مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثاني (من أول يناير سنة 1961 إلى أخر مارس سنة 1961) - صـ 605

(78)
جلسة 21 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف وحسني جورجي وعبد الفتاح بيومي نصار المستشارين.

القضية رقم 934 لسنة 5 القضائية

( أ ) دعوى - ميعاد رفع الدعوى - الطعن بالإلغاء في قرار صادر بالترقية - استمرار ميعاد الطعن مفتوحاً بالنسبة لمن صدر له حكم قضائي لاحق حدد مركزه القانوني في أقدمية الدرجة السابقة - بدء سريان الميعاد بالنسبة له من تاريخ صدور الحكم القضائي - مثال.
(ب) وظيفة - ميزانية - تقرير درجة مالية معينة لبعض الوظائف في الميزانية على سبيل التدرج الهرمي - ليس معناه تخصيص هذه الدرجة لوظائف متميزة تمييزاً خاصاً - أساس ذلك - مثال.
1 - إن هذه المحكمة تقر الحكم المطعون فيه فيما ساقه رداً على الدفع بعدم القبول من أنه وإن كان المدعي يعلم بالقرار النافذ اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 بالترقية إلى الدرجة الثانية إلا أنه لم يكن قد حدد مركزه القانوني بالنسبة للقرار المطعون فيه إذ أن أقدميته في الدرجة الرابعة والثالثة كانت لا تزال مطروحة أمام المحكمة في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية ولم يتبين مركزه القانوني إلا من التاريخ الذي صدر فيه لصالحه الحكم في الدعوى المذكورة وهو 14 من نوفمبر سنة 1957، ولما كان الثابت من الأوراق أنه تظلم من القرار المطعون فيه في 11 من يناير سنة 1958 ورفع الدعوى في 19 من مارس سنة 1958 فتكون الدعوى قد رفعت في الميعاد القانوني ويتعين الحكم بقبولها شكلاً.
2 - يتضح من مراجعة ميزانية وزارة التربية والتعليم عن السنة المالية 1950/ 1951 وبخاصة الفرع الرابع الذي يتبعه المدعي، أن الدرجات الثانية الواردة بالفرع المشار إليه ليست مخصصة لترقية طائفة بذاتها كنظار المدارس الثانوية كما جاء في الطعن فقد تضمن هذا الفرع ثلاث عشرة درجة وردت في الصفحة 290 من الميزانية تحت عنوان "وظائف فنية لتعزيز وتحسين الكادر". دون أن تخصص هذه الدرجات لوظائف معينة، الأمر الذي يستفاد منه اتساع مجال الترقية إليها لصالح من يستحق الترقية من قدامى رجال التعليم، يؤكد ذلك أن القرار المطعون فيه تناول بالترقية إلى الدرجة الثانية ناظرات للمدارس الثانوية (منهن المطعون في ترقيتها) مع أن وظائفهن مقرر لها في الميزانية الدرجة الثالثة، وقد يتقرر للوظيفة في التدرج الهرمي درجة مالية معينة ثم لا يؤخذ من ذلك أن لا يرقى إلى هذه الدرجة إلا من يشغل هذه الوظيفة دون من عداهم من رجال التعليم الذين يحل عليهم الدور في الترقية بدليل أن المنازع في ترقيتها أدركتها الترقية إلى الدرجة الثانية وهي شاغلة لوظيفة "ناظرة لمدرسة ثانوية للبنات" ولم يكن مقرراً لها إلا الدرجة الثالثة بالفرع الرابع من ميزانية الوزارة، وبدليل أن ناظر مدرسة المعلمين الابتدائية بالزيتون قد رقي بالقرار الوزاري رقم 9467 بتاريخ 26 من أغسطس 1950 إلى الدرجة الثانية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 ونص في قرار ترشيحه على أنه حاصل على الدرجة الثالثة من أول مايو سنة 1947. ويترتب على كل ما سلف صواب ما أورده الحكم المطعون فيه من أن الدرجات الثانية لم تكن مخصصة في ميزانية الوزارة للسنة المالية المشار إليها - الوظائف متميزة تمييزاً خاصاً، لأن وظائف النظار لا تصطبغ بطبيعة متميزة ولا تتطلب فيمن يشغلها تأهيلاً خاصاً وصلاحية معينة، لا يتحققان في مثل المدعي.


إجراءات الطعن

في أول يونيه سنة 1959 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيد وزير التربية والتعليم بالإقليم الجنوبي للجمهورية العربية المتحدة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد تحت رقم 934 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بتاريخ 2 من أبريل سنة 1959 في الدعوى رقم 703 لسنة 12 القضائية المقامة من السيد/ عبد العزيز أحمد الليثي ضد وزارة التربية والتعليم والقاضي بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثانية إلى أول أغسطس سنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين في الأسباب وإلزام الحكومة بالمصروفات. وطلبت الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقد أعلن الطعن إلى المطعون عليه في 11 من يوليه سنة 1959 وفي 29 من يونيه سنة 1960 أبلغ الخصوم بجلسة 16 من أكتوبر 1960 المحددة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي أحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره أمامها بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1960 وفي هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي السيد/ عبد العزيز أحمد الليثي أقام الدعوى رقم 703 لسنة 12 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة المذكورة في 19 من مارس سنة 1958 طالباً الحكم "باعتبار أقدميته في الدرجة الثانية راجعه إلى أول أغسطس سنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية وغيرها مع إلزام الحكومة بالمصروفات والأتعاب"، وقال بياناً للدعوى أنه صدر لصالحه حكم بتاريخ 14 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية قضى بتعديل أقدميته في الدرجة الثالثة إلى أول يوليه سنة 1947 طبقاً لقواعد الأقدمية لضباط الاحتياط الصادرة في السنوات 1940 و1947 و1948 و1950 وأنه في خلال الستين يوماً وعلى التحديد في 11 من يناير سنة 1958 تظلم إلى ويزر التربية والتعليم من القرار الوزاري رقم 9428 المؤرخ 15 من أغسطس سنة 1950 والقرارات الأخرى الصادر بها الإذن رقم 1722 بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1950 وذلك بالنسبة إلى ما تضمنته هذه القرارات المشار إليها من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية طبقاً للقواعد التي كان قد أقرها مجلس الوزراء في 17 من مايو سنة 1950 ولما لم ترد عليه الجهة الإدارية بادر بإقامة دعواه في الميعاد وقال بالنسبة إلى الدفوع أن قواعد مجلس الوزراء الصادرة في 17 من مايو سنة 1950 كانت تقضي فيما يتعلق بالترقيات إلى الدرجة الثانية بأن تخصص 50% من الدرجات الشاغرة للترقية بالأقدمية والباقي بالاختيار وأنه أقدم من كثيرين ممن رقوا بالأقدمية وأنه بإزاء تعديل أقدميته في الدرجة الثالثة، بعد أن نازعته الجهة الإدارية هذا الحق طويلاً، حتى اضطر إلى مقاضاتها وإلى استصدار حكم لصالحه، أصبح من حقه إقامة دعواه الحالية على اعتبار كونه صاحب حق غير منكور في الترقية إلى الدرجة الثانية لو أحسن تطبيق القرارات التنظيمية العامة في حقه وهي القرارات السابقة على القرارات المطعون فيها، وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي سبق أن تقدم بشكوى في 11 من مايو سنة 1955 طلب فيها تعديل أقدميته في الدرجة الثانية إلى أول أغسطس سنة 1950 بدلاً من أول أغسطس سنة 1955 أسوة بالآنسة سعاد نصر فريد وفي هذا ما يدل على علمه بصدور قرار أول أغسطس سنة 1950 بالترقية إلى الدرجة الثانية من هذا التاريخ. ثم قالت أنه بالرجوع إلى الحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية تبين أن طلبه الأصلي كان متضمناً ترقيته إلى الدرجة الثانية بالأقدمية طبقاً لقواعد التيسير الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 17 من مايو سنة 1950 ومن ثم تكون ترقيته إلى هذه الدرجة مستحقة من أول أغسطس سنة 1950 أسوة بالآنسة سعاد نصر فريد وخلصت الوزارة إلى أنه من ذلك يتضح أن علمه اليقيني بالقرار الصادر في أول أغسطس سنة 1950 كان ثابتاً ومن ثم يكون قد فوت على نفسه الميعاد القانوني للطعن في القرار المذكور، وقالت أن المادة الثالثة من القانون رقم 472 لسنة 1950 نصت على أنه لا يجوز الاستناد إلى الأقدمية الاعتبارية التي يرتبها هذا القانون في الطعن في القرارات الخاصة بالترقيات التي صدرت إلى حين العمل به. وقالت أن الرجوع إلى جداول الميزانية بالفرع الرابع (التعليم العام) عن السنة المالية 1950/ 1951 بصورتها المعتمدة من البرلمان - يدل على أن الدرجات الثانية في الميزانية للمدارس الثانوية للبنين مخصصة جميعها للنظار فقط. وأن المدعي متى ثبت أنه لم يشغل وظيفة ناظر ثانوي إبان الحركة بل كان معيناً وكيلاً لمدرسة ثانوية اعتباراً من 10 من يناير سنة 1950 فلا تجوز ترقيته إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة ناظر ثانوي. وبجلسة 2 من أبريل سنة 1959 حكمت محكمة القضاء الإداري "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثانية إلى أول أغسطس سنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين في الأسباب وألزمت الحكومة بالمصروفات". وأسست قضاءها بالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى على أن المدعي وإن كان يعلم بالقرار المطعون فيه النافذ اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950، والذي تضمن تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية، إلا أنه لم يكن وقتذاك قد تحدد مركزه القانوني بالنسبة لهذا القرار، إذ أن أقدميته في الدرجتين الرابعة والثالثة كانت مثار نزاع أمام محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية ولم يفصل فيها لصالحه إلا بالحكم الصادر في 14 من نوفمبر سنة 1957 ومن ذلك التاريخ تحدد مركزه في القرار الصادر في أول أغسطس سنة 1950 ولذلك تظلم من هذا القرار في الميعاد وأقام دعواه كذلك في الميعاد بإيداع صحيفتها في 19 من مارس سنة 1958 ومن ثم يكون الدفع غير مقبول. كما أسست قضاءها في الموضوع على أن المدعي قضى له من محكمة القضاء الإداري بتاريخ 14 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية بإرجاع أقدميته في الدرجتين الرابعة والثالثة إلى أول مايو سنة 1944 وأول يوليه سنة 1947 بالتطبيق لأحكام قرارات مجلس الوزراء الخاصة بأقدمية ضباط الاحتياط وكان القياس حاصلاً مع الآنسة سعاد نصر فريد وكانت اللجنة القضائية قد أجابت المدعي إلى طلب الحكم بتعديل أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول سبتمبر سنة 1939 تاريخ ترقية الآنسة المذكورة إلى هذه الدرجة وسجلت المحكمة أن هذه الأخيرة أحدث منه في أقدمية الدرجة السادسة وتساوت أقدميته بأقدميتها في الدرجات الخامسة والرابعة والثالثة. وقالت أن القرار المطعون فيه رقم 9428 الصادر في 15 من أغسطس سنة 1950 بإجراء حركة الترقيات إلى الدرجة الثانية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 يبين منه ترقية الآنسة سعاد نصر فريد كما يتضمن ترقية عدد من زميلاتها اللاحقات عليها في ترتيب الأقدمية وأنه لما كان المدعي يشترك مع الآنسة المذكورة في أقدمية الدرجات الخامسة والرابعة والثالثة وكان يسبقها في أقدمية الدرجة السادسة فإنه يكون أحق منها بالترقية إلى الدرجة الثانية بالقرار المطعون فيه سواء أكانت الترقية بالأقدمية أم بالاختيار إذ لا دليل على أن المطعون في ترقيتها تفوق المدعي أو تمتاز عليه امتيازاً ظاهراً. وردت المحكمة على ما أثارته الوزارة من تخصيص الدرجات الثانية لوظائف نظار المدارس الثانوية بقولها أن الدرجات واردة في الميزانية في تسلسل هرمي.
ومن حيث إن الطعن قد بني على وجهين الأول أن الدرجات الثانية التي شغلت بالقرارات المطعون فيها كانت كلها مخصصة في الميزانية لنظار المدارس الثانوية وعلى أن المدعي وقتذاك لم يكن من هؤلاء النظار والثاني أن المدعي لم يتقدم بطلب ضم مدة خدمته التي استندت إليها محكمة القضاء الإداري في الحكم الصادر لصالحه بضم هذه المدة إلا في تاريخ لاحق للقرار المطعون فيه. وبهذا لم يكن تحت نظر الوزارة ما يدل على أنه صاحب حق في ضم هذه المدة. ولهذا انتهى الطعن إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى.
أ - عن الدفع بعدم قبول الدعوى.
من حيث إنه ولئن اقتصر الطعن على ما قضى به الحكم المطعون فيه في الموضوع، ولم يتناول الدفع بعدم قبول الدعوى إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى باطراد على أن الطعن في الأحكام يفتح الباب أمام هذه المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه برمته بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر في الأحوال التي تعيبه، فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، أم أنه لم يقم به أية حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقى عليه ولا سيما إذا كان الشقان المطعون فيه وغير المطعون فيه مرتبطين أحدهما بالآخر ارتباطاً جوهرياً.
ومن حيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الدعوى الذي أثارته الحكومة - حسبما سلف بيانه - هو أن المدعي وهو يعلم بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً منذ تشكيه الأول منه في عام 1955، قد فوت على نفسه المواعيد القانونية بعدم التظلم منه ثم بالطعن في الميعاد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع آنف الذكر بأنه وإن كان المدعي يعلم بالقرار النافذ اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 بالترقية إلى الدرجة الثانية إلا أنه لم يكن قد تحدد مركزه القانوني بالنسبة للقرار المطعون فيه إذ أن أقدميته في الدرجة الرابعة والثالثة كانت لا تزال مطروحة أمام المحكمة في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية ولم يتبين مركزه القانوني إلا من التاريخ الذي صدر فيه لصالحه الحكم في الدعوى المذكورة وهو 14 من نوفمبر سنة 1957 ولما كان الثابت من الأوراق أنه تظلم من القرار المطعون فيه في 11 من يناير سنة 1958 ورفع الدعوى في 19 من مارس سنة 1958 فتكون الدعوى قد رفعت في الميعاد القانوني ويتعين الحكم بقبولها شكلاً.
ومن حيث إن هذه المحكمة تقر الحكم المطعون فيه على كل ما ساقه من أسباب صائبة رداً على الدفع بعدم قبول الدعوى، ذلك لأن المدعي في الواقع لم يتحدد مركزه إلا بالحكم الصادر لصالحه في 14 من نوفمبر سنة 1957، وقد تبين من الأوراق أنه لم يفوت على نفسه ميعاد التظلم منذ ذلك التاريخ، ولا ميعاد إقامته دعوى الإلغاء حين لم يجب إلى تظلمه فإذا ثبت أنه أقام هذه الدعوى بإيداع صحيفتها في 19 من مارس سنة 1958 فإنه لا يكون للدفع بعدم قبول الدعوى أي سند من الواقع أو القانون.
ب - عن الموضوع:
ومن حيث إن مثار هذه المنازعة من ناحية الموضوع هو استحقاق المدعي أو عدم استحقاقه للترقية إلى الدرجة الثانية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950، تأسيساً على أنه أحق بالترقية إلى هذه الدرجة من الآنسة سعاد نصر فريد التي رقيت بموجب القرار الوزاري الصادر في 15 من أغسطس سنة 1950.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في 14 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية قد عدل أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة بردها إلى أول مايو سنة 1944، وفي الدرجة الثالثة بردها إلى أول يوليه سنة 1947 على أساس قرارات مجلس الوزراء المنظمة لأقدميات ضباط الاحتياط، كما تبين أن الوزارة كانت قد ضمت مدة خدمته التي قضاها في التدريس بالتعليم الحر فيما بين أول سبتمبر سنة 1932 و20 من يناير سنة 1933 إلى خدمته وذلك بالإذن رقم 1058 الصادر في 12 من فبراير سنة 1948 ومن ثم ردت مبدأ خدمته في الدرجة السادسة إلى أول سبتمبر سنة 1932.
ومن حيث إنه يتضح من مراجعة ميزانية وزارة التربية والتعليم عن السنة المالية 1950/ 1951 وبخاصة الفرع الرابع الذي يتبعه المدعي، أن الدرجات الثانية الواردة بالفرع المشار إليه ليست مخصصة لترقية طائفة بذاتها كنظار المدارس الثانوية كما جاء في الطعن فقد تضمن هذا الفرع ثلاث عشرة درجة وردت في الصفحة 290 من الميزانية تحت عنوان "وظائف فنية لتعزيز وتحسين الكادر" دون أن تخصص هذه الدرجات لوظائف معينة، الأمر الذي يستفاد منه اتساع مجال الترقية إليها لصالح من يستحق الترقية من قدامى رجال التعليم. يؤكد ذلك أن القرار المطعون فيه تناول بالترقية إلى الدرجة الثانية ناظرات للمدارس الثانوية (منهن المطعون في ترقيتها) مع أن وظائفهن مقرر لها في الميزانية الدرجة الثالثة، وقد يتقرر للوظيفة في التدرج الهرمي درجة مالية معينة ثم لا يؤخذ من ذلك أن لا يرقى إلى هذه الدرجة إلا من يشغل هذه الوظيفة دون من عداهم من رجال التعليم الذين يحل عليهم الدور في الترقية، بدليل أن الآنسة سعاد نصر فريد ذاتها المنازع في ترقيها أدركتها الترقية إلى الدرجة الثانية وهي شاغلة لوظيفة "ناظرة لمدرسة ثانوية للبنات". ولم يكن مقرراً لها إلا الدرجة الثالثة بالفرع الرابع من ميزانية الوزارة، وبدليل أن السيد/ عبد العزيز سلامة ناظر مدرسة المعلمين الابتدائية بالزيتون قد رقي بالقرار الوزاري رقم 9467 بتاريخ 26 من أغسطس سنة 1950 إلى الدرجة الثانية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 ونص في قرار ترشيحه على أنه حاصل على الدرجة الثالثة من أول مايو سنة 1947. ويترتب على كل ما سلف صواب ما أورده الحكم المطعون فيه من أن الدرجات الثانية لم تكن مخصصة في ميزانية الوزارة للسنة المالية المشار إليها لوظائف متميزة تمييزاً خاصاً، لأن وظائف النظار لا تصطبغ بطبيعة متميزة ولا تتطلب فيمن يشغلها تأهيلاً خاصاً وصلاحية معينة، لا يتحققان في مثل المدعي.
ومن حيث إن لا حجة فيما أورده الطعن من أن المدعي لم يتقدم بطلب ضم مدة خدمته بالتعليم الحر إلا بعد صدور القرار المطعون فيه، حتى يستبين للوزارة حقه في الترقية، لأن الوزارة قد ضمت له بالفعل هذه المدة بالإذن رقم 1058 في 12 من فبراير سنة 1948. وبموجبه اعتبرت أقدميته في الدرجة السادسة راجعة إلى أول سبتمبر سنة 1932، وهذه الأقدمية في الدرجة المذكورة سابقة على أقدمية الآنسة سعاد نصر فريد التي بدأت خدمتها بوزارة المعارف اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1932 على ما يستفاد من ملف خدمتها.
ومن حيث إنه لا شبهة في أنه وقد تبين من القضية رقم 7387 لسنة 8 القضائية الصادر فيها حكم محكمة القضاء الإداري في 14 من نوفمبر سنة 1957 أن المدعي ولئن اشترك في الدرجات الخامسة والرابعة والثالثة مع الآنسة سعاد نصر فريد طبقاً للقواعد التي أرستها قرارات مجلس الوزراء بشأن أقدميات ضباط الاحتياط، إلا أنه بحكم أسبقيته عليها في أقدمية الدرجة السادسة، واعتباره من ثم أقدم منها طبقاً للقواعد العامة السارية قبل قانون موظفي الدولة، ما كان ينبغي تخطيه بالآنسة المذكورة في الترقية إلى الدرجة الثانية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 بموجب القرار الوزاري رقم 9428 بتاريخ 15 من أغسطس سنة 1950، لا على أساس الأقدمية، ولا على أساس الاختيار.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم وللأسباب الأخرى التي قام عليها الحكم المطعون فيه يكون هذا الحكم قد أصاب الحق في قضائه بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثانية إلى أول أغسطس سنة 1950، وما يترتب على ذلك من آثار حددها في أسبابه، ويكون الطعن - والحالة هذه - قد قام على غير أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.