أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 19 - صـ 605

جلسة 27 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

(91)
الطعن رقم 44 لسنة 34 القضائية

نقض. "حالات الطعن". قوة الأمر المقضي. حكم. "حجية الأحكام" دعوى. "الدعوى العمالية ودعوى النقابة". نقابات. "دعوى النقابة ودعوى العضو". عمل. "الدعاوى الناشئة عن عقد العمل".
الطعن بالنقض في الحكم الصادر على خلاف حكم سابق. جوازه. شرطه. مثال.
دعوى النقابة. دعوى مستقلة متميزة عن دعوى الأعضاء. اختلافهما في الموضوع والسبب والآثار والأشخاص.
النص في المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أن "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي - أياً كانت المحكمة التي أصدرته - فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم فيه سواء دفع بهذا الدفع أم لم يدفع" يدل على أنه يشترط لجواز الطعن بالنقض لهذا السبب أن يكون الحكمان صادرين بين الخصوم أنفسهم في النزاع عينه، وإذ كان الحكمان المطعون فيهما صادرين من محكمة ابتدائية في استئناف عن حكم صادر من محكمة المواد الجزئية والنزاع فيه مردد بين المطعون عليهم وبين شركة شل في حين أن الحكم الصادر من هيئة التحكيم إنما صدر في نزاع مردد بين نقابة عمال شركة شل وبين الشركة، وكانت دعوى النقابة - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - وهي دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء [(1)]، وتختلف عنها في موضوعها وفي سببها وفي آثارها وفي الأشخاص، فإن شرط جواز الطعن بالنقض في الحكمين المطعون فيهما لصدورهما على خلاف حكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به يكون غير متحقق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعاوى من 2640 إلى 2663 ومن 2667 إلى 2699 سنة 1957 عمال القاهرة الجزئية على التوالي ضد شركة شل يطلبون الحكم بإلزامها بأن تدفع لكل منهم مبلغ 156 ج والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاد المعجل وبلا كفالة، وقال كل منهم شرحاً لدعواه إنه يعمل بالشركة بوظيفة سائق سيارة لوري بمرتب شهري قدره 16 ج و950 م وإعانة غلاء قدرها 18 ج وأن نظام الشركة يقتضيه العمل لمدة ثمان ساعات فقط في اليوم وما زاد على ذلك يحتسب ساعات عمل إضافية ويتقاضى عنها أجراً بواقع عشرين قرشاً عن كل ساعة وذلك تطبيقاً للقرار الصادر من هيئة التحكيم في النزاع رقم 238 سنة 1953 الذي حدد ساعات العمل في الشركة بخمسة وأربعين ساعة في الأسبوع تضاف إليها ثلاث ساعات راحة بواقع نصف ساعة في كل يوم عمل والذي نص فيه على أن العامل يعتبر قائماً بعمله ولو لم يباشره فعلاً ما دام موجوداً بمقر العمل لم يغادره وباقياً تحت تصرف رب العمل، وإذ عمل كل منهم طوال المدة بين أول يناير سنة 1954 وآخر ديسمبر سنة 1956 لمدة تسع ساعات يومياً دون أن تصرف له الشركة أجر ساعات العمل الإضافية ومدتها 780 ساعة ويستحق عنها أجراً مقداره 156 ج فقد انتهى كل منهم إلى طلب الحكم له بهذا المبلغ وقررت المحكمة ضم الدعاوى جميعاً ليصدر فيها حكم واحد وبتاريخ 20/ 3/ 1958 حكمت بندب مكتب الخبراء المحاسبين بوزارة العدل لمباشرة المأمورية المبينة في منطوق الحكم، وقبل أن يباشر الخبير مأموريته دفعت الشركة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالقرار الصادر في 24/ 6/ 1956 من هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة في النزاع رقم 40 سنة 1956، وبتاريخ 2/ 4/ 1960 عادت المحكمة فحكمت حضورياً (أولاً) بالنسبة للأجر المطالب به عن المدة السابقة على 24 يونيو سنة 1956 بقبول الدفع وبعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها في النزاع رقم 40 سنة 1956 المرفوع إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة (ثانياً) بالنسبة للأجر عن المدة من 25 يونيو سنة 1956 إلى آخر ديسمبر سنة 1956 برفض الدعوى (ثالثاً) بإعفاء المدعين من مصروفات دعاواهم واستأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة القاهرة الابتدائية طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم وقيد هذا الاستئناف برقم 137 سنة 1961 وبتاريخ 27/ 12/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) بقبول الاستئناف شكلاً (ثانياً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها (ثالثاً) وقبل الفصل في الموضوع بندب الخبير الحسابي في مكتب الخبراء الحاسبين التابع لوزارة العدل للاطلاع على أوراق الدعوى وما يقدمه له الخصوم من مستندات وما يرى لزوم الاطلاع عليه من كل منهم ومن الشركة المستأنف عليها من مستندات أو دفاتر أو سجلات لبيان ساعات عمل كل من المستأنفين وأجره وما يستحقه من أجر إضافي خلال المدة من أول يناير سنة 1954 إلى آخر ديسمبر سنة 1956، وبعد أن باشر الخبير مأموريته وقدم تقريره، عادت وبتاريخ 25/ 12/ 1963 فحكمت حضورياً في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الشركة المستأنف عليها بأن تدفع إلى كل من إسماعيل صادق محمود مبلغ 104 ج و335 م وسيد مرسي عبد الباقي 118 ج و288 م ويواقيم زكي فهمي 112 ج و699 م وأنور إبراهيم علي 106 ج و289 م وعيدا عجايبي سعد 103 ج و744 م ومحمود إبراهيم عيد 105 ج و348 م وعلي حسين علي 106 ج و101 م وإبراهيم عوضين هنداوي 102 ج و142 م وزيدان أحمد الحويجي 116 ج و295 م وحنفي محمد محمود 117 ج و868 م وسيد عبد الخير السيد 101 ج و363 م وحسن حامد المحفوظي 101 ج و855 م وحسن عبد الحليم محمد 84 ج و714 م وراغب مرسي أبو سالم 101 ج و335 م وعبد المنعم الطحاوي 107 ج و977 م ومحمود عبد الغني الصاوي 111 ج و289 م وعبد الله محمد محمود 113 ج و986 م وحسن الجندي 116 ج و576 م وعبد الظاهر جمعة 90 ج و182 م وأحمد علي إدريس 113 ج و676 م وحسن محمد حسب 107 ج و102 م وعزت ميلاد قطر 107 ج و965 م وأحمد محمد لطيف 104 ج و583 م وسيد عبد الفتاح 98 ج و130 م وعلي عوض الله 106 ج و432 م وبيومي محمد علي 99 ج و783 م وشكري دميان خليل 110 ج و344 م وصبحي عبد النور 53 ج و103 م وحسني إمام همام 95 ج و498 م وسليم فتيح العماري 97 ج و80 م حسني مجلي جاد الله 107 ج و644 م ودسوقي حسان راشد 106 ج و265 م وشفيق رياض 95 ج و497 م وكامل كامل حسين 106 ج و636 م ومحمد محمود النجار 112 ج و623 م والبير ميخائيل مليكه 87 ج و864 م ويوسف قلدس 90 ج و897 وعبد العزيز محمد 113 ج و190 م ومحمد فضل إسماعيل 91 ج و763 م ومحمد عبد الله مراد 89 ج و564 م وسيد عزيز فرج 88 ج و334 م ومحمود إبراهيم منصور 112 ج و183 م وحسين محمد إبراهيم سالم 114 ج و508 م وآخرين كاليركو 109 ج و368 م وجورج عبد الله حداد 108 ج و631 م وبيومي رفاعي غانم 97 ج و830 م وحامد محمد معوض 113 ج و104 م وونيس سركيس 110 ج و684 م ومحمد مرسي السنباطي 109 ج و293 م وطه علي حسن 95 ج و521 م ومحمد سالم الديب 116 ج و179 م ومحمد أحمد أنيس 109 ج و710 م ومنير حنا هنري 84 ج و714 م وحسن أحمد حسن 84 ج و714 م ووهيب ميخائيل إبراهيم 84 ج و714 م وألزمت الشركة المستأنف عليها بالمصروفات المناسبة لما قضي به وأعقت المستأنفين من باقيها وطعنت الشركة في هذا الحكم وفي الحكم الصادر بتاريخ 27/ 12/ 1963 بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكمين المطعون فيهما صدرا على خلاف حكم سابق حائز لحجية الشيء المقضى به مما يجيز الطعن فيهما بطريق النقض طبقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959، إذ أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بحجية قرار هيئة التحكيم الصادر بتاريخ 24/ 6/ 1956 في النزاع رقم 40 سنة 1956 استئناف القاهرة الذي قضى بعدم أحقية المطعون عليهم في أجر الساعة التاسعة خلال الفترة السابقة على صدوره وعلق استحقاقهم للأجر عن تلك الساعة في الفترة اللاحقة له على ثبوت قيامهم خلالها بالعمل فعلاً وهو بهذا يكون قد فصل في النزاع المطروح وإذ أهدر الحكمان المطعون فيهما حجية هذا القرار بأن قضيا بأحقية المطعون عليهم لأجر إضافي عن الساعة التاسعة خلال الفترة السابقة على صدوره، وبأحقيتهم لهذا الأجر خلال المدة اللاحقة لصدوره رغم عدم ثبوت قيامهم بالعمل فعلاً في تلك الساعة فإنهما يكونان قد صدرا على خلاف حكم سابق حائز لقوة الشيء المحكوم فيه.
وحيث إن النص في المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - الذي يحكم هذا الطعن على أن "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي - أياً كانت المحكمة التي أصدرته - فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم فيه سواء دفع بهذا الدفع أم لم يدفع" يدل على أنه يشترط لجواز الطعن بالنقض لهذا السبب أن يكون الحكمان صادرين بين الخصوم أنفسهم وفي النزاع عينه. وإذ كان ذلك وكان الحكمان المطعون فيهما صادرين من محكمة ابتدائية في استئناف عن حكم صادر من محكمة المواد الجزئية والنزاع فيها مردد بين المطعون عليهم وبين شركة شل، في حين أن الحكم الصادر من هيئة التحكيم في الطلب رقم 40 سنة 1956 استئناف القاهرة إنما صدر في نزاع مردد بين نقابة عمال شركة شل وبين الشركة المذكورة، إذ كان ذلك وكانت دعوى النقابة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء وتختلف عنها في موضوعها وفي سببها وفي آثارها وفي الأشخاص، فإن شرط جواز الطعن بالنقض في الحكمين المطعون فيهما لصدورهما على خلاف حكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به يكون غير متحقق ولذلك يتعين القضاء بعدم جواز الطعن.


[(1)] نقض 12/ 1/ 1966 - الطعن رقم 335 لسنة 31 ق - السنة 17 ص 102.