مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1958 إلى أخر يناير سنة 1959) - صـ 244

(20)
جلسة 29 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد إبراهيم الديواني وكيل مجلس الدولة المساعد وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

القضية رقم 694 لسنة 3 القضائية

معاش - توافر شروط ضم مدة الخدمة المؤقتة للمدعي في المعاش بالتطبيق للقانون رقم 22 لسنة 1922 دون القرار بقانون رقم 29 لسنة 1957 لسبق إحالته إلى المعاش قبل صدوره - قضاء الحكم المطعون فيه باستحقاق المدعي لضم مدة خدمته المؤقتة في حساب المعاش طبقاً للقانون رقم 29 لسنة 1957 - خطأ.
إذا توافرت في حق المدعي شروط انطباق أحكام منشور المالية رقم 8 لسنة 1940 فإنه يحق له بناء على ذلك طلب ضم مدة خدمته المؤقتة من 23 من مايو سنة 1925 لغاية 8 من سبتمبر سنة 1926 ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش, وذلك إعمالاً للمادة الأولى من القانون رقم 22 لسنة 1922, دون القرار بقانون رقم 29 لسنة 1957, الذي لا ينطبق في حقه لسبق إحالته إلى المعاش قبل صدوره حسبما يتضح من الأوراق. وتأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى باستحقاق المدعي لضم مدة خدمته المؤقتة في حساب المعاش طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 29 لسنة 1957, وبعدم جواز حساب هذه المدة طبقاً للقانون رقم 22 لسنة 1922 للأسباب التي استند إليها, يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه, ويتعين من ثم القضاء بإلغائه, وبحساب هذه المدة المؤقتة ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش طبقاً للقانون رقم 22 لسنة 1922 مقابل توريد قيمة الاستقطاع الخاصة بها طبقاً للقانون.


إجراءات الطعن

في 25 من أبريل سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 694 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 25 من فبراير سنة 1957 في الدعوى رقم 3261 لسنة 9 القضائية المقامة من السيد/ أحمد مهران عمر ضد مصلحة السكك الحديدية ووزير الموصلات, القاضي "باستحقاق المدعي لضم مدة خدمته المؤقتة من 23 من مايو سنة 1925 إلى 8 من سبتمبر سنة 1926 في حساب المعاش؛ وذلك بالتطبيق لأحكام القرار بقانون رقم 29 لسنة 1957، وإلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, مع إلزامه بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى مصلحة السكك الحديدية ووزارة المواصلات في 26 من مايو سنة 1957, وإلى المطعون ضده في 29 منه, وخلال المواعيد القانونية أودع المطعون ضده مذكرة بدفاعه انتهى فيها إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بضم مدة خدمة المدعي المؤقتة من 23 من مايو سنة 1925 إلى 8 من سبتمبر سنة 1926 في معاشه, مع استعداده لدفع الاحتياطي طبقاً للقانون. وقد عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 18 من أكتوبر سنة 1958, وفي 6 من يوليه سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من الأوراق, تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 3261 لسنة 9 القضائية ضد مصلحة السكك الحديدية ووزارة المواصلات بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 16 من يونيه سنة 1955 طالباً فيها "الحكم بضم مدة خدمته المؤقتة من 23 من مايو سنة 1925 إلى 8 من سبتمبر سنة 1926 في معاشه، مع استعداده لدفع الاحتياطي طبقاً للقانون, وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات والأتعاب". وقال شرحاً لدعواه إنه عين في وظيفة مساعد مهندس بمصلحة السكك الحديدية في 23 من مايو سنة 1925 بعد أن حصل على دبلوم مدرسة الهندسة الملكية في سنة 1924, ثم ثبت في وظيفته اعتباراً من 9 من سبتمبر سنة 1926. وفي 26 من فبراير سنة 1928 قدم طلباً لحساب مدة خدمته المؤقتة في المعاش - وقدرها 16 يوماً 15 شهراً - طبقاً للقانون رقم 22 لسنة 1922, ولكن هذا الطلب رفض بحجة تقديمه بعد الميعاد الذي نص عليه القانون المتقدم الذكر. وقال إنه عاد وقدم طلباً جديداً في 5 من سبتمبر سنة 1938 أتبعه بطلب ثالث في 8 من سبتمبر سنة 1940 لإعادة النظر في ذات الموضوع, وعلى الرغم من ذلك كله فإن وزارة المالية لم تحرك ساكناً. وقد استند المطعون عليه إلى أن الاستمارتين رقم 1 و2 المتعلقتين باستعمال حق الاختيار بالنسبة إلى حساب المدة المؤقتة التي قضاها في حساب المعاش لم ترسلا إليه في قسم الإسماعيلية حيث كان يعمل إلا في 20 من فبراير سنة 1928, وذلك على خلاف العرف المتبع, وهو إرفاق الاستمارتين رقم 1 و2 بقرار التثبيت عند إبلاغه إلى صاحب الشأن. وقد ترتب على ذلك أنه لم يقدم طلباً بحساب مدة الخدمة المؤقتة إلا في 26 من فبراير سنة 1928. وقد أوضح أن مصلحة السكك الحديدية سبق أن تركت طلبه المقدم منه في 8 من سبتمبر سنة 1940 باعتباره مقدماً في خلال مدة الشهرين المحددين بمنشور المالية رقم 8 لسنة 1940 الذي كفل للموظفين القدامى حق حساب مدد خدمتهم المؤقتة في المعاش طبقاً للقانون رقم 22 لسنة 1922. ثم بين أن نص الفقرة الأولى من المنشور رقم 8 لسنة 1940 الصادر من وزارة المالية في 2 من يونيه سنة 1940 (الملف رقم 234 - 4/ 3) قد بعث حق الموظف في حساب مدة الخدمة المؤقتة إذا كان قد دخل في خدمة الحكومة قبل 4 من يونيه سنة 1929 وثبت أو يثبت من بعد هذا التاريخ, بشرط أن تتوافر في مدد خدمتهم المؤقتة أو الخارجة عن هيئة العمال أو بالمياومة الشروط التي كان ينص عليها القانون رقم 22 لسنة 1922. فإذا أضيف إلى ما تقدم أن طلبه قدم خلال مهلة الشهرين المحددة بمنشور المالية رقم 8 لسنة 1940 فإنه يكون صاحب حق في طلب حساب مدة خدمته المؤقتة الأنفة الذكر, وبخاصة أن القانون رقم 86 لسنة 1951 اعتبر في حكم الصحيحة كافة قرارات مجلس الوزراء الصادرة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل بالقانون المشار إليه, وهي تلك القرارات الخاصة بفسح المجال أمام الموظفين لحساب مدد مختلفة في معاشهم. وقد استدل بأحكام القضاء الإداري التي صدرت بتأييد وجهة نظره, وصمم في النهاية على طلب حساب مدة خدمته المؤقتة من 23 من مايو سنة 1925 إلى 8 من سبتمبر سنة 1926 في معاشه, مظهراً استعداده لأداء الاحتياطي وفقاً للقانون. وقد دفعت الحكومة هذه الدعوى بأن المدعي ألحق بالخدمة منذ 23 من مايو سنة 1925 وأدخل في هيئة العمال اعتباراً من 9 من سبتمبر سنة 1939 وأبلغ كتابة أمر تثبيته في 25 من أكتوبر سنة 1926, ثم أرسلت إليه الاستمارتان رقم 1 و2 بقسم الإسماعيلية الذي كان تابعاً إليه في 20 من فبراير سنة 1928 لإبداء اختياره لحساب مدة خدمته المؤقتة في المعاش, ولكن الاستمارة رقم 1 لم تعد إلا في 26 من فبراير سنة 1928, وقد أرسلت إلى مراقبة الحسابات لمرجعتها وإرسالها بعد ذلك إلى وزارة المالية. وقد طلبت مراقبة الحسابات بكتابها المؤرخ 20 من مارس سنة 1928 إفادتها عن الأسباب التي دعت إلى عدم تقديم المدعي طلب حساب مدة خدمته المؤقتة في المعاش في خلال الميعاد القانوني. وقد أجاب المدعي عن ذلك بأنه لم يخطر في الميعاد المناسب بتثبيته كي يقدم طلبه في الميعاد القانوني, ولما رفعت المسألة إلى وزارة المالية استعملت عما إذا كان المدعي قد أخطر كتابة بأمر تثبيته كما يقضي بذلك القانون رقم 22 لسنة 1922 ومتى وقع هذا التبليغ, وقد أجيب عن استفسارها بأن المدعي قد بلغ كتابة بأمر تثبيته في 25 من أكتوبر سنة 1926, ولكنه لم يطلب إليه إبداء اختياره على الاستمارة رقم 1 المخصصة لذلك. وقد أبدت وزارة المالية حيال ذلك بكتابها رقم 88/ 19/ 333 في 6 من يونيه سنة 1953 أنها تأسف لعدم إمكان إجابة المدعي على هذا الطلب؛ لأن تقديمه لم يقع في الميعاد المنصوص عليه في القانون المشار إليه. ولما عاد المدعي إلى التشكي كرة أخرى عادت المالية إلى رفض الطلب بكتابها رقم 88/ 19/ 333 في 30 من سبتمبر سنة 1947 لذات الأسباب التي بني عليها رفضها السابق, وأضافت إليها أن القانون رقم 22 لسنة 1922 قد نسخ بالمرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929. وبجلسة 25 من فبراير سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") في موضوع الدعوى "باستحقاق المدعي لضم مدة خدمته المؤقتة من 23 من مايو سنة 1925 إلى 8 من سبتمبر سنة 1926 في حساب المعاش؛ وذلك بالتطبيق لأحكام القرار بقانون رقم 29 لسنة 1957، وإلزام المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن مدة خدمة المطعون ضده منذ تاريخ تعيينه بالحكومة حتى تاريخ تثبيته لم يجر على مرتبه فيها أي استقطاع, كما أنها لا تعد في ضمن مدد الخدمة المستثناة من قاعدة عدم حسابها في المعاش, وعلى أن القانون رقم 22 لسنة 1922 الذي خول الموظف الدائم حساب مدة خدمته المؤقتة في المعاش قد نسخه المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 بعد أن حل هذا محله في تنظيم حساب بعض المدد في المعاش. وظل الأمر على هذا النحو حتى ألغى المرسوم بقانون الأخير بالقانون رقم 30 لسنة 1935, وبمقتضى هذا الإلغاء أصبح من غير الجائز حساب مدد الخدمة المؤقتة في المعاش إلا فيما عدا مدة الاختبار والمدد التي تقضي في البعثات, كما استند هذا القضاء على أن القرار بقانون رقم 29 لسنة 1957 الصادر في 31 من يناير سنة 1957 قد أجاز للموظفين الموجودين في خدمة الحكومة المثبتين طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 حساب مدد الخدمة التي قضيت على وظائف دائمة أو مؤقتة أو على درجات شخصية يخصم بها على وظائف خارج الهيئة أو على اعتمادات الباب الثالث المقسمة إلى درجات في المعاش, إذا قدموا طلباً بذلك خلال ستة أشهر, وأنه يتعين من ثم ضم مدة الخدمة المؤقتة في حساب المعاش طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 29 لسنة 1957 باعتبار ما تبين من كتاب مراقب عام الحسابات المؤرخ 23 من نوفمبر سنة 1929 من أن المدعي قبَل أن يعامل بقانون المعاشات رقم 39 لسنة 1929 ومن أنه أدى فرق الاحتياطي على هذا الأساس.
ومن حيث إن الطعن قد بني على خطأ ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من استحقاق المدعي ضم مدة خدمته المؤقتة في حساب المعاش طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 29 لسنة 1957؛ ذلك لأن القرار بقانون المذكور لا تسري أحكامه إلا على الموظفين الموجودين بالخدمة وقت صدوره. فإذا ثبت من الطلب المقدم من المدعي في 21 من أبريل سنة 1957 أنه كان قد أحيل إلى المعاش قبل صدور القرار بقانون سالف الذكر, فإن حالته تخرج من مجال تطبيقه, ويتعين القضاء برفض دعواه. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة على هدى الأوراق أن المطعون ضده قد عين بمصلحة السكك الحديدية في وظيفة مساعد مهندس بالدرجة السادسة بمرتب سنوي قدره 180 ج اعتباراً من 23 من مايو سنة 1925, ثم أوصى بتثبيته في عمله بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1926, وبعد اتخاذ الإجراءات المعتادة توطئة لذلك تقرر إدخاله في هيئة العمال اعتباراً من 9 من سبتمبر سنة 1926, وفي 20 من فبراير سنة 1928 أرسلت الاستمارتان رقم 1 و2 إلى هندسة قسم الإسماعيلية بقصد استعمال المطعون ضده لحق اختياره حساب مدة خدمته المؤقتة في المعاش طبقاً للقانون رقم 22 لسنة 1922, وقد وقع فعلاً الاستمارة رقم 1 بطلب ضم مدة خدمته المؤقتة البالغ مقدارها 16 يوماً و15 شهراً, ولكن مراقب الحسابات العام اعترض على هذا الطلب بأنه أبلغ أمر تثبيته ونفذ خصم الاحتياطي منه في شهر نوفمبر سنة 1926, وكان من الواجب أن يقدم طلبه في خلال ثمانية وعشرين يوماً من تاريخ تبليغه بأمر تثبيته, ولكنه لم يقدم طلبه إلا في 29 من فبراير سنة 1928, وأنه من المفروض عليه معرفة اللوائح والقوانين, وقد اتضح كذلك أنه وقع بقبول معاملته بقانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 في يوليه سنة 1929, وقد تبين كذلك أنه قدم طلباً في 8 من سبتمبر سنة 1940 بإعادة النظر في حساب مدة الخدمة المؤقتة في معاشه طبقاً للقانون رقم 22 لسنة 1922, ثم قدم طلباً آخر بهذا المعنى في 20 من مارس سنة 1944.
ومن حيث إنه في 15 من أبريل سنة 1909 صدر القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية, وقد نصت المادة التاسعة منه على أن "الخدمات التي لم يجر على مرتبها حكم الاستقطاع لا تحسب في تسوية المعاش في أي حال من الأحوال... ويستثنى من ذلك مدة الاختبار المقررة في اللائحة العمومية لقبول وترقية المستخدمين الملكيين فإن هذه المدة هي التي تحسب في المعاش...". واستمر العمل بأحكام هذا القانون, فيما يتعلق بحساب مدد الخدمة في المعاش, إلى 8 من مايو سنة 1922؛ حيث صدر القانون رقم 22 لسنة 1922, وقد نصت المادة الأولى منه على أنه "ابتداء من نشر هذا القانون كل موظف أو مستخدم من موظفي الحكومة ومستخدميها يكون مقيداً من قبل أو يعين فيما بعد في سلك المستخدمين الدائمين الذين يجرى عليهم حكم استقطاع الخمسة في المائة من ماهيتهم يجوز أن يدخل في حساب معاشه طبقاً للمواد الآتية: مدد خدماته السابقة التي لم يستقطع عنها شيء مما ذكر على شرط أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة...". وفي 28 من مايو سنة 1929 صدر المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية, ونص في المادة التاسعة منه على أن "الخدمات التي لا يجري على ماهيتها حكم الاستقطاع لا تحسب في تسوية المعاش أو المكافأة في حال من الأحوال"، واستثنت المادة من ذلك "مدة الاختبار المقررة في اللائحة لقبول وترقية المستخدمين الملكيين", وكذلك "المدة التي تقضي في البعثات التي ترسلها الحكومة إلى الخارج...". وفي 28 من مايو سنة 1929 أيضاً صدر المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 ملغياً القانون رقم 22 لسنة 1922 ومضيقاً من نطاق تطبيق أحكامه؛ فقد نصت المادة الثانية منه على أنه "تدخل فقط في حساب المعاش المدد التي في أثنائها كانت ماهية الموظف أو المستخدم محسوبة على وظيفة دائمة, على أنه إذ تخللت مدة خدمته فترات قيد في أثنائها بمقتضيات مصلحية على وظائف مؤقتة دون أن يغير طبيعة عمله ثم أعيد قيده على وظيفة دائمة, فهذه الفترات تحسب مدة خدمة في وظائف دائمة". ثم صدر بعد ذلك المرسوم بقانون رقم 30 لسنة 1935 مبطلاً العمل بالمرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 سالف الذكر.
ومن حيث إنه على الرغم من أن نصوص القوانين المشار إليها ما كانت تجيز حساب بعض مدد الخدمة في المعاش إلا في الحدود التي رسمتها حسبما سلف بيانه, فإن مجلس الوزراء درج بعد ذلك على إصدار قرارات مختلفة - عامة وفردية - تقضي بحساب مدد خدمة في المعاش ما كانت تجيزها تلك القوانين؛ ولذلك لم يكن محيص من العمل على تصحيحها, فتقدمت الحكومة في أوائل سنة 1951 إلى البرلمان واستصدرت القانون رقم 86 لسنة 1951 الذي نصت مادته الأولى على أن "تعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل بهذا القانون المبينة بالكشف المرافق لهذا القانون, وكذلك القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش, سواء أكان ذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 أم المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أم من أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أم المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929, وتظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها". وقد ورد قراراً مجلس الوزراء الصادران في 21 من يونيه سنة 1938 و30 من أكتوبر سنة 1938 - بما تضمناً من قواعد لحساب مدد خدمة في المعاش ما كانت تجيزها القوانين المعمول بها - في ضمن القرارات المبينة في الكشف المشار إليه المرافق للقانون رقم 86 لسنة 1951.
ومن حيث إنه ولئن كان المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 هو القانون الذي قبل المدعي المعاملة بأحكامه طبقاً لإقراره المقدم في يوليه سنة 1929 على ما سلف إيضاحه, إلا أن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 21 من يونيه سنة 1938 و30 من أكتوبر سنة 1938 اللذين صحح أحكامهما القانون رقم 86 لسنة 1951 قد نظما قواعد خاصة لحساب مدد الخدمة المؤقتة في المعاش استثناء من أحكام المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 المتقدم الذكر, وأصبح هذا التنظيم محتوم السريان على طائفة بذاتها من الموظفين تفيد من أحكامهما, ومنها المدعي. وقد تكفل منشور المالية رقم 8 لسنة 1940 بتفصيل هذه الأحكام وتوضيحها بما خول فئة الموظفين, التي ينتمي إليها المدعي, حق طلب ضم مدد خدمتهم المؤقتة في حساب المعاش, بالشروط والأوضاع التي نص عليها القانون رقم 22 لسنة 1922 دون أي قانون آخر للمعاشات. وأوجبت المادة الثامنة منه على الموظفين الحاليين الذين يفيدون من أحكام هذا المنشور أن قدموا إلى مصلحتهم طلباً بذلك في ميعاد شهرين من تاريخ نشر هذا المرسوم بالوقائع الرسمية, وقد تم هذا النشر في 28 من يوليه سنة 1940.
ومن حيث إنه توكيداً لما سلف قد نص البند "أولاً" من منشور المالية رقم 8 لسنة 1940 الصادر في 2 من يونيه سنة 1940 والموضح لأحكام قراري مجلس الوزراء آنفى الذكر على أن "الموظفين الذين دخلوا الخدمة قبل إلغاء القانون رقم 22 لسنة 1922 - أي قبل 4 من يونيه سنة 1929 - وثبتوا أو يثبتون بعد هذا التاريخ, لهم أن يحسبوا في تسوية المعاش كل مدد خدمتهم المؤقتة أو الخارجة عن هيئة العمال أو بالمياومة بالشروط التي كان ينص عليها القانون رقم 22 لسنة 1922".
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 22 لسنة 1922 قد جرى نصها بالآتي "ابتداء من نشر هذا القانون كل موظف أو مستخدم من موظفي الحكومة ومستخدميها يكون مقيداً من قبل أو يعين فيما بعد في سلك المستخدمين الدائمين الذين يجرى عليهم حكم استقطاع الخمسة في المائة من ماهيتهم يجوز أن يدخل في حساب معاشه طبقاً لأحكام المواد الآتية مدد خدماته السابقة التي لم يستقطع عنها شيء مما ذكر, على شرط أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة, وأن يكون قد قام بتلك الخدمات في السن المشترطة في المادة 8 من القانون نمرة 5 لسنة 1909".
ومن حيث إنه قد سبق لهذه المحكمة أن قضت [(1)] بأنه يتعين تطبيق أحكام منشور المالية رقم 8 لسنة 1940 في حق من توافرت في شروطه - وهي الشروط التي كان ينص عليها القانون رقم 22 لسنة 1922 - كما قضت أيضاً بأن المرجع في حساب مدد الخدمة المؤقتة في تسوية المعاش كل في جميع الأوقات وفي ظل النصوص التشريعية وقرارات مجلس الوزراء ومنشور وزارة المالية المتقدم الذكر هو إلى الشروط الواردة في القانون رقم 22 لسنة 1922, والجوهري في هذه الشروط هو أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة, وهذا الشرط يستلزم أمرين: (أولهما) أن تكون هناك ماهية دفعت بتكييفها القانوني الصحيح, فيخرج بذلك الأجر والمكافأة وكل ما لا تتوافر فيه خصائص الماهية ومقوماتها. (والثاني) أن يكون الدفع قد تم مشاهرة, وهذا توكيد للمعنى الأول من وجوب أن يتعلق الدفع بماهية لا بأجر ولا بمكافأة أو ما أشبه, ومدلول هذا وذاك أن تكون هناك درجة محددة لها في الميزانية مرتب شهري ثابت باستبعاد العلاقة القائمة على أجر يومي وإن تجدد.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المطعون عليه أنه التحق بمصلحة السكك الحديدية في 23 من مايو سنة 1925 بوظيفة مساعد مهندس بماهية شهرية مقدارها 15 ج في إحدى وظائف الدرجة السادسة وهي وظيفة دائمة, ولما أوصى بتثبيته ونجح في الكشف الطبي تقرر هذا التثبيت اعتباراً من 9 من سبتمبر سنة 1926, وأنه تقدم بطلب لحساب مدة خدمته المؤقتة السابقة على التاريخ الأخير في ضمن مدة الخدمة المحسوبة في معاشه, ولكن هذا الطلب لم يلق قبولاً من وزارة المالية لتقديمه في 26 من فبراير سنة 1928, أي بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة الرابعة من القانون رقم 22 لسنة 1922, وأنه في 8 من سبتمبر سنة 1940 - أي في خلال الفترة التي حددتها المادة الثامنة من المنشور رقم 8 لسنة 1940, قدم طلباً - كما سلف البيان - إلى الجهة الرياسية لحساب مدة خدمته المؤقتة التي قضاها بمصلحة السكك الحديدية قبل تثبيته في 9 من سبتمبر سنة 1926. ويتضح من البيان المتقدم أن المطعون عليه كان يتقاضى راتباً شهرياً خلال المدة المؤقتة المراد حسابها في المعاش, كما أنه قدم طلبه في الميعاد؛ ومن ثم فقد توافرت في حقه شروط انطباق أحكام منشور المالية رقم 8 لسنة 1940 التي سلف بيانها, ويحق له بناء على ذلك طلب ضم مدة خدمته المؤقتة من 23 من مايو سنة 1925 لغاية 8 من سبتمبر سنة 1926 في ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش, وذلك إعمالاً للمادة الأولى من القانون رقم 22 لسنة 1922، دون القرار بقانون رقم 29 لسنة 1957, الذي لا ينطبق في حقه, لسبق إحالته إلى المعاش قبل صدوره حسبما يتضح من الأوراق.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى باستحقاق المدعي لضم مدة خدمته المؤقتة في حساب المعاش طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 29 لسنة 1957 وبعدم جواز حساب هذه المدة طبقاً للقانون رقم 22 لسنة 1922 للأسباب التي استند إليها - يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه؛ ويتعين من ثم القضاء بإلغائه وبحساب هذه المدة المؤقتة في ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش طبقاً للقانون رقم 22 لسنة 1922 مقابل توريد قيمة الاستقطاع الخاصة بها طبقاً للقانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباستحقاق المدعي لأن تحسب في معاشه الفترة التي قضاها بصفة مؤقتة من 23 من مايو سنة 1925 حتى تاريخ تثبيته في 9 من سبتمبر سنة 1926 مقابل أداء قيمة الاستقطاع الخاصة بها, وذلك بالتطبيق للمادة الأولى من القانون رقم 22 لسنة 1922, وألزمت الحكومة بالمصروفات.


[(1)] القضية رقم 85 لسنة 1 القضائية مجموعة السنة الأولى بند 36 صحيفة 301.