مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1968 إلى منتصف فبراير سنة 1969) - صـ 313

(41)
جلسة أول فبراير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح السعيد المستشارين.

القضية رقم 812 لسنة 13 القضائية

( أ ) - عقد إداري "مزايدة". رئيس مجلس مدينة "سلطته في إلغاء المزايدة".
رئيس مجلس المدينة يختص بإلغاء المزايدة التي طرحها مجلس المدينة، أساس ذلك. موافقة المحافظ على ما ارتآه رئيس مجلس المدينة لا يعدو أن يكون ممارسة من جانبه لاختصاصه بالتفتيش على أعمال مجالس المدن - قرارات رئيس مجلس المدينة تعتبر نافذة بذاتها دون حاجة إلى تصديق من المحافظ ما دامت في حدود اختصاصاته ولم يرد نص يقضي بغير ذلك.
(ب) - إدارة محلية "مجالس محلية".
الوحدة الإدارية التي تمثلها المجالس المحلية لها الشخصية الاعتبارية وأهلية للتقاضي - يقوم رئيس المجلس بتمثيلها، أساس ذلك - المجلس المحلي المختص هو صاحب الصفة فيما يثور من منازعات بشأن ما يصدر عنه من قرارات.
(جـ) - عقد إداري "مزايدة - سلطة البيع والبت في المزايدة".
وفقاً لأحكام لائحة المناقصات والمزايدات، إذا تمت المزايدة بغير طريق المظاريف تتولى البيع والبت لجنة واحدة - تقوم اللجنة في جلسة المزايدة بتكليف المزايد الذي تقدم بأفضل عطاء بتكملة التأمين - يجوز للجنة في نفس الجلسة رد التأمينات الابتدائية المؤداة ممن لم يرس عليهم المزاد - إذا لم يتقدم أحد أو لم تصل نتيجة المزايدة إلى الثمن الأساسي فيؤجل البيع مع تخفيض التقدير السابق لهذا الثمن بنسبة لا تجاوز10%.
(د) - عقد إداري "مزايدة - إبرامها".
إذا رأت الجهة الإدارية المختصة إبرام العقد فإنه يتعين أن تتعاقد مع صاحب أفضل عطاء الذي عينته اللجنة المختصة بالبت في المزايدة ولا تملك أن تستبدل به غيره ولو كان منصوصاً في الشروط على أن لها الحق في رفض أو قبول أي عطاء دون إبداء الأسباب، أساس ذلك - إلغاء المزايدة غير جائز إلا في الحالات المنصوص عليها في القانون.
(هـ) - عقد إداري "مزايدة - الإلغاء المخالف للقانون - التعويض".
إذا لم تقم بالمزايدة إحدى الحالات التي تجيز إلغاءها وفقاً لأحكام القانون فإنه لا يجوز إلغاؤها لإعادة المزايدة بقصد الوصول إلى ثمن أعلى - القرار الصادر بإعادة المزايدة قرار غير مشروع - التعويض عما رتبه من ضرر وفوته من ربح، أساس ذلك.
1 - إذ كان مجلس المدينة هو الذي قام بطرح عملية هدم وبيع الأنقاض في المزايدة فإن الذي يختص بإلغاء هذه المزايدة وفقاً لما تقضي به المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات هو رئيس هذا المجلس الذي ناطت به المادة 77 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية السلطات المالية المقررة لرئيس المصلحة.
وإنه ولئن كان قد رفع الأمر إلى المحافظ بناء على ما طلبه سكرتير عام المحافظة ولئن كان المحافظ قد وافق على ما ارتآه رئيس مجلس المدينة، إلا أن طلب عرض الأمر على المحافظ في هذه الحالة لا يعدو أن يكون ممارسة من جانبه لاختصاصه بالتفتيش على أعمال مجالس المدن وفقاً لما تقضي به المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية أما ما يتخذه رئيس مجلس المدينة من قرارات في حدود اختصاصه فإنها تعتبر نافذة بذاتها دون حاجة إلى تصديق من المحافظ ما لم يرد نص يقضي بغير ذلك.
2 - إن الوحدات الإدارية التي تمثلها المجالس المحلية لها الشخصية الاعتبارية بحكم الدستور ولها أهلية التقاضي ويقوم رئيس المجلس بتمثيلها أمام القضاء وفقاً لحكم المادة 53 من القانون رقم 124 لسنة 1960 وبهذه المثابة يكون المجلس المحلي المختص هو صاحب الصفة فيما يثور من منازعات بشأن ما يصدر عنه من قرارات وما تتخذه الإدارات التي يستعين بها في مباشرة اختصاصاته من قرارات وإجراءات وهو الذي يتعين أن توجه إليه الدعوى باعتباره الجهة الإدارية ذات الشأن في المنازعة، وإذا أقيمت هذه الدعوى ضد مجلس المدينة بطلب تعويض عن قرار بإعادة مزايدة أجراها هذا المجلس فإنها تكون قد أقيمت على الجهة ذات الشأن في هذه المنازعة ويكون الدفع بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة غير قائم على أساس متعيناً رفضه.
3 - ووفقاً لأحكام نصوص لائحة المناقصات والمزايدات تتولى البيع والبت في نتيجة المزايدة إذا تمت بغير طريق المظاريف لجنة واحدة - وتقوم هذه اللجنة في جلسة المزايدة بتكليف المزايد الذي تقدم بأفضل العطاءات بتكملة التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عطائه ويجوز لها أيضاً في ذات الجلسة رد التأمينات الابتدائية المؤداة من المزايدين الذين لم يرس عليهم المزاد. أما إذا لم يتقدم أحد للتزايد أو لم تصل نتيجة المزايدة إلى الثمن الأساسي فيؤجل البيع مع تخفيض التقدير السابق لهذا الثمن بنسبة لا تجاوز 10%.
4 - ووفقاً لأحكام القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات يتعين على الجهة الإدارية المختصة إذا رأت إبرام العقد أن تتعاقد مع صاحب العطاء الأفضل الذي عينته اللجنة المختصة بالبت في المزايدة ولا تملك أن تستبدل به غيره حتى ولو كان منصوصاً في شروط المزايدة على أن لها الحق في قبول أو رفض أي عطاء دون إبداء الأسباب لمخالفة هذا الشرط لأحكام القانون ولائحة المناقصات والمزايدات وما تضمنته من قواعد قصد بها تحقيق المساواة بين جميع المزايدين - على أنه يجوز إلغاء المزايدة متى قامت إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون.
5 - وإذ لم تقم بالمزايدة إحدى الحالات التي تجيز إلغاءها وفقاً لأحكام القانون فإنه ما كان يجوز إلغاؤها وعدم الاعتداد بنتيجتها تمهيداً لإعادة المزايدة بقصد الوصول إلى ثمن أعلى - بل كان يتعين وفقاً لأحكام هذا القانون ولائحة المناقصات والمزايدات اعتماد إرسائها على المدعي ما دام أنه قد تقدم بأفضل العطاءات وقام بالتزامه بإكمال التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عطائه ويكون القرار الصادر بإعادة المزايدة وما ترتب عليه من إجراءات انتهت بإرسائها على غير المدعي - مخالفاً للقانون - ولا شك في أن هذا القرار غير المشروع قد ألحق ضرراً بالمدعي يتمثل فيما تكبده من نفقات للاشتراك في المزايدة وما اقتضاه ذلك من قيامه بإيداع تأمين وفيما فاته من فرصة الحصول على الربح الذي كان يأمل في تحقيقه فيما لو تم التعاقد معه والذي قام الدليل على رجحانه برسو المزايدة على غيره بثمن يزيد على قيمة عطائه - وتقدر المحكمة التعويض المستحق له بمبلغ ثلاثمائة جنيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 17 من مارس سنة 1965 أقام السيد أنور إسماعيل محمد الدعوى رقم1720 لسنة 19 القضائية ضد السيد رئيس مجلس مدينة المنيا بصفته ممثلاً للمجلس طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع إليه على سبيل التعويض مبلغ 1500 جنيه والمصروفات كافة بما فيها مصروفات طلبي الإلغاء ووقف التنفيذ - وقال شرحاً لدعواه إنه في 20 من يوليه سنة 1964 أعلن مجلس مدينة المنيا عن مزايدة عامة تعتمد جلستها ظهر يوم 12 من أغسطس سنة 1964 لهدم وبيع أنقاض مبنى مدرسة الاتحاد الإعدادية الكائن بشارع الحرية بالمدينة المذكورة مشترطاً أن يدفع كل متزايد قبل الدخول في المزايدة تأميناً مؤقتاً مقداره 500 جنيه يزاد إلى 20% من قيمة الثمن عند رسو المزاد عليه ورسا عليه المزاد في الجلسة المذكورة باعتباره صاحب أكبر عطاء بثمن قدره 6020 جنيهاً وأكمل التأمين المؤقت إلى الحد المشترط لكن حدث في يوم 26 من أغسطس سنة 1964 أنه تلقى بالبريد الموصى عليه كتاباً من المدعى عليه مؤرخاً 25 من أغسطس يخطره فيه بأنه قد حدد يوم 2 من سبتمبر سنة 1964 لإعادة المزايدة - وعلم هو أن ذلك كان أثر عرض جديد تقدم به أحد المتزايدين الذين كفوا أيديهم عن المضي في المزايدة بجلسة 12 من أغسطس سنة 1964 - ولما كان قرار إعادة المزايدة مخالفاً للقانون فقد أنذر المدعى عليه في 31 من أغسطس سنة 1964 بالعدول عنه ولكن على غير جدوى إذ مضى في المزايدة الجديدة وأرسي المزاد على شخص آخر ممن حضروها إلا أن البت في نتيجة المزاد لم يكتم قد تم بعد فأقام المدعي في 28 من سبتمبر سنة 1964 الدعوى رقم 1482 لسنة 18 القضائية طالباً بصفة وقتية وقف تنفيذ ذلك القرار وموضوعاً إلغاءه تأسيساً على أن الأصل المقرر قانوناً أن العقود التي تجرى عن طريق المزايدة تتم برسو المزاد على اعتبار أنه القبول الذي يلاقي إيجاب المتزايد وأكد هذا المعنى القانون المدني بنص صريح في المادة 99 ومتى تم العقد برسو المزاد فلا يجوز نقضه إلا باتفاق الطرفين على ما تقضي به المادة 147 مدني ولم يخرج القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات الإدارية على هذا الأصل في أحكامه إذ نصت المادتان 7، 11 منه على عدم جواز إلغاء المناقصات أو المزايدات إلا في حالات ثلاث وسايرت تلك الأحكام لائحة المناقصات والمزايدات إذ نصت المادتان 152، 154 منها على حالات معينة يؤجل فيها بيع الأصناف غير القابلة للتلف إذا لم يتقدم أحد للتزايد أو إذا لم تصل نتيجة المزاد إلى الثمن الأساسي - مرة واحدة مع تخفيض في هذا الثمن لا يزيد على 90% منه إن كان لا يزيد على قدر معين فإن زاد يؤجل البيع مرة ثانية مع تخفيض آخر في الثمن الأساسي ثم يعرض الأمر على الرئيس الإداري ليقرر ما يراه - أما إذا كان المبيع قابلاً للتلف فتعرض نتيجة المزاد في الجلسة الأولى على الرئيس ليبدي رأيه ومن قبل صدور القانون رقم 236 لسنة 1954 أصدرت وزارة المالية والاقتصاد كتابها الدوري رقم ع 51/ 35/ 14 في 16 من يونيو سنة 1953 موجهة نظر الوزارات والمصالح إلى عدم الالتفات إلى العروض التي تقدم في المزادات أثناء الفترة ما بين رسوه واعتماد نتيجته كما أنه بعد صدور القانون أصدرت الوزارة كتابها الدوري رقم ع/ 4/ 23/ 11 م 3147 في 24 من مايو سنة 1956 موجهة النظر فيه إلى أن - جدية المزادات واحترام نتائجها أمام جمهور المتزايدين تقضي بعدم الالتفات إلى أية عروض تقدم بعد رسو المزاد أو إعادته وتأجيله إلا في الحالات المنصوص عليها ولهذا ينبغي الأخذ بنتيجة المزاد واعتماده بالسعر الراسي به طالما أن هذا السعر لا يقل عن الثمن الأساسي - ومضى المدعي يقول إنه نظراً إلى أن القرار المطعون فيه قد تم تنفيذه قبل الفصل في طلب وقف التنفيذ فإنه لا يجد مندوحة من أن يعدل طلباته إلى الحكم على مجلس المدينة بتعويض ما لحقه من ضرر ناشئ عن صدور قراره المخالف للقانون وهو يتمثل فيما أصابه من ضرر نتيجة اضطراره لإبقاء التأمين المدفوع منه تحت يد المجلس وباقي الثمن تحت يده هو غير منتفع بهما في أعمال المقاولات التي يمارسها وذلك طوال مدة قيام دعوى الإلغاء وفيما فاته من ربح كان خليقاً بأن يحققه من رسو المزاد عليه بالثمن الذي رسا به إذ كان الفرق بينه وبين الثمن الذي أرسى به المجلس المزاد على غيره مبلغ 630 جنيهاً هذا بخلاف ما يرجو أن يحققه من ربح أكيد في العملية.
وأجاب مجلس مدينة المنيا على الدعوى بمذكرة قال فيها إنه أعلن عن عملية هدم وبيع مخلفات مدرسة الاتحاد الإعدادية وحدد لإجراء المزايدة جلسة 12 من أغسطس سنة 1964 التي حضر فيها 23 متزايداً وكان آخر عطاء هو المقدم من المدعي وقيمته 6020 جنيهاً وحصل منه تأمين قدره 20/ من قيمة عطائه في ذات الجلسة ضماناً لجدية عطائه - وفي 15 من أغسطس سنة 1964 وقبل البت في نتيجة المزاد اتصل سكرتير عام محافظة المنيا بمدير الإدارة الهندسية طالباً عدم البت في هذه العملية وعرضها على المحافظ عند حضوره وفي ذات التاريخ تقدم السيد/ عبد الموجود مرسي بعرض - قيمته 6650 جنيهاً ثم قام بتوريد تأمين مؤقت قدره 500 جنيه - كذلك وردت برقية من السيد/ حسن عثمان مؤشراً عليها من المحافظ بالعرض مع أوراق المزايدة - كما ورد عرض آخر من السيد/ عبد الفتاح حسن بقبوله زيادة قدرها 10% من آخر سعر بالمزايدة - وعرضت الأوراق على لجنة البت فرأت إعادة المزايدة ما دام ذلك في صالح الخزانة العامة - ووافق على ذلك السيد المحافظ وحدد يوم 2 من سبتمبر سنة 1964 للمزايدة الجديدة وأخطر المدعي بذلك في 25 من أغسطس سنة 1964 كما أخطر أيضاً جميع المتزايدين - فأرسل المدعي إنذاراً في 31 من أغسطس سنة 1964 بإلغاء المزايدة الجديدة - وفي جلسة إعادة المزايدة كان أعلى سعر هو المقدم من عبد الموجود مرسي بمبلغ 6650 جنيهاً - واجتمعت لجنة البت ورأت إسناد العملية إليه واعتمد المحافظ نتيجة المزاد - ومضى مجلس المدينة يقول إن التعاقد لم يتم مع المدعي إذ لم يصدر قرار من لجنة البت بإرساء المزاد عليه ولم تبرم جهة التعاقد العقد ولم يخطر بأن العقد أبرم معه وكل ما في الأمر أن لجنة المزايدة قد أجرت المزاد فقط تمهيداً لعرض الأمر على لجنة البت - ولجنة المزايدة في صدد هذه العملية كلجنة فتح المظاريف في المناقصات والمزايدات التي تتم بمظاريف مغلقة لا تختص بإبرام العقد بل إنها لا تختص حتى بتعيين أفضل المزايدين حسب القانون كلجنة البت - وأن لجنة البت لم ترس المزاد على المدعي إذ لم تجتمع في 12 من أغسطس سنة 1964 بل لم تجتمع إلا في 23 من أغسطس سنة 1964 ورأت فتح المزايدة بين المتزايدين أما طلب دفع التأمين من المدعي في 12 من أغسطس سنة 1964 فلا يعني أن المزاد رسا عليه وقيامه بتكملة التأمين إلى 20% عن العرض الذي تقدم به لا يعطيه أي حق. وبعد أن تبين للجنة البت عند اجتماعها يوم 23 من أغسطس سنة 1964 وكذلك لجهة التعاقد أن العرض الذي تقدم به المدعي يقل كثيراً عن القيمة السوقية رأت إعادة المزايدة من جديد ولكن المدعي لم يشترك في هذه المزايدة رغم إخطاره بمواعدها. وكان السبب في قرار اللجنة بإعادة المزايدة تغليب المصلحة العامة ورعاية خزانة الدولة وعلى ذلك فإن هذا القرار سليم ومطابق للقانون ولا تكون الجهة الإدارية إذ اتبعت حكم القانون قد ارتكبت خطأ تلزم بالتعويض عنه.
ومن حيث إن المدعي رد على دفاع مجلس المدينة بمذكرة قال فيها إن محور ذلك الدفاع يدور على أن صاحب الشأن في إرساء المزايدة هو لجنة البت وأن اللجنة التي قامت بالمزايدة لم يكن لها هذه الصفة بل كانت تقوم بمثل عمل لجنة المظاريف. وهذا الدفاع لا يستقيم مع الواقع لأن ازدواج اللجنة لا يكون إلا في المزايدات أو المناقصات التي تتم بطريق المظاريف المغلقة أما حيث تكون المزايدة أو المناقصة علنية فليس ثمة سوى لجنة واحدة للبت في النتيجة وهي اللجنة التي تقوم بإجراء المزايدة أو المناقصة وتختص بإرساء العطاء، وقد كان تشكيل اللجنة التي أجرت المزايدة لا يدع ريباً في أنها تختص بالبت في نتيجة المزايدة إذ هو التشكيل المنصوص عليه في المادة 150 من لائحة المخازن والمشتريات. كما كانت اللجنة التي انعقدت في يوم 23 من أغسطس سنة 1964 للنظر في العرض الجديد الذي تقدم به أحد المتزايدين بذات التشكيل لا من حيث الوظائف التي تتطلبها المادة 150 بل من حيث الأشخاص بالنسبة إلى أربعة من الأعضاء وأضاف المدعي أن تكليفه بجلسة 12 من أغسطس سنة 1964 بتكملة التأمين هو بلا ريب إيذان بإرساء المزاد عليه وفقاً لما تقضي به المادة 150 من لائحة المناقصات والمزايدات - وبإرساء اللجنة التي تختص بالبت للمزاد عليه تلتزم الجهة المختصة بتحرير العقد معه إثباتاً للتعاقد الذي تم وقال إن المبلغ الذي يطالب به لا يقتصر على الربح الفائت والخسارة الواقعة بل يشمل التعويض عن التأخير في أدائه وانتهى إلى طلب الحكم بإلزام مجلس المدينة بمبلغ 1500 جنيه وفوائده بسعر 4% من تاريخ الحكم للسداد مع المصروفات كافة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على أن الإجراءات التي اتبعتها جهة الإدارة في المزايدة قد اتخذت بالموافقة لأحكام القانون ولائحة المناقصات والمزايدات إذ أن لجنة المزايدة في 12 من أغسطس سنة 1964 قد أجرت المزايدة فحسب تمهيداً لعرض الأمر على لجنة البت التي رأت إعادة المزايدة لاحتمال الوصول إلى سعر أكبر من سعر المدعي وذلك تحقيقاً لصالح الخزانة ولم يتم التعاقد مع المدعي أصلاً لأنه لم يخطر بإرساء المزاد عليه ولم تعتمد جهة الإدارة عطاءه بل إنها بإعادة المزايدة قد أعملت حقها المشروع الذي رسمه القانون إذ أجاز المشرع إلغاء المزايدة في إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 236 لسنة 1954 ومن بينها حالة ماذا كانت قيمة العطاء تقل عن القيمة السوقية. وقد حققت إعادة المزايدة زيادة على سعر المدعي تبلغ 630 جنيهاً الأمر الذي يستفاد منه أن سعره كان يقل كثيراً عن القيمة السوقية، ولم تتعاقد الجهة المختصة مع عبد الجواد مرسي إلا بعد أن أصدرت لجنة البت في 23 من أغسطس سنة 1964 قرارها بإعادة المزايدة وأجريت مزايدة جديدة أخطر بها المتزايدون ومن بينهم المدعي وقامت لجنة البت بإرساء المزايدة وطلبت من الجهة الإدارية التعاقد مع المذكور فيكون اختياره وإبرام التعاقد معه قد وقع سليماً ومطابقاً للقانون، ولم يثبت أن الجهة الإدارية تنكبت وجه المصلحة العامة فتكون الدعوى على غير أساس سليم من القانون خليقة بالرفض.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً: إن الحكم قد أخطأ في تطبيق المواد 2، 3، 6 من القانون رقم 236 لسنة 1954 والمواد 56، 67 وما بعدها من لائحة المزايدات والمناقصات لأن هذه النصوص خاصة بالمناقصات والمزايدات التي تتم بطريق المظاريف المختومة أما المناقصات أو المزايدات العلنية فالمرجع فيها إلى الأصل المقرر في المادة 99 من القانون المدني وقد كان التعاقد مع الطاعن بطريق مزايدة علنية لا بطريق المظاريف.
ثانياً: إن الحكم قد أخطأ إذ ذهب إلى أن الأوراق خالية مما يفيد أن عطاء الطاعن قد قبل وأنه على فرض قبوله فإن العقد لم يتم لعدم إخطاره بإرساء المزاد عليه إذ الثابت بمحضر المزايدة المؤرخ 12 من أغسطس سنة 1964 أن الطاعن أكمل التأمين المؤقت إلى ما يوازي 20% من قيمة العطاء ولا يكون هذا عملاً بحكم المادة 150 من لائحة المناقصات والمزايدات إلا عند رسو المزاد ومن ثم تكون تكملة التأمين المؤقت دليلاً على أن لجنة المزاد قبلت عطاءه.
ثالثاً: إن ما ذهب إليه الحكم من أن عطاءه كان يقل عن القيمة السوقية لا أصل له في الأوراق إذ - الثابت من قرار رئيس مجلس مدينة المنيا بإعادة المزايدة أنه لم يبن على قلة الثمن الذي رسا به المزاد على الطاعن عن القيمة السوقية بل على تقدم أحد المتزايدين الذين كفوا عن المضي في المزايدة بعد رسو المزاد عليه بثمن أكثر مما نهت عنه وزارة المالية والاقتصاد في كتابها الدوري الصادر في 27 من مايو سنة 1956.
ومن حيث إن مجلس المدينة قد عقب على الطعن بمذكرة طلب فيها أصلياً الحكم برفض الطعن واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة واستند المجلس في دفاعه إلى الأسباب التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه وأضاف (أولاً) أنه لم يتم إرساء المزاد على المدعي ولم يبرم معه أي عقد إذ لم يتم اعتماد نتيجة المزاد الذي أجري في 12 من أغسطس سنة 1964 من الجهة المختصة بإبرام العقد ولم يخطر المدعي بإرساء المزاد عليه - (وثانياً) أن لجنة المزاد سواء باعتبارها لجنة فتح المظاريف أو باعتبارها لجنة البت في العطاءات ليس من اختصاصها إرساء المزادات كما أن جهة الإدارة لم تتجه نيتها إلى اعتبار لجنة المزاد هي لجنة البت في العطاءات إذ شكلت لجنة أخرى للبت في نتيجة المزايدة - (ثالثاً) أن التكييف الصحيح للدعوى هو اعتبارها دعوى تعويض عن القرار الصادر من محافظة المنيا بإعادة فتح المزايدة بين المتزايدين على أساس آخر سعر وصلت إليه مزايدة 12 من أغسطس سنة 1964 وهو قرار التزم حدود القانون وبرئ من كل العيوب الأمر الذي ينتفي معه وجه مساءلة الإدارة عن التعويض إذ نصت شروط المزايدة في البند الخامس منها على أن (للمجلس الحق في قبول أو رفض أي عطاء بدون إبداء الأسباب) وهو من الشروط المشروعة فلا تثريب على الإدارة إذ من حقها وفقاً لنص هذا البند رفض العطاء المقدم من المدعي ما دام تصرفها خالياً من شائبة إساءة استعمال السلطة وتغيت به وجه الصالح العام - وليس صحيحاً ما يذهب إليه المدعي من أن حق الإدارة في إلغاء المناقصة أو المزايدة يقتصر على الحالات الثلاثة المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 لأن الأسس العامة في العقود الإدارية تخول الإدارة عدم التعاقد في جميع الحالات. وبناء على ما تقدم يكون قرار محافظة المنيا بإلغاء المزايدة التي كان محدداً لها جلسة 12 من أغسطس سنة 1964 قد صدر صحيحاً وتكون إجراءات إعادة المزايدة وإرسائها بجلسة 2 من سبتمبر سنة 1964 على متزايد آخر قد وقعت صحيحة لا خطأ فيها. وفضلاً عن أن ركن الخطأ قد انتفى فإنه لم يقم دليل على توفر ركن الضرر إذ أن المدعي يركن في طلب التعويض إلى ما يزعم أنه أصيب به من خسارة نتيجة لإبقائه التأمين المدفوع منه تحت يد المجلس وباقي الثمن تحت يده معطلين طوال مدة قيام دعوى الإلغاء وإلى ما فاته من ربح كان ممكناً أن يحققه من رسو المزاد عليه، في حين أنه المسئول عن إبقاء التأمين تحت يد الإدارة دون مقتض بعد أن حدد موقفه بعدم الاشتراك في مزايدة 2 من سبتمبر سنة 1964 وذلك يصدق على ما يدعيه من إبقاء باقي الثمن تحت يده. أما ما كان يؤمله من ربح فلا يصلح أساساً للتعويض إذ أنه كما أن الربح محتمل فإن الخسارة محتملة أيضاً أما طلب الفوائد فلا يجوز إقحامه على الدعوى بإبدائه لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا.
(رابعاً) وإذ كانت الدعوى دعوى تعويض عن قرار محافظ المنيا بإعادة فتح المزايدة فإنه لا يكون لمجلس مدينة المنيا شأن بالنزاع القائم حول هذا القرار طالما كان ذلك سابقاً على مرحلة إبرام العقد التي تتحقق ابتداء منها مسئولية مجلس المدينة عما يترتب في حقه من التزامات عقدية فيكون رئيس مجلس المدينة بصفته غير ذي صفة في الدعوى إذ لم يصدر القرار موضوع الدعوى منه أو من مجلس المدينة بل صدر من المحافظ فكان يتعين توجيه الدعوى إليه.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن مجلس مدينة المنيا طرح في مزايدة عامة علنية هدم وبيع أنقاض مدرسة الاتحاد الإعدادية وتضمن الإعلان عن هذه المزايدة النص على أن (يدفع المتزايد 500 جنيه قيمة التأمين المؤقت يزاد إلى 20% من الثمن عند رسو المزاد) وأن مدة العملية شهران وأنه قد حدد ظهر يوم 12 من أغسطس سنة 1964 موعداً لجلسة المزاد وتضمنت شروط المزايدة التي وقع عليها المتزايدون النص على أن للمجلس الحق في قبول أو رفض أي عطاء بدون إبداء الأسباب وأن لائحة المزايدات والمناقصات متممة لهذه الشروط وقبل الإعلان عن هذه المزايدة قامت لجنة في 17 من يونيه سنة 1964 بتقدير الثمن الأساسي للمبنى بمبلغ 5500 جنيه وأجريت المزايدة في الموعد المحدد لها واشترك فيها ثلاثة وعشرون متزايداً - وأثبتت اللجنة التي أجرتها في محضرها المؤرخ 12 من أغسطس سنة 1964 بعد أن كف جميع المتزايدين عن المضي في المزايدة - عدا المدعي أنور إسماعيل ما نصه: (وانتهى المزاد على ذلك وكان أعلى سعر هو المقدم من السيد/ أنور إسماعيل محمد بمبلغ 6020 جنيهاً لا غير) وبناء على ذلك قام المذكور بتكملة التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عطائه أي إلى مبلغ 1304 جنيهات - وردت اللجنة إلى باقي المزايدين التأمينات المؤقتة المقدمة من كل منهم - ثم في 13 من أغسطس سنة 1964 تقدم السيد/ عبد الموجود مرسي قنديل وهو واحد ممن تقدموا بعطاءات في مزايدة 12 من أغسطس سنة 1964 - بطلب إلى رئيس مجلس المدينة ذكر فيه أنه إلحاقاً بالعطاء المقدم منه يبدي استعداده لقبول العملية بمبلغ إجمالي قدره 6650 جنيهاً - وفي 15 من أغسطس سنة 1964 تقدم كل من عبد الفتاح عثمان ومحمد حسن عتمان بطلب إلى محافظ المنيا ذكر فيه أنه لم يتمكن من حضور المزايدة وأبدى فيه استعداده لدفع 10% زيادة على الثمن الراسي به المزاد - وفي 15 من أغسطس سنة 1964 طلب سكرتير عام المحافظة من مدير الإدارة الهندسية لمجلس المدينة عدم البت في المزايدة لحين حضور المحافظ وفي 23 من أغسطس سنة 1964 انعقدت (لجنة البت في عملية هدم وبيع أنقاض مدرسة الاتحاد مزايدة جلسة 12 من أغسطس سنة 1964) حسبما هو مبين بصدر محضرها وبعد أن أشارت في هذا المحضر إلى العروض السابقة انتهت إلى أنها ترى (أنه في حالة استدعاء مقدمي هذه العروض وصاحب أعلى سعر في هذه المزايدة احتمال الوصول إلى سعر أكبر من آخر سعر للمزايدة وذلك لصالح الخزانة) وأشر رئيس مجلس مدينة المنيا على هذا المحضر في 23 من أغسطس سنة 1963 بما نصه (مرفوع للسيد المحافظ رجاء التكرم بالموافقة على فتح المزايدة بين المتزايدين على أساس آخر سعر وصلت إليه المزايدة) وأشر المحافظ بموافقته على ذلك وبكتب مؤرخة 25 من أغسطس سنة 1964 أخطر مجلس المدينة المدعي ومقدمي الطلبات المؤرخة 13، 15 من أغسطس سنة 1964 بأنه قد حدد يوم 2 من سبتمبر سنة 1964 لجلسة المزاد. وأجاب المدعي على هذا الإخطار بإنذار أعلن إلى رئيس مجلس المدينة وإلى المحافظ في 31 من أغسطس سنة 1964 طلب فيه إلغاء المزايدة الجديدة. وتم إجراء هذه المزايدة في الموعد المحدد لها ولم يتقدم فيها سوى ثلاثة مزايدين هم مقدمو الطلبات سالفة الذكر. وأثبتت اللجنة التي أجرت المزايدة المذكورة في محضر محرر على ذات محضر المزايدة أسمته (محضر لجنة البت) ما نصه: (اجتمعت اللجنة المشكلة بعاليه وبعد أن استعرضت العطاءات المقدمة في هذه العملية ترى إسنادها إلى صاحب أعلى سعر وهو المقدم من السيد عبد الموجود مرسي بمبلغ إجمالي قدره 6650 جنيهاً حيث إن هذا السعر أزيد من السعر المقدم من السيد أنور إسماعيل بجلسة 13/ 8/ 1964 ونظراً لأنه أخطر بكتاب المجلس رقم 6940 في 25 / 8/ 1964 لحضور هذه الجلسة ولم يحضر وأرسل إنذاراً يطلب فيه إسناد العملية إليه بمبلغ 6020 جنيهاً ولما كان من حق المجلس قبول أو رفض أي عطاء بدون إبداء الأسباب وأنه لم يصدر إليه خطاب اعتماد بقبول عطائه بناء على قرار لجنة البت في 23/ 8/ 1964 وموافقة السيد المحافظ وأن هذا الإنذار غير قانوني وأن الـ 20% التي تحصل هي تكملة للتأمين المؤقت بالنسبة لجملة العطاء كضمان لجدية العطاء طبقاً للمادة 150 تطبيقاً للائحة وترى اللجنة قبول السعر المقدم من السيد/ عبد الموجود مرسي بمبلغ إجمالي قدره 6650 جنيهاً لمناسبته وهو أعلى من السعر المقدم في المزايدة التي تمت في 12/ 8/ 1964 بمبلغ 630 جنيهاً وأكبر من التقدير الأساسي بمبلغ 1150 جنيهاً) وأشر رئيس مجلس المدينة على هذا المحضر في 5 من أكتوبر سنة 1964 بما نصه (معروض على السيد المحافظ رجاء الاعتماد) كما أشر عليه المحافظ بكلمة (يعتمد) وبكتاب مؤرخ أول ديسمبر سنة 1964 صادر من رئيس مجلس المدينة أخطر السيد/ عبد الموجود مرسي قنديل باعتماد العطاء المقدم منه في مزايدة 2 من سبتمبر سنة 1964.
ومن حيث إن المدعي يطلب الحكم له بتعويض عما لحق به من ضرر ناشئ عن القرار المخالف للقانون الصادر بإعادة المزايدة. وتقوم دعواه أساساً على أنه كان يتعين على مجلس المدينة أن يلتزم بما أسفرت عنه المزايدة التي أجريت في 12 من أغسطس سنة 1964 من رسو المزاد عليه في حين أن دفاع مجلس المدينة يقوم على أن القرار المذكور وقد صدر من محافظ المنيا فإن الدعوى تكون بتوجيهها إلى مجلس المدينة قد أقيمت على غير ذي صفة. كما يقوم دفاع المجلس في الموضوع على أن لجنة المزايدة سالفة الذكر قد اقتصرت على إجراء المزايدة وإنها حتى لو اعتبرت لجنة بت فإنه لم يكن فيما قامت به ما يقيده بالتعاقد مع المدعي.
ومن حيث إنه إذا كان مجلس مدينة المنيا هو الذي قام بطرح عملية هدم وبيع أنقاض مدرسة الاتحاد الإعدادية في المزايدة فإن الذي يختص بإلغاء هذه المزايدة وفقاً لما تقضي به المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات هو رئيس هذا المجلس الذي ناطت به المادة 77 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية السلطات المالية المقررة لرئيس المصلحة.
ومن حيث إن الثابت في الأوراق أنه بعد أن رأت اللجنة التي انعقدت في 23 من أغسطس سنة 1964 إعادة المزايدة للوصول إلى سعر أكبر، الأمر الذي ينطوي على إلغاء المزايدة التي أجريت في 12 من أغسطس سنة 1964 ووافق على ذلك رئيس مجلس المدينة حسبما هو مستفاد من تأشيرة على محضر اللجنة المذكورة.
وإنه ولئن كان قد رفع الأمر إلى المحافظ بناء على ما طلبه سكرتير عام المحافظة ولئن كان المحافظ قد وافق على ما ارتآه رئيس مجلس المدينة - إلا أن طلب عرض الأمر على المحافظ في هذه الحالة لا يعدو أن يكون ممارسة من جانبه لاختصاصه بالتفتيش على أعمال مجالس المدن وفقاً لما تقضي به المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية أما ما يتخذه رئيس مجلس المدينة من قرارات في حدود اختصاصه فإنها تعتبر نافذة بذاتها دون حاجة إلى تصديق من المحافظ ما لم يرد نص يقضي بغير ذلك.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يعتبر قرار رئيس مجلس المدينة بالموافقة على رأي اللجنة التي انعقدت في 23 من أغسطس سنة 1964 المتضمن إلغاء مزايدة 12 من أغسطس سنة 1964 يعتبر هذا القرار صادراً عن الجهة الإدارية المختصة بمجلس مدينة المنيا.
ومن حيث إن الوحدات الإدارية التي تمثلها المجالس المحلية لها الشخصية الاعتبارية بحكم الدستور ولها أهلية التقاضي ويقوم رئيس المجلس بتمثيلها أمام القضاء وفقاً لحكم المادة 53 من القانون رقم 124 لسنة 1960 وبهذه المثابة يكون المجلس المحلي المختص هو صاحب الصفة فيما يثور من منازعات بشأن ما يصدر عنه من قرارات وما تتخذه الإدارات التي يستعين بها في مباشرة اختصاصاته من قرارات وإجراءات وهو الذي يتعين أن توجه إليه الدعوى باعتباره الجهة الإدارية ذات الشأن في المنازعة. وإذ أقيمت هذه الدعوى ضد مجلس المدينة بطلب تعويض عن قرار بإعادة مزايدة أجراها هذا المجلس فإنها تكون قد أقيمت على الجهة ذات الشأن في هذه المنازعة ويكون الدفع بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة غير قائم على أساس متعيناً رفضه.
ومن حيث إن لائحة المناقصات والمزايدات تنص في المادة 150 منها على أنه يجب أن ينص في شروط البيع على ما يأتي: "1 أن يدفع المتزايدون نقداً أو بشيكات طبقاً لأحكام الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 149 قبل الدخول في المزاد العلني أو بمظاريف مغلقة مبلغاً معيناً يقدره رئيس المصلحة أو الإدارة.. ويجب أن يكمل بالطريقة ذاتها التأمين المدفوع إلى 20% من ثمن البضاعة وذلك بمجرد رسو المزاد..) وتنص في المادة 151 منها على أن - (تتولى البيع والبت في نتيجة المزاد إذا تم بغير طريق المظاريف لجنة تشكل بالطريقة المنصوص عليها في المادة 66 ثم تحرر محضراً بإجراءاتها تبين فيه قيمة التأمين المؤدى من كل من المتزايدين وما ورد لأربابه ثم تدون مفردات البيع على الاستمارة المعدة لذلك وترافقها قسيمة التحصيل) وتنص المادة 152 منها على أنه (إذا لم يتقدم أحد للتزايد أو إذا لم تصل نتيجة المزاد إلى الثمن الأساسي للأصناف المعروضة وكانت لا تتلف بمضي مدة التخزين عليها فيؤجل البيع إلى جلسة أخرى وتخفض نسبة مئوية لا تتجاوز 10% من التقرير السابق..) كما تنص في المادة 154 منها على أنه (يجوز رد التأمينات الابتدائية المؤداة من المتزايدين الذين لم يرس عليهم المزاد وذلك في الجلسة ذاتها بعد سحب إيصالات التأمين المؤقت..) ووفقاً لأحكام هذه النصوص تتولى البيع والبت في نتيجة المزايدة إذا تمت بغير طريق المظاريف لجنة واحدة، وتقوم هذه اللجنة في جلسة المزايدة بتكليف المزايد الذي تقدم بأفضل العطاءات بتكملة التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عطائه ويجوز لها أيضاً في ذات الجلسة رد التأمينات الابتدائية - المؤداة من المزايدين الذين لم يرس عليهم المزاد - أما إذا لم يتقدم أحد للتزايد أو لم تصل نتيجة المزايدة إلى الثمن الأساسي فيؤجل البيع مع تخفيض التقدير السابق لهذا الثمن بنسبة لا تجاوز 10%.
ومن حيث إن اللجنة التي أجرت المزايدة الأولى في 12 من أغسطس سنة 1964 قد أثبتت في محضرها أن المزاد قد انتهى وأن أعلى سعر كان هو المقدم من المدعي بمبلغ 6020 جنيهاً والثابت من الأوراق أنه قد أكمل التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عرضه وأن اللجنة قد قامت فعلاً وفي ذات الجلسة برد التأمينات الابتدائية المقدمة من باقي المزايدين - وما قامت به اللجنة على هذا الوجه وفقاً لأحكام اللائحة المشار إليها ينطوي في الواقع على البت في نتيجة المزايدة بتعيين صاحب العطاء الأفضل الذي يبرم معه العقد واستبعاد باقي المتقدمين للمزايدة وتحلل كل منهم من التزامه بالعطاء الذي تقدم به ورد تأمينه المؤقت إليه.
ومن حيث إن عدم اعتماد نتيجة مزايدة 12 من أغسطس سنة 1964 وإعادة المزايدة في 2 من سبتمبر سنة 1964 ينطوي في الواقع على إلغاء المزايدة الأولى وهو ما ذهب إليه بحق الحكم المطعون فيه في أسبابه. بل وما ذهب إليه أيضاً مجلس المدينة في مذكرته في هذا الطعن أما أسباب الإلغاء فتتحصل حسبما هو مستفاد من الأوراق في مراعاة المصلحة المالية للمجلس وما يعود عليه من التعاقد مع من يتقدم بعطاء يزيد على عطاء المدعي.
ومن حيث إن القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات ينص في المادة السادسة منه على أنه (مع مراعاة المادة السابقة لا يجوز بعد البت في طلبات الاستبعاد إرساء المناقصة إلا على صاحب أقل عطاء..) كما ينص في المادة السابعة منه على أن (تلغى المناقصات بقرار مسبب من رئيس المصلحة بعد النشر عنها وقبل البت فيها إذا استغنى عنها نهائياً أما في غير هذه الحالة فيجوز لرئيس المصلحة إلغاء المناقصة في إحدى الحالات الآتية: (1) إذا تقدم عطاء وحيد أو لم يبق بعد العطاءات المستبعدة إلا عطاء واحد (2) إذا اقترنت العطاءات كلها أو أكثرها بتحفظات (3) إذا كانت قيمة العطاء الأقل تزيد على القيمة السوقية - ويكون الإلغاء في هذه الحالات بقرار من رئيس المصلحة بناء على رأي لجنة البت في العطاءات وهذه الأحكام تسري وفقاً لما تقضي به المادة 11 من القانون على مزادات بيع الأصناف والمهمات التي يتقرر التصرف فيها وعلى مقاولات الأعمال والنقل - ووفقاً لها يتعين على الجهة الإدارية المختصة إذا رأت إبرام العقد أن تتعاقد مع صاحب العطاء الأفضل الذي عينته اللجنة المختصة بالبت في المزايدة ولا تملك أن تستبدل به غيره حتى ولو كان منصوصاً في شروط المزايدة على أن لها الحق في قبول أو رفض أي عطاء دون إبداء الأسباب لمخالفة هذا الشرط لأحكام القانون ولائحة المناقصات والمزايدات وما تضمنته من قواعد قصد بها تحقيق المساواة بين جميع المزايدين - على أنه يجوز إلغاء المزايدة متى قامت إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون.
ومن حيث إنه ليس في الأوراق ما يفيد أنه قد توافرت في المزايدة التي أجريت في 12 من أغسطس سنة 1964 إحدى الحالات التي تجيز إلغاءها وفقاً لأحكام المادة السابعة سالفة الذكر بل إن إلغاءها كان يقصد إعادة المزايدة توصلاً إلى الحصول على ثمن أعلى من الثمن الذي حدده المدعي في عطائه- أما ما ذهب إليه مجلس المدينة وسايره فيه الحكم المطعون فيه من أن عطاء المدعي كان يقل عن القيمة السوقية فمردود بأنه قبل الإعلان عن المزايدة تم تقدير الثمن الأساسي لأنقاض المدرسة بمعرفة لجنة فنية انتهت إلى تحديد هذا الثمن بمبلغ 5500 جنيه وبدهي أنه قد روعي في هذا التحديد الأثمان السائدة في السوق وإذ كان عطاء المدعي يزيد على هذا الثمن بمبلغ 520 جنيهاً فإنه لا يقبل من مجلس المدينة الادعاء بأن العطاء المذكور يقل عن القيمة السوقية وفضلاً عن ذلك فإن اللجنة التي انعقدت في 23 من أغسطس سنة 1964 ورأت إعادة المزايدة لم تستند فيما انتهت إليه في هذا الشأن إلى قلة الثمن الذي عرضه المدعي عن القيمة السوقية بل إلى أنه قد قدمت عروض بعد انتهاء مزايدة 12 من أغسطس سنة 1964 تزيد على أعلى العروض المقدمة فيها.
ومن حيث إنه لما تقدم وإذ لم تقم بالمزايدة التي أجريت في 12 من أغسطس سنة 1964 إحدى الحالات التي تجيز إلغاءها وفقاً لأحكام المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 فإنه ما كان يجوز إلغاؤها وعدم الاعتداد بنتيجتها تمهيداً لإعادة المزايدة بقصد الوصول إلى ثمن أعلى - بل كان يتعين وفقاً لأحكام هذا القانون ولائحة المناقصات والمزايدات اعتماد إرسائها على المدعي ما دام أنه قد تقدم بأفضل العطاءات وقام بالتزامه بإكمال التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عطائه ويكون القرار الصادر بإعادة المزايدة وما ترتب عليه من إجراءات انتهت بإرسائها على غير المدعي- مخالفاً للقانون - ولا شك في أن هذا القرار غير المشروع قد ألحق ضرراً بالمدعي يتمثل فيما تكبده من نفقات للاشتراك في المزايدة وما اقتضاه ذلك من قيامه بإيداع تأمين قدره 1204 جنيهاً، وفيما فاته من فرصة الحصول على الربح الذي كان يأمل في تحقيقه فيما لو تم التعاقد معه والذي قام الدليل على رجحانه برسو المزايدة على غيره بثمن يزيد على قيمة عطائه - وتقدر المحكمة التعويض المستحق له بمبلغ ثلاثمائة جنيه.
ومن حيث إن المدعي قد طلب في مذكرته المقدمة إلى محكمة القضاء الإداري الحكم بالتعويض وبفوائده بسعر 4% من تاريخ الحكم حتى السداد. وإذ أصبح هذا التعويض معلوم المقدار على وجه اليقين من تاريخ هذا الحكم فإنه يتعين إجابة المدعي إلى طلب الحكم بالفوائد من التاريخ المذكور.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب بقضائه برفض الدعوى فإنه يتعين إلغاؤه والقضاء بإلزام مجلس مدينة المنيا بأن يدفع للمدعي تعويضاً قدره ثلاثمائة جنيه والفوائد بواقع 4% سنوياً عن تاريخ هذا الحكم حتى تمام السداد مع إلزامه بالمصروفات المناسبة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام مجلس مدينة المنيا بأن يدفع للمدعي تعويضاً قدره ثلاثمائة جنيه مصري والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ هذا الحكم وألزمته بالمصروفات المناسبة.