مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثاني (من أول يناير سنة 1961 إلى أخر مارس سنة 1961) - صـ 760

(97)
جلسة 18 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة عبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي ومحمد مختار العزبي وعزت عبد المحسن المستشارين.

القضية رقم 1392 لسنة 5 القضائية

كادر عمال القنال - تسوية - الحكم الصادر فيها قبل إعادة توزيع العامل إلى جهة أخرى - نطاق حجيته - لا تتعدى بأثرها إلى المركز القانوني للعامل في هذه الجهة بعد إعادة التوزيع - أساس ذلك - مثال.
إنه ولئن كان الحكم الصادر للمدعي في الدعوى رقم 174 لسنة 2 القضائية من المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية باعتبار الخصومة منتهية هو حكم قطعي له مقومات الأحكام وخصائصها ويحوز حجيتها، إلا أن محور النزاع الذي أنهاه كما هو واضح من مطالعته - كان يدور حول الأجر عن مدة قضاها المدعي في وزارة الداخلية وهي مدة لم يكن قد أعيد توزيعه فيها بعد طبقاً للقواعد التي وضعتها اللجنة المشكلة لإعادة توزيع عمال القنال. ومن ثم فإن حجية هذا الحكم لا يصح أن تتعدى بأثرها إلى خارج هذا النطاق. فإذا حدث أن تغير المركز القانوني للمدعي عما كان عليه في النزاع الذي أنهاه الحكم المذكور. فهذه واقعة جديدة لا أثر للحكم سالف الذكر عليها. ولما كان الثابت مما تقدم أن نقل المدعي إلى وزارة الحربية (سلاح الأسلحة والمهمات) اعتباراً من 21 من ديسمبر سنة 1954 قد غير من مركزه القانوني الذي كان له وقت أن كان يعمل بوزارة الداخلية ذلك أن هذا النقل كان تنفيذاً للقواعد التي وضعتها اللجنة المشكلة لإعادة توزيع عمال القنال. فتحول مركزه بهذا النقل من مركز مؤقت إلى مركز نهائي يكون المعول فيه طبقاً للقواعد المذكورة على ما تسفر عنه نتيجة اختباره أمام اللجنة الفنية المشكلة لهذا الغرض. لما كان ذلك فإنه لا أثر للحكم الصادر في الدعوى رقم 174 لسنة 2 القضائية المشار إليه على المركز القانوني للمدعي في وزارة الحربية فهو مركز جديد لم يتناوله النزاع الذي أنهاه الحكم المذكور.


إجراءات الطعن

في 20 من أغسطس سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد وزير الحربية بصفته عريضة طعن في الحكم الصادر بتاريخ 22 من يونيه سنة 1959 من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في الدعوى رقم 223 لسنة 5 القضائية المقامة من السيد/ إبراهيم سيد إبراهيم الدماطي الشهير بعمر ضد وزارة الحربية والقاضي بتسوية حالة المدعي طبقاً لأحكام كادر عمال القناة بمنحه أجراً قدره 300 مليم يومياً في درجة صانع دقيق (300/ 500) المقررة لمهنة سروجي وما يترتب على ذلك من آثار اعتباراً من أول أبريل سنة 1952 وصرف الفروق المالية المستحقة إليه عن الماضي اعتباراً من 19 من نوفمبر سنة 1952 وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده وإلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأعلنت صحيفة الطعن إلى المطعون ضده في 28 من سبتمبر سنة 1959. وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 4 من ديسمبر سنة 1960. وأبلغ الطرفان في 29 من نوفمبر سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة. وفيها أجل نظر الطعن لجلسة 8 من يناير سنة 1961 ثم لجلسة 22 من يناير سنة 1961 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 223 لسنة 5 القضائية بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بتاريخ 27 من مايو سنة 1958. وقال بياناً لدعواه أنه ترك العمل بالجيش البريطاني في سنة 1951 وعين بوزارة الداخلية في مهنة سروجي بعد أن أدى امتحاناً بتاريخ 7 من يناير سنة 1952 ثم نقل إلى وزارة الحربية في نفس مهنته ولكن اللجنة الفنية التي أدى أمامها الامتحان أخطأت في منحه الدرجة والأجر المقررين لمهنة سروجي في كادر عمال القنال فمنحته أجراً قدره 200 مليم. وأنه لما كان مقرراً لمهنة السروجي العادي في كادر عمال القناة درجة عامل دقيق في الفئة 300/ 500 مليم. ولا تملك لجنة الاختبار تقدير درجة غير واردة في الكادر. لذلك طلب المدعي الحكم بتسوية حالته باعتباره في درجة العامل الدقيق في مهنة سروجي في الدرجة من 300 إلى 500 مليم وصرف الفروق المالية المستحقة له من إجراء هذه التسوية وذلك من تاريخ تعيينه. وأجابت وزارة الحربية على الدعوى بأن المدعي استلم عمله بمصانع سلاح المهمات اعتباراً من 21 من ديسمبر سنة 1954 بأجر يومي قدره 140 مليماً كما ورد بشهادة آخر صرفية وردت من وزارة الداخلية ثم عدل أجره من 140 مليماً إلى 200 مليم اعتباراً من أول مايو سنة 1958 بناء على رأي اللجنة الاستشارية لقضايا الموظفين بوزارة الداخلية في الدعوى رقم 174 لسنة 2 القضائية التي أقامها المدعي أمام المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية وحررت له استمارة بالفرق المستحق وقدره 55 جنيهاً و898 مليماً فرق أجره وغلاء من أول ديسمبر سنة 1954 إلى 30 من مايو سنة 1956. وعند تعديل أجور عمال القنال بالسلاح طبقاً لنتائج اختبارهم بالمصانع اتضح أن المدعي يصلح لدرجة مساعد صانع بأجر يومي قدره 150 مليماً من تاريخ استلامه العمل بالسلاح. فعدل أجره وتدرج على هذا الأساس. وبجلسة 22 من يونيه سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية بتسوية حالة المدعي طبقاً لأحكام كادر عمال القنال بمنحه أجراً قدره 300 مليم يومياً في درجة صانع دقيق (300/ 500) المقررة لمهنة سروجي وما يترتب على ذلك من آثار اعتباراً من أول أبريل سنة 1952 وصرف الفروق المالية المستحقة إليه عن الماضي اعتباراً من 19 من يونيه سنة 1952 وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على أنه ما دام أن اللجنة الفنية التي اختبرت المدعي قد اعتبرته غير صالح لمهنة سروجي. فإنه ما كان يجوز لها أن تحدد له درجة وأجراً غير الدرجة والأجر المقررين لمهنة سروجي بحسب الكشوف الملحقة بكادر عمال القنال والتي تقرر لهذه المهنة درجة صانع دقيق (300/ 500) بأول مربوطها ولم ترد هذه المهنة ولا مهنة مساعد سروجي ضمن المهن الواردة بالكشف الخاص بمساعدي الصناع أما عن الفروق المالية فإن المدعي لم يطالب بتسوية أجره بمنحه 300 مليم في درجة صانع دقيق قبل تقديمه طلب معافاته من الرسوم القضائية في 19 من نوفمبر سنة 1957.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن العبرة في الأجر الذي يمنح لعامل القنال في الدرجة المخصصة له بموجب كادر عمال القنال هي بنتيجة امتحانه أمام اللجنة المشكلة لذلك وهي التي تقدر درجة كفايته للدرجة المرشح لها وأنه على ذلك تكون التسوية التي تمت على أساس وضع المطعون ضده في درجة مساعد صانع بأجر يومي قدره 150 مليماً ثم تدرجه بالعلاوات على هذا الأساس هي التسوية الصحيحة المطابقة للقانون.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق وملف الخدمة وملف الدعوى رقم 174 لسنة 2 القضائية التي كان المدعي قد أقامها ضد وزارة الداخلية بتاريخ 24 من أكتوبر سنة 1954 أمام المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية يبين أن المدعي بعد أن ترك الخدمة بمعسكرات الجيش البريطاني بمنطقة القنال قيد بمكتب العمل وألحق بالعمل بإدارة أسلحة وإمدادات البوليس بوزارة الداخلية اعتباراً من 20 من نوفمبر سنة 1951 واختبر في 7 من يناير سنة 1952 قبل تطبيق قواعد كادر عمال القنال وتبين أنه صانع عادي ومنح أجراً مبدئياً قدره 200 مليم في مهنة سروجي ثم تقرر نقله في 16 من أكتوبر سنة 1952 إلى بلوكات السواري (الأقاليم) بحالته وأجره السابقين نظراً لزيادته عن حاجة العمل ثم تقرر نقله إلى ديوان الوزارة لزيادته عن حاجة العمل ببلوكات الأقاليم وعين في وظيفة ساع وخفض أجره إلى 140 مليماً يومياً وذلك اعتباراً من أول مايو سنة 1954. فأقام المدعي الدعوى رقم 174 لسنة 2 القضائية ضد وزارة الداخلية قال فيها أنه عين بعد تركه خدمة الجيش البريطاني بأجر يومي قدره 200 مليم ثم فوجئ بتخفيض أجره إلى 140 مليماً بعد نقله من بلوكات سواري الأقاليم. وطلب رد المبالغ التي خصمت منه نتيجة لتخفيض أجره. وفي الجلسة قرر الحاضر عن وزارة الداخلية أنه قد سويت حالة المدعي وفقاً لطلباته وأن الإذن بالمبلغ قد أرسل إلى المدعي بطريق البريد وقدم للمحكمة ما يثبت إرساله وما يثبت أن المبلغ قدره 16 جنيهاً و164 مليماً عن المدة من أول مايو سنة 1954 إلى 30 من نوفمبر سنة 1954 وأن هذه التسوية تمت تنفيذاً لقرار اللجنة الاستشارية لقضايا الموظفين لوزارة الداخلية - فقرر المدعي تنازله عن الدعوى ثم عدل عن ذلك وطلب إنهاء الخصومة لقيام وزارة الداخلية بتسوية حالته مع حفظ حقه قبل وزارة الحربية. فقضت المحكمة بتاريخ 25 من سبتمبر سنة 1955 باعتبار الخصومة منتهية وإلزام وزارة الداخلية المصروفات. وكان المدعي في أثناء نظر الدعوى المذكورة قد نقل إلى وزارة الحربية (سلاح الأسلحة والمهمات) واستلم العمل بمصانع هذا السلاح اعتباراً من 21 ديسمبر سنة 1954 في مهنة سروجي ولكن بأجر يومي قدره 140 مليماً، فطالب المدعي وزارة الحربية بتنفيذ الحكم الصادر له في الدعوى رقم 174 لسنة 2 القضائية وبعد مكاتبات كثيرة في هذا الصدد حررت إدارة المستخدمين بسلاح الأسلحة والمهمات استمارتي صرف بمبلغ 55 جنيهاً و898 مليماً عن فرق الأجرة من أول ديسمبر سنة 1954 إلى 30 من مايو سنة 1956 وأرسلتهما وقرار اللجنة الاستشارية إلى إدارة حسابات السلاح لإجراء اللازم نحو الصرف. ولكن إدارة حسابات السلاح أرسلت الأوراق إلى إدارة الشئون القانونية بوزارة الحربية للإفادة عما إذا كان اقتراح اللجنة الاستشارية له قوة الحكم وما إذا كان يعتمد الصرف قانوناً. فأجابت إدارة الشئون القانونية بأن اقتراح اللجنة المذكورة ليس له قوة الحكم وأن الأمر مفوض للسلاح في تنفيذه من عدمه. وفي عام 1957 اختبر المدعي أمام اللجنة الفنية المشكلة بالسلاح في مهنة سروجي فأصدرت قرارها رقم 40 لسنة 1957 بأن درجته بحسب الاختبار هي درجة مساعد يشغلها اعتباراً من تاريخ نقله إلى السلاح في 21 من ديسمبر سنة 1954 بأجر قدره 150 مليماً يومياً يصل إلى 200 مليم يومياً في 21 من ديسمبر سنة 1956.
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم الصادر للمدعي في الدعوى رقم 174 لسنة 2 القضائية من المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية باعتبار الخصومة منتهية هو حكم قطعي له مقومات الأحكام وخصائصها ويحوز حجيتها، إلا أن محور النزاع الذي أنهاه كما هو واضح من مطالعته - كان يدور حول الأجر عن مدة قضاها المدعي في وزارة الداخلية وهي مدة لم يكن قد أعيد توزيعه فيها بعد طبقاً للقواعد التي وضعتها اللجنة المشكلة لإعادة توزيع عمال القنال. ومن ثم فإن حجية هذا الحكم لا يصح أن تتعدى بأثرها إلى خارج هذا النطاق. فإذا حدث أن تغير المركز القانون للمدعي عما كان عليه في النزاع الذي أنهاه الحكم المذكور. فهذه واقعة جديدة لا أثر للحكم سالف الذكر عليها. ولما كان الثابت مما تقدم أن نقل المدعي إلى وزارة الحربية (سلاح الأسلحة والمهمات) اعتباراً من 21 من ديسمبر سنة 1954 قد غير من مركزه القانوني الذي كان له وقت أن كان يعمل بوزارة الداخلية ذلك أن هذا النقل كان تنفيذاً للقواعد التي وضعتها اللجنة المشكلة لإعادة توزيع عمال القنال. فتحول مركزه بهذا النقل من مركز مؤقت إلى مركز نهائي يكون المعول فيه طبقاً للقواعد المذكورة على ما تسفر عنه نتيجة اختباره أمام اللجنة الفنية المشكلة لهذا الغرض. لما كان ذلك فإنه لا أثر للحكم الصادر في الدعوى رقم 174 لسنة 2 القضائية المشار إليه على المركز القانوني للمدعي في وزارة الحربية فهو مركز جديد لم يتناوله النزاع الذي أنهاه الحكم المذكور.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن للجنة اختبار عمال القنال أن تستقل بتقدير كفاية العامل تبعاً لمبلغ إجادته عند تأدية الامتحان المعقود له بغية تحديد درجته وأجره في نطاق ما تضمنته قواعد الكادر وعلى ذلك فإن وضع المدعي في وزارة الحربية في درجة مساعد صانع بأجر يومي قدره 150 مليماً يكون مطابقاً للقواعد التنظيمية الصحيحة. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر يكون قد خالف القانون فيتعين القضاء بإلغائه ورفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.