مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1968 إلى منتصف فبراير سنة 1969) - صـ 170

(21)
جلسة 29 من ديسمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وإبراهيم خليل الشربيني المستشارين.

القضية رقم 995 لسنة 8 القضائية

اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري "توزيع الاختصاص بين محاكم المجلس".
صدور حكم من المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى أو بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري على أساس أن كلاً من المدعي والمطعون في ترقيته كانا وقت رفع الدعوى من عداد موظفي الكادر العالي - صدور حكم محكمة القضاء الإداري في هذه الدعوى بعدم اختصاصها وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية على أساس أن محل الدعوى هو القرار المطعون فيه وهو خاص بالترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط - صدور حكم المحكمة الإدارية بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بعدم الاختصاص وصيرورة حكمها نهائياً بعدم الطعن فيه - الطعن في حكم محكمة القضاء الإداري - ثبوت أن المدعي من الموظفين الداخلين في الهيئة وأصبح من الفئة العالية قبل إقامة الدعوى وأن المطعون في ترقيته من الداخلين في الهيئة وأصبح هو الآخر منذ ذلك التاريخ من الفئة العالية وأن الدرجة موضوع المنازعة قد نقلت قبل رفع الدعوى إلى الكادر العالي - انعقاد الاختصاص لمحكمة القضاء الإداري لتعلق النزاع بموظفين داخلين في الهيئة من الفئة العالية - أحكام القانون رقم 144 لسنة 1964 بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الدولة تؤيد هذا النظر [(1)].
يبين من أوراق الطعن أن هيئة مفوضي الدولة كانت قد طعنت في الحكم الصادر بجلسة 6 من ديسمبر سنة 1962 من المحكمة الإدارية لوزارة الشئون الاجتماعية في الدعوى رقم 272 لسنة 5 القضائية والقاضي "بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وألزمت المدعي بالمصروفات أمام المحكمة الإدارية العليا وقد قيد هذا الطعن بجدول المحكمة تحت رقم 185 لسنة 9 القضائية، حيث فصلت فيه بحكمها الصادر بجلسة 4 من فبراير سنة 1968، الذي قضى "بقبول الطعن شكلاً وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إليها للفصل فيها" وأسست قضاءها على أن المادة 13 فقرة أولى من كل من القانونين رقم 165 لسنة 1955 ورقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة تنص على أن تختص المحاكم الإدارية "بالفصل في طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها في البنود (ثالثاً) و(رابعاً) و( خامساً) من المادة 8 عدا ما يتعلق منها بالموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية. "وتنص المادة 14 من كل من القانونين المذكورين على أن "تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في كل الطلبات والمنازعات المنصوص عليها في المواد 8، 9، 10، 11 عدا ما تختص به المحاكم الإدارية". ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي من الموظفين الداخلين في الهيئة، وأنه أصبح منذ أول يوليه سنة 1957، أي قبل إقامة الدعوى، من الفئة العالية، وأن المطعون في ترقيته من الموظفين الداخلين في الهيئة، وأنه قد أصبح هو الآخر منذ ذلك التاريخ من الفئة العالية، وكانت الدرجة موضوع المنازعة قد نقلت منذ التاريخ المذكور، أيضاً إلى الكادر العالي، فإن طلب إلغاء القرار المطعون فيه، يعتبر بغير شبهة متعلقاً بموظفين داخلين في الهيئة بالفئة العالية، وعلى مقتضى ما تقدم فإن محكمة القضاء الإداري تكون هي المختصة بنظر الدعوى، وهذا ما هو صحيح أيضاً بالتطبيق لحكم المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 144 لسنة 1964 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة في الجمهورية العربية المتحدة، وهي التي نصت على اختصاص المحاكم الإدارية بالفصل في طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها في البنود (ثالثاً) و(رابعاً) و(خامساً) من المادة 8 من القانون رقم 55 لسنة 1959 عدا ما يتعلق منها بالعاملين المدنيين بالدولة من الدرجة السابعة فما فوقها أو ما يعادلها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 272 لسنة 5 القضائية ضد السيد وزير الشئون الاجتماعية والعمل بصفته بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة الشئون الاجتماعية في 4 من مارس سنة 1958 بناء على قرار إعفاء من الرسوم القضائية صادر لصالحه من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة في 15 من فبراير سنة 1958 في طلب الإعفاء رقم 480 لسنة 4 القضائية، المقدم منه ضد وزارة الشئون الاجتماعية في 10 من يونيه سنة 1958، وطلب في صحيفة دعواه "الحكم أولاً: بقبول هذا الطعن شكلاً، ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار الإداري رقم 84 المؤرخ 13 من فبراير سنة 1957 فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط اعتباراً من 13 من فبراير سنة 1957، والحكم بأحقية الطالب في الترقية إلى الدرجة المذكورة في الكادر الفني المتوسط بالأقدمية المطلقة اعتباراً من 13 من فبراير سنة 1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية، مع إلزام السيد المعلن إليه بصفته بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة" وبجلسة 16 من يونيه سنة 1960 قضت المحكمة الإدارية "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة". وأقامت قضاءها على أن كلاً من المدعي والمطعون في ترقيته السيد/ فؤاد سليمان كانا وقت رفع الدعوى من عداد موظفي الكادر العالي إذ أنه في 18 من أغسطس سنة 1957 صدر القرار الوزاري رقم 153 الذي قضى بنقل السيدين المذكورين وآخرين بدرجاتهم من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي، ومن ثم فإن المنازعة تكون قائمة بين موظفين من الفئة العالية ومتعلقة بالترقية إلى درجة نقلت إلى الكادر العالي. وتنفيذاً لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت في جدولها برقم 139 لسنة 15 القضائية، وبجلسة أول مارس سنة 1962 قضت المحكمة المذكورة، بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية المختصة وأقامت قضاءها على أن موضوع الدعوى التي أقامها المدعي هو إلغاء القرار الوزاري رقم 84 لسنة 1957 الصادر بترقية السيد/ فؤاد محمد شاكر إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط، وأن دعوى الإلغاء هي دعوى عينية يختصم فيها قرار إداري بذاته، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه، في أي الكادرين يصدر، يحدد بحسب طبيعته المحكمة المختصة بنظر طلب إلغائه، بغض النظر عن المركز القانوني لطالب الإلغاء، إذ القول بعكس هذا من شأنه تجريد دعوى الإلغاء من طبيعتها العينية وإذ كان يهدف من دعواه إلى الحكم بإلغاء القرار رقم 84 لسنة 1957 الصادر بالترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط وكان من شأنه الحكم له بذلك التأثير على مراكز قانونية بالكادر الفني المتوسط بالإلغاء أو التعديل حسب الأحوال، فإن المحكمة الإدارية دون محكمة القضاء الإداري تكون هي المختصة بنظر هذه الدعوى.
ومن حيث إنه تنفيذاً لهذا الحكم أحيلت الدعوى ثانية إلى المحكمة الإدارية لوزارة الشئون الاجتماعية التي قضت فيها بجلسة 6 من ديسمبر سنة 1962 "بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وألزمت المدعي المصروفات". وذلك استناداً إلى أنها قد سبق لها أن قضت في طلب المدعي بالحكم الصادر منها بجلسة 16 من يونيه سنة 1960 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة، وهو الحكم الذي أصبح نهائياً وحاز قوة الأمر المقضي بفوات ميعاد الطعن فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن مرتبة الموظف مستمدة من مستوى الوظيفة التي يشغلها هي وحدها التي تضفي على المنازعة قدراً من الأهمية تتحدد بمقتضاه الجهة ذات الولاية التي تختص بالفصل فيها، ومن ثم فكلما تعلق النزاع بموظف داخل الهيئة من الفئة العالية بطريق مباشر، أو كان الفصل في هذا النزاع يؤثر في مراكز الموظفين من هذه الفئة بطريق غير مباشر، فإن الاختصاص ينعقد لمحكمة القضاء الإداري دون المحاكم الإدارية، وإذ كان النزاع في الدعوى الراهنة متعلقاً منذ بدايته بموظفين من الداخلين في الهيئة من الفئة العالية وبدرجة نقلت إلى الكادر العالي، فإن الاختصاص بنظر هذا النزاع يكون معقوداً لمحكمة القضاء الإداري دون سواها.
ومن حيث إنه يبين من أوراق الطعن أن هيئة مفوضي الدولة كانت قد طعنت في الحكم الصادر بجلسة 6 من ديسمبر سنة 1962 من المحكمة الإدارية لوزارة الشئون الاجتماعية في الدعوى رقم 272 لسنة 5 القضائية والقاضي "بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وألزمت المدعي بالمصروفات" أمام المحكمة الإدارية العليا وقد قيد هذا الطعن بجدول المحكمة تحت رقم 185 لسنة 9 القضائية، حيث فصلت فيه بحكمها الصادر بجلسة 4 من فبراير سنة 1968، الذي قضى بقبول الطعن شكلاً، وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إليها للفصل فيها، وأسست قضاءها على (أن المادة 13 فقرة أولى من كل من القانونين رقم 165 لسنة 1955 ورقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة تنص على أن تختص المحاكم الإدارية "بالفصل في طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها في البنود (ثالثاً) و(رابعاً) و(خامساً) من المادة 8 عدا ما يتعلق منها بالموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية.." وتنص المادة 14 من كل من القانونين المذكورين على أن "تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في كل الطلبات والمنازعات المنصوص عليها في المواد 8، 9، 10، 11 عدا ما تختص به المحاكم الإدارية". ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي من الموظفين الداخلين في الهيئة، وأنه أصبح منذ أول يوليه سنة 1957، أي قبل إقامة الدعوى، من الفئة العالية، وأن المطعون في ترقيته من الموظفين الداخلين في الهيئة، وأنه قد أصبح هو الآخر منذ ذلك التاريخ من الفئة العالية، وكانت الدرجة موضوع المنازعة قد نقلت منذ التاريخ المذكور، أيضاً إلى الكادر العالي، فإن طلب إلغاء القرار المطعون فيه يعتبر بغير شبهة متعلقاً بموظفين داخلين في الهيئة من الفئة العالية، وعلى مقتضى ما تقدم فإن محكمة القضاء الإداري تكون هي المختصة بنظر الدعوى، وهذا ما هو صحيح أيضاً بالتطبيق لحكم المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 144 لسنة 1964 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة في الجمهورية العربية المتحدة، وهي التي نصت على اختصاص المحاكم الإدارية بالفصل في طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها في البنود (ثالثاً) و(رابعاً) و(خامساً) من المادة 8 من القانون رقم 55 لسنة 1959 عدا ما يتعلق منها بالعاملين المدنيين بالدولة من الدرجة السابعة فما فوقها أو ما يعادلها.
ومن حيث إنه أخذاً بهذه الأسباب، فإن الحكم موضوع الطعن الحالي الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة أول مارس سنة 1962 إذ قضى "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية المختصة يكون قد جانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى مع الأمر بإحالتها إليها للفصل فيها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إليها للفصل فيها.


[(1)] راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 7 من مايو سنة 1967 المنشور بمجموعة السنة الثانية عشرة - العدد الثاني ص 1022 تحت رقم "111" وكذلك الحكم الصادر بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1964 المنشور بمجموعة السنة العاشرة - العدد الأول ص 47.