مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1958 إلى أخر يناير سنة 1959) - صـ 56

(6)
جلسة 8 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

القضية رقم 243 لسنة 3 القضائية

( أ ) عامل - تحديد المركز القانوني للعامل - يتعين تبعاً لوصف الحرفة المسندة إليه في القرار الصادر بتعيينه أو ترقيته - لا يغير من هذا المركز قيام العمل فعلاً بعمل وظيفة من طبيعة أخرى.
(ب) عمال النقل المشترك - البند 24 من قواعد الترقيات الخاصة بكادر عمال النقل المشترك - نصه على اتخاذ أول أغسطس سنة 1944 بدءاً للتدرج في الدرجة الفنية إذا كان العامل قد شغل الوظيفة الفنية قبل هذا التاريخ - عدم انطباق أحكامه إذا كان العامل يشغل وظيفة عادية في التاريخ المذكور.
1 - إن المركز القانوني للعامل يتعين تبعاً لوصف الحرفة المسندة إليه في القرار الصادر بتعيينه أو بترقيته؛ إذ أن هذا القرار هو الذي يحدد نوع العمل المنوط به وكذا درجته وأجره, ولا يغير من هذا المركز قيام العامل فعلاً بعمل وظيفة من طبيعة أخرى؛ إذ لا ينال الدرجة المخصصة لهذه الوظيفة إلا بالقرار الصادر بمنحه إياها وفقاً للقواعد التنظيمية المقررة في هذا الشأن.
2 - إن قواعد الترقيات الخاصة بكادر عمال النقل المشترك قد نصت في البند 14 على أنه "إذا لم يوجد في ملف خدمة العامل مذكرة من الإدارة بالنقل من وظيفة عادية إلى وظيفة فنية وكان العامل يشغل الوظيفة الفنية من مدة وقبل أو أغسطس سنة 1944 (حسب ما يقرره حضرة المهندس المختص) يتخذ أول أغسطس سنة 1944 التاريخ الفعلي للتدرج في الدرجة الفنية". فإذا كان الثابت من ملف خدمة المدعي أنه كان يشغل وظيفة عادية قبل أول أغسطس سنة 1944, فلا تجديه شهادة المهندس المختص, فضلاً عن أن من شهد لصالحه أمام المحكمة الإدارية كان موظفاً عادياً وليس مهندساً. فمن ثم لا ينطبق في حقه نص البند 14 المشار إليه.


إجراءات الطعن

في 14 من فبراير سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 18 من ديسمبر سنة 1956 في القضية رقم 122 لسنة 3 القضائية المرفوعة من السيد بشري شحاتة حسب الله ضد إدارة النقل المشترك, والقاضي "باستحقاق المدعي لدرجة صانع دقيق اعتباراً من أول أغسطس سنة 1944 وتدرج أجره والعلاوات المقررة في حدود هذه الدرجة من هذا التاريخ, وما يترتب على ذلك من آثار, وصرف الفروق من 14 من فبراير سنة 1951, مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة, ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". وقد طلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب الواردة في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, مع إلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 22 من مايو سنة 1957, وللمدعي في 17 من يونيه سنة 1957, وعين لنظره جلسة 11 من أكتوبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بالمحضر, وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم, ورخصت في تقديم مذكرات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 122 لسنة 3 القضائية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية طلب فيها الحكم بصفة أصلية باستحقاقه وظيفة لحام كاوتشوك في درجة صانع دقيق اعتباراً من 9 من أبريل سنة 1937 تاريخ دخوله الخدمة, وما يترتب على ذلك من آثار, وصرف الفروق من أول مايو سنة 1945, واحتياطياً الحكم بتسوية حالته باعتباره مرقى إلى وظيفة صانع دقيق بعد انقضاء خمس سنوات من منحه أجراً يومياً قدره 110 م في أول مارس سنة 1942, مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إنه التحق بالخدمة في 9 من أبريل سنة 1937 في وظيفة عامل كاوتشوك بأجر يومي قدره تسعة قروش. ولما صدرت قواعد كادر العمال ونفذت على عمال إدارة النقل في 14 من فبراير سنة1951 طبقت عليه تطبيقاً غير سليم؛ إذ كان يجب اعتبار أجره اليومي 300 م في أول مايو سنة 1942 ثم يدرج بعد ذلك بعلاوة قدرها 20 م كل سنتين حتى يصل إلى 420 م في أول مايو سنة 1952, بينما أجره الذي تقاضاه في ذلك التاريخ نتيجة لهذا التطبيق غير الصحيح 340 م يومياً؛ ومن ثم يكون من حقه المطالبة بالفروق المستحقة مضافاً إليها فروق إعانة الغلاء في حدود المبلغ المطالب به, وقال إن التحاقه بالخدمة في وظيفة عامل كاوتشوك ثابت من دفتر الإنتاج الخاص به ومن التقارير المودعة ملف خدمته. وقد ردت الجهة الإدارية على ذلك بأن المدعي التحق بالخدمة في 9 من أبريل سنة 1937 بأجر يومي قدره 90 م بمهنة غسال, ونقل إلى عامل كاوتش في أول مارس سنة 1945, وكان يتقاضى أجراً يومياً قدره 110 م, وعند تطبيق كادر العمال اعتبر في درجة صانع غير دقيق من 6 من أبريل سنة 1942؛ لأن مهنة عامل كاوتش لا تدخل في نطاق المهن التي تحتاج إلى دقة, وبلغ أجره 120 م في أول مارس سنة 1944, و260 م في أول مايو سنة 1950. ثم أعيدت تسوية حالته عند تطبيق قواعد كادر العمال المعمول به من 14 من فبراير سنة 1951 على أساس أنه مساعد صانع في أول أغسطس سنة 1944 بأجر يومي قدره 160 م, واعتبر في درجة صانع دقيق بعد خمس سنوات من هذا التاريخ, ومنح أجراً يومياً قدره 300 م من أول أغسطس سنة 1949, وبلغ 340 م في أول مايو سنة 1954, وأنها كانت اقترحت اعتباره مساعد صانع من أول مارس سنة 1944, وكان أجره 120 م يومياً بالرغم من أنه لم يؤد امتحاناً, وذلك تشجيعاً له لإلمامه بجميع أعمال الكاوتش الفنية, ولكن استناداً إلى ما سبق أن قررته الإدارة في أول أغسطس سنة 1944 بشأن وضع العمال في درجات قبل تطبيق الكادر اعتبر في درجة مساعد صانع من أول أغسطس سنة 1944, ومنح درجة صانع دقيق بعد خمس سنوات, ثم استطردت فقالت إن الإدارة لو طبقت عليه أحكام الكادر حسبما تضمنته قواعده لما وصل إلى درجة دقيق إلا بعد 14 من فبراير سنة 1951 وبعد أداء امتحان ووجود درجة شاغرة. وبجلسة 18 من ديسمبر سنة 1956 حكمت المحكمة باستحقاق المدعي لدرجة صانع دقيق اعتباراً من أول أغسطس سنة 1944, وتدرج أجره بالعلاوات المقررة في حدود هذه الدرجة من التاريخ المذكور, وما يترتب على ذلك من آثار, وصرف الفروق من 14 من فبراير سنة 1951, مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة, ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وأسست قضاءها على أنه لم تكن هناك درجات فنية في إدارة النقل قبل أول مايو سنة 1945, ولا يوجد ما يثبت أن العمال كانوا يؤدون امتحاناً قبل هذا التاريخ, فوضعت اللجنة المشكلة لتطبيق كادر العمال مقياساً لتقدير صلاحية العامل يقوم مقام الامتحان, فاتخذت الأجر مقياساً لذلك, ونظراً لأنه لم تكن هناك درجات فنية ترقى عليها الإدارة من ترى ترقيتهم من العمال فقد نص البند 14 من قواعد الترقيات التي وضعتها هذه اللجنة على أنه "إذا لم توجد في ملف خدمة العامل مذكرة بنقله من وظيفة عادية إلى وظيفة فنية, وكان يشغل الوظيفة الفنية قبل أول أغسطس سنة 1944, حسبما يقرره المهندس المختص, اعتبر هذا التاريخ الأخير بداية التدرج في الدرجة الفنية". وإذ تبين من أقوال المهندس المختص في شأن المدعي وهو رئيس قسم الكاوتشوك في جلسة المرافعة أنه منذ تولى رياسة القسم في سنة 1944 كان المدعي يزاول وظيفة لحام كاوتشوك بالفعل, كما قدم المدعي صورة شمسية لتقرير يومي مستخرج من دفاتر الكاوتشوك يثبت أنه كان يباشر عملية لحام الكاوتشوك, والثابت من ملف الخدمة أن أجره بلغ 160 م في أول أغسطس سنة 1944, وهذا الأجر يدخل في النطاق الذي حددته لجنة تطبيق الكادر لتقدير الصلاحية في درجة صانع دقيق؛ ومن ثم فقد تعلق حق المدعي بدرجة صانع دقيق في أول أغسطس سنة 1944.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المستفاد من مذكرة عضو مجلس الإدارة المنتدب المفسرة لكادر عمال إدارة النقل العام أن الذين يعاملون بقواعد هذا الكادر هم الذين كانوا يشغلون وظائف فنية في تاريخ نفاذ هذه القواعد, أي في 14 من فبراير سنة 1951, والثابت من ملف المدعي أنه كان يشغل وظيفة عامل كاوتشوك في ذلك التاريخ, أي أنه كان عاملاً عادياً, وبالتالي فإنه لا يفيد من حكم الفقرة 14 من قواعد الترقيات حتى لو فرض أنه كان يزاول عملاً فنياً, والواقع أنه لم يفعل. ولا وجه للاعتداد بشهادة السيد/ عبد الحميد سلامة؛ لأنه ليس المهندس المختص المعنى بالفقرة 14 السالفة الذكر؛ إذ تقرر الإدارة أنه ليس مهندساً. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير ذلك فقد خالف القانون ويتعين الطعن فيه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي التحق بالخدمة في 9 من أبريل سنة 1937 بمهنة غسال بأجر يومي قدره 90 م, ثم شغل بعد ذلك وظيفة عامل كاوتشوك اعتباراً من أول مارس سنة 1945 وكان أجره وقتئذ 110 م يومياً, وهذه المهنة غير فنية ولذلك لم يؤد امتحاناً عند نقله إليها, ثم سويت حالته بالتطبيق لأحكام كادر العمال الصادر في سنة 1944 فاعتبر في درجة صانع غير دقيق من 6 من أبريل سنة 1942 تأسيساً على أنه مهنة عامل كاوتش لا تدخل في نطاق المهن التي تحتاج إلى دقة, ومنح أجر يومياً قدره 200 م اعتباراً من أول مايو سنة 1945, وظل شاغلاً هذه الدرجة لغاية أول مايو سنة 1950 ووصل أجره إلى 260 م يومياً, ثم أعيدت تسوية حالته بالتطبيق لكادر عمال النقل المشترك الصادر في 14 من فبراير سنة 1951, ونظراً لإلمامه بأعمال الكاوتش الفنية فقد اعتبر في درجة مساعد صانع من أول أغسطس سنة 1944, وفي درجة صانع دقيق بعد مضي خمس سنوات من هذا التاريخ بأجر يومي قدره 300 م بزيادة قدرها 40 م عن أجره السابق, وتدرج بالعلاوات المستحقة طبقاً لأحكام هذا الكادر. ولا يوجد في الأوراق ما يدل على أن المدعي كان يشغل وظيفة لحام كاوتشوك - وهي درجة صانع دقيق - قبل أن تسوى حالته بالتطبيق لأحكام كادر سنة 1951 المشار إليه, خلافاً لما يدعيه من قيامه بهذا العمل قبل سنة 1944, بل الثابت, كما سلف القول, أنه دخل الخدمة في وظيفة غسال, وهي وظيفة غير فنية, وبأجرة يومية قدرها 90 م, وأنه عندما أصيب في عام 1948 بحادث أثناء تأدية عمله نشأت عنه عاهة مستديمة تقدم على الجهة الإدارية بطلب مؤرخ 18 من يناير سنة 1949 يطلب فيه صرف التعويض المستحق له عن هذه الإصابة, ذكر فيه أن وظيفته عامل كاوتش بقسم الصيانة.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن المركز القانوني للعامل يتعين تبعاً لوصف الحرفة المسندة إليه في القرار الصادر بتعيينه أو بترقيته؛ إذ أن هذا القرار هو الذي يحدد نوع العمل المنوط به وكذا درجته وأجره, ولا يغير من هذا المركز قيام العامل فعلاً بعمل وظيفة من طبيعة أخرى؛ إذ لا ينال الدرجة المخصصة لهذه الوظيفة إلا بالقرار الصادر بمنحه إياها وفقاً للقواعد التنظيمية المقررة في هذا الشأن.
ومن حيث إن قواعد الترقيات الخاصة بكادر عمال النقل المشترك قد نصت في البند 14 على أنه "إذا لم يوجد في ملف خدمة العامل مذكرة من الإدارة بالنقل من وظيفة عادية إلى وظيفة فنية وكان العامل يشغل الوظيفة الفنية من مدة وقبل أول أغسطس سنة 1944 (حسب ما يقرره حضرة المهندس المختص) يتخذ أول أغسطس سنة 1944 التاريخ الفعلي للتدرج في الدرجة الفنية".
ومن حيث إن ملف خدمة المدعي ثابت به أنه كان يشغل وظيفة عادية قبل أول أغسطس سنة 1944, فلا تجديه شهادة المهندس المختص, فضلاً عن أن من شهد لصالحه أمام المحكمة الإدارية كان موظفاً عادياً وليس مهندساً؛ فمن ثم لا ينطبق في حقه نص البند 14 المشار إليه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه متعيناً إلغاؤه ورفض دعوى المدعي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.