أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 10 - صـ 476

جلسة 11 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار: وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحسن العباسي، ومحمود القاضي المستشارين.

(72)
الطعن رقم 156 لسنة 25 القضائية

( أ ) نقض "تقرير الطعن" "التوكيل في الطعن". محاماة "توكيل المحامي".
وجوب أن يكون المحامي الذي يقرر الطعن بالنقض موكلاً عن الطاعن وإلا كان الطعن باطلاً. م 429 مرافعات.
(ب، ج) مرض الموت "تحديده". محكمة الموضوع. حكم "تسبيب معيب".
العبرة في اعتبار المرض الذي يستطيل عن سنة مرض موت هو بحصول التصرف خلال فترة تزايده واشتداد وطأته على المريض وانتهائه بالوفاة. أخذ تصديق البائعة على البيع يوم وفاتها بمنزلها وقبل أن يتم كاتب التصديقات مأموريته. بذاته لا يدل على تزايد المرض في الفترة التي حصل فيها التصرف. استناد الحكم إلى ذلك وإلى ظروف الدعوى دون تبيانها. قصوره.
1 - توجب المادة 429 من قانون المرافعات أن يكون المحامي الذي يقرر الطعن بالنقض موكلاً عن الطالب وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه - فإذا كان الثابت أن المحامي المقرر بالطعن بطريق النقض لم يقدم ما يثبت وكالته عن إحدى الطاعنتين فإن التقرير بالطعن عنها يكون باطلاً لصدوره من غير ذي صفة.
2 - العبرة في اعتبار المرض الذي يطول أمده عن سنة مرض موت هي بحصول التصرف خلال فترة تزايده واشتداد وطأته على المريض للدرجة التي يغلب فيها الهلاك وشعوره بدنو أجله ثم انتهاء المرض بالوفاة.
3 - إذا كان يبين من أسباب الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع استخلصت اشتداد وطأة المرض وتزايده على البائعة من ظروف الدعوى وملابساتها ومن إقدام زوج البائعة والمشتري منها على أخذ تصديقها على البيع يوم وفاتها بمنزلها وقبل أن يتم كاتب التصديقات مأموريته - ولما كان الظرف الأخير لا يدل بذاته على تزايد المرض واشتداد وطأته على البائعة في الفترة التي حصل فيها التصرف كما لا يدل عليه أيضاً مجرد إشارة المحكمة إلى ظروف الدعوى وملابساتها دون بيان لهذه الظروف والملابسات - فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى القول بأن العقد محل الدعوى صدر من البائعة وهي في مرض الموت يكون قد عاره قصور في التسبيب يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهما الأولين السيدة منا بسطورس وغبريال برسوم بصفته أقاما الدعوى رقم 311 سنة 1946 مدني كلي الفيوم على الطاعن الأخير وعلى مورث باقي الطاعنين وقالا في بيان دعواهما إن مورثتهما المرحومة ثريا غبريال كانت قد أصيبت بمرض الروماتزم في القلب وظل المرض يشتد يوماً بعد يوم حتى أدى إلى وفاتها في أول مارس سنة 1954 وأن زوجها كامل طنيوس "المطعون عليه الأخير" لما شعر بأن وفاة زوجته أصبحت أمراً محتوماً رأى أن يستأثر بأموالها منتهزاً فرصة قصرها من ناحية ومرضها من ناحية أخرى ودفعها إلى تحرير عقد بيع عرفي مؤرخ 14/ 10/ 1944 لصالح ميهوب محمد محمود الطاعن الأخير والمرحوم عبد الواحد سليم مورث باقي الطاعنين وهو تصرف باطل لأنه فضلاً عن صدوره من قاصر فقد صدر في مرض الموت، وقد توفيت المورثة عن ورثتها الشرعيين وهم والدتها منا بسطورس "المطعون عليها الأولى" وأخوتها لأمها المشمولين بولاية والدهم غبريال برسوم "المطعون عليه الثاني" وعن زوجها كامل طنيوس عبد المسيح "المطعون عليه الأخير" وتركت ما يورث عنها شرعاً أطياناً زراعية مقدارها 41 ف و16 ط بناحية الشواشنة مركز أبشواي فيوم وحصة قدرها 12 ط من 24 ط على الشيوع في منزل كائن بناحية المنزلة مركز أبشواي ثم عن منقولات منزلية ومصوغات قيمتها 400 جنيه وأنه بتقسيم هذه التركة على الورثة يخص الزوج النصف ويخص المدعين النصف إذ لم تترك المورثة فرعاً وارثاً، وطلب المدعيان الحكم أولاً - بتثبيت ملكيتهم إلى 20 ف و20 ط شيوعاً في 41 ف و16 ط وإلى 6 ط من 24 ط شيوعاً في المنزل. ثانياً - بإلزام المدعى عليه الأول "كامل طنيوس" بأن يدفع لهما بصفتهما مبلغ 200 جنيه قيمة نصيبهما في المنقولات والمصوغات المتروكة عن الورثة. وقد دفع الطاعنون هذه الدعوى بأنهم اشتروا 28 ط و16 ط من المورثة بمقتضى العقد العرفي المؤرخ 14/ 10/ 1944 وتم إعداد وتحرير العقد النهائي بمصلحة المساحة وتأشر عليه بختم "صالح للشهر" في 22/ 2/ 1945، ووقع عليه فعلاً من نفس البائعة أمام كاتب التصديقات في 1/ 3/ 1945 ولم تتم الإجراءات بسبب الغيبوبة التي أصابتها قبل إتمام الإجراءات وأنهم رفعوا بعد ذلك دعوى صحة التوقيع رقم 274 سنة 1946 كلي الفيوم ضد المطعون عليهم وقضى فيها لصالحهم. وفي 15/ 12/ 1948 قضت محكمة الفيوم الابتدائية تمهيدياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعيان أن مورثتهما المرحومة ثريا غبريال اعتراها المرض قبل وفاتها بمدة يدخل في نطاقها تاريخ العقد المطعون فيه، وأن هذا المرض أقعدها عن مباشرة شؤونها ولازمها حتى انقضى بوفاتها... إلخ. وفي 25/ 5/ 1945 حكمت بندب مكتب خبراء الفيوم لبيان ما تركه المورث الأصلي المرحوم غبريال عبد الله من أطيان ومنازل ثم بيان ما خص ابنته المرحومة ثريا بالميراث في تركته... إلخ، وبتاريخ 23 من إبريل سنة 1954 حكمت حضورياً أولاً - بتثبيت ملكية المدعين إلى 13 ف 22 ط 6 س مشاعة في 41 ف 19 ط 12 س مبينة الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى وتقرير الخبير والتسليم. ثانياً - ملكية المدعين إلى حصة مقدارها 6 ط من 24 ط شائعة في المنزل المبين الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى والتسليم. ثالثاً - وبإلزام المدعى عليه الأول "كامل طنيوس" بأن يدفع للمدعين 200 جنيه قيمة حصتهما في المنقولات والمصروفات. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 318 سنة 70 ق وطلبوا قبوله شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى 13 ف 3 ط 12 س قيمة الباقي من التركة بعد استبعاد الـ 28 فداناً و16 قيراطاً المبيعة لهم ورفض دعوى المستأنف عليهما فيما زاد عن هذا القدر. وفي 24/ 5/ 1954 قضت محكمة الاستئناف قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لسماع أقوال الطبيبين رشدي صادق وأديب فام ومن يرى طرفا الخصومة داعياً لسماع أقوالهم عن حالة مرض السيدة ثريا غبريال ومبدئه وتطوراته. وفي 25 من ديسمبر سنة 1954 حكمت برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف. وقد طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 21/ 4/ 1959 حيث أصر الطاعنون على طلباتهم وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحددت لنظره جلسة 28 من مايو سنة 1959 وفيها أصرت الطاعنون على طلباتهم وصممت النيابة على رأيها سالف الذكر.
ومن حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للطاعنة الرابعة حميدة عبد الهادي للتقرير به من غير ذي صفة إذ لم يقدم المحامي المقرر توكيلاً صادراً منها يبيح له التقرير بالطعن بطريق النقض نيابة عنها.
ومن حيث إن هذا الدفع صحيح - ذلك أن المادة 429 من قانون المرافعات توجب أن يكون المحامي الذي يقرر الطعن بالنقض موكلاً عن الطالب وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه - وإذ كان الثابت من الاطلاع على ملف الطعن أن المحامي المقرر بالطعن بطريق النقض لم يقدم ما يثبت وكالته عن السيدة حميدة عبد الهادي إحدى الطاعنين فإن التقرير بالطعن عنها يكون باطلاً لصدوره من غير ذي صفة ويتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لها.
ومن حيث إن الطعن بالنسبة لباقي الخصوم قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون في السبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه بعد أن قرر أنه لم يثبت بصفة قاطعة من التحقيقات التي أجريت في الدعوى أن البائعة كانت في حالة انتكاس أو شدة المرض عند صدور عقد البيع العرفي منها في 14/ 10/ 1944 عاد وقرر أنه يستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ومن أقدام زوج البائعة والمشترين منها إلى أخذ تصديقها على البيع في يوم وفاتها أن هذا العقد صدر منها وهي في مرض الموت، فجاء في تقريره الأخير مشوباً بالبطلان لقصور تسبيبه وفساد استدلاله - ذلك أنه لم يبين الظروف والملابسات التي استخلص منها أن المورثة صدقت على العقد وهي في مرض الموت - أما تحديد يوم أول مارس سنة 1945 للتوقيع على العقد النهائي فكان أمراً مقرراً قبل هذا التاريخ بعدة شهور أي منذ تحرير العقد الابتدائي في 14/ 10/ 1944 - وقد كان في استطاعة الطاعنين لو أن وطأة المرض قد اشتدت على البائعة أن يعملوا على إتمام توقيع البائعة لهم غداة بلوغها سن الرشد في 13/ 2/ 1945 أو في يوم 22/ 2/ 1945 بعد التأشير على العقد بختم "صالح للشهر" وأما حصول الوفاة يوم التوقيع على العقد فلا يعدو أن يكون من المصادفات السيئة التي تحدث كثيراً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه في هذا الخصوص ما يأتي: - "وحيث إنه وإن كان لم يثبت بصفة قاطعة من التحقيقات التي أجريت في الدعوى أن تلك البائعة كانت في حالة انتكاس أو شدة المرض عند صدور عقد البيع العرفي منها في 14/ 10/ 1944 إلا أن المحكمة تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ومن إقدام زوج البائعة والمشترين منها إلى أخذ تصديقها على البيع في يوم وفاتها بل في اللحظة التي فاضت فيها روحها أقام كاتب التصديقات بمنزلها من قبل إتمامه مأموريته أن مرضها في الفترة الأخيرة من حياتها قد اشتد عليها للدرجة التي يغلب فيها الهلاك عادة وشعرت بدنو أجلها ولم تكن هي ولا زوجها الوصي عليها قد استأذنا المجلس الحسبي في البيع السابق صدوره منها وهي قاصر فأرادت أن تجيزه وهي في تلك الحالة التي أشرفت فيها على الموت فعاجلتها المنية قبل أن يتم كاتب التصديقات مأموريته ومن ثم فلا شك أن تلك الأجازة بالبيع قد صدرت منها وهي في مرض الموت فعلاً كما انتهت إلى ذلك محكمة أول درجة".
ومن حيث إن العبرة في اعتبار المرض الذي يطول أمده عن سنة مرض موت هي بحصول التصرف خلال فترة تزايده واشتداد وطأته على المريض للدرجة التي يغلب فيها الهلاك وشعوره بدنو أجله ثم انتهاء المرض بالوفاة، ولما كان يبين من أسباب الحكم المطعون فيه السابق الإشارة إليها أن محكمة الموضوع استخلصت اشتداد وطأة المرض وتزايده على البائعة من ظروف الدعوى وملابساتها ومن إقدام زوجة البائعة والمشترين منها على أخذ تصديقها على البيع يوم وفاتها بمنزلها وقبل أن يتم كاتب التصديقات مأموريته، ولما كان مجرد وفاة البائعة بمنزلها في اليوم الذي تحدد للتوقيع على عقد البيع النهائي بعد تحضيره بمصلحة المساحة وقبل أن يتم كاتب التصديقات مأموريته لا يدل بذاته على تزايد المرض واشتداد وطأته على البائعة في الفترة التي حصل فيها التصرف، كما لا يدل عليه أيضاً مجرد إشارة المحكمة إلى ظروف الدعوى وملابساتها دون بيان لهذه الظروف والملابسات، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره قصور في التسبيب يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.