أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 19 - صـ 538

جلسة 7 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

(81)
الطعن رقم 314 لسنة 34 القضائية

( أ ) تقادم. "تقادم مكسب". أموال. "أموال خاصة مملوكة للدولة".
عدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وأموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم. حظر التعدي على هذه الأموال. لجهة الإدارة حق إزالته إدارياً. (م 970 مدني معدلة بالقانون 147 لسنة 1957 و39 لسنة 1959).
(ب) قانون. "الأثر الرجعي". تقادم. "تقادم مكسب". "قرار إداري". "صفة الإدارية". اختصاص. "اختصاص ولائي".
ليس للقانونين 147 لسنة 1957 و39 لسنة 1959 أثر رجعي بالنسبة لما اكتسب فعلاً من الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وأموال الأوقاف الخيرية بالتقادم قبل صدورهما. الأموال التي كان يحوزها الأفراد ولم يكتسبوا ملكيتها أو أي حق عيني عنها بالتقادم قبل صدور القانون الأول. خضوعها لأحكام القانونين المذكورين ولجهة الإدارة إزالة التعدي عليها بالطريق الإداري المقرر في القانون 39 لسنة 1959. القرار الإداري بالإزالة مستند إلى القانون ولا يشوبه في ظاهره عيب يجرده من صفة الإدارية وينحدر به إلى العدم. عدم اختصاص المحاكم العادية بالفصل في طلب التعويض عن هذا القرار.
(ج) حيازة. "دعاوى الحيازة". "دعوى منع تعرض". قرار إداري. اختصاص. "اختصاص ولائي".
التعرض المستند إلى أمر إداري اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعوى حيازة لمنعه. عدم اختصاص المحاكم بتعطيل هذا الأمر أو وقف تنفيذه.
1 - نصت المادة 970 من القانون المدني معدلة بالقانونين 147 لسنة 1957 و39 لسنة 1959 على عدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وأموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، كما حظرت التعدي على هذه الأموال وخولت الجهات الإدارية صاحبة الشأن حق إزالة هذا التعدي إدارياً بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة فإذا كان المطعون ضده - المدعي في دعوى منع التعرض - لم يدع أنه اكتسب ملكية الأرض - محل النزع - بالتقادم قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 بل إنه أقر في صحيفة دعواه بأن هذه الأرض مملوكة لمصلحة الأملاك فإنه يكون لجهة الإدارة أن تصدر بالاستناد إلى تلك المادة قراراً إدارياً بإزالة ما وقع على هذه الأرض المملوكة لها من تعد وأن تنفذ هذا القرار بالطريق الإداري.
2 - ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 147 لسنة 1957 والقانون رقم 39 لسنة 1959 من أنه ليس لكل من هذين التشريعين أثر رجعي بالنسبة لما اكتسب فعلاً من الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وأموال الأوقاف الخيرية بالتقادم قبل صدور هذين القانونين، هذا الذي جاء بالمذكرة الإيضاحية لا ينصرف إلا لما اكتسب ملكيته فعلاً بالتقادم قبل تاريخ صدور القانونين المذكورين. أما الأموال التي كان يحوزها الأفراد قبل هذا التاريخ ولكنهم لم يكتسبوا ملكيتها أو أي حق عيني عليها بالتقادم قبل صدور القانون الأول فإنه يكون لجهة الإدارة أن تزيل التعدي الواقع عليها بالطريق الإداري عملاً بالحق المقرر لها في القانون رقم 39 لسنة 1959 ويكون الأمر الإداري الصادر بإزالة هذا التعدي صادراً بالاستناد إلى القانون ولا يشوبه في ظاهره عيب يجرده من صفته الإدارية وينحدر به إلى العدم ومن ثم تختص المحاكم العادية بالفصل في طلب التعويض عن هذا القرار.
3 - التعرض المستند إلى أمر إداري اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعوى حيازة لمنع هذا التعرض وذلك لما يترتب حتماً على الحكم لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 108 سنة 1961 مدني أمام محكمة ميناء بور سعيد الجزئية على مصلحة خفر السواحل الطاعنة الأولى بصحيفة أعلنت إليها في 25 مارس سنة 1961 وقال شرحاً لدعواه إنه كان يضع يده، ومن قبله سلفه السيد إبراهيم حسن بصلة، على أرض زراعية مساحتها 1 ف و12 ط المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة، مدة زادت على سنة وأن مصلحة خفر السواحل تعرضت له في وضع يده فمنعته من زراعة هذه الأرض ومن إقامة مبان عليها على الرغم من أنها لا تملك شيئاً فيها إذ أن الأرض مملوكة لمصلحة الأملاك وأنه قد أصابه من جراء هذا التعرض ضرر يستحق التعويض عنه ولهذا فقد رفع هذه الدعوى وانتهى فيها إلى طلب الحكم على مصلحة خفر السواحل في مواجهة مصلحة الأملاك بمنع تعرضها له في الانتفاع بهذه الأرض وبإلزامها بأن تدفع له تعويضاً قدره 250 جنيهاً وبجلسة 16 ديسمبر سنة 1961 قرر المطعون ضده أن مصلحة خفر السواحل كفت عن التعرض له. وفي 19 مايو سنة 1962 قضت المحكمة أولاً برفض طلب منع التعرض تأسيساً على أنه أصبح غير ذي موضوع بعد أن كفت المصلحة المذكورة عن التعرض. ثانياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده بكافة الطرق القانونية الضرر الذي أصابه بسبب تعرض تلك المصلحة له وصرحت لها وللطاعنة الثانية بالنفي بنفس الطرق. وفي 27 أكتوبر سنة 1962 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليهما (الطاعنتين الأولى والثانية) بأن تدفعا للمدعي (المطعون ضده) مبلغ 200 جنيه على سبيل التعويض. فاستأنفت الطاعنتان هذا الحكم لدى محكمة بور سعيد الابتدائية بالاستئناف رقم 150 سنة 1962 مدني مستأنف بور سعيد. ودفعتا أمام تلك المحكمة بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن الحكومة أصدرت بمقتضى الحق المخول لها في المادة 970 من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 39 سنة 1959 قراراً إدارياً بإزالة التعدي الواقع من المطعون ضده على أملاكها الخاصة بالطريق الإداري وأنه لذلك تكون دعوى المطعون ضده بطلب منع التعرض والتعويض تتضمن المطالبة بوقف تنفيذ هذا الأمر والتعويض عنه وهما أمران يخرجان عن ولاية القضاء العادي ويختص بالفصل فيهما القضاء الإداري دون غيره عملاً بالمادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 والمادة 9 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 وفي 12 مارس سنة 1964 قضت المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي وبتخفيض مبلغ التعويض المقضي به ابتدائياً إلى خمسة وأربعين جنيهاً. وبتقرير تاريخه 11 مايو سنة 1964 طعن الطاعنون بصفاتهم بطريق النقض في قضاء الحكم برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي - وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على أن القرار الإداري المطلوب الحكم بالتعويض عنه قد صدر مخالفاً للمادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانون رقم 39 سنة 1959 لأن هذه المادة وإن نصت على عدم جواز تملك الأموال الخاصة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم ومنعت التعدي عليها وخولت الجهة الإدارية صاحبة الشأن إزالة هذا التعدي بالطريق الإداري إلا أن هذا النص ليس له أثر رجعي بالنسبة لما اكتسب فعلاً من هذه الأموال بالتقادم قبل صدوره وأنه وقد ثبت للمحكمة حيازة المطعون ضده للأرض موضوع النزاع حيازة واقعية وقانونية فإن القرار الإداري الصادر بإزالة التعدي يكون مخالفاً للقانون على نحو يجعله معدوماً ويعتبر معه مجرد عمل مادي وبالتالي يكون للقضاء العادي ولاية الفصل في النزاع عملاً بالمادة 15 من قانون السلطة القضائية. ويرى الطاعنون أن هذا الذي أقام الحكم عليه قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي خطأ في القانون إذ أنه برفض مخالفة القرار للقانون فإن ذلك يجعله قابلاً للإلغاء من مجلس الدولة كما يختص هذا المجلس وحده بالفصل في طلب التعويض عنه طبقاً للمادة 9 من القانون رقم 55 سنة 1959 وإذ كان الحكم المطعون فيه قد سلم بأن القرار الصادر بإزالة التعدي هو قرار إداري وكان كل ما عابه عليه أنه صدر مخالفاً لحكم المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانون رقم 39 سنة 1959 حيث أعمل القرار حكمها بأثر رجعي بينما نبهت المذكرة الإيضاحية إلى عدم سريانه على الحقوق التي اكتسبت في ظل النص قبل تعديله فإن هذه المخالفة بفرض صحتها لا تجعل القرار معدوماً بحيث يختص القضاء العادي بنظر طلب التعويض عنه وإنما تجيز طلب إلغائه من مجلس الدولة ويظل هذا المجلس مختصاً دون غيره بالفصل في طلبات التعويض عنه عملاً بالمادة 9 من القانون رقم 55 سنة 1959 هذا إلى أن القرار الإداري الذي يشكو منه المطعون ضده قد صدر بالاستناد إلى المادة 970 من القانون المدني بعد تعديلها بالقانونين رقمي 147 سنة 1957 و39 سنة 1959 ولم يخالف القانون في شيء وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى وحكم بالتعويض لرافعها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم.
وحيث إنه لما كان الواقع الذي سجله الحكم المطعون فيه هو أن المطعون ضده رفع الدعوى بطلب منه تعرض مصلحة خفر السواحل له في الأرض التي يضع يده عليها وبإلزامها بتعويضه عن الضرر الذي أصابه من جراء هذا التعرض وذلك في مواجهة مصلحة الأملاك المالكة لهذه الأرض وذلك تأسيساً على أنه يضع يده عليها من مدة تزيد على سنة سابقة على رفع الدعوى، وقد تمسكت الحكومة أمام محكمة الدرجة الثانية بأن هذه الأرض مملوكة لها وأنها بمقتضى الحق المخول لها بالمادة 970 من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 39 لسنة 1959 قد أصدرت قراراً إدارياً بإزالة التعدي الحاصل من المطعون ضده على هذه الأرض ونفذت هذا القرار بالطريق المباشر. لما كان ذلك وكانت المادة 970 من القانون المدني معدلة بالقانونين رقمي 147 سنة 1957، 39 سنة 1959 قد نصت على عدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وأموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم - كما حظرت التعدي على هذه الأموال وخولت الجهات الإدارية صاحبة الشأن حق إزالة هذا التعدي إدارياً بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة وكان المطعون ضده رافع الدعوى لم يدع أنه اكتسب ملكية هذه الأرض بالتقادم قبل صدور القانون رقم 147 سنة 1957 بل إنه أقر في صحيفة دعواه بأن الأرض محل النزاع مملوكة لمصلحة الأملاك ومن ثم فقد كان للحكومة أن تصدر بالاستناد إلى تلك المادة قراراً إدارياً بإزالة ما وقع على هذه الأرض المملوكة لها من تعد وأن تنفذ هذا القرار بالطريق الإداري، ولا محل لاستناد الحكم المطعون فيه في قضائه إلى ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 147 سنة 1957 والقانون رقم 39 سنة 1959 من أنه ليس لكل من هذين التشريعين أثر رجعي بالنسبة لما اكتسب فعلاً من هذه الأموال بالتقادم قبل صدوره لأن هذا الذي أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لا ينصرف إلا لما اكتسبت ملكيته فعلاً من هذه الأموال بالتقادم قبل صدور هذين القانونين - أما الأموال التي كان يحوزها الأفراد قبل هذا التاريخ ولكنهم لم يكتسبوا ملكيتها أو أي حق عيني عليها بالتقادم قبل صدور القانون الأول فإنه يكون للحكومة أن تزيل التعدي الواقع عليها بالطريق الإداري عملاً بالحق المقرر لها في القانون رقم 39 سنة 1959 وبالتالي يكون الأمر الإداري الصادر بإزالة التعدي الحاصل من المطعون ضده قد صدر بالاستناد إلى المادة 970 سالفة الذكر ولا يشوبه في ظاهره عيب يجرده من صفته الإدارية وينحدر به إلى درجة العدم. لما كان ذلك وكان التعرض المستند إلى أمر إداري اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعوى حيازة لمنع هذا التعرض وذلك لما يترتب حتماً على الحكم لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 56 سنة 1959 وكان مجلس الدولة هو المختص دون غيره بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات الإدارية المدعى بمخالفتها للقوانين أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها وذلك عملاً بالمادة 9 من قانون مجلس الدولة رقم 55 سنة 1959 لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر القرار الإداري الصادر بإزالة التعدي الواقع على الأرض محل النزاع، وهي من أملاك الدولة الخاصة، معدوماً لأنه يمس الحيازة التي اكتسبها المطعون ضده مع أنه - وهو رافع الدعوى - لم يدع أن هذه الحيازة قد ترتب عليها اكتسابه ملكية الأرض بالتقادم قبل صدور القانون رقم 147 سنة 1957 - وعلى هذا الأساس الخاطئ قضى الحكم المطعون فيه باختصاص المحاكم العادية بالفصل في طلب التعويض عن القرار الإداري المذكور فإن هذا الحكم يكون قد بني على مخالفة للقانون في مسألة اختصاص بولاية المحاكم ومن ثم يكون الطعن فيه بالنقض جائزاً رغم صدوره من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية وذلك عملاً بالمادة الثانية من القانون رقم 57 سنة 1959 معدلاً بالقانون رقم 106 سنة 1962.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن خطأ الحكم المطعون فيه على النحو السالف بيانه يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى.


[(1)] راجع نقض 1/ 12/ 1966 مج المكتب الفني س 17 ص 1763.