مجلس الدولة - المكتب الفني- مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1972 إلى أخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 447

(65)
جلسة 29 من مارس سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضية رقم 418 لسنة 14 القضائية

( أ ) عاملون بالقطاع العام "تأديب. وقف عن العمل" - اختصاص المحاكم التأديبية.
اختصاص المحكمة التأديبية عند الفصل في الدعوى التأديبية بتقرير ما يتبع في شأن مرتب العامل عن مدة وقفه عن العمل - اختصاص يستند إلى أحكام القانونين رقمي 19 لسنة 1959 و117 لسنة 1958 - النص على هذا الاختصاص في تشريعات العاملين بالقطاع العام ترديد وتأكيد لأحكام القانونين سالفي الذكر - بيان ذلك.
(ب) دعوى - حكم "حجية الشيء المقضى".
صدور حكم من المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها في تقرير ما يتبع في شأن مرتب العامل عن مدة وقفه - الطعن في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا - صدور حكم من محكمة القضاء الإداري في المنازعة ذاتها باختصاصها بالفصل فيها وعدم الطعن فيه - صدور هذا الحكم قبل الفصل في الطعن المقام عن حكم المحكمة التأديبية - لا يجوز أية حجية تقيد المحكمة الإدارية العليا - بيان ذلك.
إن المادة العاشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 التي تحيل إليها المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه والتي في ظلها تم وقف العامل عن عمله وحوكم تأديبياً وتقدمت النيابة الإدارية بطلب تقرير ما يتبع في شأن مرتبه عن مدة الوقف، تنص في فقرتها الثالثة على أنه "يترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه.... ما لم تقرر المحكمة صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة إلى أن تقرر عند الفصل في الدعوى التأديبية ما يتبع في شأن المرتب عن مدة الوقف.." وإذ ناط المشرع بالمحكمة التأديبية - عند الفصل في الدعوى التأديبية - تقرير ما يتبع في شأن مرتب العامل عن مدة الوقف، فإن هذا الاختصاص ينعقد للمحكمة التأديبية بالنسبة للعاملين الذين فصلت المحكمة في الدعاوى التأديبية المقامة ضدهم وبالتالي يمتنع على السلطات الرئاسية أي اختصاص في هذا الشأن.
وهذا الاتجاه من المشرع ما هو إلا إعمال لأصل مقرر وهو أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، وتسليم بأن المحكمة التأديبية وقد باشرت تأديب العامل وأدركت حدود الاتهام المسند إليه وأعماقه وأحاطت بظروف الاتهام وملابساته فإنها تكون الأجدر بتقرير ما يجب اتباعه في شأن مرتب العامل عن مدة وقفه عن العمل، وبهذه المثابة ينعقد الاختصاص المشار إليه للمحكمة التأديبية التي فصلت في الاتهام عند الفصل فيه أو بعده على السواء لاتحاد العلة في الحالتين، ولا وجه لما أثير من أن قرار الوقف مثار المنازعة صدر من محافظ البنك المركزي المصري وليس من النيابة الإدارية، ذلك أن النيابة الإدارية لا تملك وقف العامل عن عمله وإنما يتحدد دورها في هذا الشأن على ما تضمنته الفقرتان الأولى والثانية من المادة العاشرة سالفة الذكر في مجرد مطالبة السلطة الرئاسية المختصة، بوقف العامل عن عمله إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك، وإذا كان المشرع قد خول السلطة الرئاسية الخيار في إصدار هذا القرار أو الامتناع عن إصداره، فإن مفاد ذلك أن قرار الوقف الذي نيط في الفقرة الثالثة من المادة العاشرة المشار إليها - بالمحكمة التأديبية تقرير ما يتبع في شأن آثاره في الحدود سالفة البيان، هو قرار السلطة الرئاسية المختصة دون سواها. وإذ جاءت عبارة الفقرة الثالثة المذكورة عامة دون ثمة تخصيص يدل على قصر سريان حكمها على الوقف الصادر به قرار من السلطة الرئاسية المختصة بناء على طلب النيابة الإدارية، فإن القول بسريان حكم الفقرة الثالثة المذكورة على قرارات الوقف الصادرة بناء على طلب النيابة الإدارية تخصيص بغير مخصص ولا يجد له سنداً من القانون.
ومن حيث إن المادة 68 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 وقد نصت على أن "تقرر السلطة التي وقعت العقوبة ما يتبع في شأن صرف المرتب الموقوف صرفه." فإنما تكون قد جاءت مرددة ومؤكدة لحكم المادة العاشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 سالفة الذكر في شأن تخويل المحكمة التأديبية الولاية في تقرير ما يتبع في مرتب العامل عن مدة وقفه عن العمل، ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطلب المعروض عليها بمقولة أن اختصاص المحكمة التأديبية في تقرير ما يتبع في شأن مرتب العامل المذكور عن مدة وقفه عن العمل اختصاص مستحدث بالمادة 68 المشار إليها ولم يكن قائماً طبقاً للقواعد السابقة عليها قد خالف حكم القانون وأخطأ في تطبيقه. وإذ سار نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القانون رقم 61 لسنة 1971 على هذا النهج ونص في المادة 57 منه على أن "تقرر السلطة التي وقعت العقوبة ما يتبع في شأن صرف المرتب الموقوف صرفه." مردداً بذلك حكم القواعد سالفة الذكر، فإن الحكم المطعون فيه يكون وقد أخطأ في تطبيق القانون واجب الإلغاء.
2 - إن محكمة القضاء الإداري وقد قضت باختصاصها بنظر دعوى المدعي في شأن طلب أحقيته في مرتبه عن مدة وقفه عن العمل وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية بتقرير ما يتبع في شأن المرتب عن هذه المدة فإن هذا الحكم وقد صدر بعد إقامة الطعن الماثل في حكم المحكمة التأديبية المشار إليه، ودون انتظار الفصل فيه، فإنه لا يحوز ثمة حجية تغل يد المحكمة الإدارية العليا عن أعمال سلطتها في التعقيب على الحكم المطعون فيه ووزنه بميزان القانون، وبالتالي فلا مندوحة إعمالاً لهذه السلطة من القضاء للأسباب سالفة الذكر بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية المختصة بنظر موضوع الطلب مثار المنازعة وبإحالته إليها لتفصل فيه. ولا وجه للتحدي عندئذ بحجية حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه الذي لم يطعن فيه لأن هذا الحكم صدر على الوجه المتقدم قبل الفصل في الطعن الماثل ولم تتمهل المحكمة إلى أن تقول المحكمة الإدارية العليا كلمتها فيه، باعتبارها أعلى درجات التقاضي في النظام القضائي الإداري.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن النيابة الإدارية أودعت في 26 من أكتوبر سنة 1966 سكرتارية المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة العاملين بوزارة الاقتصاد طلباً - قيد بجدولها تحت رقم 34 لسنة 9 القضائية - لتقرير ما يتبع في شأن مرتب السيد/ ....، العامل بالبنك المركزي المصري، عن مدة وقفه عن العمل وذلك بصفة نهائية. وكان البنك المذكور على ما تنطق به الأوراق قد أوقف هذا العامل عن العمل في 20 من إبريل سنة 1965 لما نسب إليه من إصدار شيك بدون رصيد، وقدم إلى المحكمة التأديبية سالفة الذكر في الدعوى رقم 81 لسنة 10 القضائية وفيها قضت المحكمة بمجازاة السيد/ .... بالخصم من مرتبه لمدة شهر واحد لما ثبت في حقه من إصدار شيكين دون وجود مقابل وفاء كاف لها، وأثر صدور هذا الحكم في 8 من مايو سنة 1966 أعاد البنك العامل المذكور إلى عمله في 20 من يونيه سنة 1966 وتقدمت النيابة الإدارية بطلبها مثار الطعن الماثل لتقرير ما يتبع في شأن مرتب هذا العامل عن مدة وقفه المشار إليه. وبجلسة 25 من ديسمبر سنة 1966 قضت المحكمة التأديبية المذكورة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأقامت قضاءها على أن اختصاص المحكمة بالتطبيق لحكم المادة 68 من لائحة العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 والذي بدأ العمل بها اعتباراً من 28 أغسطس سنة 1966 في شأن تقرير ما يتبع في رواتب هؤلاء العاملين أثناء مدة وقفهم عن العمل بصفة مؤقتة وكذلك مد وقفهم والبت في مرتباتهم بصفة نهائية في حالة محاكمتهم بمعرفة هذه المحكمة، اختصاص مستحدث لم يكن قائماً باللائحة السابقة رقم 3546 لسنة 1962 التي كانت تحيل في مسائل الوقف إلى أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 وما تقضي به أحكامه من سلطة رب العمل في وقف العامل وفي البت في مرتبه خلال مدة الوقف طبقاً للأحكام والقواعد الواردة بذلك القانون، ولما كان الأمر كذلك وكان الثابت أن السيد/ .... قد أوقف عن العمل في 20 من إبريل سنة 1965 وصدر الحكم بمجازاته في 8 من مايو سنة 1966 أي في ظل اللائحة رقم 3546 لسنة 1962، فإن أحكام هذه اللائحة تكون هي الواجبة التطبيق فيما يتعلق بالسلطة المختصة بالبت بصفة نهائية في مرتب العامل عن مدة وقفه ولا يكون لهذه المحكمة من اختصاص في هذا الشأن إعمالاً للأثر المباشر للائحة الجديدة.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد طعنت في هذا الحكم طالبة القضاء بإلغائه والحكم باختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطلب وبإعادته إليها لتفصل فيه، وأقامت طعنها على أن القرار الذي تصدره المحكمة التأديبية في شأن استحقاق العامل أو عدم استحقاقه لمرتبه عن مدة الوقف هو قرار منشئ لمركز قانوني جديد للموظف وليس كاشفاً عن مركز قانوني تحدد سلفاً بصدور قرار الوقف، وهو بهذه الكيفية يخضع للقواعد التنظيمية العامة السارية وقت نشوء هذه المراكز إعمالاً لقاعدة الأثر المباشر للقانون. ونتيجة لذلك فإنه من تاريخ العمل بلائحة نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بها القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 تزول كل ولاية كانت مقررة بالقواعد السابقة للمؤسسات العامة أو شركات القطاع العام في شأن صرف أو عدم صرف مرتب العامل الموقوف عن فترة وقفه في غير الحالات التي نصت عليها المادة 68 من اللائحة حتى ولو تم الوقف في فترة سابقة على العمل بهذه اللائحة، ويكون الحكم وقد أخذ بغير هذا النظر قد أخطأ في تطبيق القانون. وقد عقب السيد/ .... بمذكرة طالباً الحكم بمطالبته هيئة مفوضي الدولة. وتقدمت النيابة الإدارية أثناء فترة حجز الطعن للحكم بحافظة مستندات طوتها على كتاب البنك المركزي المصري المؤرخ في 20 من مارس سنة 1972 متضمناً أن السيد/ محافظ البنك هو الذي أصدر قرار وقف العامل المذكور وأن هذا العامل أقام الدعوى رقم 18 لسنة 23 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري مطالباً بمرتبه عن فترة وقفه وقد قضى فيها في الأول من مارس سنة 1971 برفضها.
ومن حيث إن الثابت من حكم المادة الأولى من القانون رقم 250 لسنة 1960 في شأن البنك المركزي المصري والبنك الأهلي المصري أن المشرع أضفى على البنك المركزي المصري وصف المؤسسة العامة فنص في هذه المادة على أن "تنشأ مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية مستقلة تسمى "بالبنك المركزي المصري"...." وإذ اعتبر المشرع البنك المركزي المصري مؤسسة عامة فإن العاملين به يخضعون لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على بعض موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة إعمالاً لنص المادة الأولى منه، حيث لم يصدر ثمة قرار جمهوري بالتطبيق لحكم هذه المادة باستثناء البنك المذكور من الخضوع لأحكام القانون المشار إليه. وبناء على هذا المفهوم الصحيح لأحكام القانون أحالت النيابة الإدارية السيد/ .... إلى المحكمة التأديبية المختصة في الدعوى رقم 81 لسنة 10 القضائية والمشار إليها لمحاكمته فيما نسب إليه وتمت المحاكمة فعلاً وفقاً لأحكام القانون المذكور.
ومن حيث إن المادة العاشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 التي تحيل إليها المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه والتي في ظلها تم وقف العامل عن عمله وحوكم تأديبياً وتقدمت النيابة الإدارية بطلب تقرير ما يتبع في شأن مرتبه عن مدة الوقف، تنص في فقرتها الثالثة على أنه "يترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه.... ما لم تقرر المحكمة صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة إلى أن تقرر عند الفصل في الدعوى التأديبية ما يتبع في شأن المرتب عن مدة الوقف.." وإذ ناط المشرع بالمحكمة التأديبية - عند الفصل في الدعوى التأديبية - تقرير ما يتبع في شأن مرتب العامل عن مدة الوقف، فإن هذا الاختصاص ينعقد للمحكمة التأديبية بالنسبة للعاملين الذين فصلت المحكمة في الدعاوى التأديبية المقامة ضدهم وبالتالي يمتنع على السلطات الرئاسية أي اختصاص في هذا الشأن. وهذا الاتجاه من المشرع ما هو إلا أعمال لأصل مقرر وهو أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، وتسليم بأن المحكمة التأديبية وقد باشرت تأديب العامل وأدركت حدود الاتهام المسند إليه وأعماقه وأحاطت بظروف الاتهام وملابساته فإنها تكون الأجدر بتقرير ما يجب اتباعه في شأن مرتب العامل عن مدة وقفه عن العمل. وبهذه المثابة ينعقد الاختصاص المشار إليه للمحكمة التأديبية التي فصلت في الاتهام عند الفصل فيه أو بعده على السواء لاتحاد العلة في الحالتين، ولا وجه لما أثير من أن قرار الوقف مثار المنازعة صدر من محافظ البنك المركزي المصري وليس من النيابة الإدارية، ذلك أن النيابة الإدارية لا تملك وقف العامل عن عمله وإنما يتحدد دورها في هذا الشأن على ما تضمنته الفقرتان الأولى والثانية من المادة العاشرة سالفة الذكر في مجرد مطالبة السلطة الرئاسية المختصة، بوقف العامل عن عمله إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك، وإذا كان المشرع قد خول السلطة الرئاسية الخيار في إصدار هذا القرار أو الامتناع عن إصداره، فإن مفاد ذلك أن قرار الوقف الذي نيط في الفقرة الثالثة من العاشرة المشار إليها - بالمحكمة التأديبية تقرير ما يتبع في شأن آثاره في الحدود سالفة البيان، هو قرار السلطة الرئاسية المختصة دون سواها. وإذ جاءت عبارة الفقرة الثالثة المذكورة عامة دون ثمة تخصيص يدل على قصر سريان حكمها على الوقف الصادر به قرار من السلطة الرئاسية المختصة بناء على طلب النيابة الإدارية، فإن القول بسريان حكم الفقرة الثالثة المذكورة على قرارات الوقف الصادرة بناء على طلب النيابة الإدارية تخصيص بغير مخصص ولا يجد له سنداً من قانون.
ومن حيث إن المادة 68 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 وقد نصت على أن "تقرر السلطة التي وقعت العقوبة ما يتبع في شأن صرف المرتب الموقوف صرفه". فإنها تكون قد جاءت مرددة ومؤكدة لحكم المادة العاشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 سالفة الذكر في شأن تخويل المحكمة التأديبية الولاية في تقرير ما يتبع في مرتب العامل عن مدة وقفه عن العمل، ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطلب المعروض عليها بمقولة أن اختصاص المحكمة التأديبية في تقرير ما يتبع في شأن مرتب العامل المذكور عن مدة وقفه عن العمل اختصاص مستحدث بالمادة 68 المشار إليها ولم يكن قائماً طبقاً للقواعد السابقة عليها قد خالف حكم القانون وأخطأ في تطبيقه. وإذ سار نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القانون رقم 61 لسنة 1971 على هذا النهج ونص في المادة 57 منه على أن "تقرر السلطة التي وقعت العقوبة ما يتبع في شأن صرف المرتب الموقوف صرفه". مردداً بذلك حكم القواعد سالفة الذكر، فإن الحكم المطعون فيه يكون وقد أخطأ في تطبيق القانون واجب الإلغاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد/ .... أقام في 5 من أكتوبر سنة 1968 الدعوى رقم 18 لسنة 13 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد البنك المركزي المصري طالباً الحكم بأحقيته في اقتضاء ما أوقف صرفه من مرتبه. وبجلسة الأول من مارس سنة 1971 حكمت المحكمة برفض الدعوى وقضت بذلك ضمناً باختصاصها بنظر الدعوى، وأقامت قضاءها في هذا الشأن على أنه لا اختصاص للمحكمة التأديبية في تقرير ما يتبع في شأن مرتب المدعي عن مدة وقفه المشار إليها لذات الأسباب التي ساقتها المحكمة التأديبية في حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري وقد قضت في حكمها السالف الذكر باختصاصها بنظر دعوى السيد/ .... في شأن طلب أحقيته في مرتبه عن مدة وقفه عن العمل وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية بتقرير ما يتبع في شأن مرتب السيد المذكور عن هذه المدة، فإن هذا الحكم وقد صدر بعد إقامة الطعن الماثل في حكم المحكمة التأديبية المشار إليه، ودون انتظار الفصل فيه: - فإنه لا يجوز ثمة حجية تغل يد المحكمة الإدارية العليا عن أعمال سلطتها في التعقيب على الحكم المطعون فيه ووزنه بميزان القانون، وبالتالي فلا مندوحة أعمالاً لهذه السلطة من القضاء للأسباب سالفة الذكر بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية المختصة بنظر موضوع الطلب مثار المنازعة وبإحالته إليها لتفصل فيه. ولا وجه للتحدي عندئذ بحجية حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه الذي لم يطعن فيه لأن هذا الحكم صدر على الوجه المتقدم قبل الفصل في الطعن الماثل ولم تتمهل المحكمة إلى أن تقول المحكمة الإدارية العليا كلمتها فيه باعتبارها أعلى درجات التقاضي في النظام القضائي الإداري.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يتعين معه القضاء بإلغائه والحكم باختصاص المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة العاملين بوزارة الاقتصاد بنظر طلب النيابة الإدارية المعروض، وإعادة الأوراق إليها لتفصل في موضوعه.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية لوزارة الاقتصاد بنظر الطلب وبإعادته للفصل في موضوعه.