أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 19 - صـ 443

جلسة 29 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

(65)
الطعن رقم 269 لسنة 34 القضائية

( أ ) حراسة. "حراسة الطوارئ". "أثر فرض الحراسة". دعوى. "الخصوم في الدعوى". أهلية.
فرض الحراسة على أموال وممتلكات أحد الأشخاص. أثره: رفع يده عن إدارة أمواله ومنعه من التقاضي. الحارس العام صاحب الصفة الوحيدة في تمثيله أمام القضاء. هذا المنع لا يفقد الشخص الخاضع للحراسة أهليته. الحارس العام نائب عنه نيابة قانونية مقتضاها تمثيله هذا الشخص أمام القضاء وتنفيذ الأحكام التي تصدر ضده في أمواله التي يتولى الحارس إدارتها نيابة عنه. اختصام الحارس - بعد فرض الحراسة - في الدعوى اختصام صحيح ولو بقى الشخص الخاضع للحراسة خصماً في الدعوى.
(ب) رسوم. "رسم دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية". قطن.
عدم التزام المصنع بأداء رسم دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية إلا عن الأقطان المملوكة له الداخلة في التشغيل سواء كان ذلك لحسابه أو لحساب الغير. الأقطان المملوكة للغير ويقوم المصنع بتشغيلها لحسابه لا يلزم المصنع بالرسم وإنما يتحمله صاحب القطن. هذا الرسم مقابل خدمات يؤديها صندوق دعم صناعة القطن يعود بعضها على مالك القطن.
(ج) رسوم. "رسم دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية". تقادم. "تقادم مسقط". التزام. "الوفاء مع الحلول". "دعوى الحلول". دعوى.
رجوع الموفي على المدين بدعوى الحلول هو رجوع بنفس الحق الذي انتقل إليه من الدائن. تقادم الرسم المستحق لصندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية بخمس سنوات.
(د) حجز إداري. "أثر توقيع الحجز". تقادم. "تقادم مسقط". "قطع التقادم".
الحجز الإداري الموقع ضد الموفي عن الدين لا يقطع مدة التقادم بالنسبة للمدين.
(هـ) التزام. "الوفاء من الغير". "رجوع الموفى غير الملزم على الغير". "الدعوى الشخصية". دعوى. تقادم. "تقادم مسقط".
رجوع الغير الموفى - الذي ليس ملزماً بالوفاء - على المدين بما أوفاه يكون بالدعوى الشخصية. حق الموفي في الرجوع ينشأ من تاريخ وفائه بالدين ويتقادم بثلاث سنوات تبدأ من هذا التاريخ.
1 - لئن كان يترتب على فرض حراسة الطوارئ على أموال وممتلكات أحد الأشخاص - على ما تقضي به أحكام الأمر رقم 4 لسنة 1956 - رفع يده عن إدارة أمواله ومنعه من التقاضي بشأنها أو متابعة السير في دعوى كانت مرفوعة عليه أمام القضاء قبل فرض هذه الحراسة وأن يصبح الحارس العام هو صاحب الصفة الوحيد في تمثيله أمام القضاء إلا أن هذا المنع لا يفقد الشخص الخاضع للحراسة أهليته. فإذا اختصم الحارس العام على أثر فرض الحراسة ليكون الحكم الذي يصدر في الدعوى حجة عليه فإنه يكون قد اختصم في الدعوى اختصاماً صحيحاً يتفق مع صفة النيابة التي أسبغها عليه القانون عن الشخص الذي فرضت الحراسة على أمواله. ولا يغير من ذلك بقاء هذا الشخص خصماً في الدعوى وصدور الحكم بإلزامه بالمبلغ موضوع الدعوى ذلك بأنه هو الأصيل الملزم بالدين المطلوب الحكم به وما الحارس العام إلا نائباً عنه نيابة قانونية خوله الشارع بمقتضاها تمثيله أمام القضاء وتنفيذ الأحكام التي تصدر ضده في أمواله التي يتولى الحارس العام إدارتها نيابة عنه.
2 - مفاد نصوص المواد 2 و8 و9 و12 من القانون رقم 251 لسنة 1953 بإنشاء صندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية - مجتمعة - أن المصنع لا يلتزم بأداء الرسم للصندوق إلا عن الأقطان المملوكة له الداخلة في التشغيل سواء كان هذا التشغيل لحسابه أو لحساب الغير أما إذا كان القطن مملوكاً للغير وقدمه إلى المصنع لتشغيله لحسابه فإن المصنع لا يلتزم في هذه الحالة بالرسم وإنما يتحمله صاحب القطن لأنه يعتبر عندئذ صانعاً يقوم بتشغيل قطن في مصنع الغير ولأن الرسم هو مقابل الخدمات التي يؤديها الصندوق لصانعي الغزل والمنسوجات القطنية وهذه الخدمات كما بينتها المادة الثانية يعود نفعها دائماً على مالك القطن الذي صنع غزلاً أو منسوجات ويقوم هو ببيعها في الأسواق الداخلية أو الخارجية ومن ثم فإن صاحب المصنع لا يلتزم بأداء الرسم المستحق على الأقطان المملوكة للغير والتي لا يقوم المصنع ببيع الغزل والمنسوجات الناتجة منها.
3 - إن الموفي حين يرجع على المدين بدعوى الحلول إنما يرجع بنفس الحق الذي انتقل إليه من الدائن فإذا كان هذا الحق هو الرسم المستحق لصندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية فإنه يتقادم بخمس سنوات عملاً بالمادة الأولى من القانون رقم 646 لسنة 1953 الذي عدل المادة 377 من القانون المدني.
4 - الحجز الإداري الموقع ضد الموفي عن الدين لا يقطع مدة التقادم بالنسبة للمدين.
5 - رجوع الغير الموفي - الذي ليس ملزماً بالوفاء - بما أوفاه على المدين يكون بالدعوى الشخصية عملاً بالمادة 324 من القانون المدني. ولا ينشأ حق الموفي في هذا الرجوع إلا من تاريخ وفائه بالدين ولا يتقادم إلا بانقضاء ثلاث سنوات تبدأ من هذا التاريخ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام في 27 مايو سنة 1958 الدعوى رقم 865 سنة 1958 تجاري كلي القاهرة على السيد/ موريس تاجر ومدير صندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية ومدير مصلحة الضرائب وطلب فيها الحكم بإلزام الأول في مواجهة الآخرين بأن يدفع له مبلغ 739 ج و807 م والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وقال شرحاً لدعواه إن السيد/ موريس تاجر كان يعهد إليه بأقطان مملوكة له ليقوم بتشغيلها غزلاً في مصنعه لحساب موريس تاجر وأن صندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية طالب المطعون ضده بهذا المبلغ على أساس أنه يمثل الرسم المستحق للصندوق على القطن المملوك لموريس تاجر والذي تم تشغيله في المصنع وأوقع ضده حجزاً إدارياً وفاء لهذا المبلغ فاضطر في سبيل تفادي إجراءات البيع إلى الوفاء للصندوق بمبلغ 374 ج و919 م وتعهد بالوفاء له بالباقي وإذ كان موريس تاجر (الطاعن) هو الملزم طبقاً لأحكام القانون رقم 251 سنة 1953 بهذا الرسم لأنه مستحق على أقطانه التي جرى تصنيعها غزلاً لحسابه في مصنع المطعون ضده وكان قد امتنع عن الوفاء له بهذا المبلغ فقد رفع عليه الدعوى بطلب إلزامه به - وقد طلب موريس تاجر رفض الدعوى استناداً إلى أن الملزم بالرسم هو المطعون ضده باعتباره صاحب المصنع الذي صنع القطن فيه وأقام من جانبه دعوى فرعية عليه طلب فيها إلزامه بأن يدفع له مبلغ 1019 ج و143 م قيمة رسم الدعم الذي اقتضاه منه المطعون ضده بغير وجه حق عن أقطان سبق أن غزلها في مصنعه. وأثناء سير الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى فرفضت الحراسة على أموال موريس تاجر بمقتضى الأمر رقم 138 سنة 1961 فأدخل المطعون ضده كلاً من الطاعن بصفته الحارس العام على أموال الخاضعين للحراسة والحارس الخاص على أموال موريس تاجر ليكون الحكم الصادر في الدعوى حجة عليهما بصفتيهما - وفي 13 فبراير سنة 1963 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليه الأول (موريس تاجر) في مواجهة باقي المدعى عليهم بأن يدفع للمدعي (المطعون ضده) مبلغ 739 ج و807 م والفوائد بواقع 5% سنوياً من 7 مايو سنة 1958 حتى السداد وبرفض دعوى موريس تاجر الفرعية فاستأنف الطاعن بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 318 سنة 80 ق طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى الأصلية والحكم له بطلباته في الدعوى الفرعية وبنى استئنافه على (أولاً) بطلان الحكم الابتدائي لصدوره على غير ذي صفة بعد أن فرضت الحراسة على أموال موريس تاجر بمقتضى الأمر رقم 138 سنة 1961 وأصبح وفقاً لأحكام الأمر رقم 4 سنة 1956 ممنوعاً من التقاضي (ثانياً) أن الحكم مشوب بقصور يبطله بالنسبة لقضائه في الدعوى الفرعية إذ لم يناقش عناصرها ويحققها. (ثالثاً) إن رسم الدعم المستحق عن موسمي 1953/ 1954، 1954/ 1958 قد سقط بالتقادم الثلاثي في 14 مارس سنة 1957 و14 مارس سنة 1958 أي قبل رفع هذه الدعوى - ومحكمة الاستئناف قضت في 25 فبراير سنة 1964 بتأييد الحكم المستأنف - وبتقرير تاريخه 26 أبريل سنة 1964 طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين قضي بإلزام موريس تاجر بالمبلغ المحكوم به في مواجهة الطاعن لأن موريس تاجر قد أخضع للأمر رقم 138 سنة 1961 وفرضت الحراسة على أمواله وبذلك زالت صفته في التقاضي طبقاً لهذا الأمر والأمر رقم 4 سنة 1956 وأصبح للحارس العام وحده الصفة في تمثيله أمام القضاء وهو الذي تصدر الأحكام له أو عليه ولا يشفع للحكم قوله إن الحارس العام كان مختصماً في الدعوى وقد صدر الحكم في مواجهته مما يجعل الحكم حجة على الطاعن وينصرف أثره إليه ذلك أن الحجية لا تكون إلا لمنطوق الحكم وإذ كان منطوق الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه يقضي بإلزام موريس تاجر بالمبلغ المحكوم به ولم يلزم به الطاعن بصفته وكان المطعون ضده قد شرع في تنفيذ الحكم على الطاعن بصفته فإنه تكون له مصلحة في التمسك ببطلانه لصدوره على غير ذي صفة وكان على محكمة الاستئناف أن تقضي بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وإذ لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه وإن كان يترتب على فرض حراسة الطوارئ على أموال وممتلكات أحد الأشخاص - على ما تقضي به أحكام الأمر رقم 4 لسنة 1956 - رفع يده عن إدارة أمواله ومنعه من التقاضي بشأنها أو متابعة السير في دعوى كانت مرفوعة عليه أمام القضاء قبل فرض هذه الحراسة وأن يصبح الحارس العام هو صاحب الصفة الوحيد في تمثيله أمام القضاء إلا أن هذا المنع لا يفقد الشخص الخاضع للحراسة أهليته - ولما كان الثابت الذي سجله الحكم المطعون فيه أنه على أثر فرض الحراسة على أموال موريس تاجر بالأمر رقم 138 سنة 1961 قام المطعون ضده رافع الدعوى باختصام الحارس العام (الطاعن) ليصدر الحكم على موريس تاجر في مواجهته بعد فرض الحراسة. كما ذكر بصحيفة إدخال الحارس العام أن المطعون ضده إنما يختصمه ليكون الحكم حجة عليه فإن الحارس العام (الطاعن) يكون قد اختصم في الدعوى اختصاماً صحيحاً يتفق مع صفة النيابة التي أسبغها عليه القانون عن الشخص الذي فرضت الحراسة على أمواله ولا يغير من هذا النظر بقاء موريس تاجر خصماً في الدعوى وصدور الحكم بإلزامه بالمبلغ ذلك بأنه هو الأصيل الملزم بالدين المطلوب الحكم به وما الحارس العام إلا نائب عنه نيابة قانونية خوله الشارع بمقتضاها تمثيله أمام القضاء وتنفيذ الأحكام التي تصدر ضده في أمواله التي يتولى الحارس العام إدارتها نيابة عنه. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في أسبابه يعتبر مكملاً للمنطوق ويفصح بأن قضاء الحكم بالإلزام صادر ضد موريس تاجر ممثلاً في الحارس العام (الطاعن) فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بأن الحكم الابتدائي قضى برفض دعواه الفرعية دون أن يناقش عناصرها أو يحققها مكتفياً بالقول بأنها دفع للدعوى الأصلية وقد رفضت محكمة الاستئناف هذا الدفاع تأسيساً على ما قالته من أن الدعوى الأصلية تقوم على التزام موريس تاجر برسم الدعم وأن مبنى الدعوى الفرعية عدم التزامه بهذا الرسم على أساس أن الملزم به هو صاحب مصنع الغزل وأن من حق موريس تاجر أن يسترد ما كان قد دفعه من رسم للمطعون ضده وأن محكمة الدرجة الأولى وقد انتهت بحق إلى أن موريس تاجر مالك القطن الذي تم تشغيله غزلاً لحسابه في مصنع المطعون ضده هو الملزم بالرسم المستحق على ذلك القطن - ويرى الطاعن أن هذا الذي أقام الحكم عليه قضاءه ينطوي على خطأ في تطبيق القانون وتأويله لأنه يبين من نصوص القانون رقم 251 سنة 1953 التي استعرضها الطاعن في التقرير أن الرسم مفروض على أصحاب مصانع الغزل وأنهم هم الملزمون بأدائه لصندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية مما كان يتعين معه رفض الدعوى الأصلية والقضاء له بطلباته في الدعوى الفرعية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مخطئاً في القانون بما يستوجب نقضه. ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تحصيل الواقع خطأ أدى به إلى الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن العلاقة بينه وبين المطعون ضده يحكمها عقد مقاولة كان الطاعن يعهد بمقتضاه بأقطانه إلى المطعون ضده ليقوم بتشغيلها في مصنعه غزلاً لحساب الطاعن مقابل عمولة معينة وبعد أن صدر القانون رقم 251 سنة 1953 وألزم أصحاب مصانع الغزل ومنهم المطعون ضده برسم دعم صناعة الغزل فإنه كان عليه أن يلجأ للقضاء لفسخ هذا العقد أو رد التزامه الذي أصبح تنفيذه مرهقاً له إلى الحد المعقول تطبيقاً لنظرية الظروف الطارئة ولكنه لم يفعل وبالتالي فقد بقيت العلاقة بينهما محكومة بهذا العقد وهو لا يتضمن إلزامه بدفع الرسم مما كان يتعين معه على محكمة الموضوع أن تقضي برفض الدعوى دون حاجة للخوض في نصوص القانون رقم 251 سنة 1953 على النحو الخاطئ الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه - وأضاف الطاعن أن هذا الخطأ قد جر محكمة الموضوع إلى رفض دفاعه المؤسس على انتهاء العلاقة القديمة ونشوء علاقة جديدة بين الطرفين في سنة 1958 وأنه لا يفهم من خطاب 9 يونيه سنة 1958 قبوله أن يتحمل برسم الدعم عن الأقطان التي تم تشغيلها في موسمي 1953/ 1954، و1954/ 1955 وإنما المفهوم منه أنه قصد أن يتحمل بهذا الرسم ابتداء من 27 مايو سنة 1958 ولا يعني ذلك أنه هو الملزم أصلاً بأدائه وإنما كان أداؤه لجزء منه نيابة عن المطعون ضده لوجود معاملات مالية بينهما.
وحيث إنه يبين من استقراء نصوص القانون رقم 251 لسنة 1953 بإنشاء صندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية أن المادة الثانية منه قد بينت أغراض الصندوق وهي تشجيع تصريف الغزل والمنسوجات القطنية في الأسواق الداخلية والخارجية ودعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية عن طريق إجراء بحوث فنية وإنشاء معامل ومعاهد أبحاث ومراكز تدريب لرفع المستوى الفني والمهني لهذه الصناعة وإقراض المصانع لتمكينها من توجيه إنتاجها بما يتمشى مع مقتضيات التصدير ونصت المادة الثامنة على أن "يمول الصندوق من رسم تقوم بأدائه مصانع غزل القطن عند سحب مقطوعيتها من الأقطان من اللجنة الحكومية أو البنوك أو التجار أو غيرهم سواء لتشغيلها لحساب المصانع أو لحساب الغير" وتقضي المادة التاسعة بأن تعين اللجنة القائمة على إدارة الصندوق قيمة الرسم بحيث لا تقل عن نسبة محددة من ثمن القطن المسحوب. كما تلزم المادة العاشرة كل من يبيع قطناً لمصنع من مصانع الغزل بإيداع قيمة الرسم أحد البنوك عند تسليمه القطن - وتقضي المادة الثانية عشر بأن يعتبر المصنع الذي لم يؤد الرسم مسئولاً مع البائع عن أدائه، وأخيراً نصت المادة الثالثة عشر على أن تضاف قيمة الرسم إلى تكاليف إنتاج مصانع الغزل - ومفاد هذه النصوص مجتمعة أن المصنع لا يلتزم بأداء الرسم للصندوق إلا عن الأقطان المملوكة له الداخلة في التشغيل سواء كان هذا التشغيل لحسابه أو لحساب الغير أما إذا كان القطن مملوكاً للغير وقدمه إلى المصنع لتشغيله لحسابه فإن المصنع لا يلتزم في هذه الحال بالرسم وإنما يتحمله صاحب القطن لأنه يعتبر عندئذ صانعاً يقوم بتشغيل قطنه في مصنع الغير ولأن الرسم هو مقابل الخدمات التي يؤديها الصندوق لصانعي الغزل والمنسوجات القطنية وهذه الخدمات كما بينتها المادة الثانية يعود نفعها دائماً على مالك القطن الذي صنع غزلاً أو منسوجات ويقوم هو ببيعها في الأسواق الداخلية أو الخارجية. ومن ثم فإن صاحب المصنع لا يلتزم بأداء الرسم المستحق على الأقطان المملوكة للغير والتي لا يقوم المصنع ببيع الغزل والمنسوجات الناتجة منها ويؤكد هذا النظر أيضاً أن المشرع حدد الرسم بنسبة معينة ثمن الأقطان المسحوبة من البائعين بقصد تشغيلها وألزم المصانع بأدائه عند سحب مقطوعيتها من هذه الأقطان من البائعين مما مفاده أنه إذا لم يكن المصنع هو المشتري للقطن الداخل في التشغيل فلا يلزم بأداء الرسم عنه وإنما يلتزم بأدائه من اشتراه عند سحبه من البائع - كما أن المشرع إذ نص في المادة 13 على أن تضاف قيمة الرسم إلى تكاليف إنتاج مصانع الغزل - وهي التكاليف التي تعتبر من عناصر تحديد السعر الجبري للغزل والمنسوجات القطنية باعتبارها من السلع المحددة السعر بمقتضى المرسوم بقانون رقم 163 سنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري وتحديد الأرباح لإضافتهما إلى الجدول الملحق به بالقرارين رقمي 14 لسنة 1953، 114 لسنة 1958 فإنه يكون قد افترض أن المصنع هو الذي يقوم ببيع الغزل والمنسوجات القطنية الناتجة من القطن وذلك لا يكون إلا إذا كان المصنع هو المالك للقطن الذي صنع غزلاً أو منسوجات وطالما أنه لا يجوز للمصنع أن يضيف قيمة الرسم إلى تكاليف إنتاج الغزل أو المنسوجات إذا كان لا يبيعهما فإنه لا يتأدى إلزامه بالرسم في هذه الحالة - لما كان ذلك وكان الرسم المطالب بقيمته في هذه الدعوى هو عن أقطان مملوكة للطاعن وتم تشغيلها في مصنع المطعون ضده ولحساب الطاعن فإنه يكون - وعلى ما سبق بيانه - ملزماً بأدائه وإذ كان المطعون ضده قد اضطر لأدائه لصندوق دعم صناعة الغزل فإنه يكون من حقه أن يرجع على الطاعن الملتزم به بقدر ما دفعه وذلك عملاً بالمادة 324 من القانون المدني. ولا يغير من هذا النظر كون العلاقة بين الطرفين كان يحكمها قبل صدور القانون رقم 251 سنة 1953 عقد مقاولة التزم المطعون ضده بمقتضاه بأن يقوم بتشغيل أقطان الطاعن في مصنعه لقاء عمولة معينة ذلك بأن هذا العقد قد تم قبل صدور القانون المذكور ولم يتناوله الاتفاق على الرسم الذي قرره هذا القانون ومن ثم فهو لا يحول دون تنفيذ أحكامه التي تلزم الطاعن بأداء الرسم عن أقطانه المذكورة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الأخير أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك بسقوط الرسم المطالب به بالتقادم الثلاثي عملاً بالمادة 377 من القانون المدني وقد رفضت محكمة الاستئناف هذا الدفع تأسيساً على أن الدعوى لا تتضمن مطالبة برسم الدعم وإنما مطالبة بقيمة هذا الرسم الذي أداه المطعون ضده عن الطاعن إلى مصلحة الضرائب وأن من حقه أن يحل محل الدائن ويطالب المدين به وهو الطاعن عملاً بالمادة 326 من القانون المدني وأن حقه في الحلول لا يسقط إلا بالتقادم الطويل هذا علاوة على أن الجهة المختصة قد أوقعت حجزاً إدارياً في أول أكتوبر سنة 1956 وفاء لهذا الرسم وقبل مضي ثلاث سنوات على تاريخ استحقاقه، ويرى الطاعن أن هذا من الحكم المطعون فيه خطأ في القانون ذلك لأن القانون رقم 251 سنة 1953 إنما يلزم المطعون ضده بهذا الرسم ولا يلزم الطاعن به - على ما سبق بيانه في السبب الثاني - وبذلك يكون المطعون ضده قد أوفى بما هو مستحق عليه وبالتالي لا يجوز له الرجوع عليه بقيمته - وأضاف الطاعن أن المطعون ضده إنما طالب بالمبلغ باعتباره رسماً وأنه يستعمل دعوى الحلول محل دائنه في اقتضاء هذا الرسم الذي يتقادم بثلاث سنوات، هذا إلى أنه لم توجه إلى الطاعن مطالبة تقطع مدة هذا التقادم وبالتالي فإن الحق في طلب هذا الرسم يكون قد سقط بالتقادم الثلاثي وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون مخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بما سبق الرد به على السببين الثاني والثالث من التزام الطاعن بالرسم دون المطعون ضده والنعي في شقه الثاني الخاص بسقوط حق المطعون ضده في المطالبة بقيمة الرسم بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 377 من القانون المدني عديم الجدوى ذلك بأنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض هذا الدفع على ما قاله من أن دعوى الحلول المنصوص عليها في المادة 326 من القانون المدني لا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة - وأن مدة التقادم الثلاثي قد انقطعت بالحجز الإداري الذي أوقعته الجهة المختصة في أول أكتوبر سنة 1956 وقبل انقضاء مدة التقادم - وهو من الحكم خطأ في القانون ذلك بأن الموفى حين يرجع على المدين بدعوى الحلول فإنما يرجع بنفس الحق الذي انتقل إليه من الدائن وهو رسم الدعم المستحق للصندوق وهذا الرسم يتقادم بخمس سنوات لا بثلاث سنوات كما ذكر الحكم وذلك عملاً بالمادة الأولى من القانون رقم 646 لسنة 1953 الذي عدل المادة 377 من القانون المدني - كما أن الحجز الإداري الموقع ضد المطعون عليه لا يقطع مدة التقادم بالنسبة للمدين وهو الطاعن إلا أن الحكم المطعون فيه قد انتهى مع ذلك إلى نتيجة صحيحة ذلك بأن الواقع الذي سجله هذا الحكم هو أن المطعون ضده قد اضطر تحت تأثير الحجز الإداري الموقع ضده للوفاء بالرسم المستحق على أقطان الطاعن التي تم تشغيلها بمصنع المطعون ضده والذي يلتزم به الطاعن على ما سبق بيانه وقد رجع المطعون ضده على الطاعن بالرسم الذي أوفاه عنه وهو غير ملزم بوفائه ومن ثم فإن رجوعه يكون بالدعوى الشخصية التي يرجع بها على المدين الغير الذي قام بوفاء الدين عملاً بالمادة 324 من القانون المدني ولا ينشأ حق الموفى في هذا الرجوع إلا من تاريخ وفائه بالدين ولا يتقادم إلا بانقضاء ثلاث سنوات تبدأ من هذا التاريخ، ولما كان الثابت أن المطعون ضده قد أوفى بالرسم المطالب به خلال سنة 1957 ورفع الدعوى في مايو سنة 1958 فإنها تكون قد رفعت قبل انقضاء مدة التقادم المسقط لها - لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ويكون النعي عليه لما ورد في أسبابه من تقريرات قانونية غير صحيحة غير منتج إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقض الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.