مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثاني (من أول يناير سنة 1961 إلى أخر مارس سنة 1961) - صـ 716

(93)
جلسة 11 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي المستشارين.

القضية رقم 4 لسنة 6 القضائية

( أ ) دعوى - قبول الدعوى - تظلم - المواعيد التي يجب انقضاؤها قبل رفع الدعوى والمنصوص عنها في القانون رقم 165 لسنة 1955 - لا تسري إلا في شأن الطلبات الموضوعية دون طلبات الإعفاء من الرسوم.
(ب) موظف - تأديب - اختلاف الدرجات الخصوصية عن الدرجات التاسعة - اختلاف السلطة التأديبية المختصة تبعاً لذلك.
1 - لا يشترط فوات المواعيد التي نص عليها القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة لتقديم طلب الإعفاء وانتظار البت في التظلم إذ هذا الميعاد لا يسري إلا في شأن الطلبات الموضوعية فقط وطلب الإعفاء من الرسوم ليس منها.
2 - إن المادة 135 مكرراً (1) التي أضيفت بالقانون رقم 473 لسنة 1953 يجرى نصها كالآتي:
"يجوز إنشاء درجات فرعية أو خصوصية وتقرير قواعد منح العلاوات الخاصة بها والترقية إليها بقرار من الوزير المختص بموافقة وزير المالية والاقتصاد وبعد أخذ رأي ديوان الموظفين... إلخ..".
وهذه المادة تجيز إنشاء درجات فرعية أو خصوصية بأوضاع خاصة وإذ طبقت الهيئة العامة نص هذه المادة وأنشأت في ميزانيتها درجات خصوصية فلا معابة عليها في ذلك وبالتالي لا وجه للقول بأن الدرجات التي أنشأتها هي في واقع الأمر درجات تاسعة إذ الدرجات الخصوصية غير الدرجات التاسعة للاختلافات العديدة بينهما وأخصها في هذا المقام تحديد السلطة التأديبية صاحبة الولاية، إذ الدرجة التاسعة تعتبر من درجات الموظفين الداخلية في الهيئة وبالتالي يكون مجلس التأديب دون غيره هو المختص بتوقيع عقوبة الفصل وذلك إعمالاً لنص المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أما الدرجات الخصوصية أو الفرعية فيعتبر شاغلوها من الخارجين عن الهيئة إذ لم ترد درجاتهم في عداد الموظفين الداخلين في الهيئة ومن ثم يخضعون في سلطتهم التأديبية لحكم المادة 128 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي عددت العقوبات التأديبية التي يمكن توقيعها على المستخدمين الخارجين عن الهيئة ومن بينها الفصل وعقدت السلطة التأديبية عليهم لوكيل الوزارة أو رئيس المصلحة وجعلت القرارات التي تصدر بهذه العقوبات نهائية فيما عدا عقوبة الفصل فأجازت التظلم منها إلى لجنة شئون الموظفين بالوزارة أو المصلحة التابع لها المستخدم في مدى أسبوعين من تاريخ الإعلان بقرار الفصل وجعلت قرار اللجنة نهائياً وإذ أجازت التظلم فإن الذي يعرض عليها هو الصادر ضده لا الهيئة تلقائياً.


إجراءات الطعن

بتاريخ أول أكتوبر سنة 1959 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة عريضة هذا الطعن سكرتيرية المحكمة عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 2 من أغسطس سنة 1959 في الدعوى رقم 449 لسنة 5 القضائية المقامة من السيد/ محمد شحاته كامل النوام ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية والذي قضى بإلغاء القرار الصادر من مدير المنطقة الشمالية بالهيئة العامة للسكك الحديدية في 25 من ديسمبر سنة 1957 بفصل المدعي من الخدمة اعتباراً من 26 من ديسمبر سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار وأحقيته في صرف مرتبه من تاريخ الفصل وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد طلب السيد الطاعن للأسباب التي ركن إليها في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ثم أعلن الطعن للمطعون ضده في 11 من شهر أكتوبر سنة 1959 وعين له أولاً جلسة 25 من شهر ديسمبر سنة 1960 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر الطاعن بالجلسة في 10 من شهر ديسمبر سنة 1960، فقررت إحالته إلى هذه المحكمة بجلسة 21 من يناير سنة 1961 وفيها سمعت الإيضاحات التي رأت ضرورة سماعها من الطرفين وأرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق - تتحصل في أن المطعون ضده بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 12 من شهر يوليه سنة 1958 قال فيها أن قراراً إدارياً صدر في 25 من ديسمبر سنة 1957 بفصله من وظيفة مساعد كمساري التي كان يشغلها بالهيئة العامة لشئون سكك حديد مصر فتظلم من هذا القرار في 8 من يناير سنة 1958 ثم قدم طلب إعفائه من الرسوم القضائية عن هذه الدعوى في 20 من فبراير سنة 1958 ولما رفض تظلمه في 28 من مايو سنة 1958 بادر بإقامة الدعوى وأضاف المدعي إلى ما تقدم أن قرار الفصل عارته العيوب الآتية:
(1) صدر القرار المطعون فيه من مدير المنطقة الشمالية وهو ليس صاحب السلطة التأديبية عليه، ومن ثم يكون القرار مشوباً بعيب عدم الاختصاص.
(2) لم يجر تحقيق معه عن التهم المسندة إليه.
(3) جميع الاتهامات التي بني عليها القرار سبق أن جوزي من أجلها.
وحدد المدعي طلباته بطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر في 25 من ديسمبر سنة 1957 بفصله من الخدمة وإعادته إلى عمله وصرف مرتبه من تاريخ صدور القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. فدفعت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الميعاد، وفي بيان هذا الدفع قالت أن المدعي فصل من الخدمة اعتباراً من 26 من ديسمبر سنة 1957 بالقرار الإداري الصادر في ذلك التاريخ ونشر القرار بالعدد "1" شهر يناير سنة 1958 في النشرة الإدارية الشهرية، وفي 7 من يناير سنة 1958 تظلم إلى السيد المهندس مدير المنطقة الشمالية ثم عاود التظلم في 31 من مارس سنة 1958 إلى السيد وزير المواصلات فأحاله على السيد مفوض الدولة الذي بحثه ثم ارتأى رفضه وقد أخطر المدعي بالرفض في 15 من مايو سنة 1958 بكتاب موصى عليه ولكنه كان قد قدم طلب إعفائه من رسوم هذه الدعوى في 20 من فبراير سنة 1958 ورفض هذا الطلب في 28 من مايو سنة 1958 ومن ثم لم يراع المواعيد القانونية في إقامة الدعوى بأن قدم طلب الإعفاء من الرسوم القضائية قبل انقضاء الستين يوماً الخاصة بالرد على التظلم.
أما عن موضوع الدعوى فأجابت بأن سبب الفصل هو المخالفات التي ارتكبها وقد سمع دفاعه فيها ثم حقق طبقاً لما يقضي به نص المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بشئون موظفي الدولة ثم صدر قرار الفصل ممن يملك إصداره قانوناً وهو المهندس مدير المنطقة الشمالية في حدود السلطات المخولة له وطلبت الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها قبل الميعاد واحتياطياً في الموضوع برفضها لعدم قيامها على أساس سليم من القانون.
وبجلسة 2 من أغسطس سنة 1959 قضت تلك المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مدير المنطقة الشمالية بالهيئة العامة للسكك الحديدية في 25 من ديسمبر سنة 1957 بفصل المدعي من الخدمة اعتباراً من 26 من ديسمبر سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار وأحقيته في صرف مرتبه من تاريخ الفصل وألزمت الحكومة بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة، وأقامت قضاءها على أن المدعي تظلم إلى السيد المهندس مدير المنطقة الشمالية في 7 من يناير سنة 1958 ولا يعتد في حساب المواعيد بتظلمه الثاني المقدم إلى السيد وزير المواصلات وأنه لا يشترط فوات المواعيد التي نص عليها القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة لتقديم طلب الإعفاء وانتظار البت في التظلم إذ هذا الميعاد لا يسري إلا في شأن الطلبات الموضوعية فقط وطلب الإعفاء من الرسوم ليس منها وإذ رفض طلب الإعفاء في 28 من مايو سنة 1958 وأقام الدعوى الموضوعية في 12 من يوليه سنة 1958 أي خلال الستين يوماً التالية لرفض طلب الإعفاء بعريضة مستوفاة لشرائطها الشكلية فتكون الدعوى مقبولة شكلاً والدفع على غير أساس من القانون.
وأما عن موضوع الدعوى فقد بان لها من مطالعة الأوراق أن المدعي عين في خدمة السكك الحديدية في وظيفة عامل باب بأجر يومي قدره 165 مليماً اعتباراً من 9 يوليه سنة 1954 ثم عين في وظيفة مساعد كمساري مع نقله من اليومية إلى الماهية بالدرجة الخصوصية (72/ 108) خارج الهيئة والمخصصة لوظيفته اعتباراً من 5 من أغسطس سنة 1956 أي في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 سالف الذكر ومن ثم يطبق عليه حكمه. ولما كان هذا القانون لا يتضمن في كادر المستخدمين الخارجين عن الهيئة من الصناع وغير الصناع الدرجة المالية (72/ 108) التي عين فيها المدعي في وظيفة مساعد كمساري اعتباراً من 5 من أغسطس سنة 1956 وأن الدرجة التاسعة فيه تماثل من حيث بداية المربوط (72/ 108) الدرجة الخصوصية خارج الهيئة التي عين فيها المدعي في وظيفة مساعد كمساري وإذ درجت المدعى عليها على تسمية درجته بدرجة خصوصية فإن هذه التسمية من جانبها تكون على خلاف ما يقضي به القانون ومن ثم يتعين اعتباره في الدرجة التاسعة داخل الهيئة اعتباراً من 5 من أغسطس سنة 1956 وبالتالي يكون خاضعاً للسلطة التأديبية التي يخضع لها الموظفين الذين يشغلون درجات الهيئة. وإذ تقضي المادة رقم 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الآنف الذكر أن لرئيس المصلحة أو وكيل الوزارة كل في دائرة اختصاصه أن يوقع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب لمدة لا تجاوز خمسة وأربعين يوماً في السنة الواحدة بحيث لا تزيد مدة العقوبة الواحدة عن خمسة عشر يوماً وذلك بعد سماع أقوال الموظف وتحقيق دفاعه، كما تقضي فقرتها الأخيرة بأن العقوبات الأخرى تكون من سلطة مجلس التأديب. وقد جاء القانون رقم 366 لسنة 1956 بإنشاء هيئة عامة للسكك الحديدية مؤكداً سلطة مديرها العام في تأديب الموظفين وذلك في المادة الثالثة منه التي تنص على أنه "يقوم المدير العام تحت إشراف وزير المواصلات بإدارة السكك الحديدية وتصريف شئونها وله على الأخص فيما يتعلق بالموظفين والعمال سلطة التعيين والنقل والترقية والتأديب وما إلى ذلك من شئونهم وله أن ينيب غيره في بعضها وذلك كله في حدود القوانين واللوائح وتحدد اختصاصات المدير بقرار من وزير المواصلات" وقد صدر فعلاً القرار الوزاري رقم 10 لسنة 1957 من وزير المواصلات بتحديد اختصاصات مدير عام الهيئة كما أصدر الأخير، إعمالاً للتفويض الذي يستمده من القانون رقم 366 لسنة 1956، القرار رقم 204 في 21 من نوفمبر سنة 1956 بأن يعهد إلى السادة وكيلي مدير عام الهيئة ومساعد المدير العام والسكرتير العام والمفتش العام للقسم الميكانيكي والمفتش العام لهندسة السكة والأشغال والمفتش العام للحركة والبضائع ومدير عام المخازن والمشتريات ومدير عام القسم الطبي كل في دائرة اختصاصه السلطة المخولة لرئيس المصلحة التي نصت عليها المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وذلك بالنسبة للموظفين إلى الدرجة الرابعة أما بالنسبة لموظفي الدرجة الرابعة فما فوقها فتظل من سلطة المدير العام. ثم أصدر المدير العام القرار رقم 36 في 7 من نوفمبر سنة 1957 وتقضي المادة الأولى منه بأن يعهد إلى السادة مساعد المدير العام للشئون المالية والنقل ومساعد المدير العام للشئون العامة والأفراد ومفتش عام الحركة ومفتش عام النقل والسادة مديري المناطق والمدير المالي كل في دائرة اختصاصه ببعض الاختصاصات التي خولها له القانون في المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وإذ لا يملك السيد مدير عام الهيئة بموجبها إلا توقيع عقوبتي الإنذار والخصم على الأساس السالف بيانه فإن مديري المناطق لا يملكون أكثر منه أي لا يملكون إلا ما يملكه فقط وإذ المدعي كما سلف البيان يعتبر معيناً في الدرجة التاسعة من الداخلين في الهيئة فلا تملك السكك الحديدية اصطناع تسميات لتلك الدرجة تخالف حكم القانون رقم 210 لسنة 1951 ومن ثم تكون جهة الاختصاص التي تملك فصل هذا الموظف هي مجلس التأديب، وإذ صدر القرار المطعون فيه من مدير المنطقة الشمالية فيكون قد صدر من غير مختص وبالتالي يلحقه عيب مخالفة الاختصاص ويقع باطلاً ويتعين إلغاؤه، وأنه يترتب على الحكم بإلغائه اعتباراً من 26 من ديسمبر سنة 1957 أحقيته في العودة إلى الخدمة وفي اقتضاء مرتبه مدة الفصل كاملاً.
ومن حيث إن الطعن بني على أن الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية قد أنشأت الدرجة الخصوصية إعمالاً لحكم المادة 135 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 المضافة بالقانون رقم 473 لسنة 1953 وقد وردت الوظيفة التي يشغلها المدعي وهي مساعد كمساري في ميزانية الدولة تحت وظائف الخدمة الخارجين عن هيئة العمال وقدر لها الدرجة (72/ 108) - ميزانية السنة المالية 57/ سنة 1958 وزارة المواصلات قسم 17 فرع 2 السكك الحديدية تحت قسم الحركة فصل 6 صفحة 158 - ومن ثم يكون الحكم في غير صواب عندما نفى حق الهيئة العامة للسكك الحديدية في إنشاء درجات خصوصية كما أن ليس سليماً في اعتباره تلك الدرجة بأنها هي الدرجة التاسعة في سلك الموظفين الداخلين في الهيئة لمجافاة ذلك للقانون ولما جاء في الميزانية وبالتالي يخضع المدعي للسلطة التأديبية الواردة في المادة 128 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لا لنص المادة 85 منه ومن ثم يكون من حق مدير المنطقة الشمالية المفوض بقرار المدير العام لهيئة السكك الحديدية أن يفصله للمخالفات التي وردت في قرار الفصل وإذ ذهب الحكم المطعون إلى غير ذلك يكون حكماً مخالفاً للقانون ومتعين الإلغاء.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً بالرأي القانوني في هذه المنازعة ذهبت فيه إلى أن الحكم المطعون فيه سديد في قضائه بقبول الدعوى وأن ميعاد الستين يوماً الذي يجب انقضاؤه حتى رفع الدعوى إنما يعني الطلبات الموضوعية وليس طلب الإعفاء من الرسوم القضائية فيها، وأما عن الموضوع قالت عنه أن إنشاء درجات خصوصية بالهيئة العامة لشئون السكك الحديدية يتفق وحكم المادة 135 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 ومن ثم تكون عقوبة الفصل داخلة في السلطة التأديبية المنعقدة لرئيس المصلحة إعمالاً لحكم المادة 128 من هذا القانون وإذ فوض فيها مدير المنطقة الشمالية الذي أصدر القرار المطعون فيه فيكون الأخير مختصاً بإصدار هذا القرار ولا وجه للنعي عليه بعدم الاختصاص كما ذهب الحكم المطعون فيه كما أن هذا القرار استند على أسباب تبرره وهي (1) انقطاعه عن العمل بدون إذن مدة 28 يوماً متفرقة وقعت من 13 من يوليه سنة 1957 إلى 20 من ديسمبر سنة 1957. (2) تركه مركز عمله وإبلاغه بأنه مريض وطلب زيارة الطبيب في منزله للكشف عليه بعناوين مختلفة، لم يجده فيها الطبيب الزائر. (3) تركه عمله وطلبه الكشف الطبي عليه في منزله فلما انتقل الطبيب الزائر وأشر على الأوراق بأنه انقطع عن العمل بدون إذن وطلب إليه مباشرة العمل ولكنه لم يفعل واستمر في الانقطاع خمسة أيام من 18 إلى 27 من سبتمبر سنة 1957. (4) تعمده الهروب من العمل بعدم ذكره مواعيد القطارات التي قام بها ولا وقت وصوله الحقيقي.
وأن التحقيق أجري بشأن هذه الاتهامات التي قام عليها القرار (تراجع الصفحات 120 - 129 من ملف الخدمة) وأن الهيئة لم تنحرف عن استعمال سلطتها ومن ثم تكون الدعوى على غير أساس وخلصت إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إنه فيما يختص بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان فإن قضاء الحكم المطعون فيه قد جاء متفقاً مع حكم القانون وقضاء هذه المحكمة في أن العبرة بالمواعيد التي نصت عليها المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة هي الطلبات الموضوعية وليس منها طلب الإعفاء من الرسوم.
ومن حيث إنه فيما يختص بالموضوع فإن مثار النزاع هو في تحديد مركز المطعون ضده الوظيفي وبالتالي معرفة السلطة صاحبة الولاية التأديبية في شأنه.
ومن حيث إن المادة 135 مكرراً التي أضيفت بالقانون رقم 473 لسنة 1953 يجرى نصها كالآتي: "يجوز إنشاء درجات فرعية أو خصوصية وتقرير قواعد منح العلاوات الخاصة بها والترقية إليها بقرار من الوزير المختص بموافقة وزير المالية والاقتصاد وبعد أخذ رأي ديوان الموظفين... إلخ..".
ومن حيث إن هذه المادة تجيز إنشاء درجات فرعية أو خصوصية بأوضاع خاصة وإذ طبقت الهيئة العامة نص هذه المادة وأنشأت في ميزانيتها درجات خصوصية فلا معابة عليها في ذلك وبالتالي لا وجه للقول بأن الدرجات التي أنشأتها هي في واقع الأمر درجات تاسعة إذ أن الدرجات الخصوصية غير الدرجات التاسعة للاختلافات العديدة بينهما وأخصها في هذا المقام تحديد السلطة التأديبية صاحبة الولاية إذ الدرجة التاسعة تعتبر من درجات الموظفين الداخلين في الهيئة وبالتالي يكون مجلس التأديب دون غيره هو المختص بتوقيع عقوبة الفصل وذلك إعمالاً لنص المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 السالف الذكر أما الدرجات الخصوصية أو الفرعية فيعتبر شاغلوها من الخارجين عن الهيئة إذ لم ترد درجاتهم في عداد الموظفين الداخلين في الهيئة ومن ثم يخضعون في سلطتهم التأديبية لحكم المادة 128 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي عددت العقوبات التأديبية التي يمكن توقيعها على المستخدمين الخارجين عن الهيئة ومن بينها الفصل وعقدت السلطة التأديبية عليهم لوكيل الوزارة أو رئيس المصلحة وجعلت القرارات التي تصدر بهذه العقوبات نهائية فيما عدا عقوبة الفصل فأجازت التظلم منها إلى لجنة شئون الموظفين بالوزارة أو المصلحة التابع لها المستخدم في مدى أسبوعين من تاريخ الإعلان بقرار الفصل وجعلت قرار اللجنة نهائياً وإذ أجازت التظلم فإن الذي يعرض عليها هو الصادر ضده لا الهيئة تلقائياً.
ومن حيث إنه إعمالاً المادة لنص الثالثة من القانون رقم 366 لسنة 1956 السالفة الذكر أصدر مدير عام السكك الحديدية القرارين 204، 36 الآنفي الذكر بتفويض بعض اختصاصاته ومن بينها سلطته التأديبية على الموظفين خارج الهيئة إلى بعض مرءوسيه ومن بينهم مصدر القرار ومن ثم يضحى الأخير صاحب السلطة التأديبية على المطعون ضده، ومن ثم يكون القرار الذي أصدره بفصله قد صدر من مختص لأن وظيفة المطعون ضده "مساعد كمساري" وردت في الميزانية تحت وظائف الخدمة الخارجين عن هيئة العمال بالدرجة (72/ 108) - يراجع ميزانية السنة المالية 57/ 1958 وزارة المواصلات رقم 17 فرع/ 2 السكك الحديد تحت عنوان قسم الحركة فصل 6 صفحة 158 - وأنه لا يمكن اعتباره في الدرجة التاسعة لأن القياس ممتنع بين الدرجات الخارج الهيئة والدرجة التاسعة الداخلة في الهيئة على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إنه فيما يختص بالنعي الثاني على القرار وهو أن تحقيقاً لم يجر فالثابت من ملف خدمته أن تحقيقاً أجري معه عن المخالفات المسندة إليه (يراجع ملف الخدمة من الصفحة 120 إلى الصفحة 130).
ومن حيث إنه فيما يختص بالنعي الثالث على القرار بأن المطعون ضده سبق أن جوزي عن المخالفات فلم يثبت ذلك من الأوراق ونفته الهيئة العامة للسكك الحديدية في مذكرتها نفياً باتاً وليس هناك ما يمنع الجهة الإدارة أن تتخذ من مجموع هذه المخالفات سبباً لقرارها وإن كان جوزي عن بعضها فعلاً.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن القرار المطعون فيه قد قام على صحيح سببه وبرئ من عيب عدم الاختصاص كما سلف البيان ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغائه يكون غير سليم ويتعين القضاء بإلغائه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.