مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 42

(15)
جلسة 8 من ديسمبر سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي - المستشارين.

القضية رقم 18 لسنة 16 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - نيابة إدارية - النيابة الإدارية هي وحدها الأمينة على الدعوى التأديبية - انقطاع المهندس عن العمل يستوجب مؤاخذته تأديبياً - عقوبة الفصل في هذه الحالة تعتبر عقوبة ذات حدين تصيب المهندس كما تصيب المصلحة العامة العدول عنها إلى جزاء آخر - أساس ذلك - مثال.
لما كان القانون رقم 296 لسنة 1956 في شأن أوامر تكاليف المهندسين خريجي الجامعات المصرية ينص في المادة (5) منه على أنه "يحظر على مهندسي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فما دونها الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم ما لم تنته خدمتهم بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة (107) من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه وذلك فيما عدا الاستقالة سواء كانت صريحة أو ضمنية فإنها تعتبر كأن لم تكن، فإن انقطاع المهندس المذكور عن مباشرة عمله عقب انتهاء إجازته يعد خروجاً على حكم المادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 المشار إليه كما أن امتناعه عن العمل في خدمة المرفق الذي عين فيه يشكل خروجاً على مقتضى الواجب في أداء أعمال وظيفته وإخلالاً بحق الدولة قبله الأمر الذي يستوجب مساءلته على قدر ما بدر منه ولا يجدي المهندس المذكور الحجاج بنص الفقرة (1) من المادة (81) من القانون رقم 46 لسنة 1964، أو بالاستقالة التي أرسلها للجهة الإدارية والتي قررت رفضها في حينه إذ أن المادة (5) من القانون رقم 296 لسنة 1956 المشار إليه قد اعتبرت الاستقالة الصريحة أو الضمنية كأن لم تكن، كذلك ليس صحيحاً ما ذهب إليه الطاعن في صحيفة الطعن من أنه كان يتعين على المحكمة التأديبية القضاء ببراءته بعد أن ورد لها كتاب محافظة القاهرة رقم 91551 المؤرخ 13 من نوفمبر سنة 1968 والذي تضمن أن المحافظة ليس لديها مانع من إنهاء خدمته باعتباره مستقيلاً من تاريخ انقطاعه عن العمل، لأن هذا القول مردود بأن الكتاب المشار إليه لم يتضمن ما يفيد قبول استقالة الطاعن وحتى لو كان الكتاب المشار إليه تضمن ذلك فإن النيابة الإدارية هي وحدها التي تتحمل أمانة الدعوى التأديبية أمام المحكمة يستوي في ذلك أن تكون أقامت الدعوى التأديبية مختارة أم أقامتها ملزمة بناء على طلب الجهة الإدارية المختصة، وعلى ذلك فإن الجهة الإدارية ليس لها بإجراء من جانبها التنازل عن الدعوى التأديبية بعد اتصال الدعوى بالمحكمة التأديبية المختصة.
ومن حيث إنه متى كان ذلك ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه من إدانة الطاعن في المخالفة التي أسندت إليه، ويكون النص عليه في هذا الشق على غير أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه عن العقوبة التي قضى بها الحكم المطعون فيه وهي فصل الطاعن مع حرمانه من المكافأة أو المعاش فإن القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة والذي في ظله وقعت المخالفة وصدر الحكم المطعون فيه قد حدد في المادة (61) الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين شاغلي الدرجات دون الثالثة وهي (1) الإنذار (2) الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز شهرين في السنة (3) تأجيل موعد استحقاق العلاوة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر (4) الحرمان من العلاوة (5) الوقف عن العمل بغير مرتب أو بمرتب مخفض لمدة لا تجاوز ستة أشهر (6) الفصل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش أو المكافأة أو الحرمان من المعاش أو المكافأة في حدود الربع. وإذا كانت العقوبة التي قضى بها الحكم المطعون فيه لم ترد ضمن الجزاءات التي عددتها حصراً المادة (61) المشار إليها، فإنه يكون قد قامت بالحكم المطعون فيه حالة من أحوال الطعن أمام هذه المحكمة تستوجب إلغاءه والحكم على الطاعن بالجزاء المناسب لما بدر منه في حق المصلحة العامة من إخلال بواجبات وظيفته، والمحكمة في صدد القضاء بالعقوبة المناسبة تضع محل اعتبارها أن جزاء الفصل من الخدمة - في هذه الحالة - ذا حدين - فيصيب المهندس المذكور وهو مخطئ يستحق الجزاء كما ينال في الوقت ذاته من المصلحة العامة وهى بريئة ويجب ألا تضار بفعله إذ يحرمها من خدمته في وقت تحتاج البلاد إلى أمثاله ولذلك يتعين في تقدير الجزاء عدم إغفال الاعتبار الذي تقوم عليه المصلحة العامة بما يوجب عدم الغلو في تقدير الجزاء بما يرتد إلى المصلحة المذكورة ولذلك تكتفي المحكمة بمجازاته بخصم شهرين من راتبه.