أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 33 - صـ 1178

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور عبد الرحمن عياد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد، الدكتور منصور وجيه وفهمي الخياط.

(213)
الطعن رقم 2413 لسنة 51 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
أسباب الحكم المرتبطة بالمنطوق. اكتسابها حجية الشيء المحكوم فيه.
(2) نقض "أسباب الطعن" "السبب الجديد".
دفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع. عدم جوازه أمام محكمة النقض لأول مرة.
(3) إيجار "انتهاء العقد " "تجديد العقد".
انقضاء عقد الإيجار غير الخاضع للقوانين الاستثنائية بانتهاء مدته. وجوب مراعاة التنبيه بالإخلاء إذا اتفق المتعاقدان على ذلك. بقاء المستأجر بالعين بعد انتهاء مدة العقد برضاء المؤجر. تجديد ضمني للعقد وليس امتداداً له. وجوب مراعاة مواعيد التنبيه للإخلاء في هذه الحالة. م 563 مدني.
1 - المقرر أن اكتساب القضاء السابق في مسألة أساسية لقوة الأمر المقضي مانع للخصوم من العودة للتنازع فيها في أي دعوى تالية، ولا يمنع من ذلك أن يكون الفصل فيها قد جاء بأسباب الحكم السابق إذا ارتبطت الأسباب بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً لا يقوم المنطوق بدونها.
2 - النعي غير مقبول لأنه دفاع لم يسبق له التمسك به أمام محكمة الموضوع، وبذلك يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - لما كانت قواعد القانون المدني هي التي تنظم كيفية انتهاء الإيجار بانتهاء مدته بالنسبة لعقود إيجار الأماكن المفروشة التي لا تخضع لقواعد الامتداد القانوني، ولما كان مفاد نص المادتين 563، 598 من القانون المدني أن المتعاقدين إذا اتفقا على تحديد مدة العقد ينتهي بانقضائها الإيجار، فإنهما يريدان بذلك أن العقد ينتهي بمجرد انقضاء المدة دون أي إجراء آخر، فلا حاجة عندئذ للتنبيه بالإخلاء ما دام التنبيه ليس مشترطاً في العقد، أما إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة، اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة، فإذا اعتبرت مدة الإيجار هي المدة المحددة لدفع الأجرة فإن الإيجار لا ينتهي بمجرد انتهاء المدة المحددة لدفع الأجرة بل لا بد من أن ينبه أحد المتعاقدين على الآخر بالإخلاء في المواعيد التي ذكرتها المادة 563 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 5728 لسنة 1979 مدني كلي الزقازيق على الطاعن بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 7/ 12/ 1975 وتسليمه الشقة المبينة بالصحيفة والمؤجرة مفروشة على أساس تأخره في سداد الأجرة والضرائب المستحقة عن العين إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح بعد أن أنذره بالسداد، وأثناء نظر الدعوى أضاف المطعون ضده أساساً جديداً للإخلاء وهو انتهاء الإيجار بانقضاء مدته، وبتاريخ 24/ 2/ 1981 حكمت المحكمة برفض الدفع المبدى بصورية العقد صورية نسبية لتأجير العين خالية وليست مفروشة وفسخ العقد والتسليم. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استأنف المنصورة "مأمورية الزقازيق" بالاستئناف 300 لسنة 24 ق، وبتاريخ 12/ 11/ 1981 حكمت المحكمة بعدم قبول ادعاء الطاعن بتزوير عقد الإيجار وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول ادعائه بتزوير عقد إيجار العين موضوع النزاع والتزام في قضائه بأن العين مؤجرة مفروشة على أساس أن هذه المسألة فصل فيها الحكم الصادر في الدعوى 414 لسنة 1977 مدني بندر الزقازيق الذي لم يستأنف وحاز قوة الأمر المقضي في حين أن هذا الحكم قضى بإلزام الطاعن بأداء بعض المتأخر من أجرة العين إلى المطعون ضده وبصحة الحجز التحفظي المتوقع ضد الطاعن وما ورد فيه بخصوص هذه المسألة كان مجرد ترجيح لأنه مر عليه مروراً عابراً ولم يكن هو مقطع النزاع في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر أن اكتساب القضاء السابق في مسألة أساسية لقوة الأمر المقضي مانع للخصوم من العودة للتنازع فيها في أي دعوى تالية، ولا يمنع من ذلك أن يكون الفصل فيها قد جاء بأسباب الحكم السابق إذا ارتبطت الأسباب بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً لا يقوم المنطوق بدونها. ولما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال على أسبابه قد أورد في مدوناته قوله "وإذ قدم المدعي" المطعون ضده" صورة تنفيذية رقم 414/ 77 بندر الزقازيق كسند قضائي له على أن العلاقة الإيجارية عن شقة النزاع بينه وبين المدعى عليه "الطاعن" هي علاقة إيجار مفروش وأصبح ذلك الحكم نهائياً وله حجية على المدعى عليه "الطاعن" تبين من الاطلاع على ذلك الحكم أنه وقد ألزمت المحكمة الجزئية المدعى عليه "ذات المدعي في هذه الدعوى" بأن يؤدي للمدعي ذات المدعى عليه في هذه الدعوى مبلغ 19 ج و135 م وبصحة الحجز التحفظي الموقع ضد المدعى عليه في 1/ 3/ 1981 والمصروفات و200 ق مقابل أتعاب المحاماة وتبين أن ذلك المنطوق مرتبط بأسبابه التي جاءت تردد اطمئنان المحكمة إلى أن العقد سند الدعوى ذات العقد في هذه الدعوى وهو عقد إيجار مفروش حيث قد ذكر به ذلك ولم يطعن عليه من المدعي أو على ما أثبت به.... ويبين من ذلك أن الحكم السابق الصادر في الدعوى 414 لسنة 1977 مدني بندر الزقازيق قد قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بأن العين موضوع النزاع مؤجرة مفروشة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه بحجية هذا القضاء في هذه المسألة الأساسية وقضى بعدم قبول الادعاء بالتزوير كدليل ينقضها فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو أخل بحق الدفاع.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون لأنه لم يعمل حكم المادة 46 من القانون 49 لسنة 1977 التي يجعل من حق المستأجر لعين مفروشة من مالكها لمدة خمس سنوات متصلة وسابقة على تاريخ العمل بالقانون البقاء بها ولو انتهت المدة المنصوص عليها بالعقد بالشروط الواردة به ولا يجوز للمؤجر طلب إخلائه إلا في الحالات المبينة بها.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لأنه دفاع لم يسبق له التمسك به أمام محكمة الموضوع وبذلك يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم قبول الدعوى تأسيساً على انتهاء مدة الإيجار لعدم سبقها بالتنبيه بالإخلاء على الوجه المبين بالمادة 563 من القانون المدني لأن عقد إيجار عين النزاع غير محدد المدة ونص فيه على أن الفترة المعينة لدفع الأجرة هي شهر، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع وذهب إلى أن هذا الإيجار ينتهي بانتهاء المدة المحددة لدفع الأجرة دون حاجة إلى تنبيه إعمالاً لنص المادة 598 من القانون المدني في حين أن هذه المادة وردت بشأن عقود الإيجار محددة المدة.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت قواعد القانون المدني هي التي تنظم كيفية انتهاء الإيجار بانتهاء مدته بالنسبة لعقود إيجار الأماكن المفروشة التي لا تخضع لقواعد الامتداد القانوني، ولما كان مفاد نص المادتين 563، 598 من القانون المدني أن المتعاقدين إذا اتفقا على تحديد مدة في العقد ينتهي بانقضائها الإيجار، فإنهما يريدان بذلك أن العقد ينتهي بمجرد انقضاء المدة دون أي إجراء آخر فلا حاجة عندئذ للتنبيه بالإخلاء ما دام التنبيه ليس مشترطاً في العقد، أما إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة، فإذا اعتبرت مدة الإيجار هي المدة المحددة لدفع الأجرة فإن الإيجار لا ينتهي بمجرد انتهاء المدة المحددة لدفع الأجرة، بل لا بد من أن ينبه أحد المتعاقدين على الآخر بالإخلاء في المواعيد التي ذكرتها المادة 563، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد أقام الدعوى ابتداء بطلب فسخ عقد إيجار عين النزاع على أساس عدم وفاء الطاعن ببعض الأجرة وملحقاتها المستحقة وأنه سبقها بتنبيه بالفسخ قائم على هذا الأساس وحده، إلا أنه أضاف أثناء نظر الدعوى سنداً جديداً لطلب إخلاء عين النزاع هو تقرير الفسخ الاتفاقي لانتهاء مدة الإيجار فقضى الحكم المطعون فيه بالإخلاء على الأساس الثاني وحده مقرراً أن الأجرة مشاهرة فيكون العقد محدد المدة وهي مدة دفع الأجرة، وأنه من ثم ينتهي بانتهاء هذه المدة دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء إعمالاً للمادة 598 من القانون المدني، في حين أن الاتفاق على مدة معينة لدفع الأجرة لا يعني الاتفاق على مدة للعقد حتى يعتبر منتهياً بانتهائها دون حاجة إلى تنبيه، وإنما يعني إذا خلت نصوص العقد من أي اتفاق بشأن المدة أن المتعاقدين لم يتفقا على تحديد مدة معينة مما يتعين معه إعمال ما نصت عليه المادة 563 من القانون المدني من اعتبار الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة وعدم انتهائه بمجرد انقضاء هذه المدة، بل يتعين لذلك أن ينبه أحد المتعاقدين على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بهذه المادة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.