أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 33 - صـ 1090

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار الدكتور عبد الرحمن عياد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه وفهمي الخياط.

(197)
الطعن رقم 662 لسنة 48 القضائية

1 - نقض "الخصوم في الطعن". دعوى "الخصوم في الدعوى".
اختصام أحد المطعون عليهم أمام محكمة الاستئناف ليصدر الحكم في مواجهته. وقوفه من الخصومة موقفاً سلبياً وعدم الحكم عليه بشيء ما. إقامة الطعن على أسباب لا تتعلق به. أثره. عدم قبول اختصامه في الطعن بالنقض.
2 - استئناف "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن". دفوع. نظام عام. تجزئة. نقض.
اعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه خلال الميعاد القانوني - غير متعلق بالنظام العام. ليس لغير من شرع له التمسك به ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة. نعيه على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص. غير مقبول. علة ذلك.
3 - قوة الأمر المقضي. حكم "حجية الحكم".
المنع من إعادة النزاع في المسألة المقضى فيها. شرطه. وحدة المسألة في الدعويين.
4 - استيلاء. إيجار "إيجار الأماكن" "تعدد المستأجرين". حيازة.
إلغاء للقرار الصادر بالاستيلاء على محل. م 7 ق 121 لسنة 1947. أثره. اعتباره كأن لم يكن وزوال كافة الآثار المترتبة عليه ومنها العلاقة الإيجارية. أحقية من سبق ووضع يده عليه في استمرار حيازته م 573/ 1 مدني. علة ذلك.
1 - لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره. ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهما الأول والثاني اختصما المطعون ضدهما الثالث والرابع ليصدر الحكم في مواجهتهما وأنهما وقفا من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يحكم عليهما بشيء ما، وكانت الطاعنة قد أسست طعنها على أسباب لا تعلق لها إلا بباقي المطعون ضدهم، فإنه لا يقبل اختصامها في الطعن.
2 - الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان أحد المستأنف عليهم في الميعاد دفع غير متعلق بالنظام العام، فلا يجوز لغير من تأخر إعلانه التمسك به ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة، أو كانت هناك فائدة تعود على هذا الغير من إجابة الدفع، لما كان ذلك وكان الواقع أن المطعون ضده الخامس دفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بصحيفة الاستئناف خلال الميعاد القانوني فإنه لا يقبل من الطاعنة النعي على الحكم المطعون فيه لعدم إجابته إلى دفع لا صفة لها أصلاً في إبدائه لأن من لا يجوز له إبداء دفع متعلق بغيره لا يجوز له بالتالي الطعن على الحكم الذي يقضي برفض هذا الدفع.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن حجية الأمر المقضي ترد على منطوق الحكم وعلى ما يكون من أسبابه مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً ولازماً للنتيجة التي انتهى إليها - وكان من شروط الأخذ بقرينة قوة الأمر المقضي وفقاً للمادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وحدة الموضوع بين الدعوى التي سبق الفصل فيها والدعوى المطروحة بحيث تكون المسألة المقضى فيها أساسية لم تتغير وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه بالدعوى الثانية أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها.
4 - النص في المادة السابعة من القانون رقم 121 لسنة 147 على أن "الأماكن الصادر في شأنها قرارات استيلاء تعتبر فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون مؤجرة إلى الجهات التي تم الاستيلاء لصالحها". وكان الثابت من القرار رقم 10 لسنة 1967 الصادر من وزير التموين بالاستيلاء على المحل المذكور لصالح الطاعنة، فإن العلاقة الإيجارية بين الطاعنة والمطعون ضده الخامس هي أثر قانوني لقرار الاستيلاء، ولما كان يترتب على صدور حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار الاستيلاء اعتباره كأن لم يكن وزواله وكافة الآثار القانونية المترتبة عليه ومنها العلاقة الإيجارية التي قامت بين الطاعنة والمطعون ضده الخامس وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل صدوره فيعود المطعون ضدهما الأول والثاني والمستأجرين إلى مركزهما القانوني السابق على صدور القرار وتعتبر العلاقة الإيجارية التي قامت بين المطعون ضده الخامس والطاعنة كأن لم تكن، وإذ كان المطعون ضدهما الأول والثاني قد سبقا في وضع يدهما على العين وأن هذه الحيازة لم ترتفع عنهما قانوناً وإن حال بين مباشرتها مادياً مانع عارض من القسر هو قرار الاستيلاء الذي زال بصدور حكم القضاء الإداري وبذلك يكون لهما الأفضلية لسبقهما في حيازة العين بصرف النظر عن حسن نية المستأجرة الأخرى الطاعنة عملاً بحكم المادة 573/ 1 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثاني أقاما الدعوى رقم 2828 لسنة 1975 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم على الطاعنة في مواجهة باقي المطعون ضدهم بعدم الاعتداد بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1963 الصادر من المطعون ضده الخامس إلى الطاعنة عن المحل الكائن شمال مدخل العاقر رقم 29 شارع الخليفة المأمون مصر الجديدة وتمكينهما من استلامه وقالا بياناً لها إنه بمقتضى عقد مؤرخ 1/ 1/ 1964 استأجرا هذا المحل من المطعون ضده الخامس وقد أصدر وزير التموين المطعون ضده الثالث القرار رقم 10 لسنة 1967 بالاستيلاء على المحل وتسليمه للطاعنة - الجمعية التعاونية لصناعة الأحذية - وقام المطعون ضده الخامس بتحرير عقد إيجار إلى الطاعنة. وقد طعنا في قرار الاستيلاء وصدر الحكم رقم 637 لسنة 25 ق في 31/ 3/ 1975 قضاء إداري بإلغاء هذا القرار وما ترتب عليه من آثار، وإذ كان عقد الإيجار الصادر للطاعنة ليس إلا أثراً من آثار قرار الاستيلاء الذي قضي بإلغائه فقد أقاما الدعوى، ثم عدل المدعيان (المطعون ضدهما الأول والثاني) طلباتهما إلى الحكم بعدم الاعتداد بعقدي الإيجار الصادرين من المطعون ضده الخامس إلى الطاعنة عن المحلين الكائنين بالعقار أحدهما المشار إليه آنفاً على شمال مدخل العقار وثانيهما على يمينه وتسليمهما لهما، وقالا بأنهما كانا قد استأجرا هذين المحلين من المطعون ضده الخامس، وأن قرار الاستيلاء انصب على المحل الأول غير أن الطاعنة استولت على المحلين. وبتاريخ 23/ 12/ 1976 حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 7834 لسنة 1971 مدني جنوب القاهرة الابتدائية. استأنف المطعون ضدهما الأول والثاني الحكم بالاستئناف رقم 271 لسنة 94 ق القاهرة. وبتاريخ 29/ 3/ 1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتمكين المطعون ضدهما الأول والثاني من المحلين الموضحين بالصحيفة وتسليمهما لهما وعدم الاعتداد بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1967 المبرم بين الطاعنة والمطعون ضده الخامس. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع وأبدت الرأي في موضوع الطعن برفضه، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع - وزير التموين ومحافظ القاهرة - أن المطعون ضدهما الأول والثاني رافعي الدعوى لم يوجها إليهما إلا طلب الحكم في مواجهتهما ولم يقض عليهما بشيء وبالتالي فإنهما ليسا من الخصوم الحقيقيين في الدعوى.
وحيث إن الدفع صحيح، ذلك أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهما الأول والثاني اختصما المطعون ضدهما الثالث والرابع ليصدر الحكم في مواجهتهما وأنهما وقفا من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يحكم عليهما بشيء ما، وكانت الطاعنة قد أسست طعنها على أسباب لا تعلق لها إلا بباقي المطعون ضدهم، فإنه لا يقبل اختصامهما في الطعن، ويتعين لذلك قبول الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدهم الأول والثاني والخامس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضده الخامس دفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بصحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، وإذ كانت الدعوى لا تستقيم إلا باختصام المطعون ضده الخامس المؤجر ومن ثم قامت لها مصلحة في الدفع ولذلك انضمت إليه في دفعه إلا أن الحكم رفض هذا الدفع قولاً بأن التأخر في إعلان المطعون ضده الخامس بصحيفة الاستئناف لا يرجع إلى فعل المطعون ضدهما الأول والثاني بل إلى حدوث خطأ في ذكر رقم العقار محل إقامة المراد إعلانه في حين أن نص المادة 70 من قانون المرافعات أوجب إعمال الجزاء بمجرد وقوع المخالفة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان أحد المستأنف عليهم في الميعاد، دفع غير متعلق بالنظام العام، فلا يجوز لغير من تأخر إعلانه التمسك به ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة، أو كانت هناك فائدة تعود على هذا الغير من إجابة الدفع. لما كان ذلك وكان الواقع أن المطعون ضده الخامس دفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بصحيفة الاستئناف خلال الميعاد القانوني، فإنه لا يقبل من الطاعنة النعي على الحكم المطعون فيه لعدم إجابته إلى دفع لا صفة لها أصلاً في إبدائه لأن من لا يجوز له إبداء دفع متعلق بغيره لا يجوز له بالتالي الطعن على الحكم الذي يقضي برفض هذا الدفع.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنه قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 2834 لسنة 1971 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على سند من اختلاف الخصوم والموضوع في الدعويين قولاً أن المسألة الأساسية في النزاع بالدعوى الجديدة هو صدور حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار الاستيلاء رقم 10 لسنة 1967 وهو ما لم يكن مطروحاً في الدعوى السابقة وأن وزارة التموين اختصمت في الدعوى الجديدة بصفة أصلية بينما اختصمت في الدعوى السابقة من جانب المؤجر المطعون ضده الخامس في حين أن حكم القضاء الإداري وإن لم يطرح في الدعوى السابقة لأنه لم يكن قد صدر بعد إلا أن الدعوى بطلب إلغاء أمر الاستيلاء كانت قد رفعت وكان في مكنة المطعون ضدهما الأول والثاني أن يبديا ذلك في الدعوى السابقة، كما أن وزارة التموين لم توجه إليها طلبات في الدعوى الجديدة مما ينفي عنها صفة الخصم الأصيل وبالتالي تكون الدعوى السابقة والدعوى الجديدة متحدين موضوعاً وخصوماً.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حجية الأمر المقضي ترد على منطوق الحكم وعلى ما يكون من أسبابه مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً ولازماً للنتيجة التي انتهى إليها، وكان من شروط الأخذ بقرينة قوة الأمر المقضي وفقاً للمادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وحدة الموضوع بين الدعوى التي سبق الفصل فيها والدعوى المطروحة، بحيث تكون المسألة المقضى فيها مسألة أساسية لم تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول واستقرار جامعاً مانعاً وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه بالدعوى من الثانية أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها، لما كان ذلك وكان يبين من الأوراق أن الدعوى رقم 7834 لسنة 1971 مدني جنوب القاهرة الابتدائية أقامها المطعون ضدهما الأول والثاني ضد المطعون ضده الخامس بطلب الحكم بتسليمهما العين التي استأجراها منه بالعقد المؤرخ 1/ 3/ 1966 استناداً إلى أنهما اضطرا إلى غلقه والسفر إلى الخارج ولما عادا وجداه مشغولاً بآخرين عن طريق المؤجر مما يعتبر تعرضاً منه. بتاريخ 24/ 4/ 1972 حكمت المحكمة برفض الدعوى مؤسسة قضاءها على أن التعرض صدر من جهة حكومية بصدور قرار وزارة التموين رقم 10 لسنة 1967 بالاستيلاء على العين وتسليمها للجمعية التعاونية لصناعة الأحذية (الطاعنة) وبذلك يكون هذا التعرض قد صدر من غير المؤجر أو تابعه وبالتالي يخرج عن نطاق الضمان وأن ذلك لا يمنع من الرجوع على جهة الحكومة بإلغاء قرار الاستيلاء إذا كان مخالفاً للقانون، لما كان ذلك وكان النزاع الذي ثار بين المطعون ضدهما الأول والثاني والمطعون ضده الخامس بالدعوى الماثلة يدور حول حقهما في العودة إلى العين بعد صدور حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار الاستيلاء وهي مسألة لم تكن مطروحة على المحكمة في الدعوى السابقة ولم يعرض لها الحكم الصادر منها، ومن ثم فإن الدعويين يختلفان موضوعاً وسبباً ويكون الحكم إذ قضى برفض الدفع قد التزم صحيح القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول والثاني والثالث من السبب الثالث وبالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه على أن عقد الإيجار الصادر للمطعون ضدهما الأول والثاني ما زال قائماً في حين أنه انفسخ بالقوة القاهرة وصدور قرار وزارة التموين رقم 10 لسنة 1967 - بالاستيلاء على العين وأن صدور حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار الاستيلاء لا يعيد وجوده القانوني بعد فسخه ولا يؤثر على عقد الإيجار الصادر للطاعنة عن هذه العين من المطعون ضده الخامس، كما أن الحكم اعتبر وضع يدها على العين بعد صدور حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار الاستيلاء مجرد من حسن النية ويرقى إلى مرتبة الغش الذي قصدته المادة 573 من القانون المدني. في حين أن صدور قرار الاستيلاء معيباً لا يوصمها بالغش طالما لم يثبت في حقها أنها كانت وراء صدور هذا القرار، كما أنها حررت عقد إيجار عن العين من مالكها المطعون ضده الخامس مما نيفي عنها سوء النية والغش، هذا إلى أن الحكم قضى في منطوقه بعدم الاعتداد بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1967 الصادر للطاعنة في حين أن القانون لا يعرف عدم الاعتداد بالعقد وإن كان يعرف عدم نفاذه إذ كان عقدا غيره أفضل.
وحيث إن النعي مردود فيما يتعلق بالمحل الكائن على يسار مدخل العقار، ذلك لأن النص في المادة السابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 على أن "الأماكن الصادر في شأنها قرارات استيلاء تعتبر فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون مؤجرة إلى الجهات التي تم الاستيلاء لصالحها". وكان الثابت من القرار رقم 10 لسنة 1967 الصادر من وزير التموين بالاستيلاء على المحل المذكور لصالح الطاعنة فإن العلاقة الإيجارية بين الطاعنة والمطعون ضده الخامس هي أثر قانوني لقرار الاستيلاء، ولما كان يترتب على صدور حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار الاستيلاء اعتباره كأن لم يكن وزواله وكافة الآثار القانونية المترتبة عليه ومنها العلاقة الإيجارية التي قامت بين الطاعنة والمطعون ضده الخامس وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل صدوره فيعود المطعون ضدهما الأول والثاني المستأجرين إلى مركزهما القانوني السابق على صدور القرار وتعتبر العلاقة الإيجارية التي قامت بين المطعون ضده الخامس والطاعنة كأن لم تكن، وإذ كان المطعون ضدهما الأول والثاني قد سبقا في وضع يدهما على العين وأن هذه الحيازة لم ترتفع عنهما قانوناً وإن حال بين مباشرتها مادياً مانع عارض من الغش هو قرار الاستيلاء الذي زال بصدور حكم القضاء الإداري وبذلك يكون لهما الأفضلية لسبقهما في حيازة العين بصرف النظر عن حسن نية المستأجرة الأخرى الطاعنة عملاً بحكم المادة 573/ 1 من القانون المدني، لما كان ذلك وكانت الطاعنة لا تنازع في أن قرار الاستيلاء رقم 10 لسنة 1967 وحكم القضاء الإداري أيضاً على المحل الواقع على يسار مدخل العقار رقم 39 شارع الخليفة المأمون بمصر الجديدة المؤجر للمطعون ضدهما الأول والثاني وأنه أحد المحلين موضوع الدعوى والذي أجره لها المطعون ضده الخامس بمقتضى عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1967، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه ضمن منطوقه بتمكين المطعون ضدهما الأول والثاني من هذا المحل وعدم الاعتداد بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1967 ملتزماً هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ولا يعيبه ما تزيد فيه من سوء نية الطاعنة، إذ لمحكمة النقض أن تقيم الحكم على ما صح من أسبابه وتطرح ما عداها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الرابع من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أن قرار الاستيلاء رقم 10 لسنة 1967 الصادر من وزير التموين قاصر على المحل الواقع على يسار مدخل العقار رقم 39 شارع الخليفة المأمون بمصر الجديدة والذي قام المطعون ضده الخامس بتأجيره لها بمقتضى العقد المؤرخ 1/ 2/ 1967، أما المحل الآخر الواقع على يمين مدخل ذات العقار فلم يشمله قرار الاستيلاء وأنها استأجرته بمقتضى عقد آخر مؤرخ 1/ 9/ 1967 من المطعون ضده الخامس وقدمت المستندات الدالة على ذلك إلا أن الحكم انتهى في قضائه إلى تمكين المطعون ضدهما من المحلين معاً استناداً إلى قرار الاستيلاء وصدور حكم القضاء الإداري بإلغائه دون أن يلتفت إلى دفاعها وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن النعي سديد، ذلك أن الثابت من المستندات المودعة ملف الطعن أن الطاعنة قدمت مذكرة إلى محكمة الاستئناف تمسكت فيها بأن قرار الاستيلاء اقتصر على محل واحد هو الواقع على يسار مدخل العقار أما المحل الآخر الواقع على يمين مدخل العقار فلم يشمله قرار الاستيلاء وقدمت صورة رسمية من القرار رقم 10/ 1967 الصادر من وزير التموين في 30/ 1/ 1967 بالاستيلاء على محل المطعون ضده الأول - والكائن بالعقار رقم 39 شارع الخليفة المأمون قسم مصر الجديدة - لصالح الجمعية التعاونية لصناعة الأحذية (الطاعنة) وخطاباً مؤرخاً 25/ 1/ 1975 صادراً من مديرية التموين إلى الجمعية الطاعنة بأن المحل الذي تم الاستيلاء عليه بناء على قرار الاستيلاء رقم 10/ 1967 هو محل المطعون ضده الأول ويقع في العقار رقم 39 شارع الخليفة المأمون وهو المحل الوحيد الملاصق لمدخل العقار مباشرة وليس على أي محل آخر تابع للجمعية بنفس العقار، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن المطعون ضدهما الأول والثاني كانا يضمان اليد على المحلين موضوع الدعوى استناداً إلى عقدي الإيجار الصادرين من المطعون ضده الخامس إلى أن انتزعت منهما الحيازة قسراً وجبراً بصدور قرار وزارة التموين بالاستيلاء عليهما وتسليمهما إلى الجمعية الطاعنة التي وضعت اليد عليهما نفاذاً لذلك القرار دون أن يعنى ببحث دفاع الطاعنة والمستندين اللذين قدمتهما تدليلاً على دفاعها بأن قرار الاستيلاء صدر عن محل واحد فقط هو الواقع على يسار مدخل العقار دون المحل الآخر الواقع على يمينه وهو دفاع جوهري لو عني الحكم ببحثه لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه جزئياً في خصوص ما تضمنه منطوقه بالنسبة لهذا المحل الآخر.