أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 33 - صـ 677

جلسة 7 من يونيه سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفي كيرة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين عبد العظيم، الدكتور أحمد حسني، الدكتور علي عبد الفتاح ومحمد عبد المنعم حافظ.

(120)
الطعن رقم 501 لسنة 44 القضائية

(1) بطلان. "نيابة عامة. دعوى. "تدخل النيابة في دعاوى القصر". نقض. "سبب الطعن".
إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة بقضايا القصر. بطلان نسبي. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) نقص "المصلحة في الطعن".
وجوب توافر المصلحة في الطعن بالنقض. مناط المصلحة. أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن.
(3) الالتزام "تجديد الالتزام".
تجديد الالتزام بتغيير موضوعه م 352/ 1 مدني، ماهيته.
(4) تقض "سبب الطعن. التناقض".
التناقض الذي يفسد الحكم. ماهيته".
1 - متى كان هدف الشارع من تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر إنما هو رعاية مصلحتهم. ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة بهذه القضايا يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة القصر وبالتالي يتعين عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - لما كانت قاعدة المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات تطبق حين الطعن بالنقض كما تطبق في الدعوى حال رفعها، ومعيار المصلحة الحقة سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن حين قضى برفض طلباته كلها أو قضي له ببعضها دون البعض الآخر فلا مصلحة للطاعن فيما يكون قد صدر به الحكم وفقاً لطلباته أو محققاً المقصوده منها.
3 - تجديد الالتزام بتغيير موضوعه وفقاً لما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 352 من القانون المدني هو عقد يتفق فيه الطرفان مع انقضاء التزام سابق وأن يحلا محله التزاماً آخر يختلف عن الأول في محله أو في مصدره، واستخلاص تجديد الالتزام أمر موضوعي يستقل به قاضي الموضوع متى كانت الأسباب التي أقامت عليها المحكمة حكمها من شأنها أن تؤدي إلى القول بذلك.
4 - التناقض الذي يفسد الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما يتماحى به الأسباب بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين والمطعون ضدهن الثلاثة الأخيرات أصحاب الشركة المصرية للنسيج "الطباخ إخوان" أقاموا على الشركة المصرية المتحدة للغزل والنسيج - المطعون ضدها الأولى - والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 8 سنة 1971 تجاري كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بندب خبير لبيان سبب الدين المبين بعقدي الرهن رقمي 129 سنة 1964، 146 سنة 1964 - توثيق شبرا - وتصفية الحساب بينهم، ثم الحكم ببراءة ذمة شركة الطاعنين من الدين الوارد بالعقد الأول وبطلان الرهن وشطبه وإلزام المطعون ضدها الأولى بأن ترد إليهم السندات الإذنية الموقع عليها من شركتهم كضامنة والمبالغ المستحقة لديها الناتجة عن تصفية الحساب - وقالوا بياناً للدعوى إنه في أوائل سنة 1963 كان المطعون ضده الثاني يشتري الغزل لمصنعه من الشركة المطعون ضدها الأولى ويدفع لها الثمن نقداً أو بالأجل بمقتضى سندات إذنية يحررها وبعد فترة من التعامل كان المرحوم...... بصفته مديراً لشركة الطاعنين يوقع على بعض هذه السندات الإذنية كضامن للمطعون ضده الثاني، ثم قام بعد ذلك بتظهير بعضها للشركة المطعون ضدها الأولى كطلبها ضماناً لاستمرار تعاملها مع المطعون ضده الثاني بالأجل، وإذ امتنع هذا الأخير عن سداد قيمة السندات الإذنية آنفة الذكر أوقعت المطعون ضدها حجزاً تحفظياً على أموال شركتهم تحت يد الغير مما أرهقها، فسعت الأخيرة لدى الأولى لرفع الحجز وتقسيط الدين، فاشترطت المطعون ضدها الأولى لذلك قيام كل من شركتهم والمطعون ضده الثاني برهن مصنعيهما لها فتم رهنهما بالعقدين المشار إليهما، كما أبرم بينهما عقد التزمت شركتهم بمقتضاه بتشغيل المصنعين المذكورين لحساب المطعون ضدها الأولى نظير أجرة تستوفى منها أقساط ديونها، وأنه على الرغم من أن شركتهم لا تعدو أن تكون ضامنة للمطعون ضده الثاني إلا أن المطعون ضدها الأولى عمدت إلى إخفاء هذه الحقيقة بإيراد الدين كله البالغ 102827 ج و371 م في عقد الرهن رقم 129 سنة 1964 الخاص بشركتهم وقصره على مبلغ 65374 ج و543 م في عقد الرهن رقم 146 سنة 1964 الخاص بالمطعون ضده الثاني - المدين الأصل - وذلك للإيهام بتعدد الدين خلافاً لواقع، ولهذا فإن شركتهم بصفتها ضامنة تبرأ ذمتها بمقدار ما أبرئ منه المدين الأصلي، كما تبرأ من باقي الدين بسبب الأضرار التي لحقت بها من الأخطاء التي ارتكبتها المطعون ضدها الأولى في إدارة وتشغيل مصنع المدين وإخلالها بعقد التشغيل المبرم بينهما مما أدى إلى فرض الحراسة الإدارية على هذا المصنع وتصفيته وحرمان شركتهم بذلك من مصدر تمويل الدين. ندبت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية خبيراً حسابياً وبعد أن قدم تقريراً ثم تقريراً تكميلياً حكمت بتاريخ 18/ 2/ 1973 برفض الدعوى. استأنف المحكوم عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 182 سنة 90 ق. وبتاريخ 12/ 3/ 1974 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتعديل الحكم المستأنف وذلك بالقضاء بشطب الرهن الوارد على مصنع الطاعنة الأولى وببراءة ذمتها من مبلغ 3150 ج وتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات مما أثر فيه ويقولون في بيانه إن بعض المستأنفين كانوا قصراً ومشمولين بوصاية وولاية الطاعن الأول مما كان يقتضي تدخل النيابة في الدعوى لحماية مصالحهم وفقاً للمادتين 89، 92 من قانون المرافعات، وإذ فات قلم الكتاب إخبار النيابة بذلك كما لم تأمر محكمة الاستئناف بهذا الإجراء فإن جزاء ذلك هو البطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن هدف الشارع من تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر إنما هو رعاية مصلحتهم، ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة بهذه القضايا يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة القصر وبالتالي يتعين عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع، وإذا فاتهم ذلك فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن القصر المشمولين بوصاية وولاية الطاعن الأول لم يثيروا هذا البطلان أمام محكمة الاستئناف فإن إبداءه أمام محكمة النقض يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين (أولهما) أن الحكم رد على دفعهم ببطلان عقد رهن محلهم التجاري لمخالفته لنص المادة 10 من القانون رقم 11 سنة 1940 الذي يحظر الرهن لغير البنوك وبيوت التسليف المرخص بها، بتقريره أن أحكام هذا القانون لا تنطق إذا وقع الرهن على ذات العقار الذي يشغله المحل التجاري أو ما به من عقارات بالتخصيص، في حين أن حظر الرهن وفقاً لأحكام القانون آنف الذكر هو حظر مطلق. (وثانيهما) أن الحكم أطرح دفاعهم بانعدام آثار عقد القرض المشمول بالرهن لإبرامه من المدير السابق لشركتهم خارج حدود سلطاته ولصورية العقد، بتقريره أن المدير السابق لشركتهم قد ظهر للمطعون ضدها الأولى سندات إذنية قيمتها 29231 ج، 53 م، ووقع على سندات إذنية أخرى قيمتها 56542 ج و272 م كضامن للمطعون ضده الثاني، وأن ذلك التظهير وهذا الضمان مما يدخل في سلطة المدير فتنصرف آثاره إلى شركتهم وأن هذا الالتزام القديم قد تجدد باستبدال قرض به، في حين أن التجديد لا يصح وفقاً للفقرة الأولى من المادة 353 من القانون المدني إلا إذا خلا كل من الالتزامين القديم والجديد من أسباب البطلان، والثابت من تقرير الخبير أن المدير السابق لشركتهم وقع على السندات الإذنية الأخيرة كضامن، وذلك بصفته الشخصية ولهذا فلا يجوز إلزامها بقيمة هذه السندات وفوائدها ولا أن تكون محلاً للتجديد بقرض مع هذه الشركة.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول بأنه لما كانت قاعدة المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات تطبق حين الطعن بالنقض كما تطبق في الدعوى حال رفعها، ومعيار المصلحة الحقة سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن حين قضى برفض طلباته كلها أو قضي له ببعضها دون البعض الآخر، فلا مصلحة للطاعن فيما يكون قد صدر به الحكم وفقاً لطلباته أو محققاً لمقصوده منها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بشطب الرهن الوارد على مصنع شركة الطاعنين تأسيساً على عدم سريانه في حقهم لإبرامه من المدير السابق لشركتهم خارج حدود سلطاته، بما يحقق مقصودهم من طلب بطلان عقد الرهن، وكان لا مصلحة لهم بهذه المثابة من النعي عليه فيما استطرد إليه من عدم انطباق أحكام القانون رقم 11 سنة 1940 بشأن بيع ورهن المحال التجارية، فإن نعيهم في هذا الخصوص يكون غير مقبول - والنعي مردود في وجهه الثاني بأن تجديد الالتزام بتغيير موضوعه وفقاً لما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 352 من القانون المدني هو عقد يتفق فيه الطرفان على انقضاء التزام سابق وأن يحلا محله التزاماً آخر يختلف عن الأول في محله أو في مصدره، واستخلاص تجديد الالتزام أمر موضوعي يستقل به قاضي الموضوع ومتى كانت الأسباب التي أقامت المحكمة عليها حكمها من شأنها أن تؤدي إلى القول بذلك، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص بتقريره أن مديونية شركة الطاعنين نشأت أصلاً من التزامها بسداد قيمة سندات إذنية مظهره منها للمطعون ضدها الأولى، وسندات أخرى صادرة من المطعون ضده الثاني للأخيرة بضمانه للشريك المتضامن مدير الشركة الأولى، وأن تظهير هذه السندات وضمانها مما يدخل في أعمال مدير الشركة، ولا يقال أن الضمان يخرج منها لجواز أن يتم بالتبادل مع تاجر آخر ليحرز كل منهما ائتمانه التجاري ويحتج بهذا الضمان على الشركة من المستفيد حسن النية، وأن مدير شركة الطاعنين قد اتفق مع المطعون ضدها الأولى على تجديد الالتزام واعتباره قرضاً مضموناً برهن، ومن شأن ذلك ترتيب التزام شركة الطاعنين بالدين وانتفاء ادعائها بصوريته. وإذ كان هذا استخلاصاً موضوعياً وسائغاً وله أصله الثابت من الأوراق وتقرير الخبير، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بذلك يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب ويقولون في بيانهما إنهم تمسكوا في دفاعهم في الاستئناف ببراءة ذمتهم من مبلغ 65374 ج، و343 م تأسيساً على أن المطعون ضدها الأولى إذ أبرمت مع شركتهم عقد الرهن رقم 129 سنة 1964 توثيق شبرا تأميناً لقرض يشمل هذا المبلغ الذي يمثل دينها قبل المطعون ضده الثاني، ثم عادت فأبرمت مع الأخير عقد الرهن رقم 146 سنة 1964 توثيق شبرا تأميناً لهذا الدين في صورة عقد قرض مما يعتبر تجديداً مبرئاً لذمة شركتهم من هذا المبلغ باعتبارها أحد المدينين المتضامنين عملاً بحكم المادة 286 من القانون المدني، وقد طرح الحكم هذا الدفاع تأسيساً على نص المادة 282 من القانون المدني، مع أنهم لم يستندوا إلى هذا النص، وأغفل بذلك بيان أثر هذا التجديد.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنين بأن محل إبراء ذمتهم بمقدار الدين الذي تجدد بالقرض المبرم مع المطعون ضده الثاني أن يحصل الاتفاق على التجديد في غيبة شركتهم المدينة المتضامنة الأخرى، وأن الحاصل أن المطعون ضدها الأولى قد حرصت على تأكيد مديونية الشركة المذكورة كمدينة متضامنة بالاتفاق معها على تجديد الدين الملزمة به واعتباره قرضاً، وكان هذا الرد قد واجه دفاع الطاعنين بما يتفق وحكم المادة 286 من القانون المدني التي استندوا إليها، وأنه لا تأثير على سلامة قضاءه إشارته خطأ إلى المادة 282 من القانون المدني وحسب محكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ، ومن ثم فإن النعي عليه بذلك يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه التناقض والخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيانه يقولون إنه انتهى في تكييفه للقرض الوارد بعقد الرهن رقم 129 سنة 1964 توثيق شبرا بأنه تجديد الالتزام مدير شركة الطاعنين، ثم عاد وقرر أن أساس المديونية سندات بعضها مظهر والآخر موقع عليه من هذا المدير بصفته كفيلاً. كما قرر الحكم أن الكفيل ملزم بالتضامن مع المدين الأصلي في سداد قيمة هذه السندات عملاً بالمادة 139 من قانون التجارة مع أنه لا محل لتطبيق هذا النص إذ الثابت من تقرير الخبير وملحقه ومن نماذج سندات الدين المقدمة في الطعن أن المدير السابق لشركة الطاعنين لم يوقع على هذه السندات سواء بصفته ضامناً أو بصفته الشخصية.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن التناقض الذي يفسد الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه. ولما كان تجديد الدين يستوجب قانوناً أن يكون الالتزام الجديد مختلفاً عن الالتزام القديم في محله أو في مصدره، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر ورتب قضاءه على هذا الأساس فإن النعي عليه بالتناقض يكون على غير أساس، ولا يقبل من الطاعنين التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض بعدم انطباق حكم المادة 139 من قانون التجارة بمقولة إن مدير شركتهم لم يوقع أصلاً على سندات الدين لأن هذا الدفاع يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.