مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1968 إلى منتصف فبراير سنة 1969) - صـ 197

(25)
جلسة 30 من ديسمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسنين رفعت ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد فتح الله بركات وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضية رقم 1073 لسنة 9 القضائية

مشوه حرب "مشوهو حرب فلسطين في عام 1948". تحديد درجات كادر العمال التي تتناسب والأجور التي حددت لهم".
قرار وزير المالية رقم م 20 - 31 - 74 الصادر في 23 - 8 - 1952 لم يضع معياراً لتحديد الدرجات واكتفى بالاعتداد بالوظيفة التي كان يشغلها المتطوع والمرتب الذي تقرر له عند تعيينه على إحدى درجات كادر العمال - معيار تحديد الدرجة المناسبة للمرتب المقرر هو متوسط مربوط الدرجات العمالية باعتباره المعيار المالي الدقيق لتقييم الدرجة وانضباطها.
إن قرر وزير المالية رقم 20/ 31/ 74 الصادر في 32/ 8/ 1952 قد نص على تعيين مشوهي الحرب على درجات كادر العمال التي تتناسب والأجور التي حددت لهم وهي 12 جنيهاً لمن كان منهم برتبة ضابط وثمانية جنيهات لمن كان برتبة صف ضابط أو عسكري ولم يضع معياراً لتحديد الدرجات التي سيوضع عليها مشوهو الحرب واعتد بالوظيفة التي كان يشغلها المتطوع فترة تطوعه والمرتب الذي تقرر له عند تعيينه على إحدى الدرجات بكادر العمال ولم يعتد القرار بمؤهل المتطوع كما لم يضع أية ضوابط أخرى للاسترشاد بها في تحديد الدرجة المناسبة التي يوضع عليها المتطوع من مشوهي الحرب وأن سبيل تحديد الدرجة المناسبة للأجر الذي تقرر للمتطوع أن يعتد بمتوسط مربوط الدرجات العمالية فما كان متوسطه أقرب إلى ذلك الأجر من غيره كان هو الدرجة المناسبة وهذا المعيار هو الذي تأخذ به التشريعات المالية والميزانيات في تقدير وتسويات مرتبات الموظفين ومعاشاتهم باعتباره المعيار المالي الدقيق لتقييم الدرجة وانضباطها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون له أقام الدعوى رقم 128 لسنة 10 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 22/ 11/ 1962 طالباً الحكم (بأحقيته في تسوية حالته بوضعه في درجة ملاحظ من تاريخ تعيينه في 5/ 4/ 1953 وما يترتب على ذلك من آثار وتسلسل علاواته الدورية وصرف الفروق المالية مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة).
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه من مشوهي حرب فلسطين المتطوعين في عام 1948 برتبة ضابط وقد أصيب أثناء العمليات الحربية ضد العصابات الصهيونية وأنه نظراً لما قام به هؤلاء المتطوعون من أعمال جليلة قررت الحكومة إلحاقهم بوظائف في الوزارات والمصالح وقرر السيد وزير المالية والاقتصاد منح هؤلاء المتطوعين الأجور الآتية: (1) منح أجر شهري قدره 12 جنيهاً لمن كان منهم برتبة ضابط. (2) منح أجر شهري قدره 8 جنيهات لمن كان منهم برتبة صف ضابط. (3) خصم هذه الأجور على بند (1- هـ أجور) بشرط قيدهم على درجات العمال التي تتناسب والأجور المقررة لهم. وفي 5/ 4/ 1953 عين المدعي بوزارة الحربية ضمن المحاربين القدماء ومنح أجراً شهرياً قدره 12 جنيهاً خصماً على درجة صانع دقيق ثم منح علاوة دورية في 1/ 7/ 1955 وصل بها مرتبه إلى 12 جنيهاً و500 مليم ولم يمنح أية علاوات بعد ذلك لأن هذا الأجر هو نهاية مربوط درجة صانع دقيق. وقال المدعي إن الدرجة التي قيد عليها وهي درجة صانع لا تتناسب والأجر الذي تقرر له تنفيذاً لقرار وزير المالية رقم 20/ 31/ 74 في 23/ 8/ 1952 الأمر الذي أوقف علاواته الدورية من 1/ 7/ 1955 حتى الآن وهو ما لم يحدث في تاريخ كادر العمال وهذا الأمر مخالف للتعليمات المالية المنظمة لتعيين المحاربين القدماء إذ أن قرار وزير المالية نص على أن يقيد هؤلاء المحاربون على درجات العمال التي تتناسب والأجور المقررة لهم والدرجة التي تتناسب مع الأجر الذي تقرر له وهو 12 جنيهاً هي درجة (ملاحظ) حيث إن بدايتها 400 مليم والمدعي عامل براتب يعادل 480 مليماً أي بأكثر من بداية هذه الدرجة كما أنه كان ضابطاً ولا يعقل أن يعين في درجة أقل من ملاحظ.
وردت الجهة الإدارية بمذكرة قالت فيها إن المدعي عين بإدارة المهمات ضمن مشوهي الحرب اعتباراً من 5/ 4/ 1953 في درجة صانع دقيق (300 - 500 م) بأجر شهري قدره 12 جنيهاً ثم منح علاوة دورية قدرها 500 مليم في 1/ 7/ 1955 وأصبح أجره 12 جنيهاً و500 مليم في الشهر ونظراً لأنه وصل إلى نهاية مربوط الدرجة فلم يمنح أية علاوة دورية بعد ذلك وأضافت جهة الإدارة أن جميع مشوهي الحرب عينوا على درجة دقيق على اختلاف رتبهم وأجورهم.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أحقية المدعي في تسوية حالته لوضعه في درجة ملاحظ اعتباراً من تاريخ تعيينه في 5/ 4/ 1953 وتدرج أجره بعلاوات هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار وصرف ما لم يتقادم من فروق مالية بالتقادم الخمسي وإلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 13/ 5/ 1963 حكمت المحكمة الإدارية بأحقية المدعي في تسوية حالته بوضعه في درجة ملاحظ (400/ 900 م) من تاريخ تعيينه في 5/ 4/ 1953 وتدرج أجره بالعلاوات في هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المستحقة له اعتباراً من 20/ 3/ 1955، وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وأقامت قضاءها على أن قرار المالية وإن نص على تعيين مشوهي الحرب على درجات كادر العمال التي تتناسب والأجور التي حددت لهم وهي 12 جنيهاً لمن كان منهم برتبة ضابط و8 جنيهات لمن كان منهم برتبة صف ضابط أو عسكري إلا أن هذا القرار لم يبين أية درجة من درجات الكادر التي يعين عليها هؤلاء المتطوعون ولم يضع أي معيار لتحديد تلك الدرجات اللهم مدى تناسبها مع الأجور التي قدرت لرتبهم في التطوع وإنه لذلك يتعين الاهتداء بالحكمة التي حدت إلى إصدار هذا القرار فالمشرع لم يصدر هذا القرار على خلاف القواعد العامة إلا تقديراً من الدولة لهؤلاء الأبطال العائدين ومكافأة لهم على وطنيتهم والتضحيات التي بذلوها طواعية في أشرف معركة فإذا كان قد قدر لأجر الضابط 12 جنيهاً شهرياً وأجر من عداه 8 جنيهات فإن تحديد الدرجات المتناسبة وهذه الأجور يقتضي النظر إلى هذه الأجور على اعتبارها بداية لربط الدرجة لا نهاية لها فإذا كان الأجر المقرر للضابط هو 12 جنيهاً شهرياً فإن الدرجة التي يتناسب أول مربوطها وهذا الأجر هي درجة ملاحظ (400/ 900 م) لا درجة دقيق (300/ 500 م) وهذه الدرجة الأخيرة هي التي تتناسب مع من تقرر له أجر شهرياً قدره 8 جنيهات فإذا قيدت أيضاً الإدارة الضباط الذين تقرر لهم مرتباً شهرياًَ قدره 12 جنيهاً على درجة دقيق فتكون بذلك قد ساوت بين فئتين مقرراً لهما أجران مختلفان وهو وضع غير سليم مخالف لما قصده المشرع. وانتهى الحكم إلى أحقية المدعي في وضعه في درجة ملاحظ من تاريخ تعيينه في 5/ 4/ 1953 وإنه نظراً لأن الفروق المالية تأخذ حكم المرتبات والديون الدورية وهي تسقط بالتقادم الخمسي ونظراً لأن المدعي تقدم بطلب مؤرخ 30/ 3/ 1960 يلتمس فيه منحه العلاوات المستحقة وترقيته إلى الدرجة التالية فإنه يكون قد قطع التقادم من هذا التاريخ ويستحق الفروق المالية اعتباراً من 30/ 3/ 1955.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وفي ذلك يقول تقرير الطعن أن المشرع حين نص على تعيين الضابط بأجر شهري قدره 12 جنيهاً مع قيده على درجة مناسبة من درجات كادر العمال لم يقصد أن يكون مبلغ 12 جنيهاً هو بداية الدرجة التي سيقيد عليها كما ذهب الحكم المطعون فيه خطأ ذلك أن المشرع حين سكت عن بيان الدرجة التي تقيد عليها الضابط أو أن المرتب الشهري الذي تقرر يعتبر بداية لأول مربوط الدرجة فإن معنى ذلك أن المشرع ترك تحديد الدرجة التي يعين عليها الضابط إلى الجهة الإدارية وطالما أن الجهة الإدارية قد قيدت المطعون ضده على درجة صانع دقيق (300/ 500 م) والتي يدخل الأجر الذي حدده قرار وزير المالية ضمن هذه الدرجة فليس للمطعون ضده أن يعترض ما دام أن المشرع ترك تقدير مناسبة الدرجة للجهة الإدارية والقول بغير ذلك يكون تخصيصاً للنص بلا مخصص كما أن قرار وزير المالية المشار إليه ينطوي على استثناء من قواعد كادر العمال فلا يجوز التوسع فيه وأن الحكم إذ قضى بأحقية المطعون ضده في درجة ملاحظ يكون قد قفز به درجتين فوق استحقاقه وهي درجة صانع دقيق ودرجة صانع دقيق دقة ممتازة (360/ 700).
ومن حيث إن قرار وزير المالية رقم 20/ 31/ 74 الصادر في 23/ 8/ 1952 قد نص على تعيين مشوهي الحرب على درجات كادر العمال التي تتناسب والأجور التي حددت لهم وهي 12 جنيهاً لمن كان منهم برتبة ضابط وثمانية جنيهات لمن كان برتبة صف ضابط أو عسكري. ولم يضع معياراً لتحديد الدرجات التي سيوضع عليها مشوهو الحرب واعتد بالوظيفة التي كان يشغلها المتطوع فترة تطوعه والمرتب الذي تقرر له عند تعيينه على إحدى الدرجات بكادر العمال ولم يعتد القرار بمؤهل المتطوع كما لم يضع أية ضوابط أخرى للاسترشاد بها في تحديد الدرجة المناسبة التي يوضع عليها المتطوع من مشوهي الحرب.
ومن حيث إن هذه المحكمة ترى وهي بسبيل تحديد الدرجة المناسبة للأجر الذي تقرر المطعون ضده أن تعتد بمتوسط مربوط الدرجات العمالية فما كان متوسطه أقرب إلى ذلك الأجر من غيره كان هو الدرجة المناسبة وهذا المعيار هو الذي تأخذ به التشريعات المالية والميزانيات في تقدير وتسويات مرتبات الموظفين ومعاشاتهم باعتباره المعيار المالي الدقيق لتقييم الدرجة وانضباطها.
وإذا كان متوسط درجة صانع دقيق (300/ 500) هو 400 مليم ومتوسط درجة صانع دقيق دقة ممتازة (360 - 700) هو 530 مليماً ومتوسط درجة ملاحظ (400/ 900) هو 650 مليماً فقد وضح أن أقرب درجة مناسبة للأجر الذي تقرر للمطعون ضده وهو 480 مليماً يومياً هي درجة صانع دقيق دقة ممتازة (360 - 700).
ومن حيث إن هذا النظر ينتهي إلى نتيجة سائغة وهي عدم وضع الضابط مع صف ضابط والعسكري في درجة واحدة كما ذهبت الجهة الإدارية.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فإن درجة ملاحظ كما سبق أن قضت هذه المحكمة وردت في الكادر في قمة مدارج سلم الترقي للصناع والعمال الفنيين ونص فيه على أنها بفئتيها داخلة في الدرجتين السابعة والسادسة فهي بهذه المثابة لا تجرى العادة على التعيين فيها لأول مرة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك يكون قد خالف القانون ويتعين تعديله والقضاء للمطعون ضده بأحقيته في تسوية حالته بوضعه في درجة صانع دقيق دقة ممتازة (360/ 700) من تاريخ تعيينه في 5/ 4/ 1953 وتدرج أجره بالعلاوات في هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار والفروق المالية المستحقة له اعتباراً من 20/ 3/ 1955 بناء على ما ورد في الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بهذا الشق.
ومن حيث إن الجهة الإدارية وإن كان قد قضي لها ببعض ما ادعته إلا أنها وقد دفعت المطعون ضده إلى التقاضي بسبب وضعه على درجة غير مناسبة فيتعين إلزامها بمصروفات الطعن كاملة عملاً بالمادة 185 من قانون المرافعات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في تسوية حالته بوضعه في درجة صانع دقيق دقة ممتازة (360/ 700 مليم) من تاريخ تعيينه في 5/ 4/ 1953 وتدرج أجره بالعلاوات في هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المستحقة له اعتباراً من 20/ 3/ 1955 وألزمت الحكومة بالمصروفات.