أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 33 - صـ 721

جلسة 10 من يونيه سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ سليم عبد الله سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رابح لطفي جمعة، عبد المنعم رشدي، مصطفى زعزوع والحسيني الكناني.

(129)
الطعن رقم 1826 لسنة 49 القضائية

(1) استئناف "نطاق الاستئناف".
قبول الاستئناف شكلاً. مؤداه. وجوب التعرض لموضوع الاستئناف برمته وبكل ما اشتمل عليه من أوجه دفاع التزاماً بالأثر الناقل للاستئناف. إعراض الحكم المطعون فيه عن مناقشة موضوع النزاع بمقولة إن الحكم المستأنف انتهائي لصدوره في ظل القانون 121 لسنة 1947 خطأ وقصور.
(2) إيجار "القواعد العامة في الإيجار". إثبات "طرق الإثبات". حكم "عيوب التدليل".
الأدلة التي تعد مقدماً للإثبات خضوعها للقانون الساري وقت إعدادها أو الذي كان ينبغي فيه إعدادها م 9 مدني نشوء العلاقة الإيجارية في ظل القانون المدني الملغي. إثباتها لا يكون إلا بالكتابة أو بالإقرار أو بالامتناع عن اليمين. م 363 مدني قديم. إثبات هذه العلاقة بالبينة - رغم الافتراض على ذلك - وإقامة الحكم قضاءه على ما استخلصه من أقوال الشهود خطأ. علة ذلك.
(3) محكمة الموضوع. "مسائل الإثبات". "البينة".
تخلف الخصم عن الحضور بغير عذر أو امتناعه عن الإجابة تنفيذاً لحكم الاستجواب. أثره. جواز قبول الإثبات بالبينة والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك. م 113 من قانون الإثبات.
(4) نقض "سلطة محكمة النقض".
اقتصار الطعن بالنقض في المرة الأولى على شكلي الاستئناف. ورود الطعن في المرة الثانية على ما قضي به في الموضوع. أثره. للمحكمة عند النقض الإحالة دون التصدي للموضوع. علة ذلك.
1 - إذ كانت محكمة الإحالة - التزاماً بالحكم الناقض - قضت بقول الاستئناف شكلاً، فإنها تكون قد استنفذت ولايتها في هذه المسالة بحيث يمتنع عليها معاودة النظر فيها، ويتعين عليها التزاماً بالأثر الناقل للاستئناف أن تعرض لموضوع الاستئناف برمته وبكل ما اشتمل عليه من أوجه دفاع لتقول كلمتها فيه لقضاء سبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعرض عن مناقشة سببي الإخلاء بحجة انتهائية الحكم في نصوصها لصدوره في ظل القانون 120 لسنة 1947 بأنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور.
2، 3 - من المقرر وإعمالاً للمادة التاسعة من القانون المدني ما يبين الأدلة التي تعد مقدماً لإثبات النظريات القانونية، تخضع في إثباتها للقانون الساري وقت إعداد الدليل أو في الوقت الذي كان ينبغي فيه إعداده، ولما كانت العلاقة الإيجارية المدعى بها قد نشأت في سنة 1945 أو1946 أي في ظل القانون المدني الملغي فإنها تخضع في إثباتها لحكم المادة 263 منه التي تنص على أن عقد الإيجار الحاصل بغير الكتابة لا يجوز إثباته إلا بإقرار المدعى عليه أو امتناعه عن اليمين، فلا يجوز الاعتماد في إثباته على البينة أو القرائن، وكانت محكمة الاستئناف قد أجازت رغم اعتراض الطاعن - إثبات العلاقة الإيجارية بكافة الطرق بما فيها البينة، وأقامت قضاءها المطعون فيه على ما استخلصه من أقوال الشهود ومن القرائن، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ولا يصحح هذا الخطأ استناداً الحكم إلى المادة 113 من قانون الإثبات التي تجيز للمحكمة أن تقبل الإثبات بالبينة والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك متى تخلف الخصم عن حضور جلسة الاستجواب بغير عذر مقبول أو امتنع عن الإجابة ذلك أن الإحالة إلى التحقيق جاءت سابقة على حكم الاستجواب الموجه للمطعون ضده الأول دون الطاعن.
4 - إذ كانت المادة 269 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض عن نقض الحكم المطعون فيه - وكان الطعن للمرة الثانية - أن تحكم في الموضوع إلا أن التصدي لموضوع الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يقتصر على ما إذا كان الطعن في المرة الثانية ينصب على ما طعن عليه في المرة الأولى، وكان الطعن الأول قد اقتصر على النعي على شكل الاستئناف وانصب في هذا الطعن على ما قضي به في الموضوع وهو ما لم يكن معروضاً أصلاً في الطعن الأول فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 435 سنة 1959 كلي المنيا بطلب الحكم بإخلاء الطاعن من المنزل المؤجر له من قبل الملاك السابقين - باقي المطعون ضدهم - وذلك لتأخره في دفع الأجرة ولقيام حالة ضرورة بالمطعون ضده الأول تلجئه السكنى في ملكه بنفسه بعد أن عقد خطبته. بينما جحد الطاعن تلك العلاقة مدعياً تملكه المنزل بالتقادم. بتاريخ 22/ 12/ 1958 قضت المحكمة بالإخلاء لثبوت العلاقة الإيجارية ولتوافر حالة الضرورة الملجئة. استأنف الطاعن بالاستئناف 173 لسنة 77 ق القاهرة، وفي 8/ 3/ 1959 حكمت المحكمة بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن 185 لسنة 30 ق، وفي 18/ 1/ 1965 نقضت المحكمة الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف بني سويف التي قضت في 10/ 5/ 1968 بقبول الاستئناف شكلاً، وأحالت الدعوى إلى التحقيق - رغم اعتراض الطاعن - لإثبات ونفي قيام العلاقة الإيجارية وشروط التعاقد، ثم حكمت باستجواب المطعون ضده الأول، وبعد سماع بينة هذه الأخير، قضت في 14/ 6/ 1979 برفض الاستئناف دون أن تعرض لسببي الإخلاء. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول أن الحكم المطعون فيه قد حجب نفسه عن التصدي لموضوع النزاع، إذ لم يعرض لمناقشه سببي الإخلاء مهدراً بذلك الأثر الناقل للاستئناف، فجاء على خلاف ما تقضي به المادة 232 من قانون المرافعات. هذا إلى أنه انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي دون تسبيب أو إحالة فجاء مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت محكمة النقض في الطعن السابق قد نقضت الحكم بعدم جواز الاستئناف على ما ارتآه من أن الحكم الابتدائي الصادر بالإخلاء إذ فصل في مسألة أولية تخرج عن نطاق تطبيق القانون 121لسنة 1947، فإنه يخضع من حيث جواز الطعن فيه بالاستئناف للقواعد العامة، وكانت محكمة الإحالة - التزاماً بالحكم الناقض - قضت بقبول الاستئناف شكلاً، فإنها تكون قد استنفذت ولايتها في هذه المسالة بحيث يمتنع عليها، معاودة النظر فيها، ويتعين عليها التزاماً بالأثر الناقل للاستئناف أن تعرض لموضوع الاستئناف برمته وبكل ما اشتمل عليه من أوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعرض عن مناقشة سببي الإخلاء بحجة انتهائية الحكم في خضوعها لصدوره في ظل القانون 121 لسنة 1947، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور.
وحيث إن حاصل النعي السبب الثالث، إنه لما كانت العلاقة الإيجارية المدعاة قد نشأت في ظل القانون المدني الملغي، فإنها تخضع لحكم المادة 363 منه التي تقصر الإثبات حالة تخلف الكتابة على الإقرار أو اليمين وإذ لجأت محكمة الاستئناف في إثبات تلك العلاقة إلى البينة رغم اعتراض الطاعن واستندت في حكمها إلى أقوال الشهود، فإن حكمها المطعون فيه يكون مشوباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ولا يسوغ تبريراً لذلك الاعتصام بحكم المادة 113 من قانون الإثبات التي تجيز الإثبات بالبينة في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك حالة تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول أو امتنع عن الإجابة، طالما أن الإحالة إلى التحقيق جاءت سابقة على حكم الاستجواب.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر وإعمالاً للمادة التاسعة من القانون المدني، أن الأدلة التي تعد مقدماً لإثبات التصرفات القانونية تخضع في إثباتها للقانون الساري وقت إعداد الدليل أو في الوقت الذي كان ينبغي فيه إعداده، ولما كانت العلاقة الإيجارية المدعى بها قد نشأت في سنة 1945 أو 1946 - أي في ظل القانون المدني الملغي - فإنها تخضع في إثباتها لحكم المادة 363 منه التي تنص على أن عقد الإيجار الحاصل بغير الكتابة لا يجوز إثباته إلا بإقرار المدعى عليه أو امتناعه عن اليمين، فلا يجوز الاعتماد في إثباته على البينة أو القرائن، وكانت محكمة الاستئناف قد أجازت - رغم اعتراض الطاعن - إثبات العلاقة الإيجارية بكافة الطرق بما فيها البينة، وأقامت قضاءها المطعون فيه على ما استخلصه من أقوال الشهود ومن القرائن فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ولا يصحح هذا الخطأ استناد الحكم إلى المادة 113 من قانون الإثبات التي تجيز للمحكمة أن تقبل الإثبات بالبينة والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك متى تخلف الخصم عن حضور جلسة الاستجواب بغير عذر مقبول أو امتنع عن الإجابة، ذلك أن الإحالة إلى التحقيق جاءت سابقة على حكم الاستجواب الموجه للمطعون ضده الأول دون الطاعن.
وحيث إنه لما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه وإن كانت المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض عند نقض الحكم المطعون فيه - وكان الطعن للمرة الثانية - أن تحكم في الموضوع، إلا أن التصدي لموضوع الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يقتصر على ما إذا كان الطعن في المرة الثانية ينصب على ما طعن عليه في المرة الأولى، وإذ كان الطعن في المرة الأولى قد اقتصر على النعي على شكل الاستئناف وانصب في هذا الطعن على ما قضي به في الموضوع وهو ما لم يكن معروضاً أصلاً في الطعن الأول، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.