مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1968 إلى منتصف فبراير سنة 1969) - صـ 281

(37)
جلسة 20 من يناير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد عبد العزيز يوسف ومحمد فتح الله بركات ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضية رقم 1184 لسنة 9 القضائية

( أ ) - موظف "مؤهل دراسي - تقييمه". "إعانة غلاء المعيشة - حسابها على أساس المرتب المحدد لهذا المؤهل". شهادة المعلمين الخاصة بنظام السنة الواحدة دراسة مسائية أو نهارية - قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من نوفمبر سنة 1954 قد جعل هذه الشهادة مؤهلاً دراسياً له تقويم مستقل ولحامله وضع خاص. - أثر ذلك على إعانة غلاء المعيشة - حسابها على أساس المرتب المحدد لهذا المؤهل الذي لم يسبق تسعيره من قبل وذلك إعمالاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952.
(ب) - محكمة إدارية عليا "الطعن أمامها - من أحد الخصوم - من هيئة مفوضي الدولة" الطعن المقدم للمحكمة الإدارية العليا من الخصوم ذوي الشأن، على خلاف طعن هيئة مفوضي الدولة، يحكمه أصل مقرر هو ألا يضار الطاعن بطعنه ولا يفيد منه سواه من المحكوم عليهم الذين أسقطوا حقهم في الطعن، أما الطعن المقدم لها من هيئة مفوضي الدولة فإنه يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ثم تنزل حكمه في المنازعة - أساس ذلك.
(جـ) - دعوى الإلغاء "حجية الحكم الصادر فيها - ترك الخصوم فيها ينتج أثره على خلاف الحال بالنسبة لطعن هيئة مفوضي الدولة".
الحكم الصادر فيها يعتبر حجة على الكافة - هي خصومة قضائية مناطها قيام النزاع واستمراره بين طرفيها وتنتهي بالترك الذي ينتج أثره على خلاف الحال بالنسبة إلى طعن هيئة مفوضي الدولة.
1 - إن شهادة المعلمين الخاصة نظام السنة الواحدة دراسة مسائية أو نهارية يستلزم دراسة خاصة للحاصلين على شهادة التوجيهية أو ما يعادلها وتؤهل هذه الدراسة للتعيين في وظائف التدريس، وقد وافق مجلس الوزراء بقراره الصادر في 17 من نوفمبر سنة 1954، لمواجهة العجز في عدد المدرسين اللازمين لمدارس التعليم الابتدائي، على تقدير راتب لحملة هذا المؤهل الذي لم يسبق تسعيره قدره عشرة جنيهات شهرياً بزيادة قدرها جنيه واحد عن المرتب المقرر للحاصلين على التوجيهية فقط بعد أن كان الحاصلون على هذا المؤهل يعاملون نفس معاملة الحاصلين على الشهادة التوجيهية فيمنحون راتباً قدره تسعة جنيهات في الدرجة الثامنة، لذلك يكون قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من نوفمبر سنة 1954 المشار إليه قد جعل هذه الشهادة مؤهلاً دراسياً له تقويم مستقل ولحامله وضع خاص، وينبني على ذلك سريان أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 آنف الذكر في شأن حملته ويستحق المعين بمقتضاه أن تحسب إعانة الغلاء المقررة له على أساس المرتب المحدد لهذا المؤهل الذين لم يسبق تسعيره من قبل.
2 - تطبيقاً للقواعد التي تقدم بيانها كان يتعين تثبيت إعانة غلاء المعيشة للمطعون ضده على أساس المرتب المحدد لمؤهله آنف الذكر وهو عشرة جنيهات، ولكن الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك انتهى إلى تثبيت الإعانة على أساس تسعة جنيهات فقط، إلا أنه وقد اقتصر الطعن على الحكومة وحدها دون هيئة المفوضين، ولم يطعن المطعون ضده في الحكم بحيث أصبح نهائياً في حقه، ولما كان الأصل أن الطاعن لا يضار من طعنه فإنه يتعين إقرار الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من استحقاق المطعون ضده في تثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس راتب شهري قدره تسعة جنيهات مما يجعل طعن الحكومة الذي يقوم على تثبيت الإعانة على أساس ثمانية جنيهات ونصف فقط في غير محله ومتعين الرفض.
إن هذا النظر لا يعتبر عدولاً عما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من قبل من أن الطعن أمامها يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، أم أنه لم تقم به أية حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقى عليه وترفض الطعن.
إذ أن هذا المبدأ الذي أرسته المحكمة الإدارية العليا قد صدر في أول الأمر في ظل القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة والذي جعل من اختصاص هيئة المفوضين وحدها سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب ذوي الشأن إن رأى رئيس الهيئة وجهاً لذلك حق الطعن أمام المحكمة العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية باعتبار أن رأيها تتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده الذي يجب أن تكون كلمته هي العليا.
ذلك لأن هيئة المفوضين لا تمثل الحكومة ولا تنطق باسمها وإنما تنحصر وظيفتها في الدفاع عن القانون ولذلك فإنها قد تتخذ في طعنها موقفاً ضد الإدارة لأن مصلحة الدولة في أن يسود حكم القانون، ولو أدى ذلك إلى الحكم ضد الإدارة. فهيئة المفوضين أشبه إلى حد ما بالنيابة العمومية الأمينة على الدعوى الجنائية.
وهذا النظر لا يصدق على الطعون التي ترفع من الخصوم وحدهم والتي أجازها لأول مرة القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة والتي يتحتم أن يتحدد نطاقها ومصلحة الطاعن وحده ولو كان الجهة الإدارية بحيث لا يسوغ أن يضار الخصم بطعنه ولا يستفيد من طعنها وحدها الخصم الذي ارتضى الحكم فصار نهائياً في حقه.
لأنه لا يتصور قيام نيابة قانونية بين الجهة الإدارية وبين خصمها كما هو الشأن بالنسبة إلى هيئة المفوضين والتي تعتبر نائبة عن المجتمع ومن بينه خصوم الدعوى.
3 - ولئن تميزت دعوى الإلغاء بأنها خصومة عينية تقوم على اختصام القرار الإداري وأن الحكم الصادر منها بإلغائه يعدمه، وبهذه المثابة يعتبر حجة على الكافة، بينما دعوى غير الإلغاء هي خصومة ذاتية يكون للحكم الصادر فيها حجية نسبية مقصورة على أطرافه إلا أنه من المسلمات في فقه القانون الإداري أن كلا الدعويين لا تخرجان عن كونهما خصومة قضائية مناطها قيام النزاع الذي هو جوهرها واستمراره بين طرفيها ولذا فمن المسلم به في الفقه والقضاء الإداري الفرنسي أن المنازعة الإدارية ولو كانت طعناً بالإلغاء قد تنتهي بالترك وينتج الترك أثره على خلاف الحال بالنسبة إلى طعن هيئة المفوضين أو النيابة العامة بالنسبة إلى الدعوى الجنائية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 674 لسنة 9 القضائية. ضد وزارة التربية والتعليم أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 18/ 7/ 1962 طالباً الحكم: "بأحقيته في تثبيت إعانة غلاء المعيشة التي يستحقها على راتب قدره عشرة جنيهات مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقال شرحاً لدعواه إنه حاصل على شهادة الدراسة التكميلية المسائية للتدريس بمدارس المرحلة الأولى عام 1956 ثم عين بوزارة التربية والتعليم اعتباراً من 1/ 9/ 1956 في وظيفة من الدرجة الثامنة بماهية قدرها عشرة جنيهات في الشهر وهو الراتب المقرر لهذا المؤهل إلا أن الوزارة قد جانبها الصواب عند تثبيت إعانة غلاء المعيشة إذ منحته الإعانة على أساس راتبه الشهري ثمانية جنيهات ونصف وهو الراتب المقرر لدبلوم المدارس الصناعية الثانوية الذي حصل عليه من قبل على حين أنه يستحق إعانة غلاء المعيشة على أساس المؤهل الحاصل عليه وهو عشرة جنيهات وفقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952.
وقد قدمت الوزارة مذكرة قالت فيها إن شهادة دبلوم المدارس الصناعية الحاصل عليها المدعي قدر لها في قواعد الإنصاف مرتب قدره 8.500 ج أما مؤهله الذي حصل عليه بعد ذلك فلا يمكن تسميته مؤهلاً إذ أنه لم يرد في قواعد الإنصاف وأن إعانة غلاء المدعي قد ثبتت على مرتب قدره 8.500 ج طبقاً لكتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 28 لسنة 1952 الذي يقضي بتثبيت إعانة غلاء المعيشة لمن يعين بعد 1/ 7/ 1952 على المرتب الذي ناله زملاء المدعي في 30/ 11/ 1950 ولما كان زملاؤه قد ثبتت لهم إعانة غلاء المعيشة على راتب قدره 8.500 ج فإن دعواه تكون قد بنيت على غير أساس من القانون.
وبجلسة 2 من يوليه سنة 1963 حكمت المحكمة الإدارية (باستحقاق المدعي بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس راتب شهري قدره تسعة جنيهات اعتباراً من تاريخ استحقاقه لإعانة غلاء المعيشة وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب وألزمت طرفي الخصومة المصروفات مناصفة).
وأقامت المحكمة قضاءها على أن قواعد تثبيت إعانة غلاء المعيشة تنطبق على الموظفين والمستخدمين والعمال الذين كانوا موجودين بالخدمة في 30 من نوفمبر سنة 1950 أما الذين عينوا في الخدمة ابتداء بعد هذا التاريخ فلا مناص من القول بتثبيت إعانة غلاء المعيشة لهم على أساس أول مربوط الدرجة التي عينوا فيها باعتبار إعانة غلاء المعيشة من إضافات المرتب الأصلي وتربط على أساسه وأنه مما يؤكد هذا النظر أن المشرع خرج على القاعدة العامة التي قررها في 3/ 12/ 1950 بتثبيت الإعانة على الماهيات المستحقة في 30/ 11/ 1950 فوافق مجلس الوزراء بقراريه الصادرين في 6 من يناير سنة 1952، 18 من مارس سنة 1953 على تثبيت الإعانة على أساس المرتب الجديد أي على أول مربوط الدرجة التي يعين فيها من كان موجوداً بالخدمة في 30/ 11/ 1950 وحصل على مؤهل أو كان حاصلاً عليه ثم عين في وظيفة درجتها مقررة لمؤهله. وإن من عين بعد 30/ 11/ 1950 يخضع للتشريعات اللاحقة لتلك التي كانت سارية في ذلك الحين فإذا كانت التشريعات التي عين الموظف في ظلها قد حددت له درجة وبالتالي أجراً معيناً يجوز عند تثبيت الإعانة النظر إلى التشريعات السابقة إلا بنص صريح في القانون لما في هذا النظر من إخلال بقاعدة سريان القوانين من حيث الزمان والأثر المباشر. وأن قرار 3/ 12/ 1950 استهدف أصلاً الموظفين والمستخدمين والعمال الموجودين بالخدمة في 30/ 11/ 1950 أما الذين عينوا بعد ذلك فلا يشملهم النص ومن ثم تثبت إعانتهم على أساس أول مربوط الدرجة التي عينوا عليها وأنه لا حجاج في القول بأن هذا الرأي من مقتضاه أن يمتاز حديث على قديم ما دام أن هذا الرأي يتمشى مع صريح النص وروحه.
وإن الأقرب إلى الفهم أن نية لمشرع لم تنصرف إلى جعل قاعدة تثبيت إعانة غلاء المعيشة على الماهيات التي صرفت في 30/ 11/ 1950 كقاعدة عامة قائمة بذاتها تسري على كافة الموظفين سواء الموجودون منهم بالخدمة وقت صدورها أو الذين يدخلون الخدمة بعد صدورها بل الأقرب إلى الفهم الصحيح أن هذه القاعدة أراد بها المشرع معالجة حالة الموظفين الذين ذكرهم في الفترة السابقة عليها وزملائهم الموجودين بالخدمة وقت صدورها.
وإنه ما دام أن المدعي حاصل على شهادة الدراسة التكملية المسائية للتدريس وعين بوزارة التربية والتعليم بتاريخ 26/ 12/ 1956 بالدرجة الثامنة بزيادة 1 جنيه عن أول مربوط الدرجة فإنه يتعين حساب إعانة الغلاء طبقاً لحالته الاجتماعية على أساس أول مربوط الثامنة وهو تسعة جنيهات وليس عشرة جنيهات وذلك بعد ثلاثة أشهر من تاريخ تعيينه وإنه بالنسبة للفروق المالية المترتبة على هذه التسوية فلا يستحق منها سوى تلك التي لم ينقض على استحقاقها خمس سنوات سابقة على تاريخ تقديمه طلب إعفائه من الرسوم في 29/ 1/ 1962 باعتباره أول إجراء قاطع للتقادم.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك لأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على الماهيات والمرتبات والأجور المستحقة في آخر نوفمبر سنة 1950 إنما ينصرف إلى الموظفين الموجودين بالخدمة وقت صدوره وإلى من يعين منهم بعد ذلك في درجة زاد بداية مربوطها عما كان عليه في 30 من نوفمبر سنة 1950 إذ يتعين في هذه الحالة أن تثبت إعانة الغلاء على أساس المرتب الذي كان مقدراً لهذه الدرجة في تاريخ تثبيت إعانة الغلاء وذلك حتى لا يمتاز موظف جديد على موظف قديم.
كما أنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 قد قرر تثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس المرتب الجديد إذ أن هذا القرار إنما ينصرف إلى الموظفين الذين حصلوا على شهادات دراسية جديدة أو العمال الذين نجحوا لبعض وظائف كادر العمال وتم تعيينهم فيما بعد على أساس مؤهلاتهم الجديدة فقد أوجب القرار منحهم إعانة الغلاء على أساس المرتبات الجديدة وهي ذات المرتبات التي نالها زملاؤهم المعينون في 30 من نوفمبر سنة 1950 إذ اعتبر هذا القرار نقلهم إلى الدرجات الجديدة بمثابة تعيين جديد وذلك حتى لا يمتاز الموظف الجديد على الموظف القديم.
ومن حيث إنه يبين من استعراض القواعد الخاصة بإعانة غلاء المعيشة أن مجلس الوزراء قرر بجلسته المنعقدة في 3 من ديسمبر سنة 1950 تثبيت إعانة غلاء المعيشة على الماهيات المستحقة للموظفين في 30/ 11/ 1950 ثم وافق بجلسة 6 من يناير سنة 1952 على معاملة الموظفين الذين تثبت لهم إعانة الغلاء على أساس ماهياتهم في 30/ 11/ 1950 ثم حصلوا على مؤهلات دراسية أعلى من هذا التاريخ أو بعده وعينوا بالدرجات أو الماهيات المقررة للمؤهلات الجديدة على أساس منحهم إعانة الغلاء على الماهية الجديدة من تاريخ حصولهم عليها وذلك حتى لا يمتاز جديد على قديم مؤدى هذا أن الموظفين الذين عينوا بعد 30/ 11/ 1950 تاريخ تثبيت إعانة الغلاء، وبمراعاة الحكم الوارد في قرار 6/ 1/ 1952، يمنحون إعانة غلاء المعيشة على أساس الماهية المقررة لمؤهلاتهم بالإنصاف وهي الماهية التي كان يمنحها زملاؤهم في 30/ 11/ 1950.
من حيث إنه يبين من ذلك أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 ليس قابلاً للتطبيق على الموظفين الموجودين بالخدمة حتى 30/ 11/ 1950 إنما يجرى حكمه كذلك على من يعين بعد هذا التاريخ حتى لا يمتاز موظف جديد على موظف قديم وهذا ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة وإذ ذهب الحكم المطعون فيه - في أسبابه - غير هذا المذهب في التفسير يكون قد خالف أحكام القانون.
ومن حيث إن دعوى المطعون ضده تقوم على أنه حاصل على مؤهل جديد لم يسبق تسعيره في قواعد الإنصاف، وهو شهادة الدراسة التكميلية المسائية، وقد جرى تسعيره بقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 11/ 1954، وأن إعانة الغلاء المستحقة له ينبغي أن تحسب على أساس المرتب الذي قدر لهذا المؤهل الجديد.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن الحاصلين على المؤهلات الجديدة التي لم يكن لها تقدير سابق حتى 30 من نوفمبر سنة 1950، تثبت لهم إعانة الغلاء عند تعيينهم بموجب هذه المؤهلات الجديدة، على أساس المرتبات المقدرة لها لأول مرة بعد هذا التاريخ، وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 والذي سلف ذكره.
ومن حيث إنه ينبغي بحث ما إذا كانت الشهادة الحاصل عليها المطعون ضده وعين بموجبها، تعتبر من المؤهلات الجديدة التي لم يكن لها تقدير سابق على 30 من نوفمبر سنة 1950.
ومن حيث إنه في 17 من نوفمبر سنة 1954 تقدمت وزارة التربية والتعليم بمذكرة إلى مجلس الوزراء بشأن مواجهة العجز في عدد المدرسين اللازمين لمدارس التعليم الابتدائي وذكرت فيها أنه لا سبيل إلى مداركة هذا العجز إلا بتنظيم دراسات مسائية على غرار الدراسات التكميلية لمعاهد المعلمين الخاصة (نظام السنة الواحدة) يلحق به الحاصلون على شهادة التوجيهية وما يعادلها، وأوضحت المذكرة أن خريجي معاهد المعلمين الخاصة الذين يقضون عاماً دراسياً بعد الحصول على شهادة التوجيهية يعينون في الدرجة الثامنة بمرتب تسعة جنيهاً وأن الطلبة لا يرغبون في هذه المعاملة التي لا تفرقهم إطلاقاً عن المعينين بشهادة التوجيهية مباشرة وهي أيضاً معاملة تقل عن المعاملة التي يعامل بها خريجو المدارس الصناعية والزراعية والتجارية وأن صالح التعليم يقتضي مواجهة هذه المشكلة وإنها لذلك تقترح أن يعين خريجو المعلمين الخاصة نظام السنة الواحدة دراسة مسائية أو نهارية في الدرجة الثامنة بمرتب قدره عشرة جنيهات بزيادة قدرها جنيه واحد عن الحاصلين على التوجيهية فقط وتعطى لهم الفرصة كي يحصلوا على دراسة أخرى للسنة الثانية تسمح لهم بالنقل إلى الدرجة السابعة بمرتب قدره 12 جنيهاً كزملائهم في نظام السنتين، وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 17 من نوفمبر سنة 1954 على ما جاء بهذه المذكرة.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن شهادة المعلمين الخاصة نظام السنة الواحدة دراسة مسائية أو نهارية يستلزم دراسة خاصة للحاصلين على شهادة التوجيهية أو ما يعادلها وتؤهل هذه الدراسة للتعيين في وظائف التدريس، وقد وافق مجلس الوزراء بقراره الصادر في 17 من نوفمبر سنة 1954، لمواجهة العجز في عدد المدرسين اللازمين لمدارس التعليم الابتدائي، على تقدير راتب لحملة هذا المؤهل الذي لم يسبق تسعيره قدره عشرة جنيهات شهرياً بزيادة قدرها جنيه واحد عن المرتب المقرر للحاصلين على التوجيهية فقط بعد أن كان الحاصلون على هذا المؤهل يعاملون نفس معاملة الحاصلين على الشهادة التوجيهية فيمنحون راتباً قدره تسعة جنيهات في الدرجة الثامنة، لذلك يكون قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من نوفمبر سنة 1954 المشار إليه قد جعل هذه الشهادة مؤهلاً دراسياً له تقويم مستقل ولحامله وضع خاص، وينبني على ذلك سريان أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 آنف الذكر في شأن حملته ويستحق المعين بمقتضاه أن تحسب إعانة الغلاء المقررة له على أساس المرتب المحدد لهذا المؤهل الذي لم يسبق تسعيره من قبل وهذا هو ما انتهى إليه أيضاً الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في الكتاب الصادر من وكيله إلى مدير عام التربية والتعليم بالفيوم بتاريخ 12/ 5/ 1964 (ملف رقم 418 - 12/ 1 م1) ذلك الكتاب الذي قدمت الحكومة صورته ضمن حافظة مستنداتها بجلسة 25/ 12/ 1968 وقد جاء به أن دبلوم الدراسات التكميلية نظام السنة الواحدة لم يكن له تقدير سابق في 30/ 11/ 1950 وأنه قدر لهذا المؤهل الدرجة الثامنة الفنية بمرتب 10 جنيهات وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 11/ 1954 وأن إعانة غلاء المعيشة تثبت للمعينين بهذا المؤهل على ماهية 10 ج المقدرة لهذا المؤهل بقرار مجلس الوزراء المذكور.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده عين في 26 من ديسمبر سنة 1956 في وظيفة مدرس بمدرسة الرملة المشتركة في الدرجة الثامنة الفنية بمرتب قدره عشرة جنيهات ومؤشر أمام مؤهله بأنه حاصل على دبلوم صنايع ودراسة تكميلية سنة 1956 وأن مؤهله مؤهل تربوي، ومن بين الأوراق المودعة بملف خدمته استمارة امتحان شهادة الدراسات التكميلية لحملة التوجيهية أو ما يعادلها ويبين منها أنه تقدم لامتحان هذه الشهادة من مدرسة "معهد المعلمين العام ببنها" قسم الصنايع وقد أدى الامتحان أمام لجنة فيها وتأشر على الاستمارة بنجاحه، وتطبيقاً للقواعد التي تقدم بيانها كان يتعين تثبيت إعانة غلاء المعيشة للمطعون ضده على أساس المرتب المحدد لمؤهله آنف الذكر وهو عشرة جنيهات، ولكن الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك انتهى إلى تثبيت الإعانة على أساس تسعة جنيهات فقط، إلا أنه وقد اقتصر الطعن على الحكومة وحدها دون هيئة المفوضين، ولم يطعن المطعون ضده في الحكم بحيث أصبح نهائياً في حقه، ولما كان الأصل أن الطاعن لا يضار من طعنه فإنه يتعين إقرار الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من استحقاق المطعون ضده في تثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس راتب شهري قدره تسعة جنيهات مما يجعل طعن الحكومة الذي يقوم على تثبيت الإعانة على أساس ثمانية جنيهات ونصف فقط في غير محله ومتعين الرفض.
ومن حيث إن هذا النظر لا يعتبر عدولاً عما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من قبل من أن الطعن أمامها يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، أم أنه لم تقم به أية حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقى عليه وترفض الطعن.
ومن حيث إن هذا المبدأ الذي أرسته المحكمة الإدارية العليا قد صدر في أول الأمر في ظل القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة والذي جعل من اختصاص هيئة المفوضين وحدها سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب ذوي الشأن أن رأي رئيس الهيئة وجها لذلك حق الطعن أمام المحكمة العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية باعتبار أن رأيها تتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده الذي يجب أن تكون كلمته هي العليا.
ذلك لأن هيئة المفوضين لا تمثل الحكومة ولا تنطق باسمها وإنما تنحصر وظيفتها في الدفاع عن القانون ولذلك فإنها قد تتخذ في طعنها موقفاً ضد الإدارة لأن مصلحة الدولة في أن يسود حكم القانون، ولو أدى ذلك إلى الحكم ضد الإدارة. فهيئة المفوضين أشبه إلى حد ما بالنيابة العمومية الأمينة على الدعوى الجنائية.
ومن حيث إن هذا النظر لا يصدق على الطعون التي ترفع من الخصوم وحدهم والتي أجازها لأول مرة القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة والتي يتحتم أن يتحدد نطاقها بمصلحة الطاعن وحده ولو كان الجهة الإدارية بحيث لا يسوغ أن يضار الخصم بطعنه ولا يستفيد من طعنها وحدها الخصم الذي ارتضى الحكم فصار نهائياً في حقه.
لأنه لا يتصور قيام نيابة قانونية بين الجهة الإدارية وبين خصمها كما هو الشأن بالنسبة إلى هيئة المفوضين والتي تعتبر نائبة عن المجتمع ومن بينه خصوم الدعوى.
ومن حيث إنه ولئن تميزت دعوى الإلغاء بأنها خصومة عينية تقوم على اختصام القرار الإداري وأن الحكم الصادر فيها بإلغائه يعدمه، وبهذه المثابة يعتبر حجة على الكافة، بينما دعوى غير الإلغاء هي خصومة ذاتية يكون للحكم الصادر فيها حجية نسبية مقصورة على أطرافه إلا أنه من المسلمات في فقه القانون الإداري أن كلا الدعويين لا تخرجان عن كونهما خصومة قضائية مناطها قيام النزاع الذي هو جوهرها واستمراره بين طرفيها ولذا فمن المسلم به في الفقه والقضاء الإداري الفرنسي أن المنازعة الإدارية، ولو كانت طعناً بالإلغاء قد تنتهي بالترك وينتج الترك أثره على خلاف الحال بالنسبة إلى طعن هيئة المفوضين أو النيابة العامة بالنسبة إلى الدعوى الجنائية.
ومن حيث إن الحكومة تعتبر خصماً حقيقياً في الطعن ولا يتصور افتراض نيابتها عن المطعون ضده وكان من حقها ومن سلطتها أن ترتضي الحكم فلا تطعن عليه ولها أن تترك الخصومة في الطعن بعد رفعه ومن ثم فلا يتصور أن تضار بالطعن الذي أقامته عن حكم ارتضاه خصمها فصار نهائياً في حقه.
ومن حيث إن الطاعنة قد أخفقت في طعنها فيتعين إلزامها بمصروفات الطعن عملاً بالمادة 184 مرافعات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.