مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 38

(14)
جلسة 8 من ديسمبر سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.

القضية رقم 23 لسنة 13 القضائية

تأميم - لجان تقييم الشركات - النص في القانون رقم 119 لسنة 1961 على نهائية قرارات لجان التقييم - تشكيل لجنة ثانية لتقييم الشركة تعدل قرار لجنة التقييم الأولى يعد مساساً بحجية قرار لجنة التقييم الأولى - اعتبار قرار اللجنة الثانية عديم الأثر - أساس ذلك - مثال.
إنه يبين من الرجوع إلى أحكام القرار بقانون رقم 119 لسنة 1961 بشأن تقرير بعض الأحكام الخاصة ببعض الشركات القائمة، والمعمول به اعتباراً من تاريخ صدوره في 20 من يوليه سنة 1961 والذي قيمت شركة "الجزار إخوان" في ظل أحكامه أنه نص في المادة الأولى منه على أنه "لا يجوز لأي شخص طبيعي أو معنوي أن يمتلك في تاريخ صدور هذا القانون من أسهم الشركات المبينة في الجدول المرافق لهذا القانون، ما تزيد قيمته السوقية عن 10.000 جنيه وتؤول إلى الدولة ملكية الأسهم الزائدة.. إلخ" وتقضي المادة الثانية بأن "تحدد قيمة الأسهم التي آلت ملكيتها إلى الدولة وفقاً للمادة السابقة بسعر إقفال آخر يوم تم فيه التعامل في بورصة الأوراق المالية بالقاهرة قبل صدور هذا القانون، فإذا كانت الأسهم غير متداولة بالبورصة أو كان قد مضى على أخر تعامل فيها مدة تزيد عن ستة أشهر فتقوم بتحديد سعرها لجان من ثلاثة أعضاء يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير الاقتصاد على أن يرأس كل لجنة مستشار بمحكمة الاستئناف وتصدر كل لجنة قراراتها في مدة لا تجاوز شهرين من تاريخ تشكيلها، وتكون قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن وقد أضيفت فقرات ثلاث إلى المادة سالفة الذكر بالقانون رقم 151 لسنة 1962 نصها كالآتي: ولا تسأل الدولة عن التزامات الشركات المشار إليها في المادة (1) إلا في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ صدور القانون رقم 119 لسنة 1961 المشار إليه وبالنسبة إلى الشركات المشار إليها في الفقرة الثانية وتكون أموال أصحابها وأموال زوجاتهم وأولادهم ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة على أصول هذه الشركات ويكون للدائنين حق امتياز على جميع هذه الأموال.
ومن حيث إن شركة المنتجات والتعبئة المصرية "الجزار إخوان" قد خضعت لأحكام القانون رقم 119 لسنة 1961 المشار إليها، وتنفيذاً للأحكام سالفة البيان شكلت لجنة لتقييمها وتقييم حصة كل شريك فيها، وقد انتهت اللجنة بموجب قرارها الصادر في 28 من أغسطس سنة 1961 إلى تقدير أصول الشركة بمبلغ 383489.240 مليمجـ وخصومها بمبلغ 493083.607 مليمجـ أي بزيادة الخصوم على الأصول بمبلغ 109594.367 مليمجـ كما نص القرار على عدم وجود أي حصص للشركاء، بعد ما تبين للجنة أن الشركة مستغرقة بالديون بحيث زادت خصومها على أصولها، أي أن القدر المسموح به بمقتضى القانون رقم 119 لسنة 1961 وهو عشرة آلاف جنيه للشريك لم يتوافر في حق أي من الشركاء وقد استبعد قرار لجنة التقييم المشار إليه من أصول الشركة بعض الأعيان المملوكة للشركاء وهي المنشآت التي لا تخدم غرض الشركة المؤممة كالفيلات السكنية وحظائر تربية الدواجن وبرك البط والأسماك ومصنع البلاط والباركيه، وقد جاء بأسباب قرار لجنة التقييم وهي بصدد تقييم أصول الشركة بالنسبة للأراضي ما نصه "بلغ رصيدها بالدفاتر والميزانية في 20 من يوليه سنة 1961 مبلغ 7700 جنيهاً وهي عبارة عن الأراضي المخصصة لمباني الشركة ومصانعها والمحاطة بسور يفصلها عن باقي أرض الشركاء وتبين للجنة من مطالعة عقود ملكية هذه الأراضي وما جاورها من أراضي المزرعة الخاصة بالشركاء أنها اشتريت باسم الشركاء خاصة بالسوية بينهم وخصص الشركاء الأرض الأولى المحاطة بالسور للشركة وثبت ذلك بدفاترها وبالميزانية دون بيان المساحة إلا أن ذلك وضح على الطبيعة والرسم المقدم من الشركة ورأت اللجنة اعتماد المبلغ المخصص لهذه الأرض حسبما ورد بالدفاتر وبالميزانية كما رأت صرف النظر عن أرض المزرعة والمباني الملحقة بها الخارجة عن نطاق السور سالف الذكر حيث إنه لم يرد لها ذكر بالدفاتر أو بالميزانية هذا فضلاً عن أنها اشتريت باسم الشركاء خاصة" وقد وضعت الحراسة العامة يدها على تلك المنشآت واستلمتها في أكتوبر سنة 1961 غداة خضوع بعض الشركات للحراسة بمقتضى القانون رقم 138 لسنة 1961 أي بعد شهرين من صدور قرار التقييم تقريباً.
ومن حيث إنه بصدور قرار لجنة التقييم المشار إليه بتقييم أصول وخصوم الشركة، يكون قد استقر مركزها المالي وفق ما أظهره قرار التقييم طبقاً لما تقضي به المادة الثانية من القانون رقم 119 لسنة 1961 التي قيمت الشركة في ظل أحكامه - والتي تقضي بأن تكون قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن" بحيث لا يجوز إعادة النظر في هذا المركز بالزيادة أو النقصان.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فما كان يجوز للجنة التقييم التي شكلها وزير الصناعة بموجب قراره رقم 38 لسنة 1964 - على إثر صدور القرار رقم 120 لسنة 1964 بإخضاع بعض الشركات للقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت - لتقييم شركة النصر للمنتجات الغذائية "وشركة النصر للمنتجات الغذائية" هو الاسم الذي أطلق على شركة المنتجات والتعبئة المصرية "الجزار إخوان" بعد تبعيتها للمؤسسة المصرية العامة للصناعات الغذائية وأيلولتها للدولة، ما كان يجوز لهذه اللجنة احتراماً لنهائية قرار لجنة التقييم الأولى نزولاً على حكم القانون، أن تضيف إلى أصول الشركة أموالاً لم يشملها قرار التقييم الأول بل واستبعدها صراحة.
ومن حيث إن لجنة التقييم المشكلة بموجب قرار وزير الصناعة رقم 38 لسنة 1964 قد انتهت إلى تقدير أصول شركة النصر للمنتجات الغذائية بمبلغ 339225.300 مليمجـ وأصولها بمبلغ 820146.107 مليمجـ بزيادة الخصوم على الأصول بمبلغ 480920.807 مليمجـ وقد أدخلت ضمن أصول الشركة قيمة الأرض والمنشآت والأعيان التي سبق أن استبعدتها لجنة التقييم الأولى - التي أصبح قرارها نهائياً - من أصول الشركة.
ومن حيث إنه لما كانت كلمة القانون صريحة وقاطعة في أن قرار لجنة التقييم الأولى نهائي وغير قابل للطعن فيه بأي وجه من أوجه الطعن، وبالتالي غير قابل للتعديل أو التبديل. فإن قرار لجنة التقييم الثانية يكون بما أجراه من إضافة أموال جديدة إلى أصول الشركة سبق أن استبعدتها لجنة التقييم الأولى التي أصبح قرارها نهائياً، يكون قرار لجنة التقييم الثانية عديم الأثر لا تلحقه الحماية التشريعية التي تعصمه من الخضوع للرقابة القضائية استظهاراً لمدى مشروعيته، ومن ثم يكون الدفع بعدم جواز نظر الدعوى غير قائم على سند سليم من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه لا صحة لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن النزاع يقوم في شقه الأساسي حول ملكية المزرعة والمنشآت المقامة عليها، ذلك أنه لم يثر أي نزاع حول هذه الملكية، وكل ما في الأمر أن لجنة التقييم الأولى وهي بصدد تقييم شركة تضامن الشركاء فيها إخوة أشقاء، كان يتعين عليها أن تحدد ما يعتبر من أموال هؤلاء الشركاء مملوكاً لهم ملكية خاصة وما يعتبر من أصول الشركة وقد أصابت اللجنة وجه الحق حين استبعدت المزرعة والمنشآت المقامة عليها من أصول الشركة بعد أن ثبت لديها أنها اشتريت باسم الشركاء خاصة وأنها غير واردة بدفاتر الشركة أو ميزانيتها فضلاً عن أنها لا تتصل بنشاط الشركة أو تخدم أغراضها، كما لم يثر أي نزاع حول ملكية هذه الأعيان أمام لجنة التقييم الثانية. بل على النقيض من ذلك أن المؤسسة المصرية العامة للصناعات الغذائية التي تتبعها شركة النصر للمنتجات الغذائية كانت تسلم بملكية المدعين لهذه الأعيان ملكية خاصة. وليس أدل على ذلك من أنها أرسلت في 9 من نوفمبر سنة 1963 على ما يبين من الأوراق - إلى الحراسة العامة التي وضعت يدها على هذه الأعيان باعتبارها مملوكة للمدعين ملكية خاصة، الكتاب رقم 9340 بأن الشركة في حاجة إلى أرض المزرعة والمباني الملحقة بها نظراً لمشروعات التوسع المقررة واقترحت أن تقوم الحراسة ببيع ما تحتاجه الشركة من أرض ومبان إلى المؤسسة فمناط الفصل في هذه المنازعة هو استظهار مدى حجية قرار لجنة التقييم الأولى باستبعاد الأعيان المشار إليها من أصول الشركة، وليس الفصل في ملكية هذه الأعيان كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف الدعوى حتى يحصل المدعون على حكم نهائي من القضاء المدني المختص بملكيتهم للأعيان موضوع النزاع قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه يتعين لكي يكون للمحكمة أن تأمر بوقف الدعوى في غير الحالات التي نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوباً أو جوازاً أن تكون ثمة مسألة أولية يثيرها دفع أو طلب عارض أو وضع طارئ وأن يكون الفصل فيها ضرورياً للفصل في الدعوى وأن يخرج الفصل في هذه المسألة الأولية عن الاختصاص الوظيفي أو النوعي للمحكمة وهو أمر غير متحقق في هذه المنازعة على نحو ما أوضحنا ويتعين لذلك إلغاؤه والتصدي للفصل في موضوع الدعوى طالما أنها مهيأة للفصل فيها.
ومن حيث إن قرار تقييم شركة النصر للمنتجات الغذائية الذي أصدرته اللجنة المشكلة طبقاً لقرار نائب رئيس الوزراء للصناعة رقم 38 لسنة 1964 في 6 من يونيه سنة 1965 وهو القرار المطعون فيه - قد خالف القانون مخالفة جوهرية بإهداره حجية قرار لجنة التقييم الأولى الصادر في 8 من أغسطس سنة 1961 على نحو ما هو مفصل بأسباب هذا الحكم، ومن ثم فإنه يكون قد صدر عديم الأثر وتكون دعوى المدعين بشقيها المستعجل المتضمن طلب وقف تنفيذ القرار المشار إليه والموضوعي المتضمن طلب إلغائه قائمة على سند من القانون ويتعين لذلك - وبعد أن أصبح لا محل للقضاء بوقف تنفيذ القرار - القضاء بإلغائه.