مجلس الدولة - المكتب الفني- مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1972 إلى أخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 567

(81)
جلسة 17 من يونيه سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي، رئيس المحكمة. وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية، المستشارين.

القضية رقم 560 لسنة 13 القضائية

( أ ) عقد إداري "تنفيذه".
انصراف نية المتعاقدين إلى أن يتم توريد الصنف المتفق عليه على أساس سعر صرفه بمقتضى بطاقات التموين وحصول المتعهد على البطاقة المخصصة لهذا الغرض - إلغاء العمل بهذه البطاقة - أحقية المتعهد في الحصول على الفرق بين السعر المحدد لبطاقات التموين والسعر الحر - لا يحول دون ذلك أن يكون إلغاء العمل بالبطاقة التموينية قد تم قبل التعاقد بقرار من لجنة التموين العليا لم ينشر ولم يعلم به المتعاقدان قبل إبرام العقد.
(ب) عقد إداري "تنفيذه".
عدم اتفاق المتعاقدين على السعر قبل التوريد - تحديد السعر المناسب بمعرفة المحكمة.
الثابت من ظروف التعاقد أن نية الطرفين قد انصرفت إلى أن يتم توريد كميات الزيت المطلوبة مدة العقد على أساس سعر صرفه بمقتضى بطاقات التموين كما كان الشأن في عقود التوريد السابقة، وعلى هذا الأساس قامت الجامعة فور التعاقد بتسليم المدعي بطاقة التموين الخاصة بها، وقد استخدم المدعي هذه البطاقة في شراء كميات الزيت اللازمة لشهري أكتوبر ونوفمبر من سنة 1962، ولا حجة في القول بأن المدعي كان في ميسوره العلم بأن لجنة التموين العليا قد ألغت في 17 من يونيه سنة 1962 أي قبل حصول التعاقد المذكور العمل بهذه البطاقة ومثيلاتها الخاصة بالمدارس ذلك أن هذا الإلغاء على ما هو مستفاد من الأوراق لم يصدر بأداة تشريعية عامة يفترض معها علم الكافة بها إذ الثابت من كتاب مدير عام التخطيط والتموين بوزارة التموين والتجارة الداخلية ملف رقم 32/ 3/ 18 المؤرخ في 19 من نوفمبر سنة 1970 أن قرارات لجنة التموين العليا لا يتم نشرها بالجريدة الرسمية ولا تكتسب بقراراتها الصفة التشريعية إنما يتم تنفيذها من الجهات الإدارية ومتى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن الطرفين المتعاقدين لم يعلما بقرار لجنة التموين العليا سالف الذكر عند إبرام التعاقد ومن ثم فقد كان ملحوظاً عند التعاقد أن يكون توريد الزيت بالسعر المحدد لبطاقات التموين دون السعر الحر، ويكون المدعي والحال كذلك محقاً فيما طالب بمن الفروق في سعر الزيت اللازم لتنفيذ هذا العقد ومحقاً فيما طالب به الإدارة من وجوب محاسبته عن فروق سعر الزيت نتيجة شرائه من السوق الحرة.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - تتحصل حسبما يخلص من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1084 لسنة 18 القضائية ضد جامعة عين شمس ووزارة التعليم العالي أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتارية المحكمة في 28 من يونيه سنة 1964 طلب فيها الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا له مبلغ 558 جنيهاً و412 مليماً - (خمسمائة وثمانية وخمسين جنيهاً وأربعمائة واثني عشر مليماً) وإلزامهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه أنه رست عليه عملية توريد الأغذية اللازمة لمسكن الطالبات وكلية البنات بمصر الجديدة التابعة لجامعة عين شمس وذلك عن العام الدراسي 62/ 1963. وأنه بمجرد التوقيع على العقد قامت الجامعة المذكورة بتسليمه بطاقة تموينية خاصة بصرف كمية الزيت اللازمة لغذاء الطالبات كما هي العادة في كل عملية توريد، وقد تمكن بمقتضى هذه البطاقة من استلام كمية الزيت المدونة بها عن شهري أكتوبر ونوفمبر سنة 1962 ولم يتمكن من استلام حصة الزيت المقررة لشهر ديسمبر سنة 1962 وذلك لقيام الجامعة بإلغاء العمل بهذه البطاقة، الأمر الذي اضطر معه إلى شراء كميات الزيت اللازمة عن باقي مدة تنفيذ العقد - من السوق الحر بسعر يزيد 80 مليماً للكيلو الواحد، ولما كانت كميات الزيت اللازم توريدها في المدة من ديسمبر سنة 1962 حتى نهاية مدة العقد تبلغ 2065.8050 كيلو جرام وبفرق سعر قدره 80 مليماً للكيلو الواحد فتكون جملة فروق السعر المستحقة له هي مبلغ 165جنيهاً و268 مليماً وقد امتنعت الجامعة عن سداده له رغم المطالبة به. كما أنه بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1962 أخطرته تلك الجامعة بتوريد لبن مبستر معبأ بزجاجات سعة الواحدة 200 جرام، وذلك رغم أن هذا الصنف لم يكن مدرجاً في كشف الوحدة أساس عقد التوريد، وبعد أن قام بتوريد اللبن المطلوب على أساس أن ثمن زجاجة اللبن هو مبلغ 18 مليماً رفضت الجامعة المحاسبة على أساس هذا السعر وتمسكت بأن يكون 15 مليماً مع أن السعر للمستهلك في السوق يبلغ 20 مليماً، ثم رفضت الجامعة أيضاً احتساب ثمن الزجاجات الشاغرة التي كسرت بمعرفة الطلبة أثناء استعمالهم لها ومقداره 10 جنيه و650 مليماً، كما وقعت عليه الجامعة غرامة تأخير عن توريد هذا الصنف وقدرته بمبلغ 3 جنيه ثلاث جنيهات. ثم خصمت الجامعة أخيراً من مستحقاته أيضاً مبلغ 328 جنيهاً و290 مليماً من قيمة ثمن الأغذية التي وردها لها في الأشهر مايو ويونيه ويوليه من سنة 1963 استناداً إلى أن الجامعة قد استغنت طوال هذه الفترة عن توريد الزيتون الأسود وتم توريد زبده لها بدلاً منه، وانتهى المدعي إلى أنه يطلب لذلك الحكم له بمجموع المبالغ السالف بيانها وقدره 558 جنيهاً و412 مليماً مع إلزام المدعى عليهما المصروفات والأتعاب.
وقد ردت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بمذكرة انتهت فيها إلى طلب الحكم أولاً - بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني. ثانياً - برفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. "وقالت جامعة عين شمس رداً على ما أبداه المدعي من دفاع أنه بالنسبة لتوريد الزيت فإن إلغاء بطاقة التموين لم يأت من جانب الجامعة وإنما جاء نتيجة قرار مجلس التموين الأعلى بجلسته المنعقدة في 27 من يونيه والذي يقضي بإلغاء مقررات الزيت التي تصرف للمدارس والهيئات التي تتقاضى رسوماً من طلابها، ولما كان هذا القرار ينطبق على المدن الجامعية فقد ألغيت مقرراتها من الزيت وأخطرتها بذلك مراقبة تموين القاهرة بخطابها رقم 661 في 6 من ديسمبر سنة 1962، وقد سبق أن أشار السيد أمين عام الجامعة المساعد بعدم أحقية المدعي في المطالبة بفروق أسعار الزيت نظراً لأن قرار مجلس التموين الأعلى قد صدر قبل إتمام التعاقد مع المدعي في شأن التوريد. وأمام بالنسبة لموضوع اللبن المبستر فإن الجامعة رغبة منها في تحقيق ما ارتأته الإدارة الطبية من تقديم اللبن للطلاب داخل عبوات مقفلة حتى لا يتعرض للتلوث فقد طلبت من المدعي توريد اللبن المبستر بداخل زجاجات مقفلة سعة كل منها 200 جرام بدلاً من توريده الشاي واللبن الحليب العادي، وذلك بعد أن اتصلت الجامعة بشركة مصر للألبان وعلمت منها بأنه من الممكن توريد عبوة اللبن المطلوبة بسعر 15 مليماً للزجاجة المعبأة بالسعة المشار إليها ولما تقدم المدعي ببيان عن حساب التغذية في شهر نوفمبر سنة 1962 تبين أن الفاتورة الخاصة باللبن المبستر احتسبت على أساس 18 مليماً للزجاجة وعندما واجهته الجامعة بأن سعرها هو 15 مليماً كما أفادت بذلك شركة مصر للألبان أبدى عدم استعداده للتوريد على أساس السعر الأخير، فاضطرت الجامعة إلى الاتفاق بتاريخ 9 من ديسمبر سنة 1962 مع توكيل شركة مصر للألبان بناحية مصر الجديدة والمطرية على توريد اللبن وذلك بعد قبول هذا التوكيل التوريد على أساس 15 مليماً لزجاجة اللبن المعبأة ذات السعة المشار إليها، وأنه لذلك أخطرت الجامعة المدعي بوقف توريد اللبن إليها، وأضافت الجامعة أنه لما كانت أسعار نصف الجملة تتخذ أساساً لمحاسبة المدعي عن الأصناف التي لم ترد بكشف أسعار الوحدة والتي لم ينص عليها التعاقد، فقد حاسبت المدعي عن كمية الألبان التي قام بتوريدها فعلاً على أساس 15 مليماً استناداً إلى أن هذا السعر يمثل سعر نصف الجملة، وذلك لقبول توكيل شركة مصر للألبان بناحية مصر الجديدة والمطرية المعتبر من تجار نصف الجملة التوريد على أساسه. وردت الجهة الإدارية على ما قرره المدعي بشأن كسر بعض الزجاجات نتيجة استعمال الطلبة ومطالبته بثمنها، بأن هذا الادعاء يدحضه ما جرى عليه العمل من تسليم مندوب المدعي الزجاجات الشاغرة أولاً بأول ولو كان بعض ما سلم له في حالة كسر لرفض استلامها وهو أمر لا دليل في الأوراق على حصوله. وقالت الجهة الإدارية عن غرامات التأخير الموقعة على المدعي بسبب عدم توريده الألبان قبل إخطاره بوقف توريدها، أنه تأخر في توريد اللبن المبستر في يومي 15 و20 من نوفمبر سنة 1962 ولما كان من حق الإدارة توقيع غرامة التأخير عليه فإن المدعي يكون غير محق في طلب رد مبلغ الغرامة إليه. وأما بالنسبة لما يطالب به المدعي من رد فروق سعر الزيتون الذي احتسبته الإدارة - عند خصم أسعاره لتوريده أصناف أخرى بدلاً منه كطلب الإدارة - بمبلغ 304 مليماً للكيلو الواحد بدلاً من 150مليماً، فإن شروط التعاقد تنص على أن يكون الزيتون الأسود من النوع المستورد اليوناني: وقد تبين عند المحاسبة عن قيمة الوفورات الناشئة عن استبدال الزيتون الأسود أن كشف الوحدة الخاص بأسعار ألأصناف الغذائية لم يرد به سعر الزيتون الأسود وجاء به فقط الزيتون المخلل ذات الحجم الكبير دون تحديد لنوعه مع تحديد سعره بمبلغ 150 مليماً للكيلو وقد أفادت الجمعية الاستهلاكية لتجار نصف الجملة أن متوسط سعر أنواع الزيتون الأسود المستورد هو مبلغ 304 مليماً للكيلو الواحد، وقد اتخذت الإدارة هذا السعر لمحاسبة المدعي على أساسه وبالتالي فلا سند لما يطالب به المدعي من إجراء المحاسبة على أساس 150 مليماً للكيلو.
وبجلسة 29 من يناير سنة 1967 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزارة التعليم العالي، وحكمت برفض طلبات المدعي وألزمته المصروفات. وأقامت قضاءها على ما خلاصته أنه ليس من حق المدعي المطالبة بفروق سعر الزيت ما دامت تعليمات التموين تقضي بإلغاء مقررات الزيت التي تصرف للمدارس والهيئات التي تتقاضى رسوماً من طلابها وهي تعليمات ليست بخافية على مثل المدعي الذي يعمل في ميدان توريد الأغذية، كما أنه ليس هناك من دليل على أن المدعي كان يضع في اعتباره عند التعاقد الارتكان إلى تلك البطاقة التموينية الخاصة بالجامعة والتي أوردها بدفاعه: كما أنه ليس من حقه المطالبة بفروق سعر الألبان التي وردها وذلك لأن مبلغ 15 مليماً للزجاجة الذي تمت المحاسبة على أساسه أنما يمثل السعر الذي يتعامل به تجار نصف الجملة، وقد علم المدعي أن الإدارة اتصلت بشركة مصر للألبان للاستفسار عن السعر فأفادت بأنه 15 مليماً للزجاجة، وارتأت المحكمة أنه لا سند لما يطالب به المدعي من احتساب ثمن زجاجات اللبن التي كسرت أثناء استعمالها بمعرفة الطلبة وذلك لعدم تقدميه الدليل على صحة حصول هذا التلف المدعي به، كما ارتأت عدم إجابة المدعي إلى طلب رد ما خصمته منه الإدارة مقابل غرامة التأخير الموقعة عليه لعدم توريده الألبان المبسترة في يومي 15 و20 من نوفمبر سنة 1962: وذلك استناداً إلى أنه من حق الإدارة توقيع هذه الغرامة لإخلال المدعي بالتزاماته العقدية. ثم ذهبت المحكمة بالنسبة لما يطالب به المدعي من رد فروق سعر الزيتون الذي احتسبته الإدارة بمبلغ 304 مليماً للكيلو الواحد بدلاً من مبلغ 150 مليماً إلى أنه تبين من الاطلاع على الأوراق أن شروط التعاقد تنص على أن يكون توريد الزيتون الأسود من النوع المستورد اليوناني ولم يرد في كشف الوحدة الخاص بالوزارة عن أسعار الأصناف الغذائية سعر هذا النوع من الزيتون وجاء به فقط سعر الزيتون الأسود المخلل ذات الحجم الكبير دون تحديد لنوعه، ولما كانت الإدارة قد ارتأت عند المحاسبة عن قيمة الوفورات الناشئة عن استبدال الزيتون الأسود محاسبة المدعي على أساس متوسط سعر الأنواع المستوردة لهذا النوع من الزيتون وهو مبلغ 304 مليماً طبقاً لما أفادت به الجمعية الاستهلاكية العامة فإن الإدارة تكون قد حاسبته على أساس سليم لا مطعن عليه وبالتالي يكون المدعي غير محق في طلب رد الفروق التي يطالب بها في هذا الشأن.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأوجه الآتية:
أولاً - إن الطاعن عندما قبل توريد الزيت بالسعر المبين في كشف الوحدة كان قد أدخل في اعتباره أن السعر الذي سيدفعه لشراء كميات الزيت المطلوبة سيكون على أساس بطاقة التموين المسلمة إليه من الجامعة، فإذا ما تبين بعد توريده كميات شهرين أن وزارة التموين قد ألغت هذه البطاقة مما أدى به إلى شراء كميات الزيت المطلوبة عن باقي المدة اللاحقة من السوق الحرة بسعر يزيد بمبلغ 80 مليماً للكيلو الواحد فإنه يكون من حقه الحصول من الإدارة على فروق الأسعار التي تحملها.
ثانياً - ركن الحكم المطعون فيه بالنسبة لرفضه ما طلبه الطاعن من أحقيته في فروق أسعار اللبن المبستر عن الكميات التي وردها إلى أن الطاعن كان يعلم بالسعر الذي حددته الشركة وهو 15 مليماً للزجاجة، وهذا العلم الذي نسبه إليه الحكم لا سند له في أوراق الدعوى. وحقيقة الحال هي أن الإدارة طلبت منه توريد اللبن المبستر دون تحديد السعر وبعد أن استمر في التوريد فترة طويلة رفضت الإدارة المحاسبة على أساس 18 مليماً للزجاجة وتمسكت بأن تكون على أساس 15 مليماً فقط لزجاجة اللبن المبستر.
ثالثاً - أن الإدارة عندما استغنت عن الزيتون الأسود حاسبت الطاعن على أساس 304 مليماً للكيلو استناداً إلى أن كراسة الشروط قد نصت على مواصفات الزيتون المستورد اليوناني أو الأسباني: ولكن لما كان كشف الوحدة المعتمد من وزارة التربية عن عام 62/ 1963 المبين به ثمن وحدة كل صنف من أصناف التغذية في هذه السنة لم يرد به ذكر إلا عن زيتون أسود مخلل حجم كبير بثمن قدره 150 مليماً للكيلو، ومن ثم فإن هذا الكشف يعتبر مكملاً لعقد التوريد وتكون إرادة المتعاقدين قد انصرفت إلى هذا النوع المحلي من الزيتون وليس إلى النوع المستورد.
وانتهى الطاعن في الطعن بعد سرد أوجه الطعن المشار إليها إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغ 558 جنيهاً و412 مليماً مع المصاريف والأتعاب.
ومن حيث إن الإدارة ردت على الطعن بمذكرة انتهت فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات والأتعاب، واستندت في ذلك إلى ذات الأسباب السابق إبداءها أمام محكمة القضاء الإداري. ثم قدمت إدارة قضايا الحكومة بجلسة المرافعة في 8 من إبريل سنة 1972 حافظة مستندات جديدة تضمنت مذكرة من مفتش مطاعم الجامعة ثابت فيها أن كميات الزيت الموردة خلال الأشهر الأربعة وهي ديسمبر سنة 1962 ويناير وفبراير ومارس من سنة 1963 قد بلغ مجموع وزنها 857.600 كيلو جرام وذلك على الأساس الموضح بهذه المذكرة، كما تضمنت الحافظة المذكورة مذكرة أخرى مقدمة من مفتش التغذية بالجامعة ثابت بها أن كميات اللبن المبستر الموردة من الطاعن خلال مدة العقد قد بلغ مجموع وزنها 3040 كيلو جراماً ثمنها 228 جنيه وذلك على أساس 75 مليماً للكيلو الواحد (15 مليماً عن 200جرام) كما تذهب الإدارة: وثمنها 273 جنيهاً و600 مليماً وذلك على أساس 90 مليماً للكيلو الواحد (18 مليماً عن 200 جرام)، أي أن الفرق بين الثمن المختلف عليه في الحالتين المذكورتين يعادل مبلغ 45 جنيهاً و600 مليماً.
ومن حيث إنه بالنسبة لفروق السعر التي يطالب بها المدعي عن كميات الزيت التي قام بتوريدها بداية من شهر ديسمبر سنة 1962، فإن الثابت من ظروف التعاقد أن نية الطرفين قد انصرفت إلى أن يتم توريد كميات الزيت المطلوبة مدة العقد على أساس سعر صرفه بمقتضى بطاقات التموين كما كان الشأن في عقود التوريد السابقة، وعلى هذا الأساس قامت الجامعة فور التعاقد بتسليم المدعي بطاقة التموين الخاصة بها: وقد استخدم المدعي هذه البطاقة في شراء كميات الزيت اللازمة لشهري أكتوبر ونوفمبر من سنة 1962، ولا حجة في القول بأن المدعي كان في ميسورة العلم بأن لجنة التموين العليا قد ألغت في 27 من يونيه سنة 1962 أي قبل حصول التعاقد المذكور العمل بهذه البطاقة ومثيلاتها الخاصة بالمدارس ذلك أن هذا الإلغاء على ما هو مستفاد من الأوراق لم يصد بأداة تشريعية عامة يفترض معها علم الكافة بها إذ الثابت من كتاب مدير عام التخطيط والتموين بوزارة التموين والتجارة الداخلية ملف رقم 32/ 3/ 18 المؤرخ في 19 من نوفمبر سنة 1970 أن قرارات لجنة التموين العليا لا يتم نشرها بالجريدة الرسمية ولا تكتسب قراراتها الصفة التشريعية إنما يتم تنفيذها من الجهات الإدارية، ومتى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن الطرفين المتعاقدين لم يعلما بقرار لجنة التموين العليا سالف الذكر عند إبرام التعاقد ومن ثم فقد كان ملحوظاً عند التعاقد أن يكون توريد الزيت بالسعر المحدد لبطاقات التموين دون السعر الحر، ويكون المدعي والحال كذلك محقاً فيما طالب به من الفروق في سعر الزيت اللازم لتنفيذ هذا العقد ومحقاً فيما طالب به الإدارة من وجوب محاسبته عن فروق سعر الزيت نتيجة شرائه من السوق الحرة بسعر يزيد بمقدار 80 مليماً للكيلو الواحد وذلك عن الكميات التي وردها للإدارة بداية من شهر ديسمبر سنة 1962. وإذ كانت الجهة الإدارية لم تنازع في مقدار فرق السعر للكيلو من أنه 80 مليماً كما لم يدحض المدعي البيان المقدم من الإدارة عن كميات الزيت التي وردها بعد إلغاء العمل بالبطاقة عن الأشهر ديسمبر سنة 1962 ويناير وفبراير ومارس سنة 1963 وهي 857.600 كيلو جرام. ومن ثم يتعين لذلك الحكم للمدعي بالفروق المستحقة له عن هذه الكمية ومقدارها 68 جنيهاً و608 مليمات.
ومن حيث إنه بالنسبة لتوريد اللبن، فلما كان الثابت أن المدينة الجامعة طلبت من المدعي في 3 من نوفمبر سنة 1962 أن يورد لها زجاجات من اللبن المبستر سعة 200 جرام دون أن تتفق معه على سعر توريدها. وقد قام المدعي بتوريد الكمية المطلوبة عن شهر نوفمبر سنة 1962 وطالب في فاتورته عن هذا الشهر بالثمن على أساس 18 مليماً للزجاجة فاتصلت المدينة الجامعية بشركة مصر للألبان وعلمت منها بأنه من الممكن التوريد إليها عن طريق توكيلها بمصر الجديدة والمطرية بسعر 15 مليماً للزجاجة، ولما أصر المدعي على طلبه تعاقدت المدينة الجامعية مع التوكيل المشار إليه اعتباراً من 9 ديسمبر سنة 1962، ومثار المنازعة يدور حول تحديد قيمة ما ورده المدعي من اللبن خلال الفترة المشار إليها فبينما تتمسك الإدارة بأن تكون المحاسبة على أساس سعر نصف الجملة وهو 75 مليماً للكيلو جرام من الألبان التي وردها وقدرها 3040 كيلو جرام يرى المدعي أن تكون المحاسبة على أساس 90 مليماً للكيلو، وإذ لم يتفق الطرفان قبل التوريد على السعر الواجب المحاسبة بمقتضاه ولم تنطو الأوراق على ما يفيد قبول المدعي صراحة أو ضمناً توريد اللبن المبستر بسعر نصف الجملة، ومن ثم فلا وجه لما ذهبت إليه الإدارة وسايرها فيه الحكم المطعون فيه من وجوب الأخذ بسعر نصف الجملة في هذه الحالة. وترى المحكمة أن تكون المحاسبة بسعر 82.5 مليماً للكيلو على أساس أن الفرق بين هذا السعر وبين سعر نصف الجملة يعادل 7.5 مليمات لكل كيلو وهو ما يوازي 10% من سعر نصف الجملة يمثل الربح المناسب الذي تقدره المحكمة للمدعي باعتبار أنه قد اشترى اللبن بسعر نصف الجملة]. ومن ثم يكون المبلغ المستحق للمدعي نتيجة ذلك هو 22 جنيهاً و800 مليم. وبإضافة هذا المبلغ إلى المبلغ الذي يستحقه عن فروق سعر الزيت وهو 68 جنيهاً و608 مليماً السالف البيان يكون مجموع المستحق للمدعي عن المبلغين هو 91 جنيهاً و408 مليمات وهو ما يتعين الحكم به له. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً في هذا الشأن دون سند من الواقع أو القانون، فإنه يتعين الحكم بإلغائه بالنسبة لما قضى به في هذا الشق من النزاع.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلبات المدعي الأخرى، فهي واجبة الرفض على ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه للأسباب التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتقرها.
ومن حيث إن الطاعن قد أخفق في بعض طلباته على الوجه السالف البيان، فإن المحكمة ترى إلزامه نصف المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام جامعة عين شمس بأن تدفع للمدعي مبلغ 91 جنيهاً و408 مليمات (واحد وتسعين جنيهاً وأربعمائة وثمانية مليمات) ورفض الدعوى فيما عدا ذلك وألزمت كلاً من الطرفين نصف المصروفات.