفي 15 من مارس سنة 1959 أرسل البنك البلجيكي والدولي بمصر خطاباً إلى المصنع الحربي رقم 63 في شأن خطاب الضمان وقد ورد في هذا الكتاب أن موضوعه خطاب ضمان نهائي رقم 52822 - 12/ 58 بمبلغ 110451 فرنك بلجيكي استحقاق 5 من مارس سنة 1959 لصالح المصنع ولحساب شركة سودامين ببروكسل ويمثلها بالقاهرة شركة البهنساوى للتجارة والهندسة، وقد رد المصنع على كتاب البنك البلجيكي والدولي المؤرخ 15 من مارس سنة 1959 وقد ورد بكتاب المصنع أن موضوعه يتعلق بخطاب ضمان نهائي رقم 52823 - 5/ 3/ 59 لحساب شركة سودامين ويمثلها شركة البهنساوى بالقاهرة، وفي 7 من إبريل سنة 1959 أخطر البنك البلجيكي والدولي بمصر المصنع الحربي رقم 63 بأن شركة سودامين سحبت عرضها الخاص بإصدار خطاب الضمان لعدم فتح الاعتماد المستندي المطلوب.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن شركة البهنساوى عندما تقدمت بالعرض الذي ضمنته كتابها المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1958 أفصحت صراحة في هذا العرض أنه مقدم منها بصفتها نائبة عن شركة "سودامين" البلجيكية وقد تم التعاقد على أساس هذا العرض وبموجبه أن تكون شركة "سودامين" هي الأصلية في التعاقد وأما شركة البهنساوى للتجارة والهندسة فكانت مجرد ممثل للشركة الأصلية في مصر، وقد ذخر ملف الموضوع بما يؤيد أن التعاقد تم على هذا الأساس، إذ ورد في أمر التوريد الصادر إلى شركة البهنساوى أن شحن البضاعة يكون فوب من ميناء ألماني أو بلجيكي أو هولندي حسب اختيار موكلتها، وقد طلبت الهيئة العامة للمصانع الحربية من مؤسسة الدفاع بالإقليم السوري فتح الاعتماد لحساب الشركة البلجيكية، وقامت الهيئة بالاتصال المباشر بشركة "سودامين" ببرقية طلبت إليها فيها تقديم خطاب الضمان طبقاً لشروط أمر التوريد، وكانت المكاتبات الصادرة من شركة البهنساوى للتجارة والهندسة والموجهة إلى المصنع الحربي رقم 63 في شأن تنفيذ العقد صريحة في أنها إنما تنقل وجهة نظر شركة سودامين البلجيكية الأصيلة في التعاقد على ما سلف تفصيله ولم تبد الهيئة العامة للمصانع أي اعتراض أو ملاحظة في شأن صفة شركة سودامين في التعاقد عند تلقيها هذه المكاتبات، كما تضمنت المكاتبات التي وجهها البنك البلجيكي والدولي في مصر إلى المصنع الحربي رقم 63 في خصوص تقديم خطاب الضمان أنه إنما تقدم بهذا الاتصال بناء على طلب عميلته شركة "سودامين" البلجيكية الأصيلة في التعاقد التي تمثلها في مصر شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وقد رد المصنع رقم 63 على مكاتبات البنك وقد جاء صراحة في إجاباته على أن ردوده خاصة بخطاب ضمان لحساب شركة سودامين ويمثلها في مصر شركة البهنساوي للتجارة والهندسة.
ومن حيث إن الوكيل عندما يعمل باسم الموكل يكون نائباً عنه وتحل إرادته محل إرادة الأصيل كما لو كانت الإرادة قد صدرت منه، ولما كان النائب يعمل باسم الأصيل فأثر العقد لا يلحقه هو بل يلحق الأصيل وتتولد على النيابة علاقة مباشرة فيما بين الأصيل والغير ويختص شخص النائب منهما المتعاقدان وهما اللذان ينصرف إليهما أثر العقد فيكسب الأصيل الحقوق التي تولدت له من العقد ويطالب الغير بها دون وساطة النائب كما يكتسب الغير الحقوق التي تولدت له من العقد ويرجع بها مباشرة على الأصيل، وهو ما تقضي به المادة 105 من القانون المدني حيث ينص على أنه إذا أبرم النائب في حدود - نيابية عقداً باسم الأصيل فإن ما ينشأ عن هذا العقد من حقوق والتزامات تضاف إلى الأصيل، لذلك فإن شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وقد أفصحت صراحة لدى تقديمها العرض المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1959 والذي قبلته الهيئة العامة للمصانع الحربية أنها إنما تتقدم بهذا العرض نيابة عن موكلتها شركة سودامين وقد تم قبول هذا العرض وأبرم العقد على أساسه فإن الأثر القانوني للعقد المبرم إنما ينصرف إلى الشركة الأصيلة وحدها فإذا ما وجهت دعوى في شأن المطالبة بالالتزامات المترتبة على هذا العقد تعين توجيهها إلى الشركة الأصيلة إذ لا يجوز توجيه هذه المطالبة إلى الشركة الوكيلة.
ومن حيث إن ما ذهبت إليه الهيئة العامة للمصانع الحربية من أن تطبيق القواعد المقررة في التسخير تؤدي إلى القول بأن المتعاقد معها هي شركة البهنساوى للتجارة والهندسة لا شركة "سودامين" الأصيلة في التعاقد على أساس أن الهيئة قصدت التعاقد مع الوكيل المسخر لا مع الموكل وذلك بالرغم من علمها بأن من تتعاقد معه هو وكيل لا أصيل - وفي هذه الحالة لا يكون الوكيل المسخر نائباً عن الموكل بل تضاف إلى الوكيل حقوق العقد والتزاماته ولا يعترض على ذلك بأن الهيئة تعلم بأن المتعاقد معها وكيل لا أصيل إذ أن القواعد المقررة في التسخير تقضي بأن هذا العلم لا يمنع من أن تضاف حقوق العقد والتزاماته إلى الوكيل المسخر هذا المذهب مردود بأن الثابت من الأوراق، وعلى ما سلف بيانه، أن شركة البهنساوى للتجارة والهندسة تقدمت بعرضها مفصحة صراحة على أنها نائبة عن شركة "سودامين" البلجيكية وقبل العرض المقدم منها بهذه الصفة وقام المصنع الحربي المتعاقد بالاتصال المباشر بالشركة الأصلية طالباً إليها بصفتها هذه تنفيذ العقد الأمر الذي ينفي ما ذهبت إليه الهيئة العامة للمصانع الحربية في دفاعها عن أنها إنما قصدت التعاقد مع الشركة الوكيلة وإن قصدها لم يتجه إلى التعاقد مع الشركة الأصلية.
ومن حيث إن إغفال اتباع ما تقضي به المادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات من أنه إذا كان العطاء مقدماً من وكيل عن صاحب العطاء فعليه أن يقدم معه توكيلاً مصدقاً عليه من السلطات المختصة لا أثر له في قيام الوكالة إذا استوفت شروط قيامها، ذلك أن اشتراط تقديم توكيل مصدق عليه قصد به التثبيت على وجه اليقين من توافر صفة الوكالة فيمن يتقدم بعطاء نيابة عن الغير لذلك فإن إغفال الإدارة التمسك بهذا الإجراء لا أثر له في قيام الوكالة التي استوفت شروط انعقادها واعترف ذوو الشأن بقيامها على نحو ما تم في هذه الدعوى.
ومن حيث إنه متى كان الثابت في الأوراق أن الهيئة العامة للمصانع الحربية طلبت الحكم بإلزام شركة البهنساوى للتجارة والهندسة بالمبالغ المطالب بها في حين أن تعاقدها كان نيابة عن شركة "سودامين" البلجيكية الأصيلة في التعاقد، فإن الدعوى تكون والحالة هذه قد رفعت على غير ذي صفة ويكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى إلزام الشركة الوكيلة بالمبالغ المقضى بها قد خالف القانون ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه والقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة مع إلزام الهيئة العامة للمصانع الحربية المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وألزمت الهيئة العامة للمصانع الحربية بالمصروفات.