مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1958 إلى أخر يناير سنة 1959) - صـ 382

(30)
جلسة 13 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة حسن أبو علم ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

القضية رقم 885 لسنة 3 القضائية

أقدمية - المادة 25 من قانون نظام موظفي الدولة - نصها على أن الأقدمية في الدرجة تكون من تاريخ التعيين فيها وحسابها على أساس الأقدمية في الدرجة السابقة إذا كان التعيين متضمناً ترقية - سبق نقل المدعي والمطعون في ترقيته من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي وبالعكس - لا يخل ذلك بتطبيق المادة 25 المذكورة ما دام الوضع قد استقر بهما أخيراً في الكادر الإداري.
إن المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن "تعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها فإذا اشتمل مرسوم أو أمر جمهوري على تعيين أكثر من موظف في درجة واحدة اعتبرت الأقدمية كما يلي: 1 - إذا كان التعيين متضمناً ترقية اعتبرت الأقدمية على أساس الأقدمية في الدرجة السابقة...". والثابت أن المدعي والمطعون في ترقيته رقيا إلى الدرجة الرابعة الإدارية في تاريخ واحد, كما أن الثابت أنهما رقيا إلى الدرجة الخامسة الإدارية في تاريخ واحد, فلزم - والحالة هذه - الرجوع إلى الأقدمية في الدرجة السابقة أي الدرجة السادسة. وظاهر من الأوراق أن المطعون في ترقيته بعد إذ أرجعت أقدميته في الدرجة السادسة إلى 21/ 11/ 1929 بناء على ضم نصف مدة المحاماة إلى مدة خدمته يعتبر أقدم فيها من المدعي الذي ترجع أقدميته فيها إلى 11/ 11/ 1936 تاريخ تعيينه فيها. ولا يغير من ذلك ما سبق اتخاذه من قرارات سواء في حق المدعي أو في حق المطعون في ترقيته بنقل أيهما من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي وبالعكس, ما دام قد استقر بهما الوضع أخيراً في الكادر الإداري. أما المدعي فنفاذاً للحكم الصادر من القضاء الإداري بإلغاء نقله من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري وبإلغاء هذا القرار يعتبر وكأنه لم يكن وأنه كان وما زال في هذا الكادر, كما أن المطعون في ترقيته وإن كان قد نقل في وقت ما إلى الكادر الكتابي, إلا أنه أعيد بعد ذلك وقبل الترقية المطعون فيها إلى الكادر الإداري؛ وبذلك استقر بهما الوضع قانوناً في هذا الكادر, وأصبح لا مناص - عند تحديد أيهما أقدم في الدرجة المذكورة, وقد رقيا إليها في تاريخ واحد - من تعقب ترقيتهما إلى الدرجات الإدارية السابقة لتحديد أسبقيتهما في الدرجة الأخيرة؛ وذلك نزولاً على حكم المادة 25 المشار إليها. وعلى هذا الأساس يعتبر المطعون في ترقيته أقدم من المدعي؛ لأنهما وإن كانت ترقيتهما إلى الدرجة الخامسة الإدارية تمت اعتباراً من أول مايو سنة 1946, أي في تاريخ واحد, إلا أن المطعون في ترقيته أقدم من الدرجة السادسة.


إجراءات الطعن

في 13 من يوليه سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 885 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") بجلسة 16 من مايو سنة 1957 في الدعوى رقم 9228 لسنة 8 قضائية المقامة من نصيف دميان ضد السكك الحديدية (وزارة المواصلات), القاضي "باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة الإدارية سابقة على أقدمية المطعون في ترقيته, وبإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, وإلزام المدعي المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى السيد مدير مصلحة السكك الحديدية في 16 من أكتوبر سنة 1957, وإلى المدعي في 19 من ذات الشهر, وأودع المدعي مذكرة بدفاعه رداً على أسباب الطعن, أعقبها بمذكرة تكميلية انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات. ولم تقدم الجهة الإدارية مذكرات ما. وفي 6 من يوليه سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 9228 لسنة 8 القضائية ضد مصلحة السكك الحديدية (وزارة المواصلات) أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 18 من يونيه سنة 1954 ذكر فيها أنه رقى إلى الدرجة الخامسة الإدارية بمصلحة السكك الحديدية من أول مايو سنة 1946, ونظراً لكفاءته في عمله فقد صدر قرار في 28 من فبراير سنة 1952 بتعيينه وكيلاً لمراقب الحسابات. وفي 24 من مارس سنة 1952 ندب للقيام بعمل مراقب الحسابات, وهي وظيفة من الدرجة الرابعة الإدارية, وظل قائماً بأعباء هذه الوظيفة, حتى فوجئ في 16 من أبريل سنة 1953 بصدور القرار رقم 48 الذي نص في فقرته الأولى على أن ينقل محمود فهيم الشاغل للدرجة الخامسة بالكادر الكتابي إلى الكادر الإداري اعتباراً من 16/ 4/ 1953, كما نص في فقرته الثانية على أن ينقل المدعي الشاغل للدرجة الخامسة الإدارية إلى الدرجة الخامسة الكتابية التي تخلو عن الفقرة الأولى الخاصة بنقل محمود فهيم من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري, وذلك اعتباراً من نفس التاريخ. وأنه لما كان هذا القرار قد انطوى على مخالفة للقانون وإساءة لاستعمال السلطة؛ إذ أنه في حقيقته عقوبة تأديبية مقنعة, فقد لجأ المدعي إلى اللجنة القضائية لوزارة المواصلات بتظلمه رقم 4073 لسنة 1 قضائية بتاريخ 2 من مايو سنة 1953 طالباً إلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من نقل محمود فهيم من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري, وما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 17 من أغسطس سنة 1953 أصدرت اللجنة قرارها بعدم اختصاصها بنظر التظلم, فأقام المدعي الدعوى رقم 1425 لسنة 8 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري, وفي أثناء نظرها صدر قرار بتاريخ 21 من أبريل سنة 1954 برقم 88 تضمن ترقية محمود فهيم بالأقدمية إلى الدرجة الرابعة الإدارية المخصصة لوظيفة مراقب الحسابات اعتباراً من 22 من أبريل سنة 1954. فطعن المدعي في هذا القرار بالدعوى رقم 9228 لسنة 8 القضائية, واستند في دفاعه إلى مخالفة القرار المطعون فيه للمادة 21 من قانون نظام موظفي الدولة التي تنص على ألا تمنح الدرجة المخصصة للوظيفة إلا لمن يقوم بعملها فعلاً, وأن المدعي هو الذي كان يقوم فعلاً بوظيفة مراقب الحسابات اعتباراً من 24 من مارس سنة 1953, فضلاً عن أن ترتبيه الأول في كشف الأقدمية في الكادر الإداري قبل صدور القرار رقم 48 بتاريخ 16 من أبريل سنة 1953 المطعون فيه في الدعوى رقم 1425 لسنة 8 قضائية المشار إليها. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مصلحة السكة الحديد بتاريخ 11 من أبريل سنة 1954 برقم 88 فيما تضمنه من ترقية محمود فهيم إلى الدرجة الرابعة الإدارية المخصصة لوظيفة مراقب الحسابات, وتخطي المدعي في الترقية إلى هذه الدرجة, وأحقيته لها, مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أجابت المصلحة المدعى عليها بأن المدعي التحق بالخدمة في 11/ 11/ 1936 في الدرجة السادسة, ثم رقى إلى الدرجة الخامسة الإدارية في 1/ 5/ 1946, ولصالح العمل ولوضع كل موظف في الدرجة المخصصة لوظيفته نقل من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي بالقرار رقم 401 الصادر في 20/ 6/ 1950 وبما أن وظيفته بالميزانية هي وكيل مراقب الحسابات وهي وظيفة مدرجة بالكادر الإداري, فتطبيقاً للميزانية نقل من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري في 18/ 7/ 1951, ثم نقل من هذا الكادر إلى الكادر الكتابي بالقرار رقم 48, وذلك طبقاً للسلطة المخولة بالقوانين رقم 42 و87 و132 لسنة 1953 ولصالح العمل. فتظلم المدعي من هذا القرار وقررت اللجنة عدم اختصاصها بنظر تظلمه وأضافت المصلحة أن المطعون في ترقيته يشغل وظيفة وكيل مراقب العقود منذ 15/ 11/ 1952 حتى تاريخ نقله إلى الكادر الإداري, أما المدعي فكان يشغل وظيفة وكيل مراقب الحسابات, ثم ندب للقيام بعمل مساعد مراقب الحسابات المخصص لها الدرجة الرابعة الكتابية بميزانية عام 1954/ 1955. وانتهت المصلحة في مذكرتها إلى أن وظيفة مراقب الحسابات مخصص لها إحدى الدرجتين الثالثة بالكادر الإداري تحت عنوان "مراقبان"، وذلك اعتباراً من ميزانية عام 1954/ 1955 التي رقى في خلالها المدعي إلى الدرجة الرابعة الكتابية. وبجلسة 16 من مايو سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري "باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة الإدارية سابقة على أقدمية المطعون في ترقيته, وبإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أن محكمة القضاء الإداري قضت بجلستها المنعقدة في أول ديسمبر سنة 1955 في القضية رقم 1425 لسنة 8 قضائية المرفوعة من نصيف دميان بإلغاء القرار الصادر في 16 من أبريل سنة 1953 فيما تضمنه من نقل المدعي من الدرجة الخامسة الإدارية إلى الدرجة الخامسة الكتابية وما يترتب على ذلك من آثار. ويبين من كتاب جهة الإدارة رقم 800/ 14 - 84 المؤرخ 20 من فبراير سنة 1957 أنه بعد تنفيذ الحكم المذكور أصبح السيد/ نصيف دميان يشغل الدرجة الرابعة الإدارية في تاريخ واحد مع السيد محمود فهيم كما أنهما يشغلان الدرجة الخامسة في تاريخ واحد أيضاً. واستطرد الحكم يقول إنه وإن كانت أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة تتفق في أقدميتها مع أقدمية المطعون في ترقيته في تلك الدرجة, إلا أن المدعي - على أساس ما تقدم - يعتبر في الدرجة الخامسة الإدارية من تاريخ سابق على نقل المطعون في ترقيته إلى الكادر الإداري في نفس الدرجة؛ إذ المستفاد قانوناً أن النقل من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري يعتبر بمثابة تعيين جديد فيه, وما دام المدعي - على هذا الأساس - يسبق المطعون ضده في ترتيب الأقدمية في الدرجة الخامسة الإدارية على فرض صحة نقل الأخير إليها؛ فمن ثم يعتبر المدعي سابقاً على المطعون ضده في أقدمية الدرجة الرابعة الإدارية كذلك. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 13 من يوليه سنة 1957 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن المادة 25 من قانون التوظف صريحة في اعتبار الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها, أو بمعنى أدق من تاريخ الحصول عليها, وأن المادة 38 من هذا القانون صريحة أيضاً في أن تكون الترقيات إلى درجات الكادر الفني العالي والإداري بالأقدمية في الدرجة؛ وعلى ذلك يكون قانون التوظف إنما يربط الترقية بالأقدمية في الدرجة, وهذا الربط يستبعد أي اعتبار للأقدمية في الكادر ذاته الذي تمت الترقية فيه؛ ومن ثم يكون المدعي والمطعون ضده متساويين في أقدمية الدرجة الخامسة؛ لأن كلاً منهما حصل عليها في 1/ 5/ 1946, بغض النظر عن أن الأول حصل عليها في الكادر الإداري أما الثاني فقد حصل عليها في الكادر الكتابي ولم ينقل إلى الكادر الإداري إلا في 16/ 4/ 1953, وبالتالي يتعين الرجوع إلى الأقدمية في الدرجة السابقة عليها؛ وتفريعاً على ذلك يكون المدعي - وترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 1/ 11/ 1936 بينما أن أقدمية المطعون ضده ترجع فيها إلى 21/ 11/ 1929 - تالياً في ترتيب الأقدمية للمطعون ضده, سواء في الدرجة السادسة أم الخامسة", ويكون الحكم إذ اعتبر العكس إنما جاء قضاؤه مجانياً للقانون. وأنه لو تمشينا مع الحكم واعتبرنا أن الأقدمية في الدرجة هي بتاريخ الحصول عليها في الكادر العالي لأن النقل إليه بمثابة تعيين فيه, فتحسب الدرجة من تاريخ هذا التعيين, لترتب على ذلك عدم شرعية قرار ترقية المطعون ضده إلى الدرجة الرابعة الإدارية لعدم قضائه في الدرجة الخامسة الإدارية الحد الأدنى المقرر, وهو ثلاث سنوات, وهي نتيجة لا يمكن إقرارها, فضلاً عن توافر شروط ضم مدة الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة الخامسة المقررة للوظيفة المنقول إليها المطعون ضده في 16/ 4/ 1953؛ وعلى ذلك فلا يعتبر النقل في حكم قواعد ضم مدد الخدمة السابقة بمثابة تعيين مبتدأ في الوظيفة المنقول إليها؛ وبذلك يكون المطعون ضده هو الأسبق في ترتيب أقدمية الدرجة الرابعة؛ لأنه وإن تساوى في الحصول عليها وفي أقدمية الدرجة الخامسة مع المدعي, إلا أنه يسبقه في أقدميته الدرجة السادسة. وإذ ذهب الحكم مذهباً آخر يكون قد خالف القانون, ويتعين الطعن فيه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن المدعي التحق بخدمة مصلحة السكك الحديدية في 11/ 11/ 1936 في الدرجة السادسة, ثم رقى إلى الدرجة الخامسة الإدارية في 1/ 5/ 1946, ثم نقل إلى الدرجة الخامسة الكتابية في 20/ 6/ 1950. وفي 18/ 7/ 1951 نقل من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري تطبيقاً للميزانية, ثم أعيد نقله من هذا الكادر إلى الكادر الكتابي بمقتضى القرار رقم 48 اعتباراً من 16/ 4/ 1953؛ وذلك طبقاً للسلطة المخولة بالقوانين رقم 42 و87 و132 لسنة 1953. فتظلم المدعي من هذا القرار وأقام الدعوى رقم 1425 لسنة 8 قضائية. فقضت محكمة القضاء الإداري في 1/ 12/ 1955 بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من نقل المدعي من الدرجة الخامسة الإدارية إلى الدرجة الخامسة الكتابية, وما يترتب على ذلك من آثار. وأثناء نظر تلك الدعوى صدر القرار المطعون فيه برقم 88 بتاريخ 21 من أبريل سنة 1954 تضمن ترقية محمود فهيم بالأقدمية إلى الدرجة الرابعة الإدارية ثم, صدر قرار رقم 111 يقضي بترقية المدعي إلى الدرجة الرابعة الإدارية اعتباراً من 12/ 4/ 1954, تاريخ ترقية المطعون في ترقيته إلى نفس الدرجة. كما أنه يبين من الأوراق أن المطعون في ترقيته وهو حاصل على ليسانس الحقوق عام 1924 قد عين بمصلحة السكة الحديد بالدرجة الخاصة (72 - 96) في 19 من فبراير سنة 1935. وفي 19 من يونيه من نفس السنة عين في الدرجة الثامنة اعتباراً من أول يونيه بمرتب عشرة جنيهات شهرياً, ثم رقى إلى الدرجة السابعة في أول سبتمبر سنة 1942, وفي 2/ 10/ 1944 اعتبر في الدرجة السادسة من تاريخ دخوله الخدمة ثم عدلت أقدميته فيها فأصبحت راجعة إلى 21/ 11/ 1929, وذلك بضم نصف مدة المحاماة, ثم رقى تنسيقاً وحصل على الدرجة الخامسة الإدارية في 1/ 5/ 1946 ثم صدر قرار من الإدارة العامة بتاريخ 8 من فبراير سنة 1949 بنقله إلى الكادر الكتابي تنفيذاً للميزانية. وفي 16/ 4/ 1953 صدر القرار رقم 48 بنقل المطعون في ترقيته والشاغل للدرجة الخامسة بالكادر الكتابي إلى الدرجة الخامسة بالكادر الإداري وبنقل المدعي من الدرجة الخامسة الإدارية إلى الدرجة الخامسة الكتابية, فطعن فيه المدعي, وألغي القرار فيما تضمنه من نقل المدعي من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي وما يترتب على ذلك من آثار. ثم صدر القرار المطعون فيه رقم 88 بتاريخ 29/ 4/ 1954 بترقية السيد/ محمود فهيم بالأقدمية إلى الدرجة الرابعة الإدارية المخصصة لوظيفة مراقب الحسابات.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مثار النزاع في الدعوى انحصر في تحديد ترتيب أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة الإدارية, وهل هي سابقة على أقدمية المطعون عليه فيها أم لاحقة لها, وذلك بعد إذ رقى المدعي إلى الدرجة الرابعة وأرجعت أقدميته فيها إلى 12/ 4/ 1954 تاريخ ترقية المطعون فيه إليها.
ومن حيث إن المادة 25 من قانون نظام موظفي الدولة تنص على أن "تعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها، فإذا اشتمل مرسوم أو أمر جمهوري أو قرار على تعيين أكثر من موظف في درجة واحدة اعتبرت الأقدمية كما يلي: 1 - إذا كان التعيين متضمناً ترقية اعتبرت الأقدمية على أساس الأقدمية في الدرجة السابقة...". والثابت أن المدعي والمطعون في ترقيته رقيا إلى الدرجة الرابعة الإدارية في تاريخ واحد هو 12/ 4/ 1954، كما أن الثابت أنهما رقيا إلى الدرجة الخامسة الإدارية في تاريخ واحد كذلك هو 1/ 5/ 1946؛ فلزم - والحالة هذه - الرجوع إلى الأقدمية في الدرجة السابقة، أي الدرجة السادسة. وظاهر من الأوراق أن محمود فهيم المطعون في ترقيته - بعد إذ أرجعت أقدميته في الدرجة السادسة إلى 21/ 11/ 1929 بناء على ضم نصف مدة المحاماة إلى مدة خدمته - يعتبر أقدم فيها من المدعي الذي ترجع أقدميته فيها من 11/ 11/ 1936 تاريخ تعيينه فيها, ولا يغير من ذلك ما سبق اتخاذه من قرارات، سواء في حق المدعي أو في حق المطعون في ترقيته بنقل أيهما من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي وبالعكس, ما دام قد استقر بهما الوضع أخيراً في الكادر الإداري, أما المدعي فنفاذاً للحكم الصادر من القضاء الإداري بإلغاء نقله من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي وبإلغاء هذا القرار يعتبر وكأنه لم يكن، وأنه كان وما زال في هذا الكادر, كما أن المطعون في ترقيته وإن كان قد نقل في وقت ما إلى الكادر الكتابي إلا أنه أعيد بعد ذلك وقبل الترقية المطعون فيها إلى الكادر الإداري؛ وبذلك استقر بهما الوضع قانوناً في هذا الكادر, وأصبح لا مناص - عند تحديد أيهما أقدم في الدرجة المذكورة وقد رقيا إليها في تاريخ واحد - من تعقب ترقيتهما إلى الدرجات الإدارية السابقة لتحديد أسبقيتهما في الدرجة الأخيرة؛ وذلك نزولاً على حكم المادة 25 المشار إليها. وعلى هذا الأساس يعتبر المطعون في ترقيته أقدم من المدعي، لأنهما وإن كانت ترقيتهما إلى الدرجة الخامسة الإدارية تمت اعتباراً من أول مايو سنة 1946, أي في تاريخ واحد, إلا أن المطعون في ترقيته أقدم من الدرجة السادسة, حسبما سلف إيضاحه. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون, ويتعين إلغاؤه, والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.