مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثاني (من أول يناير سنة 1961 إلى أخر مارس سنة 1961) - صـ 536

(69)
جلسة 14 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني ومصطفى كامل إسماعيل وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 408 لسنة 5 القضائية

اختصاص - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - قرارات المجالس العسكرية - الطعن فيها والتعويض عنها - المادة الأولى من القانون رقم 159 لسنة 1957 بشأن التماس إعادة النظر في قرارات وأحكام المجالس العسكرية - تقريرها عدم جواز الطعن في قرارات وأحكام المجالس أمام أية هيئة قضائية أو إدارية - المادة 136 من القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة - إحالتها إلى قانون المجالس العسكرية سالف الذكر - مقتضاها سريان حظر الطعن في قرارات وأحكام المجالس العسكرية الخاصة برجال الشرطة - القول بأن حظر الطعن خاص بقرارات وأحكام المجالس العسكرية لرجال القوات المسلحة دون الخاصة برجال الشرطة - غير صحيح - التحدي بأن الإحالة الواردة بالمادة 136 من قانون هيئة الشرطة قاصرة على الأحكام الموضوعية دون المتعلقة بالإجراءات - تخصيص بلا مخصص - عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الطعن في هذه القرارات أو التعويض عنها - أساس ذلك.
إن القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة يقضي في المادة 136 منه بأن يخضع لقانون الأحكام العسكرية الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوات نظامية والكونستابلات والصولات وضباط الصف وعساكر الدرجة الأولى ورجال الخفر النظاميين في كل ما يتعلق بخدمتهم. وأن المادة 137 تقرر بأن تشكيل المجالس العسكرية يكون بأمر من وزير الداخلية أو ينيبه ويصدق على أحكامها الآمر بالتشكيل.
وقد تضمن القانون رقم 159 لسنة 1957 في شأن التماس إعادة النظر في قرارات وأحكام المجالس العسكرية تضمن تعديلات جوهرية على قانون الأحكام العسكرية يتعلق بأحكام المجالس المشار إليها وكيفية إعادة النظر في قراراتها وأوجه قبول الالتماس وشكل تقديمه وإجراءات نظره... وقد نص القانون رقم 159 لسنة 1957 سالف الذكر في المادة الأولى على أن المجالس العسكرية محاكم قضائية استثنائية، لأحكامها قوة الشيء المحكوم فيه، ولا يجوز الطعن في قراراتها أو أحكامها أمام هيئة قضائية أو إدارية خلاف ما نص عليه القانون. وقد جاء في المادة العاشرة، أن هذا القانون يسري على جميع الدعاوى المنظورة أمام جهات قضائية أو إدارية أخرى من تاريخ نشره. ومؤدى ذلك أن القضاء الإداري أصبح غير مختص بنظر أي طعن في حكم أو قرار صادر من المجالس العسكرية حيث إن قانون الأحكام العسكرية قد نظم تشكيل واختصاص المجالس العسكرية على اختلاف درجاتها وبين طرق الطعن في قراراتها وأحكامها مما يضمن تصحيح أي أخطاء تقع فيها أو أي إجحاف بحقوق المتهمين كما تضمنت المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه، فضلاً عما ذكر، أنه ليس هناك "ما يسوغ إباحة الطعن في قرارات هذه المجالس وأحكامها أمام هيئات مدنية بحتة بعيدة عن تفهم النظم العسكرية وتقاليدها المكتوبة وغير المكتوبة". ولا يقبل في هذا المجال القول بأن المشرع لم يقصد أن تسري أحكام القانون المنوه عنه إلا على القرارات الصادرة من المجالس العسكرية الخاصة بالقوات المسلحة دون المجالس العسكرية الخاصة بمحاكمة رجال الشرطة بدعوى أن الإحالة المشار إليها في المادة 136 من قانون هيئة الشرطة مقصورة على الأحكام الموضوعية إذ أن هذا الادعاء ينطوي على تخصيص بلا مخصص حيث إن الإحالة وردت عامة غير مقيدة ولا مشروطة ومن ثم فتسري الأحكام الواردة في قانون الأحكام العسكرية الموضوعية منها والمتعلقة بالإجراءات في حق رجال الشرطة وفي ضوء التفصيل الوارد في المادة المذكورة.... ولا يقدح في ذلك الإشارة في مواد القانون رقم 159 سنة 1957 إلى سلطة التصديق والسلطة الأعلى من الضابط المصدق ولفظ رئيس هيئة أركان الحربية المختص.... إلخ وكذلك إمضاء وزير الحربية على المذكرة الإيضاحية للقانون.... ذلك أن قانون الأحكام العسكرية هو قانون مخصص لأفراد القوات المسلحة بحسب الأصل، ومن ثم فإن أي تعديل لأحكامه لا يمكن أن يخرج عن هذا الأصل، ومن أجل ذلك تكون المحاكم الإدارية غير مختصة بنظر الطعون في قرارات وأحكام المجالس العسكرية ويستوي في هذا الشأن المجالس العسكرية التي يخضع لها أفراد القوات المسلحة والمجالس العسكرية التي يخضع لها رجال الشرطة. وغني عن البيان أن الحظر الوارد في المادة الأولى من القانون رقم 159 لسنة 1957 سالف الذكر في شأن عدم جواز الطعن في قرارات وأحكام المجالس العسكرية جاء عاماً فلا يسوغ لأية جهة قضائية أن تعقب على قرارات هذه المجالس وأحكامها عن طريق الطعن فيها والأمر في هذا الحظر سواء بالنسبة لقضاء الإلغاء أو قضاء التضمين.


إجراءات الطعن

بتاريخ 28 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 389 لسنة 3 القضائية المرفوعة من السيد/ قاعود سلوانس منصور ضد وزارة الداخلية والقاضي "بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وبإلزام المدعي بالمصروفات".
وطلبت هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وبإحالة القضية إلى المحكمة الإدارية للفصل في موضوعها. وقد أعلن الطعن للمدعي في 18 من مايو سنة 1959 كما أعلن للحكومة بتاريخ 24 من مايو سنة 1959. وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 22 من مايو سنة 1960. وأخطرت الحكومة والمدعي في 10 من مايو سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 22 من أكتوبر سنة 1960، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين تفصيلاً بمحضر الجلسة، قررت إصدار الحكم بعد خمسة أسابيع، ثم مد أجل النطق به لجلسة 24 من ديسمبر سنة 1960 ثم أرجئ النطق به إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما هو ظاهر من أوراق الدعوى في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بأن تدفع له وزارة الداخلية مبلغ 3413 جنيهاً و64 مليماً والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لذلك أنه كان يعمل شرطياً بقسم ثان الإسماعيلية بمحافظة القناة، وقد حوكم أمام مجلس عسكري فقضى المجلس المذكور في 16 من أكتوبر سنة 1952 بحبسه 56 يوماً وصدق حكمدار بوليس القنال بتاريخ 18 من أكتوبر سنة 1952 على هذا الجزاء مع فصل المدعي بعد انتهاء مدة الحبس، وقد طعن المدعي في قرار الحكمدار بالتصديق على قرار المجلس العسكري أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 709 لسنة 7 القضائية فقضت المحكمة بجلستها المنعقدة بتاريخ 2 من نوفمبر سنة 1954 بإلغاء هذا القرار وألزمت الحكومة بالمصروفات. وقام المدعي بإعلان هذا الحكم طالباً تنفيذه ولكن الوزارة ساومته على التنفيذ مما اضطره مكرهاً إزاء تهديد الوزارة بعدم إعادته لعمله إلى التنازل عن جميع حقوقه، وأشار المدعي إلى أن هذا التنازل على هذا الوضع لا يمكن أن يرتب أثراً قانونياً ما دام قد صدر تحت ضغط وإكراه واستغلال لرغبته في العودة لعمله الذي هو مصدر قوته وقوت عياله، ولذلك فإن من حقه أن يطالب بمرتبه عن المدة التي فصل فيها أي اعتباراً من 18 من أكتوبر سنة 1952 لغاية 16 من يناير سنة 1955، وفضلاً عن ذلك فإن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري سالف الذكر قضى ببطلان القرار الإداري الصادر بسجن المدعي 56 يوماً وإلغائه لمخالفته للقانون لفقدانه أساسه القانوني، وإذ كان المدعي قد سجن هذه المدة فعلاً، فإنه يحق له أيضاً أن يطالب بتعويض عما لحقه من ضرر مادي وأدبي عن القرار الصادر بسجنه وفصله من عمله، والمدعي يقدر هذا التعويض بمبلغ 3000 جنيه مضافاً إليها راتبه عن مدة فصله وقدره 413 جنيهاً و640 مليماً.
وأجابت الوزارة على الدعوى بأن المدعي فوت على نفسه المواعيد المقررة للمطالبة بالتعويض لأنه فصل في أكتوبر سنة 1952 ولم يرفع دعوى التعويض إلا في أغسطس سنة 1956 ومن ثم فقد سقط حقه في هذا التعويض وفقاً لنص المادة 172 من القانون المدني كما أن المدعي أثبت تنازله عن حقه قبل الوزارة على صورة الحكم التنفيذية بتاريخ 16 من يناير سنة 1956 دون إكراه دفعه إلى هذا التنازل لأن الحكم كان واجب التنفيذ وكان في استطاعة المدعي أن يمتنع عن توقيع هذا التنازل.
وبجلسة 30 من ديسمبر سنة 1958 قضت المحكمة بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وألزمت المدعي المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن طلب التعويض المقدم من المدعي عن الأضرار التي أصابته من جراء القرار الصادر بحبسه وفصله من الخدمة يخرج عن اختصاصها بالتطبيق لأحكام القانون رقم 159 لسنة 1957 في شأن التماس إعادة النظر في قرارات وأحكام المجالس العسكرية الذي قضى باعتبار المجالس العسكرية محاكم قضائية وأخرج قراراتها وأحكامها عن ولاية القضاء الإداري والمدني.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من مراجعة القرار بقانون رقم 159 لسنة 1957 ومذكرته الإيضاحية أن المشرع لم يقصد أن تسري أحكام هذا القانون إلا على القرارات الصادرة من المجالس العسكرية الخاصة بالقوات المسلحة دون غيرها من الهيئات النظامية التي تطبق قانون الأحكام العسكرية وذلك تأسيساً على أن هذا القانون إنما وردت أحكامه في نصوصه المختلفة (المواد 2 و5 و9) مقصورة على أسلحة الجيش دون غيرها وعلى حصر السلطة المنوط بها إعادة النظر في الالتماس والذي يقدم عن قرارات وأحكام المجالس العسكرية في رئاسة هيئة إدارة الجيش أو البحرية أو القوات الجوية أو بما يماثلها بالقوات الفرعية.... إلخ فضلاً عن أن وزير الحربية هو الذي قدم مشروع هذا القانون. وإذا كان قانون الأحكام العسكرية ذاته يسري على رجال البوليس بموجب أحكام الإحالة المنصوص عليها في قوانين نظام هيئة البوليس، فإن هذا الإحالة مقصورة على الأحكام الموضوعية التي يتضمنها قانون الأحكام العسكرية. ومن مقتضى هذا النظر أن تبقى القرارات الصادرة من المجالس العسكرية الخاصة برجال البوليس على طبيعتها الأولى - دون أن تعد من قبيل الأحكام القضائية - وهي كونها قرارات تأديبية غير نهائية وبالتالي تكون قرارات التصديق عليها قرارات إدارية مما تدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري عملاً بنص المادة الثامنة من قانون مجلس الدولة.
ومع التسليم جدلاً بأن الحصانة التي أضفاها المشرع على تلك القرارات تلحق بالقرارات الصادرة من المجالس العسكرية الخاصة بهيئات البوليس فإن نص المادة العاشرة من هذا القانون لا يتحقق بالنسبة للمنازعة المعروضة لأن المدعي لا يختصم القرار الصادر من المجلس العسكري بسجنه 56 يوماً وإنما هو يوجه طعنه إلى القرار الإداري الصادر من حكمدار القناة في 18 من أكتوبر سنة 1952 بالتصديق على قرار المجلس العسكري وبفصله من الخدمة بعد قضاء مدة العقوبة ويطلب التعويض عن الأضرار التي لحقته من جرائه، ومن ثم فالدعوى ليست موجهة ضد قرار صادر من مجلس عسكري وإنما هي دعوى تعويض عن قرار إداري نهائي حكم بإلغائه قبل صدور القانون المذكور.
ومن حيث إن القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة يقضي في المادة 136 منه بأن يخضع لقانون الأحكام العسكرية الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوات نظامية والكونستابلات والصولات وضباط الصف وعساكر الدرجة الأولى ورجال الخفر النظاميين في كل ما يتعلق بخدمتهم. وإن المادة 137 تقرر بأن تشكيل المجالس العسكرية يكون بأمر من وزير الداخلية أو من ينيبه ويصدق على أحكامها الأمر بالتشكيل.
وقد تضمن القانون رقم 159 لسنة 1957 في شأن التماس إعادة النظر في قرارات وأحكام المجالس العسكرية تضمن تعديلات جوهرية على قانون الأحكام العسكرية يتعلق بأحكام المجالس المشار إليها وكيفية إعادة النظر في قراراتها وأوجه قبول الالتماس وشكل تقديمه وإجراءات نظره.. وقد نص القانون رقم 159 لسنة 1957 سالف الذكر في المادة الأولى على أن "المجالس العسكرية محاكم قضائية استثنائية، لأحكامها قوة الشيء المحكوم فيه، ولا يجوز الطعن في قراراتها أو أحكامها أمام أي هيئة قضائية أو إدارية خلاف ما نص عليه القانون". وقد جاء في المادة العاشرة، أن هذا القانون يسري على جميع الدعاوى المنظورة أمام جهات قضائية أو إدارية أخرى من تاريخ نشره. ومؤدى ذلك أن القضاء الإداري أصبح غير مختص بنظر أي طعن صادر من المجالس العسكرية حيث إن قانون الأحكام العسكرية قد نظم تشكيل واختصاص المجالس العسكرية على اختلاف درجاتها وبين طرق الطعن في قراراتها وأحكامها مما يضمن تصحيح أي أخطاء تقع فيها أو أي إجحاف بحقوق المتهمين كما تضمنت المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه، فضلاً عما ذكر، أنه ليس هناك "ما يسوغ إباحة الطعن في قرارات هذه المجالس وأحكامها أمام هيئات مدنية بحتة بعيدة عن تفهم النظم العسكرية وتقاليدها المكتوبة وغير المكتوبة" ولا يقبل في هذا المجال القول بأن المشرع لم يقصد أن تسري أحكام القانون المنوه عنه إلا على القرارات الصادرة من المجالس العسكرية الخاصة بالقوات المسلحة دون المجالس العسكرية الخاصة بمحاكمة رجال الشرطة بدعوى أن الإحالة المشار إليها في المادة 136 من قانون هيئة الشرطة مقصورة على الأحكام الموضوعية إذ أن هذا الادعاء ينطوي على تخصيص بلا مخصص حيث إن الإحالة وردت عامة غير مقيدة ولا مشروطة ومن ثم فتسري الأحكام الواردة في قانون الأحكام العسكرية الموضوعية منها والمتعلقة بالإجراءات في حق رجال الشرطة وفي ضوء التفصيل الوارد في المادة المذكورة... ولا يقدح في ذلك الإشارة في مواد القانون رقم 159 سنة 1957 إلى سلطة التصديق والسلطة الأعلى من الضابط المصدق ولفظ رئيس هيئة أركان الحربية المختص... إلخ وكذلك إمضاء وزير الحربية على المذكرة الإيضاحية للقانون.. ذلك أن قانون الأحكام العسكرية هو قانون مخصص لأفراد القوات المسلحة بحسب الأصل ومن ثم فإن أي تعديل لأحكامه لا يمكن أن يخرج عن هذا الأصل، ومن أجل ذلك تكون المحاكم الإدارية غير مختصة بنظر الطعون في قرارات وأحكام المجالس العسكرية ويستوي في هذا الشأن المجالس العسكرية التي يخضع لها أفراد القوات المسلحة والمجالس العسكرية التي يخضع لها رجال الشرطة. وغني عن البيان أن الحظر الوارد في المادة الأولى من القانون رقم 159 لسنة 1957 سالف الذكر في شأن عدم جواز الطعن في قرارات وأحكام المجالس العسكرية جاء عاماً فلا يسوغ لأية جهة قضائية أن تعقب على قرارات هذه المجالس وأحكامها عن طريق الطعن فيها والأمر في هذا الحظر سواء بالنسبة لقضاء الإلغاء أو قضاء التضمين.
ومن حيث إن التصديق على قرار المجلس العسكري هو في واقع الأمر إجراء من إجراءاته لا ينفذ القرار بغيره.. ومن ثم فإنه يتعذر الفصل بين التصديق وبين القرار الصادر من المجلس العسكري فصلاً يجعل التصديق المشار إليه قراراً مستقلاً قائماً بذاته، وهو بهذه المثابة غير قابل للطعن فيه استقلالاً باعتباره قراراً إدارياً، ولذلك فإنه على هذا الأساس واستناداً إلى هذا النظر صدر حكم محكمة القضاء الإداري لصالح المدعي في 2 من نوفمبر سنة 1954 بإلغاء القرار الصادر من حكمدار بوليس القناة في 18 من أكتوبر سنة 1952 برفت المدعي تأسيساً على أن القرار الصادر من المجلس العسكري بسجن المدعي 56 يوماً لم يستخلص استخلاصاً صحيحاً من أصول في الأوراق تنتجه، الأمر الذي يجعله قد وقع باطلاً لمخالفته للقانون لفقدانه أساسه القانوني مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبإلغاء القرار الصادر بالتصديق عليه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، وبالتالي فإن الطعن - والحالة هذه يكون غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.