أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 33 - صـ 838

جلسة 27 من يونيه سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ حسن السنباطي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد ضياء عبد الرازق، سعد حسين بدر، محمد سعيد عبد القادر، وعلي عبد الفتاح خليل.

(151)
الطعن رقم 731 لسنة 49 القضائية

إثبات. "طرق الإثبات". صورية. وصية.
طعن أحد المتعاقدين في عقد البيع المكتوب بأنه يستر وصية. طعن بالصورة النسبية عدم جواز إثباته إلا بالكتابة.
- مفاد نص المادة 244/ 1 من القانون المدني - أن لدائني المتعاقدين والخلف الخاص متى كانوا حسني النية أن يتمسكوا بالعقد الصوري كما أن لهم أن يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع الطرق صورية العقد الذي أضر بهم، أما المتعاقدين فلا يجوز لهم إثبات ما يخالف ما اشتمل عليه العقد المكتوب إلا بالكتابة - ولما - كان الطعن على عقد البيع أنه يستر وصية هو طعن بالصورية النسبية بطريق التستر، ومتى كان العقد الظاهر المطعون عليه بهذه الصورية مكتوباً فإنه لا يجوز لأي من عاقديه أن يثبت هذه الصورية إلا بالكتابة وذلك عملاً بنص المادة 61/ 1 من قانون الإثبات، ولا يصح قياس هذه الحالة على حالة الوارث الذي يجوز له إثبات طعنه على العقد بأنه يخفي وصية بجميع الطرق كما يجوز له الاستفادة من القرينة المقررة لصالحه بالمادة 917 من القانون المدني عند توافر شروطها، ذلك أن الوارث لا يستمد حقه في الطعن في هذه الحالة من المورث وإنما من القانون مباشرة على أساس أن التصرف قد صدر إضراراً بحقه في الإرث فيكون تحايلاً على القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى 2002 سنة 1975 مدني كلي سوهاج على الطاعن طالبة الحكم ببطلان عقد البيع المسجل في 22/ 4/ 1973 برقم 1957 شهر عقاري الأقصر واعتباره كأن لم يكن. وقالت بياناً لدعواها إنها بموجب العقد سالف البيان أوصت لابنها الطاعن بالأطيان الزراعية الواردة به وقد أفرغت هذا التصرف في صورة بيع بعد أن حرر لها إقراراً التزم فيه بالوفاء بجميع احتياجاتها كما أنها لم تتخل عن حيازة تلك الأطيان أو الانتفاع بها وقد أخل الطاعن بالتزاماته، ومن ثم يحق لها الرجوع في وصيتها، وبتاريخ 13/ 11/ 1976 قضت المحكمة بندب خبير لبيان واضع اليد على أطيان النزاع والمنتفع بها وبعد أن قدم الخبير تقريره وبتاريخ 18/ 3/ 1978 قضت ببطلان عقد البيع آنف الذكر واعتباره كأن لم يكن، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 195 سنة 53 ق سوهاج 5 وبتاريخ 7/ 2/ 1979 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ودفعت المطعون ضدها ببطلان صحيفة الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الدفع، وفي الموضوع بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدها هو أن ما أثبته المحضر من أن بداية انتقاله لمحل إقامتها لإعلانها بصحيفة للطعن كان في الساعة الثانية مساءاً يتنافى مع ما أثبته من أن هذا الانتقال كان في الساعة الواحدة مساءاً كما أنه قام بإعلانها مخاطبة مع شيخ البلد لغيابها وغلق مسكنها دون أن يذكر أنه لم يجد من يتسلم الإعلان نيابة عنها.
وحيث إن هذا الدفع غير مقبول، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 20 من قانون المرافعات تنص على أنه "لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء". وكان الثابت أن المطعون ضدها الأولى علمت بالطعن وأودعت مذكرة في الميعاد القانوني بالرد على أسبابه فإن الغاية التي تغياها المشرع من الإعلان تكون قد تحققت ويكون هذا الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى باعتبار أن التصرف الحاصل من المطعون ضدها للطاعن بالعقد موضوع الدعوى ينطوي في حقيقته على وصية لوارث مضافة إلى ما بعد الموت وأجاز لها إثبات صوريته النسبية بكافة طرق الإثبات، وذلك على سند من نص المادة 917 مدني واعتبر العقد الظاهر لا وجود له في حين أنه لا يفيد من النص السالف إلا الوارث بالنسبة للتصرف الصادر من مورثه لوارث آخر. أما العلاقة بين المتصرف والمتصرف إليه فيحكمها العقد المكتوب ولا يجوز إثبات صوريته بينهما إلا بالكتابة الأمر الذي تمسك به الطاعن أمام محكمة الموضوع.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 244/ 1 من القانون المدني تنص على أنه "إذا أبرم عقد صوري فلدائني المتعاقدين وللخلف الخاص متى كانوا حسني النية أن يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع الوسائل صورية العقد الذي أضر بهم مما مفاده أن لدائني المتعاقدين وللخلف الخاص متى كانون حسني النية أن يتمسكوا بالعقد الصوري كما أن لهم أن يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع الطرق صورية العقد الذي أضر بهم أما المتعاقدين فلا يجوز لهما إثبات ما يخالف ما اشتمل عليه العقد المكتوب إلا بالكتابة، وكان الطعن على عقد البيع أنه يستر وصية هو طعن الصورية النسبية بطريق التستر، ومتى كان العقد الظاهر المطعون عليه بهذه الصورية مكتوباً فإنه لا يجوز لأي من عاقديه أن يثبت هذه الصورية إلا بالكتابة وذلك عملاً بنص المادة 61/ 1 من قانون الإثبات ولا يصح قياس هذه الحالة على حالة الوارث الذي يجوز له إثبات طعنه على العقد بأنه يخفي وصية بجميع الطرق كما يجوز له الاستفادة من القرينة المقررة لصالحه بالمادة 917 من القانون المدني عند توافر شروطها ذلك أن الوارث لا يستمد حقه في الطعن في هذه الحالة من المورث وإنما من القانون مباشرة على أساس أن التصرف قد صدر إضراراً بحقه في الإرث فيكون تحايلاً على القانون. ولما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن عقد البيع الذي ركن إليه الطاعن في إثبات دفاعه هو عقد مكتوب ذكر فيه سبب الالتزام. إذ أثبت به أن المطعون ضدها قبضت كل الثمن، وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بعدم جواز إثبات الصورية التي تدعيها المطعون ضده إلا بالكتابة، وكان الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي المؤيد به - رغم عدم تقديم المطعون ضدها دليلاً كتابياً على الصورية، قد استدل عليها بما بأن من تقرير الخبير أمام محكمة أول درجة من أن المطعون ضدها احتفظت بحيازة الأرض محل العقد المطعون عليه وتقوم بتأجيرها للغير وتنتفع بها دون أجل محدد وأتاح بذلك للمطعون ضدها الاستفادة من القرينة القانونية المقررة لصالح الوارث بالمادة 917 من القانون المدني باعتبار أن عقد البيع الصادر منها يستر وصية فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.