أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 19 - صـ 254

جلسة 13 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسين هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام.

(38)
الطعن رقم 106 لسنة 33 القضائية

( أ ) نقض. "إعلان الطعن". بطلان.
الإجراء الذي تم صحيحاً قبل نشر القانون 4 لسنة 1967 ولكن بعد الميعاد، اعتباره صحيحاً، منتجاً لآثاره بغير حاجة لإعادته. زوال الجزاء المترتب على مخالفة الميعاد. م 2/ 1 من القانون 4 سنة 1967.
(ب) نقض. "إعلان الطعن". بطلان.
عدم قيام الطاعن بإعلان الطعن إلى المطعون ضده خلال الخمسة عشر يوماً التي حددتها المادة 431 مرافعات قبل تعديلها بالقانون 401 سنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون والتي تبدأ من 22/ 7/ 1965 تاريخ نشر القانون 43 سنة 1965، أو خلال الميعاد الذي انفتح بالقانون 4 لسنة 1967 وهو خمسة عشر يوماً من تاريخ نشره في 11/ 5/ 1967. وجوب إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 مرافعات والقضاء ببطلان الطعن.
(ج) عقد. "آثار العقد". خلف عام.
عدم اقتصار آثار العقد على المتعاقدين. تجاوزها إلى من يخلفهم خلافة عامة عن طريق الميراث أو الوصية. استثناء العلاقات القانونية الشخصية البحتة. م 145 مدني.
(د) وكالة. "انقضاء عقد الوكالة". عقد.
عدم انصراف آثار عقد الوكالة بعد وفاة الموكل أو الوكيل إلى ورثته، المشرع افترض اتجاه إرادة المتعاقدين إلى انقضاء عقد الوكالة بوفاة أيهما.
(هـ) محاماة. "المطالبة بالأتعاب". وكالة.
عدم جواز مطالبة المحامي لخصمه بمقابل أتعابه على أساس القانون 96 سنة 1957 بشأن المحاماة إلا إذا كانت تربطه به صلة الوكالة.
(و) وارث. تركة. "تمثيل الوارث للتركة".
انتصاب الوارث خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها. شرطه.
1 - يستفاد من نص المادة الثانية من القانون 4 لسنة 1967 الذي أصدره المشرع بتعديل بعض أحكام القانون رقم 43 لسنة 1965 وما ورد بشأنها في المذكرة الإيضاحية - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه إذا كان الإجراء قد تم صحيحاً في ذاته قبل نشر القانون رقم 4 لسنة 1967 ولو كان بعد الميعاد الذي كان يقتضيه تطبيق الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 فإن هذا الإجراء ينتج أثره ولو كان الجزاء على مخالفة هذا الميعاد بحسب ما كان يقتضيه تطبيق تلك الفقرة هو البطلان أو السقوط لأن هذا الجزاء قد رفعه القانون رقم 4 لسنة 1967 بما نص عليه في الفقرة الأولى من المادة الثانية منه. ومن ثم فلا يلتزم الطاعن بإعادة هذا الإجراء في الميعاد الذي استحدثه ذلك القانون في الفقرة الثانية من المادة المذكورة، لأن هذا الميعاد إنما شرع ليصحح الطاعن في خلاله ما لم يكن قد صح من الإجراءات وليستكمل ما لم يكن قد أتمه منها قبل العمل بالقانون 4 لسنة 1967.
2 - الإجراء الذي تم صحيحاً ولكن بعد الميعاد لا يتناوله نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون 43 لسنة 1965، وإنما يعتبر صحيحاً ومنتجاً لآثاره بغير حاجة لإعادته بعد أن زال الجزاء المترتب على مخالفة الميعاد بنص الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون 4 لسنة 1967.
3 - يبين من نص المادة 145 من القانون المدني ومذكرتها الإيضاحية أنها وضعت قاعدة عامة تقضي بأن آثار العقد لا تقتصر على المتعاقدين بل تجاوزهم إلى من يخلفهم خلافة عامة من طريق الميراث أو الوصية واستثنى من هذه القاعدة الحالات التي تكون فيها العلاقة القانونية شخصية بحتة، وهي تستخلص من إرادة المتعاقدين صريحة أو ضمنية أو من طبيعة العقد أو من نص في القانون.
4 - تنص المادة 714 من القانون المدني على أن الوكالة تنتهي بموت الموكل أو الوكيل، وقد ورد هذا النص في حدود الاستثناء الذي قررته المادة 145 من القانون المدني، فلا ينصرف أثر عقد الوكالة بعد وفاة الموكل أو الوكيل إلى ورثته بوصفهم خلفاً عاماً، لأن المشرع افترض أن إرادة المتعاقدين الضمنية اتجهت إلى انقضاء عقد الوكالة بوفاة أيهما اعتباراً بأن هذا العقد من العقود التي تراعي فيها شخصية كل متعاقد.
5 - مقتضى نص المواد 46 و47 و50 و51 من القانون 96 لسنة 1957 بشأن المحاماة أمام المحاكم أنه لا يجوز للمحامي أن يطالب خصماً بمقابل أتعابه على أساس هذا القانون إلا إذا كانت تربطه به صلة الوكالة.
6 - أن القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها قد تكون صحيحة ويمكن الأخذ بها - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - لو أن الوارث قد خاصم أو خوصم طالباً الحكم للتركة نفسها بكل حقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على التركة نفسها بكل ما عليها [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم الأستاذ حامد أسعد عاشور المحامي - الطاعن - طلب من مجلس نقابة المحامين تقدير مبلغ 2000 ج أتعاب المحاماة له عن الدعوى رقم 26 سنة 1957 ضرائب كلي الجيزة التي باشرها للمرحوم محمود إسماعيل ضو مورث المطعون عليهم بوصفه محامياً عنه، يخصم منه مبلغ 100 ج كان قد قبضه، وقيد الطلب برقم 106 سنة 1960. وبتاريخ 12/ 12/ 1960 قرر مجلس نقابة المحامين تقدير الأتعاب المستحقة للطاعن بمبلغ 1250 ج يخصم منه مبلغ 100 ج السابق قبضه وينفذ بالباقي ضد المطعون عليهم من تركة مورثهم. تظلم المطعون عليهن الست الأوليات من هذا التقدير أمام محكمة القاهرة الابتدائية وقيد التظلم برقم 946 لسنة 1961 كلي القاهرة. وبتاريخ 17/ 3/ 1962 حكمت المحكمة برفضه وتأييد أمر التقدير المتظلم منه. استأنفت المطعون عليهن الأربع الأوليات هذا الحكم بالاستئناف رقم 1095 سنة 79 ق القاهرة، كما استأنفته المطعون عليها الخامسة بالاستئناف رقم 1605 سنة 79 ق القاهرة. ومحكمة الاستئناف قررت ضم الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد، وبتاريخ 20/ 1/ 1963 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وتعديل أمر التقدير بالنسبة لنصيب المستأنفات - المطعون عليهن الخمس الأوليات - إلى مبلغ 150 ج وذلك بخلاف مبلغ المائة جنيه التي كان قد قبضها الطاعن المورث وبتاريخ 18/ 3/ 1963 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرتين طلبت في الأولى منهما رفض الطعن وطلبت في الثانية بطلانه. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت على رأيها الأخير.
وحيث إن الدفع ببطلان الطعن يقوم على أن ورثة الطاعن أودعوا بتاريخ 15/ 9/ 1965 حافظة مستندات اشتملت على أصل ورقة إعلان الطعن إلى المطعون عليهم غير أن هذا الإيداع تم بعد فوات ميعاد العشرين يوماً التالية ليوم 22/ 7/ 1965 وهو تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965، ولم يقم ورثة الطاعن بإعادة هذا الإجراء في الميعاد الذي منحه لهم المشرع بالقانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات وتصحيح ما لم يصح منها مما يجعل الطعن باطلاً.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله - ذلك أنه وإن كانت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية تقضي بإتباع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت المادة 432 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 الذي أنشأ هذه الدوائر قد أوجبت على الطاعن أن يودع قلم كتاب هذه المحكمة أصل ورقة إعلان الطعن إلى الخصوم خلال عشرين يوماً من تاريخ الطعن، وكان هذا الإجراء جوهرياً يترتب على تفويته - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان الطعن، وكان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ونص المادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات أن ميعاد العشرين يوماً الذي يجب على الطاعن أن يودع فيه أصل ورقة إعلان الطعن - يبدأ من 22/ 7/ 1965 وهو تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965، وكان الثابت أن ورثة الطاعن أودعوا في 15/ 9/ 1965 مع مذكرتهم أصل ورقة إعلان الطعن أي بعد فوات الميعاد المذكور، وإن كان ذلك إلا أنه يستفاد من نص المادة الثانية من القانون رقم 4 لسنة 1967 الذي أصدره المشرع بتعديل بعض أحكام القانون رقم 43 لسنة 1965 وما ورد بشأنها في المذكرة الإيضاحية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان الإجراء قد تم صحيحاً في ذاته قبل نشر القانون رقم 4 لسنة 1967 ولو بعد الميعاد الذي كان يقتضيه تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965، فإن هذا الإجراء ينتج أثره ولو كان الجزاء على مخالفة هذا الميعاد بحسب ما كان يقتضيه تطبيق تلك الفقرة هو البطلان أو السقوط لأن هذا الجزاء قد رفعه القانون رقم 4 لسنة 1967 بما نص عليه في الفقرة الأولى من المادة الثانية منه، ومن ثم فلا يلتزم الطاعن بإعادة هذا الإجراء في الميعاد الذي استحدثه ذلك القانون في الفقرة الثانية من المادة المذكورة لأن هذا الميعاد إنما شرع ليصحح الطاعن في خلاله ما لم يكن قد صح من الإجراءات وليستكمل ما لم يكن قد أتمه منها قبل العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1967 أما الإجراء الذي تم صحيحاً ولكن بعد الميعاد فلا يتناوله نص الفقرة الثانية المشار إليها وإنما يعتبر صحيحاً ومنتجاً لآثاره بغير حاجة لإعادته بعد أن زال الجزاء المترتب على مخالفة الميعاد بنص الفقرة الأولى سالفة الذكر. لما كان ذلك، وكان الثابت أن ورثة الطاعن أودعوا في 15/ 9/ 1965 أصل ورقة إعلان الطعن إلى المطعون عليهن الأربع الأوليات وقد زال البطلان الذي كان يترتب على مجاوزة هذا الإيداع للميعاد وذلك عملاً بالفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 4 لسنة 1967، فإنه يتعين رفض الدفع.
وحيث إنه بالنسبة للمطعون عليها الخامسة فإنه لما كانت المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 الذي عمل به من تاريخ نشره في 22/ 7/ 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، ويبدأ هذا الميعاد من 22/ 7/ 1965 تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965، وإذ خلت أوراق الطعن مما يدل على إعلان المطعون عليها الخامسة خلال هذا الميعاد، ذلك أن الثابت من أصل ورقة إعلان تقرير الطعن أن المحضر توجه بتاريخ 3/ 8/ 1965 لإعلانها في موطنها بشارع عبود الزمر رقم 67 قسم أول الجيزة وأجيب بأنها تقيم في باب اللوق، فلما طلب ورثة الطاعن إعلانها بشارع فهمي رقم 3 قسم عابدين أثبت المحضر أنه لا يوجد منزل بهذا الرقم في شارع فهمي وأنه لم يستدل على المطلوب إعلانها. لما كان ذلك وكان ورثة الطاعن قد أودعوا بتاريخ 15/ 9/ 1965 أصل ورقة إعلان الطعن بحالتها دون أن يعلنوا المطعون عليها المذكرة، وكانت أوراق الطعن قد خلت أيضاً مما يثبت قيام ورثة الطاعن بهذا الإجراء خلال الميعاد الذي انفتح بالقانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة، وهذا الميعاد الجديد هو خمسة عشر يوماً تبدأ من 11/ 5/ 1967 تاريخ نشر القانون رقم 4 لسنة 1967، لما كان ما تقدم فإنه يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات السالف الإشارة إليها والقضاء ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليها الخامسة.
وحيث إن الطعن بالنسبة لمن عدا المطعون عليها الخامسة قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن مورث المطعون عليهم وكل الطاعن في مباشرة الدعوى رقم 26 سنة 1957 ضرائب كلي الجيزة، وأن الوكالة انقضت بوفاة المورث ولم تقم واحدة من المطعون عليهن الخمس الأوليات بتوكيل الطاعن بعد الوفاة بل وكلت كل منهن محامياً عنها للاستمرار في مباشرة الدعوى، فلا يحق للطاعن أن يقتضي منهن أجراً في نطاق قانون المحاماة عن الفترة اللاحقة على وفاة المورث بحجة أنهن أفدن من مجهوده. هذا في حين أن مقتضى عقد الوكالة المبرم بين الطاعن ومورث المطعون عليهم أن يتولى الطاعن وحده مباشرة الدعوى التي وكل فيها، وقد نفذ الطاعن العقد من جانبه وأتم الإجراءات بعد وفاة المورث حتى تم التوقيع على عقد الصلح مع مصلحة الضرائب وصدقت عليه المحكمة، ولم يطلب المطعون عليهن الخمس الأوليات إلى الطاعن التنحي عن العمل الذي وكله فيه المورث، فينصرف أثر الوكالة إلى الورثة باعتبارهم خلفاً عاماً له طبقاً لحكم المادة 145 من القانون المدني، ويلتزمون بدفع مقابل أتعابه من التركة طالما لم يقع ما يستوجب عزله. ولا ينال من ذلك قيام المطعون عليهن الخمس الأوليات بتوكيل محامين آخرين لمباشرة الدعوى لأن عقد الوكالة لم يفسخ. فضلاً عن أن الطاعن كان وكيلاً عن المطعون عليه السابع وهو أحد الورثة ومن حق الوارث أن يباشر الدعاوى التي تفيد التركة، وقد استفادت التركة من العمل الذي أنجزه الطاعن بعد وفاة المورث فتلتزم بأجره. هذا إلى أن الطاعن كان قد انتهى من بذل المجهود اللازم للطعن في قرار لجنة طعون الضرائب قبل وفاة المورث ولم يبق إلا التصديق على محضر الصلح، غير أن الحكم المطعون فيه رفض القضاء على التركة بمقابل أتعابه عن العمل الذي أنجزه في الفترة اللاحقة على وفاة المورث، مما يعيبه بمخالفة القانون وفساد الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه إذ تنص المادة 145 من القانون المدني على أن أثر العقد ينصرف إلى المتعاقدين والخلف العام دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام، وكان يبين من نص هذه المادة ومذكرتها الإيضاحية أنها وضعت قاعدة عامة تقضي بأن آثار العقد لا تقتصر على المتعاقدين بل تجاوزهم إلى من يخلفهم خلافة عامة من طريق الميراث أو الوصية واستثنت من هذه القاعدة الحالات التي تكون فيها العلاقة القانونية شخصية بحتة وهي تستخلص من إرادة المتعاقدين صريحة أو ضمنية أو من طبيعة العقد أو من نص في القانون، وإذ تنص المادة 714 من القانون المدني على أن الوكالة تنتهي بموت الموكل أو الوكيل، فإن هذا النص يكون قد ورد في حدود الاستثناء الذي قررته المادة 145 من القانون المدني سالفة البيان، فلا ينصرف أثر عقد الوكالة بعد وفاة الموكل أو الوكيل إلى ورثته بوصفهم خلفاً عاماً لأن المشرع افترض أن إرادة المتعاقدين الضمنية اتجهت إلى انقضاء عقد الوكالة بوفاة أيهما اعتباراً بأن هذا العقد من العقود التي تراعي فيها شخصية كل متعاقد. لما كان ذلك وكان مقتضى نص المواد 46 و47 و50 و51 من القانون رقم 96 لسنة 1957 بشأن المحاماة أمام المحاكم أنه لا يجوز للمحامي أن يطالب خصماً بمقابل أتعابه على أساس هذا القانون إلا إذا كانت تربطه به صلة الوكالة، فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن مورث المطعون عليهم قد وكل الطاعن لمباشرة الدعوى رقم 26 سنة 1957 ضرائب كلي الجيزة وأنه توفى أثناء سير الدعوى وحل محله فيها جميع ورثته وانتهت وكالته للطاعن بالوفاة وأن المطعون عليهن الخمس الأوليات لم يوكلنه بعد وفاة المورث بل وكلت كل منهن محامياً آخر للاستمرار في مباشرة الدعوى، وإذ رتب الحكم على ذلك أن عقد وكالة الطاعن لا ينصرف أثره إلى ورثة الموكل بعد الوفاة فإنه يكون قد التزم صحيح القانون. ولا يغير من هذا النظر ما يقوله الطاعن من أنه بعد وفاة المورث صدرت له وكالة من المطعون عليه السابع وهو أحد الورثة وأتم إجراءات الصلح مع مصلحة الضرائب وأن التركة قد استفادت من عمله فتلتزم بأجره - ذلك أن القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها قد تكون صحيحة ويمكن الأخذ بها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لو أن الوارث قد خاصم أو خوصم طالباً الحكم للتركة نفسها بكل حقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على التركة نفسها بكل ما عليها. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن جميع الورثة حلوا محل مورثهم في الدعوى رقم 26 سنة 1957 ضرائب كلي الجيزة بعد وفاته وأن كلاً منهم وكل عنه محامياً لمباشرة تلك الدعوى وطالب بتبرئة ذمته من نصيبه في دين مصلحة الضرائب بما فيهم المطعون عليه السابع، فإن مؤدى ذلك أن كلاً من الورثة كان ممثلاً في الدعوى بواسطة محاميه بعد وفاة المورث وأن كلاً منهم كان يعمل لحساب نفسه فقط في حدود النصيب المطلوب منه ولمصلحته الشخصية لا لمصلحة عموم التركة كنائب شرعي عنها. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المطعون عليهن الخمس الأوليات لا يلزمن بمقابل أتعاب للطاعن عن العمل الذي باشره في الفترة اللاحقة على وفاة المورث، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بتناقض أسبابه، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم قرر في موضع من أسبابه أنه ليس للطاعن أن يطالب المطعون عليهن الخمس الأوليات بمقابل أتعابه لعدم وجود رابطة وكالة بينه وبينهن، ثم عاد الحكم في موضع آخر وقرر أن من حق الطاعن الالتجاء إلى مجلس النقابة لتقدير مقابل أتعابه، مما يعيبه بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه فرق عند تقدير أتعاب الطاعن بين الفترة التي باشر فيها الدعوى رقم 26 سنة 1957 ضرائب كلي الجيزة حتى وفاة المورث والفترة اللاحقة على الوفاة، وقدر الحكم مقابل أتعاب للطاعن ضد المطعون عليهن الخمس الأوليات عن الأعمال التي باشرها في الفترة السابقة على وفاة المورث تأسيساً على قيام عقد الوكالة بين الطاعن والمورث في هذه الفترة، ثم رفض الحكم القضاء للطاعن بمقابل أتعاب عن الفترة اللاحقة على الوفاة على أساس أن الوكالة انتهت بوفاة الموكل وأن المطعون عليهن الخمس الأوليات لم يوكلنه بعد الوفاة وذلك على ما سلف بيانه في الرد على السببين الأول والثاني، لما كان ذلك فإنه لا يكون ثمت تناقض في أسباب الحكم، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع في الدعوى، ذلك أن الحكم قرر أنه راعى في تقدير مقابل أتعاب الطاعن المحكوم بها على المطعون عليهن الخمس الأوليات بوصفهن من الورثة - مقدار الفائدة التي عادت عليهن من الجهد الذي بذله الطاعن في عمله، ويقول الطاعن أن مؤدى هذا من الحكم إنه فرق بين صفة المطعون عليهن الشخصية وصفتهن كورثة، مع أنه لم يكن لهن صفة شخصية في النزاع وإنما اختصمن فيه كورثة، فتلتزم التركة بمقابل أتعاب الطاعن وقد صدر أمر التقدير على هذا الأساس.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه في سبيل تقدير مقابل أتعاب الطاعن عن الجهد الذي بذله قبل وفاة المورث حدد الأعمال التي أتمها الطاعن في هذه الفترة تنفيذاً لعقد الوكالة المبرم مع المورث، ثم قرر ما يأتي: "ترى - المحكمة - أن تقدر نصيب المستأنفات - المطعون عليهن الخمس الأوليات - في أتعاب هذا الجهد بوصفهن من ورثة المرحوم محمود إسماعيل ضو بمبلغ 150 ج وذلك بخلاف ما قبضه المستأنف ضده الطاعن - من المورث. والمحكمة قد راعت في هذا التقدير مدى الجهد الفني في عمل المستأنف ضده وما استلزمه من وقت وقيمة الدعوى وما أفاده المستأنفات من هذا الجهد". وهذا الذي قرره الحكم يبين منه أنه راعى في تقدير مقابل أتعاب الطاعن من عمله في الفترة السابقة على وفاة المورث - الفائدة التي عادت على المطعون عليهن الخمس الأوليات بوصفهن من الورثة لا بصفتهن الشخصية، وهو ما انتهى إليه الحكم في منطوقه إذ قضى بتعديل أمر التقدير - وهو صادر ضد التركة - بالنسبة لنصيب هؤلاء المطعون عليهن وقصره على مبلغ 150 ج يلتزمن به بالسوية بينهن، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.


[(1)] نقض جلسة 11/ 5/ 1935 الطعن رقم 70 لسنة 4 ق مجموعة القواعد القانونية لربع قرن ص 1006 قاعدة 49، ونقض جلسة 6/ 2/ 1964 الطعن رقم 91 لسنة 29 مجموعة المكتب الفني س 15 ص 199.