مجلس الدولة - المكتب الفني- مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1972 إلى أخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 455

(66)
جلسة 6 من مايو سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضية رقم 369 لسنة 14 القضائية

عاملون مدنيون - نقابة المهن الطبية - تأديب - اختصاص المحاكم التأديبية.
تأديب أعضاء نقابات المهن الطبية من موظفي الحكومة - تختص به المحاكم التأديبية إذا كانت المخالفات المنسوبة إليهم تقع في دائرة عملهم الحكومي ومتصلة به - وتختص مجالس النقابة فيما عدا ذلك من المخالفات حتى وإن انعكس أثرها على سلوك الموظف في مجال الوظيفة العامة - أساس ذلك.
إن القانون رقم 62 لسنة 1949 بإنشاء نقابات واتحادات نقابات المهن الطبية ينص في المادة 19 منه على أن يحاكم أمام الهيئات التأديبية لكل نقابة كل عضو من أرباب المهنة التابع لها من غير موظفي الحكومة، أتى أمراً مخلاً بشرفه أو ماساً باستقامته أو أساء أو أهمل في أداء مهنته حتى ولو لم يصدر حكم ضده أو يكون قد خالف حكماً من أحكام البند (خامساً) من المادة 59 من هذا القانون أو خالف حكماً من أحكام لائحة تقاليد المهن المنصوص عليها في المادة 8 من هذا القانون، أما الأعضاء من موظفي الحكومة فيحاكمون أمام مجالسهم التأديبية الخاصة في جميع ما ينسب إليهم في دائرة عملهم الحكومي من مخالفات لها علاقة بأعمالهم الحكومية وأمام مجالس النقابة فيما يقع منهم بسبب مزاولة مهنتهم فيما عدا ذلك. وكذلك يحاكم أمام الهيئات التأديبية للنقابة كل عضو صدر ضده حكم نهائي بعقوبة أو بتعويض من محكمة جنائية أو مدنية مختصة لأمور تمس استقامته أو شرفه أو كفايته في مزاولة مهنته.
ومن حيث إن النص آنف الذكر تضمن حكماً خاصاً في تحديد الاختصاص في المحاكمات التأديبية بالنسبة لأعضاء نقابات المهن الطبية في المخالفات المبينة بالمادة، فناط هذا الاختصاص بالهيئات التأديبية بالنسبة لكل نقابة وذلك بالنسبة لأرباب المهنة من غير موظفي الحكومة وأما الأعضاء من موظفي الحكومة فقد خول النص مجالسهم التأديبية اختصاص محاكمتهم في جميع ما ينسب إليهم في دائرة عملهم الحكومة من مخالفات لها علاقة بأعمالهم الحكومية كما خول مجلس النقابة اختصاص التأديب بالنسبة للأعضاء من موظفي الحكومة على النحو الذي أورده النص فإنه يتعين التزام حكمه وعلى ذلك فلا تختص المحكمة التأديبية بمحاكمة الأعضاء من موظفي الحكومة إلا فيما ينسب إليهم من مخالفات تقع في دائرة عملهم الحكومي ولها علاقة بأعمالهم الحكومية أما عدا ذلك من المخالفات فيختص بها مجلس النقابة حتى ولو انعكس أثرها على سلوك الموظف في مجال الوظيفة العامة لأن المشرع وقد نظم بنص صريح خاص حدود اختصاص مجالس التأديب الحكومية ومجلس النقابة في محاكمة الأعضاء من موظفي الحكومة فإنه يتعين التزام حكم النص المحدد لهذا الاختصاص وما يقتضيه ذلك من انفراد كل جهة بمباشرة الاختصاصات المحددة لها.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أنه بتاريخ 10/ 4/ 1967 أودعت النيابة الإدارية سكرتارية المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصحة تقرير اتهام ضد الدكتور.... مفتش صحة ساحل سليم بالدرجة الرابعة لمحاكمته عما نسب إليه بذلك التقرير من أنه في 2/ 8/ 1960 بمحافظة أسيوط أصدر شهادة تسنين لكل من: .... و.... تفيد على غير الحقيقة بلوغهما السن القانوني للزواج، وطلبت النيابة الإدارية مجازاته طبقاً لأحكام المادتين 73/ 1، 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادتين رقم 61، 63 من القانون رقم 46 لسنة 1964 والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية قضت بجلسة 31 من أكتوبر سنة 1967 برفض الدفع المبدى من المتهم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها وفي الموضوع بمجازاة المتهم (الطاعن) بوقفه عن العمل ثلاثة أشهر بدون مرتب وقد أقامت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بالدفع بعدم الاختصاص من أنه من واجب العامل أن يحافظ على كرامة الوظيفة وأن يسلك في تصرفاته مسلكاً يتفق والاحترام الواجب فإذا كان مسلكه خارج الوظيفة ماساً بها أو مؤثراً فيها بحيث تنعكس آثاره السيئة عليها امتد حكم الوظيفة إلى مسلكه خارجها أما من حيث الموضوع فقد قالت المحكمة أنها تطمئن إلى صحة ما نسب إلى المتهم من وقائع مقتنعة بما قامت به الأدلة قبله ونظراً لجسامة الفعل الذي ارتكبه المتهم ولأنه سبق أن جوزي في تهمة مماثلة فإنها ترى أن تشدد الجزاء الموقع عليه.
ومن حيث إن الطعن مبناه مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون ذلك أن الواقعة المنسوبة إلى الطاعن كانت في سنة 1960 ومن ثم لا يمكن تطبيق حكم البند 2 من المادة 53 من القانون رقم 46 لسنة 1964 وإنما القانون الواجب التطبيق هو القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي لم يشتمل على نص مماثل ومن المسلم به أنه لا عقوبة إلا بنص هذا فضلاً عن أن السلطة المختصة بتأديب أعضاء نقابة المهن الطبية هي الهيئات التأديبية التابعة للنقابة دون الجهة الإدارية التي يتبعها إذا كان موظفاً أما بالنسبة للموضوع فإن المخالفة المنسوبة للطاعن وقد سقطت بمضي المدة إذ أن الشهادة كانت في عام 1960 ومن المسلم به أن الجنحة تسقط بمضي ثلاث سنوات ولا شك أن سقوط الجريمة يؤدي إلى سقوط كافة العقوبات التبعية سواء كانت تأديبية أو غير تأديبية كما أن التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية شابه نقص خطير إذ أن كلاً من الزوجين قد بصم على شهادة التسنين ومع هذا لم يؤخذ بصمات الزوجين في التحقيق لمضاهاة بصمتيهما على البصمات التي على شهادتي التسنين وقد يكون والدا الزوجين قد أحضرا للطاعن شخصين آخرين غير نجليهما وادعيا أنهما ابنيهما المطلوب تسنينهما ورغم أن الطاعن أبدى هذا الدفاع أمام المحكمة فإنها لم تشر إليه في حكمها مما يبطل الحكم المطعون فيه وذلك طبقاً لحكم المادة 349 من قانون المرافعات وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته السالفة الذكر.
ومن حيث إن القانوني رقم 62 لسنة 1949 بإنشاء نقابات واتحادات نقابات المهن الطبية ينص في المادة 19 منه على أن يحاكم أمام الهيئات التأديبية لكل نقابة كل عضو من أرباب المهنة التابع لها من غير موظفي الحكومة، أتى أمراً مخلاً بشرفه أو ماساً باستقامته أو أساء أو أهمل في أداء مهنته حتى ولو لم يصدر حكم ضده أو يكون قد خالف حكماً من أحكام البند (خامساً) من المادة 59 من هذا القانون أو خالف حكماً من أحكام لائحة تقاليد المهن المنصوص عليها في المادة 8 من هذا القانون، أما الأعضاء من موظفي الحكومة فيحاكمون أمام مجالسهم التأديبية الخاصة في جميع ما ينسب إليهم في دائرة عملهم الحكومي من مخالفات لها علاقة بأعمالهم الحكومية وأمام مجالس النقابة فيما يقع منهم بسبب مزاولة مهنتهم فيما عدا ذلك. وكذلك يحاكم أمام الهيئات التأديبية للنقابة كل عضو صدر ضده حكم نهائي بعقوبة أو بتعويض من محكمة جنائية أو مدنية أو تأديبية مختصة لأمور تمس استقامته أو شرفه أو كفايته في مزاولة مهنته.
ومن حيث إن النص آنف الذكر تضمن حكماً خاصاً في تحديد الاختصاص في المحاكمات التأديبية بالنسبة لأعضاء نقابات المهن الطبية في المخالفات المبينة بالمادة، فناط هذا الاختصاص بالهيئات التأديبية بالنسبة لكل نقابة وذلك بالنسبة لأرباب المهنة من غير موظفي الحكومة وأما الأعضاء من موظفي الحكومة فقد خول النص مجالسهم التأديبية اختصاص محاكمتهم في جميع ما ينسب إليهم في دائرة عملهم الحكومي من مخالفات لها علاقة بأعمالهم الحكومية كما خول مجلس النقابة اختصاص محاكمتهم فيما يقع منهم بسبب مزاولة مهنتهم فيما عدا ذلك. ولما كان هذا النص قد حدد نطاق اختصاص التأديب بالنسبة للأعضاء من موظفي الحكومة على النحو الذي أورده النص فإنه يتعين التزام حكمه وعلى ذلك فلا تختص المحكمة التأديبية بمحاكمة الأعضاء من موظفي الحكومة إلا فيما ينسب إليهم من مخالفات تقع في دائرة عملهم الحكومي ولها علاقة بأعمالهم الحكومية أما عدا ذلك من المخالفات فيختص بها مجلس النقابة حتى ولو انعكس أثرها على سلوك الموظف في مجال الوظيفة العامة لأن المشرع وقد نظم بنص صريح خاص حدود اختصاص مجالس التأديب الحكومية ومجلس النقابة في محاكمة الأعضاء من موظفي الحكومة فإنه يتعين التزام حكم النص المحدد لهذا الاختصاص وما يقتضيه ذلك من انفراد كل جهة بمباشرة الاختصاصات المحددة لها.
ومن حيث إن المخالفة المسندة إلى الطاعن هي قيامه في عيادته الخاصة بإصدار شهادتي تسنين لكل من صابر محمود حامد علي ونجاح عبد الكريم يونس محمد تفيد على غير الحقيقة بلوغها السن القانوني للزواج ولما كان هذا الفعل يتعلق بأداء المطعون ضده لمهنته في عيادته الخاصة ولا يدخل في نطاق عمله الحكومي باعتباره مفتشاً لصحة ساحل سليم فمن ثم ينعقد اختصاص تأديبية للهيئات التأديبية الخاصة بنقابة المهن الطبية دون المحاكم التأديبية ويكون الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصحة المطعون فيه قد صدر من جهة غير مختصة، ويتعين لذلك الحكم بإلغائه والقضاء بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصحة بنظر الدعوى وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.