مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1968 إلى منتصف فبراير سنة 1969) - صـ 240

(31)
جلسة 11 من يناير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح الدين محمد السعيد المستشارين.

القضية رقم 516 لسنة 11 القضائية

( أ ) - ترخيص "الترخيص باستغلال المناجم والمحاجر" (إدارة محلية) (عقد إداري). القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر جعل الاختصاص في استغلال المناجم والمحاجر لوزارة التجارة والصناعة - أيلولة هذا الاختصاص إلى وزارة الصناعة عقب إنشائها - صيرورة الاختصاص للمحافظات طبقاً للقانون رقم 124 لسنة 1960 بنظام الإدارة المحلية وقرار نائب رئيس الجمهورية للخدمات رقم 38 لسنة 1962.
(ب) - عقد إداري "عقد استغلال المحاجر". لا إلزام على جهة الإدارة بالموافقة على طلب استبدال المحجر بمجرد تقديمه من المستغل في الميعاد القانوني - أساس ذلك من نصوص القانون رقم 86 لسنة 1956.
1 - يبين من مراجعة القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر أن المادة الرابعة منه الواردة في الباب الأول الخاص بالأحكام التمهيدية تنص على ما يأتي: "تقوم وزارة التجارة والصناعة طبقاً لأحكام هذا القانون بتنظيم استغلال المناجم والمحاجر ورقابتها وكل ما يتعلق بها من تصنيع أو نقل أو تخزين ولها أن تقوم بأعمال الكشف والبحث عن المواد المعدنية واستغلال المناجم والمحاجر وما يتعلق بها إما بنفسها مباشرة وإما أن تعهد بذلك إلى غيرها بالشروط المقررة في هذا القانون". وقد آل هذا الاختصاص إلى وزارة الصناعة عقب إنشائها، واستمر الحال على ذلك إلى أن عمل بقانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 سنة 1960، وطبقاً لأحكامه صدر قرار نائب رئيس الجمهورية للخدمات رقم 38 لسنة 1962 ونص في مادته الأولى على ما يأتي "ينقل إلى المحافظات الاختصاصات المخولة لوزارة الصناعة بمقتضى القانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليه فيما يتعلق بالمحاجر اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 فيما عدا التخطيط والبحوث والتفتيش الفني". ونصت المادة الثانية على أن "تتولى كل محافظة الإشراف على المحاجر الواقعة في دائرتها وإدارتها وتنظيم استغلالها طبقاً لأحكام القانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليها وتؤول إليها إيراداتها اعتباراً من أول يوليه سنة 1962" ومفاد النصوص المتقدمة أنه اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 أصبحت المحافظات هي الجهات الإدارية صاحبة الاختصاص الأصيل بالنسبة إلى الإشراف على المحاجر واستغلالها، سواء بالنسبة إلى منح تراخيص الاستغلال ابتداء أو في الموافقة على استبدال المحاجر أثناء مدة الترخيص، أو بالنسبة إلى غير ذلك من الشئون التي نص عليها قانون المناجم والمحاجر، وتمارس هذا الاختصاص بواسطة أجهزتها وإداراتها، أما اختصاص مصلحة المناجم والوقود التابعة لوزارة الصناعة فقد أصبح مقصوراً على التخطيط والبحوث الفنية والتفتيش الفني، وبعبارة أخرى انحصر اختصاصها في وضع السياسة العامة التي تسير عليها المحافظات والإشراف عليها والتفتيش على أعمالها في شأن المحاجر دون أن يمتد هذا الاختصاص إلى اتخاذ قرارات في شأن الطلبات المقدمة إلى المحافظات سواء للترخيص باستغلال المحاجر ابتداء أو بالاستبدال.
2 - إن المادة 30 من القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر تنص على ما يأتي: "في عقود استغلال المحاجر التي تبرم لمدة سنة يجوز للمستغل قبل انتهاء تلك المدة وبعد انقضاء مدة لا تقل عن ستة شهور من تاريخ ابتداء العقد أو تجديده أن يستبدل بالمحجر محجراً آخر من نوعه في المنطقة ذاتها بالشروط المنصوص عليها في العقد وللمدة الباقية منه إذا ثبت للمصلحة ما يبرر هذا الاستبدال..". ونصت المادة 79 من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار وزير الصناعة رقم 69 لسنة 1959 على أنه "يجوز للمصلحة استبدال المحجر إذا وجدت المصلحة مبررات فنية وأسباباً تعوق استمرار استغلال المحجر" ويتضح من هذه النصوص أن المشرع لم يلزم الجهة الإدارية بالموافقة على طلب الاستبدال بمجرد تقديمه من المستغل في المواعيد التي حددها القانون وإنما أجاز لها ذلك إذا ما اتضح لها أن هناك مبررات فنية تسوغ إجابة هذا الطلب ومن ضمنها قيام أسباب من شأنها تعويق استمرار استغلال المحجر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعي أقام الدعوى رقم 247 لسنة 18 القضائية ضد محافظة القاهرة ومدير عام المناجم والمحاجر والإدارة العامة للرخص بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في يوم 24 من ديسمبر سنة 1963 طالباً الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا له مبلغ 80 جنيهاً على سبيل التعويض مع إلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه منح حق استغلال محجر رمال بجبل منشية البكري بموجب عقد لمدة سنة تبدأ من 6 من نوفمبر سنة 1962 بإيجار قدره 700 ج سنوياً، وقد باشر استغلال المحجر حتى يوم 6 من مارس 1963، ثم توقف العمل لوجود صخور داخل المحجر سدت واجهة التشغيل، وجعلت من المستحيل استخراج الرمال من المحجر، ونظراً لأن العقد يخوله حق استبدال المحجر بمحجر آخر، فقد تقدم بطلب في 8 من يونيه سنة 1963 لإجراء الاستبدال، ووافق المدعى عليه الثاني على ذلك، ولكن لجنة تقدير الإيجارات قررت عدم الموافقة على الاستبدال. وقد ترتب على هذا القرار الخاطئ والمخالف للعقد المبرم معه والقانون رقم 86 لسنة 1956 بشأن المناجم والمحاجر، ضياع فرصة الاستغلال عليه رغم ارتباطه مع آخرين على توريد رمال لهم في مواعيد محددة، ولذلك فإنه يستحق تعويضاً عن الأضرار التي لحقت به من جراء ذلك ويتمثل التعويض في مبلغ 480 ج قيمة 24 ألف متر رمل حرم من الحصول عليها من المحجر، 200 ج مقابل ما فاته من ربح عن مدة توقفه عن الاستغلال حتى نهاية العقد.
وقد أجابت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بأن المدعي تقدم بطلب في 30 من يونيه سنة 1962 للترخيص له باستغلال محجر رمال بجبل منشية البكري، وبتاريخ 2 من أغسطس سنة 1962 قدرت لجنة تحديد الإيجارات مبلغ 1300 ج إيجار المحجر بدون إتاوة، فتظلم المدعي من هذا التقدير مستنداً في تظلمه إلى أنه يوجد بالمحجر كثير من المواد الغريبة كالدبش والصخور تقدر بثلث كمية المحجر البالغ قدرها 35 ألف متر، فأعيد عرض الأمر على لجنة الإيجارات بمذكرة جاء فيها إنه بمعاينة المحجر اتضح أنه يحتوي على 35 ألف متر مكعب من الرمال تعلوه طبقة أتربة وأحجار وتكون الأحجار الرملية جيوباً تعوق التشغيل وأن المدعي لن يتمكن من استخلاص أكثر من نصف كمية الرمال الموجودة في المحجر بسبب وجود تلك العوائق، وقد انتهت لجنة تحديد الإيجارات بجلستها المنعقدة في 17 من سبتمبر سنة 1962 إلى تخفيض قيمة الإيجار إلى 700 ج سنوياً بدون إتاوة، وأخطر المدعي بذلك في 30 من سبتمبر سنة 1962، ثم صدر الترخيص للمدعي باستغلال المحجر لمدة سنة تبدأ من 6 من نوفمبر سنة 1962 وتنتهي في 5 من نوفمبر سنة 1963، وبتاريخ 8 من مايو سنة 1963 تقدم المدعي بطلب لاستبدال المحجر بمحجر آخر استناداً إلى نص البند الثاني من العقد الذي يجيز إجراء هذا الاستبدال بالشروط والأوضاع المنصوص عليها في المادة 30 من القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر إذا كان قد انقضت مدة لا تقل عن ستة أشهر من بدء استغلال المحجر، واستند المدعي في طلبه إلى ظهور طبقات صخرية تحول دون الاستغلال. وقد قامت لجنة فنية بمعاينة المحجر وأثبتت في تقريرها أن المدعي استخرج من المحجر المرخص له به كمية من الرمال تقدر بحوالي 11 ألف متر مكعب وأن بالمحجر طبقات من الأحجار ورمال متحجرة تجعله غير صالح للاستغلال، كما عاينت تلك اللجنة المحجر الآخر الذي يطلب المدعي الترخيص له فيه وقالت إنه يوجد به كمية من الرمال تقدر بحوالي 9 آلاف متر مكعب ثم عرض هذا التقرير على مصلحة المناجم والمحاجر التي وافقت على الاستبدال وطلبت عرض الأمر على لجنة تقدير الإيجارات طبقاً للأوضاع المنصوص عليها في المادة 3 من القانون المشار إليه، وبتاريخ 14 من يوليه سنة 1963 قررت اللجنة رفض الطلب، ونظراً لتعارض هذا القرار مع القرار الصادر من مصلحة المناجم والمحاجر رؤى تشكيل لجنة فنية لإعادة بحث الموضوع ثم رأت هذه اللجنة أن المدعي لم يستغل المحجر كما يجب وأنه كان يمكنه استغلال المحجر لو بذل جهداً في ذلك. ثم عرض الموضوع على لجنة تقدير الإيجارات فأيدت قرارها الأول رفض طلب الاستبدال.
وقالت إدارة قضايا الحكومة إن مناط تطبيق المادة 30 من القانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليه، التي أجازت الاستبدال أن تكون قد قامت أسباب تعوق استمرار تشغيل المحجر واستغلاله، ولما كانت الأسباب التي عاقت المدعي عن الاستمرار في تشغيل محجره، معروفة له منذ البداية، وكانت هي السبب في تخفيض قيمة الإيجار من 1300 ج إلى 700 ج فقط كما أنه لم يبذل الجهد الواجب في استغلال المحجر، فمن ثم فلا يكون له من حق في طلبه، خاصة وأن الاستبدال في حد ذاته هو رخصة تترخص جهة الإدارة في استعمالها ويكون قرارها صحيحاً ما دام لم يشبه عيب إساءة استعمال السلطة، وعلى ذلك فإن تصرف جهة الإدارة يكون مطابقاً للقانون وتكون الدعوى على غير أساس حقيقة بالرفض.
ومن حيث إنه بجلسة 7 من مارس سنة 1965 حكمت المحكمة بإلزام محافظة القاهرة بأن تدفع للمدعي مبلغ 200 ج كتعويض ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وأقامت قضاءها على أساس أن مصلحة المناجم والوقود التابعة لوزارة الصناعة هي الجهة المختصة بالأبحاث الفنية التي تسبق وتؤدي إلى تقرير الموافقة أو عدم الموافقة على إصدار تراخيص الاستغلال أو طلبات الاستبدال، أما لجان تقدير إيجار المحاجر فإن اختصاصها مقصور على النظر في تحديد الإيجار والإتاوة وفي تخفيض الإيجار، وقد تبعت هذه اللجان إلى المحافظات عملاً بقرار نائب رئيس الجمهورية رقم 38 لسنة 1962 بنقل الاختصاصات المخولة لوزارة الصناعة بالقانون رقم 86 لسنة 1956 إلى المحافظات اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 فيما عدا التخطيط والبحوث الفنية والتفتيش الفني. وقد بحثت مصلحة المناجم والوقود طلب الاستبدال ورأت الموافقة عليه للأسباب الفنية التي ساقتها والتي عاقت الاستمرار في تشغيل المحجر الأول ثم طلبت عرض الأمر على لجنة تقدير الإيجارات لتتولى تحديد إيجار المحجر الجديد، وترتيباً على ذلك فإن هذه اللجنة تكون قد جاوزت اختصاصها عندما أعادت بحث الأسباب الفنية التي تبرر الاستبدال ويكون القرار الصادر منها برفض هذا الطلب قد صدر ممن لا يملك إصداره ومكوناً لركن الخطأ الموجب للتعويض، ولما كان الإيجار الذي ربط للمحجر كان مراعاً في تقديره أن المرخص له لن يتمكن إلا من استخراج رمال مقدارها 17.500 متر، وقد استخرج فعلاً 11 ألف متر فقط فيكون الباقي الذي سدد عند الإيجار هو 6500 متر حرم من الحصول عليها، وقيمتها حسب القانون 20 مليماً للمتر المكعب فيكون المبلغ المستحق له عنها هو 130 ج يضاف إليها مبلغ 70 ج مقابل ما فات المدعي من ربح وما تحمله من خسارة نتيجة ارتباطه مع آخرين على توريد الرمال في مواعيد محددة فتكون جملة التعويض المستحق للمدعي هو مبلغ 200ج.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ذلك لأن قرار نائب رئيس الجمهورية رقم 38 لسنة 1962 بإحلال المحافظات محل وزارة الصناعة فيما يتعلق بالمحاجر نص في مادته الأولى أن ينقل إلى المحافظات الاختصاصات المخولة لوزارة الصناعة بمقتضى القانون رقم 86 لسنة 1956 اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 فيما عدا التخطيط والبحوث الفنية والتفتيش الفني ونص في مادته الثانية على أن تتولى كل محافظة الإشراف على المحاجر الواقعة في دائرتها وإدارتها وتنظيم استغلالها وتؤول إليها إيراداتها. ومؤدى ذلك أن يكون الاختصاص في شأن التعاقد على استغلال المحاجر وكل م
يتعلق بإدارتها واستغلالها واستبدالها من اختصاص المحافظات تباشره بأجهزتها وإداراتها المختلفة، ولما كان استبدال المحاجر طبقاً للمادة 30 من القانون هو أمراً جوازياً للإدارة تمارسه بما لها من سلطة في تقدير الأسباب التي يتقدم بها طالب الاستبدال، وكانت الأسباب التي على أساسها رفضت المحافظة طلب المطعون ضده هي أسباباً مقبولة ومطابقة للمادة 79 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليه فلا يمكن أن ينسب إليها أي خطأ يكون سبباً للحكم عليها بالتعويض.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق الطعن أنه بتاريخ 30 من يونيه سنة 1962 قدم المطعون ضده إلى مدير عام المناجم والمحاجر طلباً للترخيص له في استغلال محجر رمال بجبل منشية البكري، وبتاريخ 2 من أغسطس سنة 1962 قدرت لجنة تحديد الإيجارات بمحافظة القاهرة مبلغ 1300 ج سنوياً إيجاراً للمحجر بدون إتاوة، فتظلم المطعون ضده من هذا التقدير مستنداً في ذلك إلى أنه يوجد بالمحجر كثير من المواد الغريبة والصخور فأعيد عرض الأمر على لجنة تحديد الإيجارات التي انتهت إلى تخفيض الإيجار إلى 700 ج سنوياً بعد أن اطلعت على تقرير معاينة أجرته اللجنة الفنية المختصة جاء فيه أن المرخص له لن يتمكن إلا من استخراج نصف كمية الرمال الموجودة بالمحجر وتقدر بحوالي 17500 متر، وعلى أثر ذلك أبرمت محافظة القاهرة مع المدعي عقد استغلال للمحجر بتاريخ 13 من أكتوبر سنة 1962، وقد نص البند الثامن من هذا العقد على ما يأتي "يجوز لمستغلي المحجر بعقد لمدة سنة وبشرط انقضاء مدة لا تقل عن ستة شهور من تاريخ ابتداء العقد أو تجديده، استبدال المحجر المرخص به بمحجر آخر بنفس الجبل وبنفس المادة وذلك بالشروط والأوضاع المبينة بالمادة 30 من القانون رقم 86 لسنة 1956". وبتاريخ 8 من مايو سنة 1963 تقدم المطعون ضده إلى تفتيش المحاجر بمحافظة القاهرة بطلب ذكر فيه أنه تعذر عليه استغلال المحجر المرخص له فيه بسبب وجود صخور به، وطلب استبداله بمحجر آخر، وقد قامت لجنة فنية بمعاينة المحجر بتاريخ 8 من يونيه سنة 1963 وذكرت في محضرها أن الطالب استخرج من محجره 11 ألف متر من الرمال وأنه ظهر بالمحجر طبقة ضخمة من الصخور والرمال المتحجرة وبهذا لا يصلح المحجر للاستغلال، ثم عاينت اللجنة المحجر الآخر الذي طلب المطعون ضده الترخيص له باستغلاله وأثبتت أنه يحتوي على 9000 متر من الرمال. وبتاريخ 11 من يونيه سنة 1963 أرسل المحضر إلى مدير عام مصلحة المناجم والوقود لإبداء الرأي حتى يمكن عرض الموضوع على اللجنة المختصة فرد على ذلك بكتابه المؤرخ 24 من يونيه سنة 1963 بالموافقة على الاستبدال، ثم عرض الأمر على لجنة تحديد الإيجارات بالمحافظة فرأت عدم الموافقة على الاستبدال وأبلغ هذا القرار إلى المطعون ضده بتاريخ 21 من يوليه سنة 1963 وقد جاء في الخطاب المرسل إلى المطعون ضده أن السبب في عدم الموافقة على الطلب هو أن اللجنة راعت حالة المحجر عندما قررت خفض قيمته الإيجارية من 1300 ج إلى 700 ج سنوياً، تظلم المطعون من هذا القرار وطلب إعادة عرض الأمر على اللجنة، كما ورد كتاب من مدير عام مصلحة المناجم والوقود قال فيه إنه إذا ما أبدت المصلحة رأيها في طلب الاستبدال بالموافقة عليه من الناحية الفنية فإن دور لجنة تحديد الإيجارات يكون مقصوراً على تحديد القيمة الإيجارية للمحجر الجديد ولا يحق لها إعادة النظر في قبول الاستبدال أو رفضه، وتكون لجنة تحديد الإيجارات قد جاوزت اختصاصها المحدد في القانون عندما قررت رفض طلب الاستبدال، وطلب مدير عام مصلحة المناجم والوقود سحب قرار الرفض. وإزاء ذلك أعيد عرض الأمر على لجنة تحديد الإيجارات فرأت حلاً لهذا الخلاف تشكيل لجنة فنية يشترك فيها السيد مراقب المحاجر بمصلحة المناجم وأعضاء لجنة تحديد الإيجارات تتولى فحص الموضوع وتقديم تقرير فيه، وقد قامت تلك اللجنة بعمل معاينة للمحجر المطعون ضده والمحجرين المجاورين له رقمي 5914، 5947 وانتهت اللجنة في محضرها إلى أن المطعون ضده كان يمكنه استغلال المحجر لو بذل بعض الجهود التي يبذلها المرخص لهم في المحاجر المجاورة والتي تشترك مع محجر المدعي في الطبيعة وإلى أن المدعي لم يحسن استغلال المحجر المرخص له فيه، وقد عرض هذا التقرير على لجنة تحديد الإيجارات فقررت رفض الطلب وأخطر المطعون بهذا القرار.
ومن حيث إنه يبين من مراجعة القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر أن المادة الرابعة منه الواردة في الباب الأول الخاص بالأحكام التمهيدية تنص على ما يأتي: "تقوم وزارة التجارة والصناعة طبقاً لأحكام هذا القانون بتنظيم استغلال المناجم والمحاجر ورقابتها وكل ما يتعلق بها من تصنيع أو نقل أو تخرين ولها أن تقوم بأعمال الكشف والبحث عن المواد المعدنية واستغلال المناجم والمحاجر وما يتعلق بها إما بنفسها مباشرة وإما أن تعهد بذلك إلى غيرها بالشروط المقررة في هذا القانون". وقد آل هذا الاختصاص إلى وزارة الصناعة عقب إنشائها، واستمر الحال على ذلك إلى أن عمل بقانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 سنة 1960، وطبقاً لأحكامه صدر قرار نائب رئيس الجمهورية للخدمات رقم 38 لسنة 1962 ونص في مادته الأولى على ما يأتي: "ينقل إلى المحافظات الاختصاصات المخولة لوزارة الصناعة بمقتضى القانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليه فيما يتعلق بالمحاجر اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 فيما عدا التخطيط والبحوث والتفتيش الفني" ونصت المادة الثانية على أن "تتولى كل محافظة الإشراف على المحاجر الواقعة في دائرتها وإدارتها وتنظيم استغلالها طبقاً لأحكام القانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليها وتؤول إليها إيراداتها اعتباراً من أول يوليه سنة 1962" ومفاد النصوص المتقدمة أنه اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 أصبحت المحافظات هي الجهات الإدارية صاحبة الاختصاص الأصيل بالنسبة إلى الإشراف على المحاجر واستغلالها، سواء بالنسبة إلى منح تراخيص الاستغلال ابتداء أو في الموافقة على استبدال المحاجر أثناء مدة الترخيص، أو بالنسبة إلى غير ذلك من الشئون التي نص عليها قانون المناجم والمحاجر، وتمارس هذا الاختصاص بواسطة أجهزتها وإداراتها، أما اختصاص مصلحة المناجم والوقود التابعة لوزارة الصناعة فقد أصبح مقصوراً على التخطيط والبحوث الفنية والتفتيش الفني، وبعبارة أخرى انحصر اختصاصها في وضع السياسة العامة التي تسير عليها المحافظات والإشراف عليها والتفتيش على أعمالها في شأن المحاجر دون أن يمتد هذا الاختصاص إلى اتخاذ قرارات في شأن الطلبات المقدمة إلى المحافظات سواء للترخيص باستغلال المحاجر ابتداء أو بالاستبدال، وعلى أساس هذا المفهوم الصحيح لأحكام القانون صدر الترخيص للمطعون ضده باستغلال المحجر من محافظة القاهرة وليس من مصلحة المناجم والوقود، كما قدم المطعون ضده جميع الطلبات الخاصة بمنازعته في قيمة الإيجار المربوط على المحجر وطلبات الاستبدال إلى الجهة المختصة بذلك في محافظة القاهرة، وترتيباً على ذلك كله فما دامت المحافظة المذكورة ناطت بلجنة تحديد الإيجارات فحص طلبات الاستبدال واتخاذ القرار في شأنها فإن القرارات التي تصدر منها سواء بالقبول أو بالرفض تكون صادرة من الجهة المختصة بذلك قانوناً.
ومن حيث إن المادة 30 من القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر تنص على ما يأتي "في عقود استغلال المحاجر التي تبرم لمدة سنة يجوز للمستغل قبل انتهاء تلك المدة وبعد انقضاء مدة لا تقل عن ستة شهور من تاريخ ابتداء العقد أو تجديده أن يستبدل بالمحجر محجراً آخر من نوعه في المنطقة ذاتها بالشروط المنصوص عليها في العقد وللمدة الباقية منه إذا ثبت للمصلحة ما يبرر هذا الاستبدال..." ونصت المادة 79 من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار وزير الصناعة رقم 69 لسنة 1959 على أنه "يجوز للمصلحة استبدال المحجر إذا وجدت المصلحة مبررات فنية وأسباباً تعوق استمرار استغلال المحجر.." ويتضح من هذه النصوص أن المشرع لم يلزم الجهة الإدارية بالموافقة على طلب الاستبدال بمجرد تقديمه من المستغل في المواعيد التي حددها القانون وإنما أجاز لها ذلك إذا ما اتضح لها أن هناك مبررات فنية تسوغ إجابة هذا الطلب ومن ضمنها قيام أسباب من شأنها تعويق استمرار استغلال المحجر.
ومن حيث إن لجنة تحديد الإيجارات بمحافظة القاهرة بنت قرارها برفض طلب الاستبدال الذي قدمه المطعون ضده على أساس ما اتضح لها من تقرير اللجنة الفنية المختصة من أن المطعون ضده لم يبذل جهوداً صادقة في استغلال المحجر المرخص له فيه، كما فعل المرخص لهم في استغلال المحجرين المجاورين رقمي 5914، 5947، وذهبت اللجنة إلى أنه لم يحسن استغلال المحجر المرخص له فيه ويضاف إلى ذلك أن العقبات التي استند إليها المطعون ضده في تبرير طلبه كانت معروفة له عند التقدم بطلب الترخيص بالاستغلال، وأنها كانت هي السبب في تخفيض إيجار المحجر من 1300 ج إلى 700 ج سنوياً ويستظهر من مجمل تقريرها أنه لم يتبين للجنة المشار إليها أن الصعاب التي واجهته كان من شأنها أن تعوق المطعون ضده عن استغلال المحجر المذكور وإذ كانت هذه الأسباب سائغة ولها أصل ثابت في الأوراق وفي محاضر المعاينة التي أجرتها اللجان الفنية المختصة التي عاينت محجر المطعون ضده والمحاجر المجاورة والتي تتحد جميعاً في الطبيعة، واستخلصت منها جهة الإدارة عدم قيام الأسباب التي تبرر إجابة المطعون ضده إلى طلب استبدال محجره بمحجر آخر فإن قرارها يكون قائماً على سببه ومطابقاً للقانون، وتكون دعوى التعويض على غير أساس حقيقة بالرفض، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه متعيناً الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات..

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.