أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 33 - صـ 1220

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جلال الدين أنسي، هاشم قراعه، مرزوق فكري وواصل علاء الدين.

(220)
الطعن رقم 15 لسنة 52 القضائية

1 - أحوال شخصية "أجانب". دعوى "إجراءات نظر الدعوى".
دعاوى الأحوال الشخصية وجوب نظرها بجلسة سرية. انعقاد إحدى الجلسات في علانية لا يخل بمبدأ السرية طالما لم يترافع فيها الطرفان.
(2، 3) أحوال شخصية "أجانب". توثيق. قوة الأمر المقضي.
(2) عقد زواج الأجانب. توثيقه ليس شرطاً لسماع دعاوى المطالبة بالحقوق المترتبة على إبطال الزواج.
(3) قوة الشيء المحكوم فيه. لا يلحق إلا منطوق الحكم وما قد يكون مرتبطاً من الأسباب بهذا المنطوق ارتباطاً وثيقاً. تعرض المحكمة - تزيداً - إلى مسألة خارجة على حدود النزاع أو لم تكن بها حاجة للفصل فيها لا يحوز قوة الأمر المقضي.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعاوى المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية يتعين نظرها في غير علانية وبحضور أحد أعضاء النيابة العامة على أن يصدر الحكم فيها علناً وذلك إعمالاً لنص المادتين 871، 878 من قانون المرافعات السابق الواردتين في الكتاب الرابع منه والذي أبقي عليه القانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون المرافعات الحالي، وكان البين من الأوراق أن محضر جلسة 2/ 11/ 1980 - وهي الجلسة الأولى التي نظرت فيها الدعوى أمام محكمة الاستئناف - تضمن ما يفيد عقدها في علانية ولم يثبت فيه حضور أحد أعضاء النيابة العامة، إلا أنه لما كانت محاضر الجلسات التالية التي أجلت المحكمة نظر الاستئناف إليها قد خلت من الإشارة إلى انعقادها في علانية مما مفاده أن الدعوى نظرت بها في غرفة المشورة كما تضمنت جميع هذه المحاضر إثبات حضور ممثل النيابة العامة بما يتحقق به حكم القانون، وكانت المرافعة قد دارت في واقع الأمر بين الطرفين في هذه الجلسات دون الجلسة الأولى المشار إليها التي لم يبد فيها أي من الطرفين طلبات ما واختتمت بقرار المحكمة بتأجيل الدعوى كطلب الحاضر عن الطاعن لتقديم مذكرة بدفاعه وتكليف النيابة بإبداء رأيها، فإن انعقاد جلسة 2/ 11/ 1980 السالفة الذكر في علانية وبغير حضور أحد أعضاء النيابة العامة - بفرض حصوله - لا يكون قد فوت على الطاعن حقاً أو أخل بالسرية الواجب توافرها عند نظر الدعوى.
2 - مفاد نصوص الكتاب الرابع من قانون المرافعات السابق الذي أبقي عليه القانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون المرافعات الحالي، والتي تحكم إجراءات دعاوى الأحوال الشخصية للأجانب، لا تستوجب لسماع دعاوى المطالبة بالحقوق المترتبة على إبطال الزواج أن يكون العقد موثقاً توثيقاً رسمياً.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أو قوة الشيء المحكوم فيه لا تلحق إلا بمنطوق الحكم وما كان من الأسباب مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً وأنه إذ عرضت المحكمة - تزيداً في بعض أسبابها - إلى مسألة خارجة عن حدود النزاع المطروح عليها أو لم تكن بها حاجة إليها للفصل في الدعوى فإن ما عرضت له من ذلك لا تكون له قوة الشيء المحكوم فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيهما وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها - وهي قبرصية - أقامت الدعوى رقم 20 لسنة 1978 كلي أحوال شخصية أجانب غير مسلمين أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعن الإيطالي الجنسية بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لها نفقة شهرية مقدارها 30 جنيهاً وتعويضاً قدره 1080 جنيهاً وهو ما يساوي نفقة ثلاث سنوات تأسيساً على أنه تزوجها في 31/ 5/ 1975 في كنيسة الروم الأرثوذكس بالإسكندرية وفقاً للطقوس الدينية لتلك الطائفة ثم تبينت أنه متزوج بأخرى فاستصدرت ضده حكماً نهائياً بإبطال زواجها منه لهذا السبب، وإذ تقضي المادة 129 مكرراً من القانون المدني الإيطالي - الواجب التطبيق - بإلزام الزوج المسئول عن بطلان الزواج بتعويض الزوج الآخر حسن النية بما يساوي نفقة ثلاث سنوات وبأن يؤدي إليه نفقة شهرية فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 22/ 12/ 1979 حكمت المحكمة برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم سماع الدعوى وبإحالتها إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن هو المسئول وحده عن بطلان الزواج وأنها كانت حسنة النية وقت انعقاده، وبعد أن سمعت شهود الطرفين قضت في 30/ 6/ 1980 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 للسنة 36 ق - أحوال شخصية أجانب الإسكندرية وفي 8/ 2/ 1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها حالة الطاعن العائلية والاجتماعية والمالية ومقدار ما تحتاجه من نفقة، وبعد أن سمعت شهود الطرفين قضت في 9/ 1/ 1982 بإجابة المطعون عليها إلى طلبيها. طعن الطاعن في هذا الحكم - وسابقه - بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكمين المطعون فيهما بطلانهما وفي بيان ذلك يقول إنهما صدرا بعد أن نظرت الدعوى في 2/ 11/ 1980 بجلسة علنية ودون حضور أحد أعضاء النيابة العامة وذلك بالمخالفة لحكم المادتين 871 و878 من قانون المرافعات وتقضي أولهما بنظر دعاوى الأحوال الشخصية للأجانب في غرفة مشورة وثانيتهما بوجوب تمثيل النيابة العامة في هذه الدعاوى مما يعيب الحكمين بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وإن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعاوى المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية يتعين نظرها في غير علانية وبحضور أحد أعضاء النيابة العامة على أن يصدر الحكم فيها علناً وذلك إعمالاً لنص المادتين 871، 878 من قانون المرافعات السابق الواردتين في الكتاب الرابع منه والذي أبقي عليه القانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون المرافعات الحالي، وكان البين من الأوراق أن محضر جلسة 3/ 11/ 80 - وهي الجلسة الأولى التي نظرت فيها الدعوى أمام محكمة الاستئناف - تضمن ما يفيد عقدها في علانية ولم يثبت فيه حضور أحد أعضاء النيابة العامة، إلا أنه لما كانت محاضر الجلسات التالية التي أجلت المحكمة نظر الاستئناف إليها قد خلت من الإشارة إلى انعقادها في علانية مما مفاده أن الدعوى نظرت بها في غرفة المشورة كما تضمنت جميع هذه المحاضر إثبات حضور ممثل النيابة العامة بما يتحقق به حكم القانون، وكانت المرافعة قد دارت في واقع الأمر بين الطرفين في هذه الجلسات دون الجلسة الأولى المشار إليها التي لم يبد فيها أي من الطرفين طلبات ما واختتمت بقرار المحكمة بتأجيل الدعوى كطلب الحاضر عن الطاعن تقديم مذكرة بدفاعه وتكليف النيابة بإبداء رأيها، فإن انعقاد جلسة 2/ 11/ 1980 السالفة الذكر في علانية وبغير حضور أحد أعضاء النيابة العامة - بفرض حصوله - لا يكون قد فوت على الطاعن حقاً أو أخل بالسرية الواجب توافرها عند نظر الدعوى، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الصادر في 9/ 1/ 1982 الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويقول في بيانه إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم سماع الدعوى لعدم توثيق عقد الزواج مثار النزاع أو إفراغه في الشكل الرسمي طبقاً للمادة 3 من القانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق المعدل بالقانون رقم 629 لسنة 1955 بيد أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفع على سند من أن توثيق زواج الأجانب ليس شرطاً لانعقاده وإنما هو شرط لسماع الدعوى به عند الإنكار فلا محل لهذا الدفع ما دام الزواج مقراً به، وذلك على الرغم من أن تخلف الرسمية يترتب عليه انعدام العقد، هذا إلى أنه لم يعرض لشروط صحة الزواج في قانون بلد كل من الزوجين وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب، فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه لما كانت مفاد نصوص الكتاب الرابع من قانون المرافعات السابق الذي أبقي عليه القانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون المرافعات الحالي، والتي تحكم إجراءات دعاوى الأحوال الشخصية للأجانب، لا تستوجب لسماع دعاوى المطالبة بالحقوق المترتبة على إبطال الزواج أن يكون العقد موثقاً توثيقاً رسمياً، وكان إبطال عقد زواج الطاعن بالمطعون عليها، فقد تقرر بالحكم النهائي الصادر في الدعويين رقم 4 و5 لسنة 1978 كلي أحوال شخصية أجانب الإسكندرية بما لا مجال معه للتعرض لمدى توافر شروط صحة هذا الزواج لما فيه من مساس بحجية ذلك الحكم، فإن النعي على الحكم المطعون فيه رفضه الدفع بعدم سماع الدعوى لعدم توثيق عقد الزواج وعدم تعرضه لشروط صحة الزواج في قانون بلد كل من الزوجين يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث على الحكمين المطعون فيهما الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه طبقاً للمادة 129 مكرراً من القانون المدني الإيطالي يشترط للحكم عليه بالنفقة والتعويض المطالب بهما ثبوت مسئوليته عن بطلان الزواج وأن تكون الزوجة حسنة النية، وإذ قضت المحكمة للمطعون عليها بهذين الطلبين دون أن تستظهر حسن نيتها واستندت في إثبات مسئوليته عن بطلان الزواج إلى حجية الحكم السابق صدوره في دعوى الإبطال قولاً منها أن هذا الحكم قطع في أنه المتسبب في البطلان وأن قضاءه في هذا الصدد حاز قوة الأمر المقضي، وذلك على الرغم من أن موضوع الدعوى الراهنة يختلف عن موضوع الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم وأن الفصل في طلب إبطال الزواج الذي كان مطروحاً فيها لا يقتضي التعرض لمسئولية أحد الزوجين عن البطلان وأن الحكم لم يعرض لهذا الأمر إلا في مقام بيان من تلزمه مصاريف تلك الدعوى فلا يجوز حجية في الدعوى الراهنة وهو ما يعيب الحكمين المطعون فيهما بالخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أو قوة الشيء المحكوم فيه لا تلحق إلا بمنطوق الحكم وما كان من الأسباب مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً وأنه إذا عرضت المحكمة - تزيداً في بعض أسبابها - إلى مسألة خارجة عن حدود النزاع المطروح عليها أو لم تكن بها حاجة إليها للفصل في الدعوى، فإن ما عرضت له من ذلك لا تكون له قوة الشيء المحكوم فيه، وكان موضوع الدعويين رقم 4 و5 لسنة 1978 كلي أحوال شخصية أجانب الإسكندرية السابق إقامتهما من طرفي الطعن ينصب على طلب إبطال زواجهما تبعاً لقيام زوجية سابقة بين الطاعن وأخرى وهو ما يتعارض مع ما تقضي به شريعتهما من حظر تعدد الزوجات وإذ كان الفصل في هذا الموضوع لا يقتضي البحث في مسئولية أي من الطرفين عن إبطال الزواج لأنه يترتب على مجرد ثبوت قيام الزوجية السابقة، فإن ما أورده الحكم الصادر في هاتين الدعويين في معرض تسبيبه إلزام الطاعن بمصروفاتهما من أنه هو المسئول عن إبطال الزواج لا ينطوي على فصل في هذه المسألة التي لم تكن مطروحة على المحكمة ولا يقتضيها الفصل في النزاع المعروض عليها وبالتالي يحق للطرفين التناضل فيها في الدعوى الحالية التي أقامتها المطعون عليها للمطالبة بحقوقها القانونية المترتبة على مسئولية الطاعن من إبطال الزواج. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكمين المطعون فيهما أن المحكمة وإن طبقت حكم المادة 129 مكرراً من القانون المدني الإيطالي على موضوع الدعوى باعتباره قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج الطاعن، إلا أنها أغفلت البحث في مدى توافر حسن النية لدى المطعون عليها الأمر الذي جعله القانون المشار إليه شرطاً لاستحقاقها النفقة والتعويض المطالب بهما، وإذ كان ذلك، فإن الحكمين المطعون فيهما يكونان معيبين بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب مما يوجب نقضهما على أن يكون مع النقض الإحالة.