مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1968 إلى منتصف فبراير سنة 1969) - صـ 181

(23)
جلسة 30 من ديسمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ محمد شلبي يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسنين رفعت ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد فتح الله بركات ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

المعارضة في قائمة الرسوم الصادرة في 20 من يونيه سنة 1968 في الطعن رقم 819 لسنة 7 القضائية المحكوم فيه من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 16 من مايو سنة 1965

( أ ) - رسوم قضائية (دعوى) القانون رقم 90 لسنة 1944 صريح في عدم استحقاق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة - مدلول الحكم الصادر في هذه الدعاوى بإلزام الحكومة بالمصروفات - قانون المرافعات لم يقصد بالحكم بمصاريف الدعوى الرسوم القضائية وحدها - مصاريف الدعوى تشمل أتعاب الخبراء ومصاريف القضية والشهود ومصاريف انتقال المحكمة وأتعاب المحامين والرسوم القضائية - القضاء بالمصروفات دون تحديد عناصرها ينصرف إلى عناصر المصاريف التي لها وجود قانوني - إذا كانت الدعوى مرفوعة من الحكومة لا تستحق عنها رسوم قضائية - إلزام الحكومة بالمصروفات في هذه الحالة يقتصر على العناصر الأخرى للمصروفات غير الرسوم القضائية.
(ب) - رسوم قضائية (دعوى) (هيئة عامة). القانون رقم 90 لسنة 1944 - نصه على إعفاء الحكومة من الرسوم القضائية على الدعاوى التي ترفعها - شمول لفظ "الحكومة" للهيئات العامة في تطبيق القانون رقم 61 لسنة 1963 في شأن الهيئات العامة - أساس ذلك [(1)].
1 - إن نص المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 صريح في عدم استحقاق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة، ويبقى بعد ذلك بحث مدلول أو أثر الحكم الصادر في مثل هذه الدعاوى بإلزام الحكومة بالمصروفات، هل ينطوي على قضاء بالإلزام برسوم الدعوى رغم أنها غير مستحقة قانوناً وبالتالي تمتنع مناقشة هذا الأساس للإلزام عن طريق المعارضة في أمر التقدير بعد أن بات الحكم الصادر به حائزاً لقوة الأمر المقضى، أم أن القضاء بالإلزام بالمصروفات لا ينطوي حتماً وبحكم اللزوم على الإلزام فعلاً برسوم الدعوى إذ أن المشرع حين أوجب على المحكمة في قانون المرافعات عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى، لم يقصد بمصاريف الدعوى الرسوم القضائية وحدها، إذ تشمل مصاريف الدعوى أتعاب الخبراء الذين عينوا في القضية ومصاريف الشهود الذين دعوا لسماع شهادتهم فيها ومصاريف انتقال المحكمة في الحالات التي يستلزم الأمر هذا الانتقال وأتعاب المحامين والرسوم القضائية وقد درجت المحاكم عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى دون أن تبين مقدارها أو تحدد عناصرها سواء في منطوق الحكم أو في أسبابه تاركة أمر تقديرها إلى رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم، بأمر على عريضة ومفاد القضاء بالمصروفات دون تحديد عناصرها أن ينصرف الإلزام إلى عناصر المصاريف التي لها وجود قانوني أي المستحقة قانوناً دون ما عداها، ومؤدى هذا أنه إذا كانت الدعوى أو الطعن مرفوعاً من الحكومة فإنه لما كانت لا تستحق عنه رسوم قضائية فإن إلزام الحكومة في هذه الحالة بالمصروفات يقتصر على العناصر الأخرى للمصروفات غير الرسوم القضائية التي لا وجود لها قانوناً تبعاً لعدم استحقاقها، ولا يمكن أن يحمل حكم المحكمة بإلزام الحكومة بالمصروفات دون تحديد أو إيضاح على أنه تناول إلزامها بما هو ليس مستحقاً أو واجباً قانوناً، وإنما ينبغي أن يحمل على أنه التزام الحكومة بجميع العناصر التي تتألف منها المصروفات ومنها الرسوم إن كان شيء منها مستحقاً قانوناً، فالمحكمة في حقيقة الواقع إذا سكتت عن الإيضاح أو الإفصاح إنما تحدد الملزم بالمصاريف بما فيها الرسوم إن كانت هناك مصاريف أو رسوم مستحقة، فإن لم يكن هناك شيء منها فالمحكمة لا يمكن أن ترمي بحكمها بإلزام الحكومة الطاعنة بالمصروفات إلى خلق رسوم لا وجود لها قانوناً تحملها بها على خلاف الواقع والقانون.
2 - بصدور القانون رقم 60 لسنة 1963 في شأن المؤسسات العامة ورقم 61 لسنة 1963 بإصدار قانون الهيئات العامة المعمول بهما في 9 من مايو سنة 1963 لم يعد ثمة محل للقول بالتفرقة بين الحكومة بمعناها الضيق وبين الهيئات العامة في مجال تطبيق المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944، ذلك أن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 60 لسنة 1963 المتقدم ذكره قد كشفت بما لا يدع مجالاً لشبهة في خصوص طبيعة الهيئات العامة عن أن الهيئات العامة في الغالب الأعم مصالح عامة حكومية منحها المشرع الشخصية الاعتبارية وأنها وإن كانت ذات ميزانية خاصة إلا أنها تلحق بميزانية الدولة وتجرى عليها أحكامها وتتحمل الدولة عجزها ويؤول لميزانية الدولة ما تحققه من أرباح، ومن ثم فإن الحكمة التي تغياها المشرع من تقرير مزية الإعفاء من الرسوم القضائية على النحو السالف بيانه تكون متحققة بالنسبة للهيئات العامة، وبمقتضى هذا القضاء ألا تستحق رسوم على الدعاوى أو الطعون التي ترفعها الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية (الهيئة المعارضة) لكونها هيئة عامة تدخل في نطاق مدلول لفظ "الحكومة" الذي نصت عليه المادة 50 سالفة الذكر وذلك على الرغم من أن طعنها الذي صدرت في شأنه قائمة الرسوم المعارض فيها قد أقيم في تاريخ سابق على تاريخ صدور قانون الهيئات العامة رقم 61 لسنة 1963 باعتبار أن هذا القانون وما تضمنته المذكرة الإيضاحية كاشفان لوضعها القانوني السابق على إقامة طعنها، وجدير بالذكر أنها أنشئت كهيئة عامة في عام 1956 بمقتضى القانون رقم 366 لسنة 1956 "بإنشاء هيئة عامة لشئون سكك حديد جمهورية مصر".


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال الحاضر عن كل من الهيئة المعارضة وسكرتيرية المحكمة الإدارية العليا، وبعد المداولة.
من حيث إن المعارضة استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المعارضة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا استصدرت في 20 من يونيه سنة 1968، من السيد "رئيس المحكمة"، أمراً ضد "الهيئة العامة للسكة الحديد" بتقدير مبلغ خمسة عشر جنيهاً قيمة الرسوم المستحقة على الطعن رقم 819 لسنة 7 القضائية المقام منها في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية في الدعوى رقم 1131 لسنة 7 القضائية، والذي قضت فيه المحكمة الإدارية العليا بجلسة 16 من مايو سنة 1965 "بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي (السيد/ جمعه أحمد القوني) لإعانة غلاء المعيشة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 وذلك اعتباراً من أول يناير سنة 1955 على أساس الأجر اليومي المقرر لمهنته وقدره مائة مليم مع خصم الزيادة في أجره الفعلي من تلك الإعانة وبصرف الفروق المترتبة على ذلك وألزمت الحكومة بالمصروفات". ولما أعلن هذا الأمر إلى الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية في 30 من يوليه سنة 1968 عارضت فيه بتقرير في قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في 7 من أغسطس سنة 1968 طالبة "قبول المعارضة شكلاً وفي موضوعها بإلغاء القائمة المعارض فيها مع إلزام المعارض ضده (قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا) المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأسست معارضتها على أن المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية والمطبق أمام مجلس الدولة بمقتضى المرسوم الصادر في 14 من أغسطس سنة 1946 والقرار الجمهوري رقم 549 لسنة 1959، تقضي بأنه "لا يستحق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة". وإنه لما كانت المحكمة الإدارية العليا قد قضت بجلسة 28 من إبريل سنة 1968 في الطعن رقم 343 لسنة 9 القضائية بأن الهيئات العامة تدخل في نطاق مدلول لفظ "الحكومة" الذي نصت عليه المادة 50 بادية الذكر، فإنه لا وجه لاستصدار قائمة بإلزام الهيئة المعارضة في أداء الرسوم وتكون هذه القائمة - والحالة هذه - على غير أساس حقيقة بالإلغاء.
ومن حيث إن (وحدة المطالبة بالمحكمة الإدارية العليا) أجابت على المعارضة بمذكرة حاصلها أن هذه المعارضة محلها نزاع في أساس التزام الجهة المعارضة بأداء الرسوم الصادر بها الحكم بتحديد الملزم بها وفي مداه وفي الوفاء به فتكون بهذه المثابة غير مقبول سماعها وبالتالي خليقة بالرفض، تأسيساً على ما قضت به محكمة النقض من أن أمر تقدير المصروفات القضائية هو في حقيقته مكمل للحكم بالإلزام الأساسي بتحديد مقدار المصروفات، وعلى ما جاء بالمذكرة التفسيرية للقانون رقم 90 لسنة 1944 "بالرسوم القضائية في المواد المدنية" والمطبقة أحكامه أمام مجلس الدولة من أنه "وغني عن البيان أن المعارضة في قوائم الرسوم مجالها منازعة قلم الكتاب في مقدار الرسوم الصادرة بها قائمة الرسوم، أما النزاع في أساس الالتزام بالرسوم أو في مداه أو في الوفاء به بمحاكاة قواعد المرافعات العادية بالطعن في الحكم أو بطلب تفسيره". كما تضمنت مذكرة وحدة المطالبة أن الأصل هو وجوب أداء الرسوم القضائية عن الدعاوى وتحصيلها عند تقديم صحيفة الدعوى أو الطعن أو الطلب إلى سكرتيرية المحكمة وبإلزام المدعي بدفع الباقي منها عقب صدور الحكم وأن تلك الرسوم واجبة الأداء أيضاً نفاذاً للحكم الصادر بالالتزام، وأنه استثناء من الأصل العام لا تستحق رسوم على الدعاوى أو ما يتخذ من إجراءات بالنسبة للدعاوى التي ترفعها جهات الحكومة المركزية والمصالح التابعة لها والهيئات والوحدات الإدارية التي يصدر في شأنها قرار جمهوري باعتبارها هيئة عامة في مجال تطبيق القانون رقم 61 لسنة 1963 على ألا يمتد الإعفاء إلى الأحكام الصادرة بالإلزام بالمصروفات في الدعاوى التي ترفع بطريق الإعفاء من الرسوم أو التي تستحق عليها تكملة رسوم على أساس ما حكم به، ولما كانت الهيئة المعارضة لم تعتبر هيئة عامة في مجال تطبيق القانون رقم 61 لسنة 1963 المشار إليه إلا في 25 من يوليه سنة 1966 بالقرار الجمهوري رقم 2715 لسنة 1966 أي بعد إقامة الطعن الذي استصدرت في شأنه قائمة الرسوم المعارض فيها، فإن المعارضة تكون في غير محلها لأن.. الهيئة المذكورة عند إقامة طعنها لم تكن من الهيئات المعفاة من الرسوم والتي يسري عليها لفظ "الحكومة" طبقاً للمادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 في شأن الرسوم القضائية التي نصت على عدم استحقاق الرسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة.
ومن حيث إن القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة "قضى في المادة 4 منه بسريان القواعد المتعلقة بتحديد الرسوم المعمول بها إلى أن يصدر القانون الخاص بالرسوم، كما قضى القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 1959 - بشأن الرسوم أمام مجلس الدولة في المادة 2 منه بأن يفرض رسم ثابت قدره خمسة عشر جنيهاً على الدعاوى التي ترفع من ذوي الشأن أمام المحكمة الإدارية العليا، والمادة 3 منه بأن تطبيق الأحكام المتعلقة بالرسوم القضائية في المواد المدنية بالنسبة لما يرفع من دعاوى أو يتخذ من إجراءات فيما لم يرد بشأنه نص خاص في لائحة الرسوم المطبقة أمام مجلس الدولة والصادر بها مرسوم في 14 من أغسطس سنة 1964 أو في ذلك القرار. ولما كانت الرسوم القضائية في المواد المدنية ينظمها القانون رقم 90 لسنة 1944، فمن ثم يكون المرد، في تعيين الرسوم الخاصة بالدعاوى والطعون الإدارية والإجراءات المتعلقة بها وأوجه الإعفاء منها، إلى المرسوم الصادر في 14 من أغسطس سنة 1946 والقرار الجمهوري رقم 549 لسنة 1959 المشار إليهما وفيما عدا ذلك إلى أحكام القانون رقم 90 لسنة 1944 سالف الذكر.
ومن حيث إن المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 تنص على أنه "لا تستحق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة. فإذا حكم في الدعوى بإلزام الخصم بالمصاريف استحقت الرسوم الواجبة". وهذه المادة المعمول بها في مجلس الدولة باعتبارها من الأحكام المتعلقة بالرسوم القضائية التي لم يرد بشأنها نص خاص في المرسوم الصادر في 14 من أغسطس سنة 1946 أو في القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 1959 بادي الذكر.
ومن حيث إن نص المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 صريح في عدم استحقاق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة، ويبقى بعد ذلك مدلول أو أثر الحكم الصادر في مثل هذه الدعاوى بإلزام الحكومة بالمصروفات، هل ينطوي على قضاء بالإلزام برسوم الدعوى رغم أنها غير مستحقة قانوناً، وبالتالي تمتنع مناقشة هذا الأساس للإلزام عن طريق المعارضة في أمر التقدير بعد أن بات الحكم الصادر به حائزاً لقوة الأمر المقضي، أم أن القضاء بالإلزام بالمصروفات لا ينطوي حتماً وبحكم اللزوم فعلاً على رسوم الدعوى.
ومن حيث إن المشرع حين أوجب على المحكمة في قانون المرافعات عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى، لم يقصد بمصاريف الدعوى الرسوم القضائية وحدها، إذ تشمل مصاريف الدعوى أتعاب الخبراء الذين عينوا في القضية ومصاريف الشهود الذين دعوا لسماع شهادتهم فيها ومصاريف انتقال المحكمة في الحالات التي يستلزم فيها الأمر هذا الانتقال وأتعاب المحامين والرسوم القضائية.
ومن حيث إن المحاكم درجت عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى أن تبين مقدارها أو تحدد عناصرها سواء في منطوق الحكم أو في أسبابه تاركة أمر تقديرها إلى رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم، بأمر على عريضة.
ومن حيث إن مفاد القضاء بالمصروفات دون تحديد عناصرها أن ينصرف الإلزام إلى عناصر المصاريف التي لها وجود قانوني أي المستحقة قانوناً دون ما عداها، ومؤدى هذا أنه إذا كانت الدعوى أو الطعن مرفوعاً من الحكومة فإنه لما كانت لا تستحق عنه رسوم قضائية فإن إلزام الحكومة في هذه الحالة بالمصروفات يقتصر على العناصر الأخرى للمصروفات غير الرسوم القضائية التي لا وجود لها قانوناً تبعاً لعدم استحقاقها، ولا يمكن أن يحمل حكم المحكمة بإلزام الحكومة بالمصروفات دون تحديد أو إيضاح على أنه تناول إلزامها بما هو ليس مستحقاً أو واجباً قانوناً، وإنما ينبغي أن يحمل على أنه التزام الحكومة بجميع العناصر التي تتألف منها المصروفات ومنها الرسوم أن كان شيء منها مستحقاً قانوناً، فالمحكمة في حقيقة الواقع إذا سكتت عن الإيضاح أو الإفصاح إنما تحدد الملزم بالمصاريف بما فيها الرسوم إن كانت هناك مصاريف أو رسوم مستحقة، فإن لم يكن هناك شيء منها فالمحكمة لا يمكن أن ترمي بحكمها بإلزام الحكومة الطاعنة بالمصروفات إلى خلق رسوم لا وجود لها قانوناً تحملها بها على خلاف الواقع والقانون بصدور القانونين رقم 60 لسنة 1963 في شأن المؤسسات العامة ورقم 61 لسنة 1963 بإصدار قانون الهيئات العامة المعمول بهما في 9 من مايو سنة 1963 لم يعد ثمة محل للقول بالتفرقة بين الحكومة بمعناها الضيق وبين الهيئات العامة في مجال تطبيق المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944، ذلك أن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 60 لسنة 1963 المتقدم ذكره قد كشفت بما لا يدع مجالاً لشبهة في خصوص طبيعة الهيئات العامة أن الهيئات العامة في الغالب الأعم مصالح عامة حكومية منحها المشرع الشخصية الاعتبارية وأنها وإن كانت ذات ميزانية خاصة إلا أنها تلحق بميزانية الدولة وتجرى عليها أحكامها وتتحمل الدولة عجزها ويؤول لميزانية الدولة ما تحققه من أرباح. ومن ثم فإن الحكومة التي تغياها المشرع من تقرير مزية الإعفاء من الرسوم القضائية على النحو السالف بيانه تكون متحققة بالنسبة للهيئات العامة، وبمقتضى هذا القضاء ألا تستحق رسوم على الدعاوى أو الطعون التي ترفعها الهيئة العامة للشئون السكك الحديدية (الهيئة المعارضة) لكونها هيئة عامة تدخل في نطاق مدلول لفظ "الحكومة" الذي نصت عليه المادة 50 سالفة الذكر وذلك على الرغم من أن طعنها الذي صدرت في شأنه قائمة الرسوم المعارض فيها قد أقيم في تاريخ سابق على تاريخ صدور قانون الهيئات العامة رقم 61 لسنة 1963 باعتبار أن هذا القانون وما تضمنته المذكرة الإيضاحية كاشفان لوضعها القانوني السابق إلى إقامة طعنها، وجدير بالذكر أنها أنشئت كهيئة عامة في عام 1956 بمقتضى القانون رقم 366 لسنة 1956 "بإنشاء هيئة لشئون سكك جمهورية مصر".
ومن حيث إنه لما تقدم ولما كان الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) بجلسة 16 من مايو سنة 1965 في الطعن رقم 819 لسنة 7 القضائية لم يقض بإلزام الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية برسوم عن هذا الطعن ما دامت لا تستحق عنه قانوناً رسوم ما فإن المعارضة في أمر التقدير الصادر بهذه الرسوم تكون قائمة على أساس سليم من القانون، ومن ثم يتعين القضاء بقبول المعارضة شكلاً وبإلغاء أمر تقدير الرسوم المعارض فيه مع إلزام المعارض ضده بالمصاريف عدا الرسوم عملاً بالمادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وبإلغاء أمر تقدير الرسوم المعارض فيه وألزمت المعارض ضده بالمصروفات على الوجه المبين بالأسباب.


[(1)] راجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 28 من إبريل سنة 1966 في القضية رقم 343 لسنة 9 القضائية المنشور بمجموعة السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني ص 862 تحت رقم (115).