مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 59

(25)
جلسة 18 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد الأستاذ المستشار حسين عوض بريقي - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة سعد زغلول محمد أبو عوف ويحيى توفيق الجارحي وعبد الفتاح صالح الدهري ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.

القضية رقم 137 لسنة 18 القضائية

( أ ) إصلاح زراعي - حيازة - تعريفها - شروطها.
شروط الحيازة المكسبة للملكية - توافرها - ثبوت الملكية - عدم جدوى الإدعاء بعدم تقديم المستندات - الحيازة تثبت بالبينة والقرائن - عدم جدوى الاستناد إلى أن المساحة لم تدرج في إقرار الملكية وفقاً لقوانين الإصلاح الزراعي.
(ب) إصلاح زراعي - الاستيلاء - نطاقه.
القانون رقم 127 لسنة 1961 ثبوت تاريخ العقد ليس هو الوسيلة الوحيدة لاستبعاد الأرض من الاستيلاء - ثبوت تملكها بالتقادم المكسب يخرجها من نطاق القانون - مثال.
1 - إن الحيازة وضع مادي به يسيطر الشخص سيطرة فعلية على شيء يجوز التعامل فيه وقد اتخذ المشرع من الحيازة وسيلة لإثبات حق الملكية ذلك أن الحيازة من حيث الآثار التي تترتب عليها تصلح قرينة على الملكية وتكسب الملكية فعلاً بالتقادم الطويل في العقار وقد أوضح القانون المدني في المادتين 949، 956 شروط كسب الحيازة وزوالها فنص في المادة 949 على أنه "لا تقوم الحيازة على عمل يأتيه شخص على أنه مجرد رخصة من المباحات أو عمل يتحمله الغير على سبيل التسامح - 2 - وإذا اقترنت بإكراه أو حصلت خفية أو كان فيها لبس فلا يكون لها أثر قبل من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب كما تنص المادة 956 على أنه "تزول الحيازة إذا تخلى الحائز عن سيطرته الفعلية على الحق أو إذا فقد هذه السيطرة بأية طريقة أخرى كما أوضحت المادة 968 من القانون المدني آثار الحيازة القانونية كسبب لكسب الملكية بالتقادم فنصت على أن "من حاز منقولاً أو عقاراً دون أن يكون مالكاً له أو حاز حقاً عينياً على منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصاً به كان له أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة، ومؤدى هذه الأحكام أنه يشترط في الحيازة حتى تحدث أثرها القانوني أن تكون هادئة وظاهرة في غير غموض ومستمرة وأن تكون بنية التملك وليس على سبيل التسامح أو الإباحة، فإذا ما توافرت الحيازة بشروطها القانونية واستمرت لمدة خمس عشرة سنة ترتب عليها اكتساب الملكية بالتقادم وبتطبيق هذه المبادئ على واقعة النزاع يتضح أن الأرض موضوع الدعوى كانت في حيازة المشترية الأصلية أنيسة موسى منذ يناير سنة 1946 وانتقلت حيازتها بعد وفاتها إلى شقيقها عبد القوي موسى حتى باعها هذا الأخير إلى مورث المطعون ضدهم وإلى والدتهم واستمرت حيازة المشترين وورثتهم من بعدهم واستكملت الحيازة المدة القانونية اللازمة لكسب الملكية بطريق التقادم في يناير سنة 1961 أي قبل العمل بقانون الإصلاح الزراعي رقم 127 لسنة 1961 ومن المقرر طبقاً للمادة 955 من القانون المدني أن الحيازة تنتقل للخلف العام بصفاتها كما يجوز للخلف الخاص أن يضم إلى حيازته سلفه في كل ما يرتبه القانون على الحيازة من أثر وعلى ذلك فإنه لا يؤثر في توافر شروط الحيازة القانونية تغير الحائزين لهذه الأرض.
ومن حيث إنه عن ادعاء الهيئة الطاعنة أن المعترضين لم يقدموا للخبير المستندات الدالة على وضع يدهم على الأرض موضوع النزاع فإن هذا الإدعاء على افتراض صحته غير مؤثر في الدعوى إذ من المعروف أن الحيازة وضع مادي يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات بما في ذلك البينة والقرائن وعلى ذلك فلا جناح على اللجنة إذا هي خلصت إلى توافر الحيازة القانونية استناداً إلى أقوال الشهود في التحقيق الذي أجراه الخبير ومع ذلك فإن المطعون ضدهم قدموا المستندات التي تؤيد صحة ما انتهى إليه الخبير فقد قدموا عقد البيع الابتدائي المؤرخ 10 يناير سنة 46 الصادر من المالكة الأصلية إلى السيدة أنيسة موسى وإعلام وراثة عبد القوي موسى لشقيقته أنيسة موسى وعقدي البيع العرفيين الصادرين من عبد القوي موسى إلى عبد المجيد أبو بكر وهنية عبد الجواد في سنتي 1952، 1954 وإيصالات سداد الأموال الأميرية عن هذه المساحة وشهادة إدارية من الجمعية التعاونية الزراعية وعمدة ومشايخ وصراف الناحية تؤيد شراؤهم وحيازتهم لهذه المساحة أما استناد الهيئة الطاعنة إلى أن المالكة لم تدرج المساحة موضوع المنازعة في إقرار ملكيتها فهو استناد غير منتج في الدعوى ولا يؤثر في صحة ملكية المطعون ضدهم، بل قد يحمل ذلك على أن المالكة تصرفت بالبيع في هذه المساحة قبل القانون بمدة طويلة فأسقطتها من إقرارها كما أن ورود هذه المساحة في تكليف المالكة الأصلية أمر بديهي إذ أن التكليف لا ينقل من اسم لآخر إلا بموجب سند مسجل وليس هناك إدعاء من أحد بأن لديه مثل هذا السند.
2 - إن عقد البيع الصادر من المالكة الأصلية في 10 من يناير سنة 1946 وعقود البيع التالية الصادرة لمورث المطعون ضدهم وإن لم تكن ثابتة التاريخ قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 وبالتالي لا يعتد بها في تطبيق أحكام هذا القانون ولا تصلح سنداً لاستبعاد الأرض من الاستيلاء إلا أن ثبوت تاريخ التصرف العرفي قبل تاريخ العمل بالقانون ليس هو الطريق الوحيد لخروج الأرض من نطاق الاستيلاء لدى المالك الخاضع للقانون إذ تخرج الأرض أيضاً من نطاق الاستيلاء إذا ما ثبت أن ملكيتها قد انتقلت من ذمة المالك الخاضع للقانون إلى ذمة غيره قبل العمل بالقانون وذلك بأي طريقة من طرق اكتساب الملكية ومنها التقادم المكسب كما هو الحال في واقعة النزاع إذ يملك المطعون ضدهم الأرض موضوع النزاع بحيازتهم لها حيازة قانونية متوافرة شروطها القانونية ومضي خمسة عشرة سنة على بدء الحيازة في يناير 1946 وقد استكملت المدة في يناير سنة 1961 أي قبل العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 في يوليو سنة 1961. وبذلك يكون قرار اللجنة القضائية الصادر في الاعتراض رقم 859 لسنة 1967 قد استند إلى أصول ثابتة في الأوراق وأسس قانونية سليمة مما يتعين معه رفض الطعن وإلزام الهيئة الطاعنة بالمصروفات إعمالاً لنص المادة 184 من قانون المرافعات.