أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 10 - صـ 331

جلسة 2 من إبريل سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.

(51)
الطعن رقم 23 لسنة 27 القضائية

( أ ) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالأجانب" "وصية". وصية.
القانون اليوناني فيما ورد به من نص على ذكر سبب الحرمان في ذات الوصية يفيد ضرورة إعماله. علة ذلك؟ عدم ذكر سبب الحرمان في الوصية. لا سبيل إلى إثباته. عدم قبول الدليل على سبب الحرمان.
(ب) قانون "تفسيره". تفسير.
استناد المحكمة إلى فتوى كعنصر من عناصر البحث للاستئناس بها لتعرف الرأي السديد في تفسير نصوص قانون. ليس تخلياً منها عن وظيفتها.
1 - نص المادة 1843 من التقنين المدني اليوناني فيما ورد به من ذكر سبب الحرمان في ذات الوصية يفيد ضرورة إعماله لتعلقه بانتقال الحقوق في التركات بطريق الإرث لمن لهم الحق فيه شرعاً - فإذا لم يذكر سبب الحرمان في الوصية فلا سبيل إلى إثباته، ومن ثم لا يقبل من الطاعنتين الدليل على سبب الحرمان.
2 - استناد المحكمة إلى فتوى صادرة من المعهد اليوناني للقانون الدولي كعنصر من عناصر البحث التي استأنست بها لتعرف الرأي السديد في تأويل نصوص القانون اليوناني لا يعتبر تخلياً منها عن وظيفتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام على الطاعنتين الدعوى الابتدائية رقم 5 سنة 1955 أحوال شخصية بمحكمة القاهرة قال فيها إن زوجته المتوفاة ألكسندرا أفتيموس تركت وصية بخط يدها مؤرخة 7 من مارس سنة 1951 ومشهرة بالقنصلية اليونانية خرجت فيها على نظام التوريث المقرر في القانون اليوناني وهو يخص الزوج بربع التركة والباقي لولديه المطعون عليهما ولكن المتوفاة أوصت بكل تركتها لولديها عدا مبلغ مائة جنيه أوصت بها لزوجها وطلب الحكم ببطلان الوصية وعدم نفاذها وبفتح التركة بلا وصية وقد دفعت الطاعنتان هذه الدعوى بأن المتوفاة قد حرمت زوجها من نصيبه في الميراث استناداً إلى حق الحرمان المخول في القانون اليوناني بدافع الكراهية التي كانت تشعر بها نحوه بسبب مسلكه حال حياتها من بيع عقاراتها وتبديد أموالها في لعب الميسر والملذات مستغلاً توكيلها له. وقد أحيلت الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الوقائع وبعد سماع الشهود تمسك الزوج المطعون ضده بأن القانون اليوناني يشترط لصحة الوصية فضلاً عن الشروط الشكلية شروطاً أخرى موضوعية ومنها ما نصت عليه المادة 1843 من التقنين المدني اليوناني من وجوب ذكر سبب الحرمان من تركة الموصى ورتب على ذلك مطالبته ببطلان الوصية لخلوها من بيان سبب الحرمان وأنه لا يجوز للموصى له استكمال هذا النقص بذكر أسباب الحرمان أو إثباتها إذ قد تكون أسباباً غير حقيقية وقد أخذت محكمة القاهرة الابتدائية بهذا النظر وقضت في 20 من مايو سنة 1956 ببطلان الوصية بالنسبة لما ورد بها من قصر نصيب الزوج على مبلغ مائة جنيه وحرمانه من باقي نصيبه الشرعي وعدم نفاذ هذه الشروط من الوصية في حق زوجها المطعون عليه فاستأنفت الطاعنتان هذا الحكم في القضية رقم 653 سنة 73 ق محكمة استئناف القاهرة وقضت محكمة الاستئناف في 3 من إبريل سنة 1957 بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقد نظر الطعن بدائرة فحص الطعون بجلسة 27 من مايو سنة 1958 فقررت إحالته على دائرة المواد المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على ما ورد بمذكرتها طالبة رفض الطعن.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق القانون ذلك أن القانون المدني اليوناني المنطبق على واقعة الدعوى قد نص في المادة 1839 على حق الموصي في أن يحرم وارثاً من الميراث لأسباب معينة ويحصل هذا الحرمان بتصرف يعبر عن إرادته الأخيرة كما نصت المادة 1842 على أن للزوج أن يحرم زوجه من نصيبه الشرعي إذا ارتكب هذا الأخير خطأ من شأنه أن يمكن الوصي حال حياته من رفع دعوى الطلاق وأن يكون الخطأ من أسباب الطلاق القانونية وأن يكون سبب الحرمان قائماً وقت صدور الوصية وجدياً بحيث يقع عبء إثبات جديته على عاتق المتمسك بالحرمان وقد توافرت هذه الشروط وثبت من التحقيق جدية أسباب الحرمان وهي أسباب تبيح الطلاق قانوناً وكانت قائمة وقت صدور الوصية فإذا رتب الحكم المطعون فيه بطلان الحرمان من الوصية على عدم التصريح بسببه فيها فإنه يكون قد أول المادة 1843 تأويلاً غير صحيح وحملها بأكثر مما تحتمله لأنه لم ينص على البطلان جزاءاً على عدم ذكر أسباب الحرمان مع أنه قد نص على البطلان في مواضع أخرى في باب الوصية في القانون اليوناني وهي المواد 1781 - 1786. أما استناد الحكم إلى فتوى المعهد اليوناني للقانون الدولي فهو تخل من المحكمة عن وظيفتها.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من أن المادتين 1842 و1843 من التقنين المدني اليوناني بما نصتا عليه من أنه يجوز للموصي أن يحرم من الميراث زوجه إذا ارتكب تقصيراً كان يصح للموصي أن يرفع بسببه وقت وفاته دعوى طلاق وأنه يجب أن يوجد الباعث على الحرمان من الميراث وقت تحرير الوصية وأن يذكر فيها وعلى من يدفع بالحرمان من الميراث أن يثبت ذلك، قد أوجبتا لحرمان أحد الزوجين شريكه من الإرث أن يكون سبب الحرمان مما ينبني عليه طلب الطلاق أو التطليق وأن يذكر في ذات الوصية ليكون شاهداً على أن الحرمان صادر من قرارة نفس الموصي وحتى لا يتاح للورثة الذين يتمسكون بشروط الحرمان سبيل إثبات سبب للحرمان يكون في ظاهره مخالفاً للباعث الحقيقي الذي انطوت عليه نفسه. فإذا لم يذكر السبب في الوصية، أو كان السبب مما لا ينبني عليه الطلاق أو التطليق أو كان غير مطابق للحقيقة فإن شرط الحرمان يبطل ولا يعتد به طبقاً لما جرى به التقنين والقضاء اليوناني - وهذا الذي أقام الحكم عليه قضاءه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن نص المادة 1843 من الفقه المدني اليوناني فيما ورد به من ذكر سبب الحرمان في ذات الوصية يفيد ضرورة إعماله لتعلقه بانتقال الحقوق في التركات بطريق الإرث لمن لهم الحق فيه شرعاً فإذا لم يذكر سبب الحرمان من الوصية فلا سبيل إلى إثباته ومن ثم لا يقبل من الطاعنتين إقامة الدليل على سبيل الحرمان.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنتان على الحكم المطعون فيه من القول بتخلي محكمة الاستئناف عن وظيفتها باستنادها إلى فتوى المعهد اليوناني للقانون الدولي فمردود بأن استناد الحكم المطعون فيه إلى الفتوى المشار إليها إنما كان عنصراً من عناصر البحث التي استأنست بها المحكمة لتعرف الرأي السديد في تأويل نصوص القانون اليوناني.
ومن ثم يكون النعي بشقيه غير سديد.