أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 19 - صـ 210

جلسة 7 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود، ومحمد أبو حمزة مندور.

(33)
الطعن رقم 407 لسنة 31 القضائية

إثبات. "قرائن". "قرائن قانونية". "حجية الأمر المقضي". حكم. "حجية الحكم". قضاء الأمور المستعجلة. قوة الأمر المقضي.
الأحكام المستعجلة. لا تحوز حجية الأمر المقضي. عدم تغيير مركز الخصوم والظروف التي انتهت بالحكم. عدم جواز إثارة النزاع الذي فصل فيه القاضي المستعجل من جديد.
وإن كان الأصل في الأحكام المستعجلة أنها لا تحوز حجية الأمر المقضي إلا أن هذا - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يعني جواز إثارة النزاع الذي فصل فيه القاضي المستعجل من جديد متى كان مركز الخصم هو والظروف التي انتهت بالحكم هي بعينها لم يطرأ عليها تغيير [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 10236 سنة 1960 مستعجل القاهرة الجزئية ضد مصلحة الضرائب وعثمان حسن شرارة يطلب الحكم بعدم الاعتداد بالتنبيه بالدفع الموجه إليه مع إلزام مصلحة الضرائب بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إن مصلحة الضرائب تداين عثمان حسن شرارة بدين ضريبة أرباح تجارية واستثنائية واستيفاء لهذه الضريبة وجهت إلى مدينها - في مواجهته - تنبيهاً بالدفع وأنذرته بالحجز على العقار رقم 10 ألف بشارع الدكتور عبد الحميد سعيد وإذ كان هذا التنبيه يعتبر بداية لإجراءات التنفيذ في حين أن العقار مملوك له لسبق شرائه بعقد مسجل من الممول فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وبتاريخ 11/ 12/ 1960 حكمت المحكمة بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بالتنبيه بالدفع والإنذار بالحجز الموجه من مصلحة الضرائب إلى المدعى عليه الأخير في مواجهة المدعي والمبين بالعريضة وألزمت مصلحة الضرائب بالمصاريف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة القاهرة الابتدائية طالبة إلغاءه والقضاء بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى واحتياطياً رفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 40 سنة 1961 مدني مستأنف مستعجل. وبتاريخ 30/ 10/ 1961 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى وألزمت المستأنف عليه الأول المصروفات وخمسمائة قرش أتعاباً للمحاماة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت مصلحة الضرائب رفض الطعن ولم يحضر المطعون عليه الأخير ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى استناداً إلى أن إيصالات سداد الأجرة الصادرة لبعض مستأجري المنزل في تاريخ لاحق موقعاً عليها من الممول المدين لا تؤيد ملكية الطاعن للمنزل محل التنفيذ ومما يجعل القضاء بعدم الاعتداد بالتنبيه بالدفع مع الإنذار بالحجز ماساً بأصل الحق يكون قد صدر على خلاف حكم سابق بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم فيه لأن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 2611 سنة 1961 مستعجل القاهرة الجزئية ضد مصلحة الضرائب بطلب الحكم بعدم الاعتداد بالحجز التنفيذي على ما للمدين لدى الغير المتوقع في 23/ 10/ 1960 والحجز العقاري المتوقع على ذات العقار تأسيساً على أن العقار المذكور مملوك له بموجب عقد مسجل في سنة 1958 وقد حكمت المحكمة في 29/ 4/ 1961 وبصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بحجز ما للمدين لدى الغير المتوقع في 23/ 10/ 1960 وبالحجز العقاري المتوقع في 5/ 2/ 1961 استناداً إلى ملكية الطاعن للمنزل موضوع التنفيذ وأصبح هذا الحكم انتهائياً لعدم الطعن فيه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك إنه وإن كان الأصل في الأحكام المستعجلة أنها لا تحوز حجية الأمر المقضي إلا أن هذا - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعني جواز إثارة النزاع الذي فصل فيه القاضي المستعجل من جديد متى كان مركز الخصم هو والظروف التي انتهت بالحكم هي بعينها لم يطرأ عليها تغيير وإذ كان يبين من الحكم الصادر بتاريخ 29/ 4/ 1961 في الدعوى رقم 2611 سنة 1961 مستعجل جزئي القاهرة المرفوعة من الطاعن ضد مصلحة الضرائب وعثمان حسن شرارة وآخر أنه قضى بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بحجز ما للمدين لدى الغير المتوقع بتاريخ 23/ 10/ 1960 وبالحجز العقاري المتوقع بتاريخ 5/ 2/ 1961 مستنداً في ذلك إلى أن "المدعي اشترى العقار المحجوز عليه بعقد مسجل في 24/ 8/ 1958 أنه ظهر عليه بمظهر المالك من هذا التاريخ دون أن يطعن على عقده من مصلحة الضرائب سواء بالصورية أو بالدعوى البوليصية كما يبدو هذا العقد في الظاهر صحيحاً منتجاً لآثاره" وقد أعلن هذا الحكم بتاريخ 6/ 5/ 1961 ولم يطعن عليه حتى 13/ 11/ 1961 طبقاً للشهادة الرسمية المؤرخة 29/ 11/ 1961 المودعة ملف الطعن وبذلك أصبح انتهائياً بفوات مواعيد الطعن فيه، كذلك وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في الدعوى بعدم الاختصاص على أن ظاهر الأوراق "يجعل جدية شراء المستأنف عليه (الطاعن) للمنزل غير ظاهرة مما يجعل القضاء بعدم الاعتداد بالتنبيه بالدفع مع الإنذار بالحجز ماساً بأصل الحق ولا تختص به محكمة الأمور المستعجلة" لما كان ذلك وكان الأساس المشترك في الدعويين على هذه الصورة هو مسألة أحقية المطعون عليها في التنفيذ على العقار موضوع الدعوى التي استقرت حقيقتها بالحكم الأول الصادر في 29/ 4/ 1961 فتكون له الحجية في هذا الخصوص ما دام أن الثابت من الحكمين - الأول والثاني - أن مركز الخصوم والظروف في كل من الدعويين هي بعينها لم تتغير، ويكون الحكم المطعون فيه قد صدر على خلاف هذا الحكم النهائي بين الخصوم أنفسهم والذي حاز قوة الشيء المحكوم به والطعن فيه بطريق النقض يكون جائزاً رغم صدوره من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية وفقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. ولما تقدم بيانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه.


[(1)] نقض 22/ 12/ 1955 الطعن رقم 186 لسنة 22 ق. السنة 6 ص 1951.