مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1994 إلى 15 سبتمبر سنة 1994) - صـ 1161

(113)
جلسة 29 من مارس سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، وعبد السميع عبد الحميد بريك، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2387 لسنة 36 القضائية

إصلاح زراعي - التعويض المقرر عن الاستيلاء على ما يجاوز الحد الأقصى للملكية الزراعية.
القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي الصادر بالرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952.
الأصل في القانون المدني أنه إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يقدره - قانون الإصلاح الزراعي حدد كيفية تقدير التعويض المستحق لمن تم الاستيلاء على ما يجاوز الحد الأقصى للملكية الزراعية - يتعين الالتزام بهذا التحديد - لا يجوز للقاضي أن يتدخل في تقدير عناصر وأسس التعويض على خلاف ما حدده المشرع حتى ولو كان التعويض لا يغطي الأضرار - لا ينال من ذلك الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/ 7/ 1983 بعدم دستورية القانون رقم 104 لسنة 1964 بشأن الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والقرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 أساس ذلك: أن الحكم المشار إليه يتعلق بعدم دستورية قانون حرم التعويض على من تم الاستيلاء لديه بينما النزاع الماثل يتعلق بكيفية تقدير التعويض تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 28/ 5/ 1990 أودع الأستاذ الدكتور/..... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا - بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 2387 لسنة 36 ق ضد السادة: -
1 - رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
2 - رئيس الجمهورية.
3 - رئيس الوزراء - في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) بجلسة 8/ 4/ 1990 في الدعوى رقم 508 لسنة 38 ق والمقامة من الطاعنين ضد المطعون ضدهم والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وبإلزام المطعون ضده الأول بطرح الأرض المستولى عليها قبل مورثتهما السيدة/....... للبيع بالمزاد العلني تمهيداً لتحديد التعويض العادل الذي تلزم به الهيئة التي يمثلها المطعون ضده الأول مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة الأولى بالمحكمة - (فحص الطعون) والتي قررت بجلسة 18/ 11/ 1991 إحالته إلى الدائرة الثالثة (فحص الطعون) وتدوول أمام تلك الدائرة على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت بجلسة 5/ 5/ 1993 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 22/ 6/ 1993 وقد تدوول الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها حيث قدم الوكيل عن الطاعنين مذكرة ورد فيها ما ورد بعريضة الطعن وأضاف أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع انتهت بجلسة 27/ 6/ 1993 إلى أحقية من استولى لدية في التعويض العادل وقدم صورة من تلك الفتوى وبجلسة 4/ 1/ 1994 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما هو ثابت بالأوراق - في أن مورثة الطاعنين المرحومة....... أقامت الدعوى رقم 508 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالبة الحكم بإلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بأن تدفع لها التعويض العادل الذي يقدره أهل الخبرة عن الأطيان الزراعية التي نزعت ملكيتها لها ومساحتها 134 فدان مع إلزام الإدارة المصروفات وذلك على سند من القول بأن الحكومة استولت على مساحة 90 فدان كانت مملوكة لها تطبيقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي وذلك دون أن تؤدي إليها قيمة التعويض المستحق لها استناداً إلى أحكام القانون رقم 104 لسنة 1964 الذي قضى بأيلولة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي إلى الدولة بدون مقابل ونظراً لأن المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستورية القانون رقم 104 لسنة 1964 فإنها تستحق التعويض المقرر بالقانون رقم 178 لسنة 1952 عن تلك المساحة كما وأن الحكومة قد استولت لديها على مساحة خمسة وأربعون فداناً تطبيقاً لأحكام القانون 50 لسنة 1969 بشأن تحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية مع تقدير التعويض المستحق لها عن تلك المساحة طبقاً لأحكام هذا القانون ولما كان هذا التعويض تحكمياً ويخالف مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا الذي قضى بعدم دستورية القانون رقم 104 لسنة 1964 فإنها تطالب بأحقيتها في التعويض العادل الذي يقدره أهل الخبرة عن جملة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها.
وبجلسة 6/ 4/ 1986 حكمت المحكمة أول درجة بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاة المدعية وبموجب صحيفة معلنة بتاريخ 24/ 11/ 1986 عجل الورثة الدعوى أمام محكمة أول درجة بذات الطلبات حيث فضت تلك المحكمة بجلسة 28/ 6/ 78 بندب مكتب خبراء وزارة العدل لتنفيذ المأمورية المحددة بمنطوق الحكم حيث قدم مكتب خبراء وزارة العدل (شمال القاهرة) تقريراً عن المأمورية وأرفق به مجموعة محاضر أعماله.
وبجلسة 8/ 4/ 1990 حكمت محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعيين المصروفات تأسيساً على أن المشرع قد حدد التعويض المستحق لم يستولى لديها على القدر الزائد عن الحد الأقصى للملكية وهو ما لا تنازعهما الإدارة بشأنه وأنهما هما اللذان تقدما للإدارة بطلب إرجاء الاستيلاء النهائي لحين الفصل في تلك الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل - مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون والدستور نظراً لأنه يتعين أحقيتهما في التعويض العادل عن الأراضي التي تم الاستيلاء عليها لدى مورثتهما.
هذا فضلاً عن أن منطوق الحكم جاء مخالفاً للأسباب التي بني عليها والتي تضمنت أحقيتهما للتعويض عن الآلات والمنشآت وغيرها من الأشجار إن وجدت بالأرض المستولى عليها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن الأصل هو أن القاعدة العامة التي تحكم القضاء بالتعويض سواء في المنازعات الإدارية أو المدنية - تنظمها النصوص الواردة في القواعد الخاصة وهو الأمر الذي ردده القانون المدني في المادة (221) منه بالنص على أنه "(1) إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يقدره..) ومن ثم فإن المشرع إذا ما تدخل وقدر التعويضات المستحقة عن نوع خاص من الضرر وأياً كان هذا التعويض عيناً أو تقداً فإنه يتعين على القاضي أن يتقيد به ولا يخرج عليه حتى ولو لم يكن من شأنه جبر كافة الأضرار التي لحقت بالمضرور وإذ تدخل المشرع في القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 - بالنص في المادة الرابعة منه على أن (يكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذاً لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يقدر وفقاً للأحكام الواردة في هذا الشأن بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه وبمراعاة الضريبة السارية في 9 سبتمبر سنة 1952 كما نصت المادة الخامسة من هذا القانون على أن (يؤدي التعويض بسندات اسمية على الدولة لمدة خمسة عشر سنة وبفائدة قدرها 4% سنوياً محسوبة من تاريخ الاستيلاء...) أي أن المشرع أحال إلى أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 لتحديد كيفية تقدير التعويض المستحق لمن تم الاستيلاء على ما يجاوز الحد الأقصى للملكية الزراعية طبقاً للقانون رقم 127 لسنة 1961 - وقد نصت المادة الخامسة من القانون رقم 178 لسنة 1952 على أن (يكون لمن استولت الحكومة على أرضه وفقاً لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض مضافاً إليها قيمة المنشآت والآلات الثابتة وغير الثابتة والأشجار وتقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض فإذا لم تكن الأرض ربطت عليها هذه الضريبة في التقدير العام لضرائب الأطيان المعمول بها منذ أول يناير 1949 لبوارها أو ربطت بضريبة لا تجاوز قيمتها جنيهاً واحداً للفدان يتم تقدير ثمنها بمعرفة اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة ولا يعتبر هذه التقدير نهائياً إلا بعد اعتماده من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي...) ثم نظم المشرع كيفية توزيع التعويض في حالة اختلاف مالك الرقعة للأرض المستولى عليها عن صاحب حق الانتفاع بتلك الأرض ثم حددت المادة السادسة من هذا القانون كيفية سداد التعويض المستحق للمستولى لديه - وهذه الأحكام ردد جوهرها القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وذلك في المادتين 9، 10 من هذا القانون - ومن ثم فإنه بالنظر إلى أن النزاع يتعلق بتحديد التعويض المستحق عن استيلاء الدولة لمساحات من الأراضي الزراعية والأراضي البور طبقاً لأحكام القانونين رقمي 127 لسنة 1961، 50 لسنة 1969 - فإنه يتعين الالتزام بالأحكام المحددة التي نصت عليها قوانين الإصلاح بحيث لا يجوز للقاضي أن يتدخل في تقدير عناصر وأسس التعويض على خلاف ما حدده المشرع حتى ولو كان التعويض الذي حدده المشرع لا يغطي كافة الأضرار التي لحقت بالمضرور - ومن ثم يكون طلب الطاعنين تقدير التعويض المستحق لهم على أساس القيمة الحقيقية (السوقية) للأرض المستولى عليها غير قائم على أساس من القانون خليقاً بالرفض دون أن ينال من ذلك ما ورد بعريضة الطعن والمذكرات المقدمة من الطاعنين بشأن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 7/ 7/ 1983 والقاضي بعدم دستورية القانون رقم 104 لسنة 1964 بشأن الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والقرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 المعدل له - إلى الدولة دون مقابل ذلك لأن الاستشهاد بهذا الحكم في غير موضعه إذ يتعلق حكم المحكمة الدستورية المشار إليه بعدم دستورية قانون حرم التعويض على من تم الاستيلاء لديه - بينما النزاع المماثل يتركز حول ما إذا كان التعويض الذي حدده القانون واجب التطبيق أم يتعين الرجوع إلى السلطة التقديرية للقضاء في تقدير التعويض وهو أمراً جداً مختلف هذا فضلاً عن أن المحكمة الدستورية العليا في حكمها المستشهد به لم تتعرض لكيفية تقدير التعويض المستحق عن الأراضي المستولى عليها طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي وإنما قضت بعدم دستورية القانون الذي يحرم من تم الاستيلاء لدية طبقاً لتلك القوانين من الحق في صرف تعويضاً عن الأراضي التي استولى عليها لديه - كما وأنه لا وجه لما ورد بمذكرات الطاعنان من الاستشهاد بالفتوى الصادرة من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع الصادر بجلسة 27/ 6/ 1993 لتعلقها بكيفية تحديد التعويض المستحق عن الأراضي المستولى عليها طبقاً للقرارات الصادرة بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين بالمخالفة لأحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ أي أنها تتعلق بتحديد التعويض عن الأراضي التي استولى عليها بالمخالفة لأحكام القانون وهو أمر يختلف عن النزاع المماثل والمتعلق بتحديد التعويض عن الأراضي المستولى عليها طبقاً للقانون فضلاً عن أن المشرع حدد التعويض المستحق لمن استولى لديه عن الأرض التي تجاوز الحد الأقصى للملكية الزراعية - بينما لم يجدد التعويض عن الأراضي المستولى عليها بالمخالفة لأحكام قانون الطوارئ وعليه فإنه يتعين الالتفات عن هذا الوجه من أوجه الدفاع.
ومن حيث إن المحكمة تشير إلى أنه ولئن كان تقرير الطعن قد تضمن النعي على الحكم بمخالفة القانون والدستورية إلا أن هذا التقرير والمذكرات المقدمة من الطاعنين لم تشر إلى الدفع بعدم دستورية النصوص التي تحدد التعويض عن الأراضي المستولى عليها بقوانين الإصلاح الزراعي.
ومن حيث إنه لما سبق وكان التعويض المنصوص عليه قانوناً عن الأراضي المستولى عليها هو التعويض الواجب التطبيق وكان بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون عليه (ص9) أن الطاعنة الأولى تقدمت بالطلب رقم 589 بتاريخ 5/ 8/ 1985 عن نفسها وعن شقيقها الطاعن الثاني بالتوكيل رقم 3005 لسنة 1969 إلى مدير إدارة الاستيلاء بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي يطلب فيه عدم السير في إجراءات الاستيلاء النهائي على الأطيان الكائنة بناحية الدقهلية والفيوم لحين الفصل في الدعوى رقم 508 لسنة 38 ق (الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون عليه) كما وأن الثابت في كتاب مدير جهاز الخبراء والقضايا بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي الموجه للسيد/ مدير إدارة القضاء الإداري بالشئون القانونية لتك الهيئة والمودع بالدعوى في 24/ 1/ 1985 ومذكرة دفاع الهيئة أمام محكمة أول درجة - أن الاستيلاء النهائي على الأرض المطالب بالتعويض عن الاستيلاء عليها لم يصدر وبالتالي لم تحدد الحقوق التعويضية عن تلك الأرض ومن ثم فلا يكون هناك نزاعاً بين الطرفين حول مقدار التعويض المستحق طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي.
ومن حيث إنه لما سبق وكانت المحكمة قد انتهت إلى أن التعويض المستحق للطاعنان عن الأراضي التي تم الاستيلاء عليها لدى مورثتهما طبقاً لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي هو التعويض المحدد بتلك القوانين وليس للقضاء سلطة تقديرية في تحديده أو بيان أسسه وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون عليه فإنه يتعين القضاء برفض الطعن مع إلزام الطاعنان بمصروفاته عملاً بالمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنان المصروفات.