مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1993 إلى آخر سبتمبر سنة 1993) - صـ 742

(79)
جلسة 7 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

الطعن رقم 799 لسنة 35 القضائية

( أ ) دعوى - الحكم في الدعوى - أسباب الحكم.
المواد 3, 176, 178 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
تلتزم المحكمة التي تصدر الحكم بأن تضمن أسبابها على نحو سليم الأسس والواقعية والقانونية التي تستند إليها فيما انتهت إليه في منطوق حكمها بحيث يكفي عقلاً ومنطقاً ما أوردته من أسباب لإيضاح سندها الواقعي والقانوني فيما قضت به - تطبيق.
(ب) قرار إداري - سحبه - ميعاد السحب - تحصن القرار الإداري.
لا يجوز لجهة الإدارة سحب القرار المخالف للقانون الذي أصدرته في حدود متى ترتب على هذا القرار مركز قانوني للغير وذلك إذا مضت المواعيد المقررة للطعن فيه قضاء أمام محاكم مجلس الدولة بالإلغاء - يشترط لذلك أن يثبت أن القرار لم يصدر بناء على غش أو تدليس أو أن القرار لم يكن قد شابته مخالفة جسيمة لأحكام الدستور أو القانون تهوى به إلى حد الانعدام وتحتم إعلاء للشرعية وسيادة القانون عدم تحصينها أي مركز قانوني بناء عليه - تطبيق.
(جـ) جامعات - الانتساب إلى الكليات النظرية - شروطه.
المادة 19 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، المادتين 6, 88 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972.
يشترط في طالب الانتساب أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها وذلك في السنة التي ينتسب منها إلى إحدى الكليات النظرية - يجوز لمن حصل على درجة البكالوريوس أو الليسانس أو غيرها من المؤهلات العالية الانتساب إلى الكليات المذكورة - للمجلس الأعلى للجامعات بعد أخذ رأي مجالس الجامعات ومجالس الكليات المختصة تحديد الأعداد التي يتم قبولها بكل كلية - الشرط الجوهري اللازم توافره فيمن يتقدم طالباً الانتساب إلى إحدى الكليات النظرية هو ضرورية أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها أو أن يكون حاصلاً على درجة الليسانس أو البكالوريوس أو غيرها من المؤهلات العالية - نتيجة ذلك: إذا تبين أن طالب الانتساب كان فاقداً لشرط المؤهل أساساً امتنع قبوله قانوناً وإذا تبين أن قراراً صدر بقبول مثل هذا الطالب كان القرار معدوماً ولا ينتج أي أثر قانوني لمخالفته الجسيمة للقانون - تقدير ما إذا كانت شهادة ما تعتبر مؤهلاً عالياً من عدمه هو أمر يدخل وفقاً لقانون الجامعات ولائحته التنفيذية في اختصاص المجلس الأعلى للجامعات وحده ولا يملك القضاء الإداري الحلول محله وغصب اختصاصه كما لا يملك استئناف النظر بالموازنة أو الترجيح فيما قررته القرارات الصادرة من المجلس المشار إليه في هذا الصدد طالما أنها صدرت وفقاً للإجراءات والأوضاع المرسومة لها قانوناً - شهادة أجازة الدراسات البريدية العالية "لا تعتبر مؤهلاً عالياً يجوز الانتساب بمقتضاه إلى الكليات التي حددتها المادة (88) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 10 من فبراير 1989 أودع الأستاذ/ محمد صبري الخلوصي المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس جامعة الزقازيق قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 4/ 1/ 1989 في الدعوى رقم 1450 لسنة 10 ق المقامة من المطعون ضدهم. والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليه الأول بالمصروفات. وطلب الطاعن - في ختام تقرير الطعن - وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بإلغاء الحكم المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وأودع السيد الأستاذ المستشار/ علي رضا مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي ارتأى فيه للأسباب التي أوردها بالتقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد تحددت جلسة 15/ 5/ 1989 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي تداولت نظر الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/ 7/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي عينت جلسة 4/ 10/ 1992 لنظره أمامها، وقدم الحاضر عن المطعون ضدهم مذكرة أوضح فيها أن قرار قبول وقيد المطعون ضدهم صدر في شهر سبتمبر 1987 واكتسب حصانه تعصمه من السحب أو الإلغاء، ومن ناحية أخرى فإنه لا صحة لما ذهبت إليه الجامعة من أن مؤهل المطعون ضدهم ليس مؤهلاً عالياً بمقولة أنه غير مسبوق بالثانوية العامة ذلك لأنهم حاصلين على مؤهل متوسط يعادل الثانوية العامة. خاصة وأنه تم قبولهم وقيدهم بالكلية فعلاً وتدرجوا في سنوات الدراسة وحصل بعضهم على الليسانس، وبعد أن تداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات قررت بجلسة 22/ 11/ 1992 إصدار الحكم بجلسة 3/ 1/ 1993 مع مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، وخلال الميعاد قدمت جامعة الزقازيق مذكرة أوضحت فيها أنها قبلت قيد كل من هو حاصل على مؤهل المطعون ضدهم وفي ذات الوقت حصلوا على مؤهل الثانوية العامة وليس أحد الدبلومات الفنية كالمطعون ضدهم وذلك إعمالاً لنص المواد 74, 75, 88 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، وأضافت الجامعة أن قرار قبول انتساب المطعون ضدهم بكلية الحقوق بجامعة الزقازيق لم يكتسب حصانة لأنه مشوب بعيب جسيم ينحدر به إلى درجة الانعدام، ذلك أنهم حاصلين على إجازة الدراسات البريدية من المعهد العالي العربي للبريد وهي شهادة لا تعادل أي شهادة جامعية.
وقدم المطعون ضدهم - خلال الأجل - مذكرة طويت على صور ضوئية من كشوف نتيجة الدور الثاني بالفرقة الرابعة انتساب بكلية الحقوق تفيد نجاح عطا حسين عطا ومحمد فوزي فتحي عبد المقصود بتقدير عام مقبول وهما من بين المطعون ضدهم. وبجلسة 3/ 1/ 1993 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 7/ 3/ 1993 لإتمام المداولة. وفي هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة. وإتمام المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدهم كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 1450 لسنة 10 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة وطلبوا في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأحقيتهم في دخول الامتحان الدور الأول وما يترتب على ذلك من أثار وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وأحقيتهم في استمرار انتسابهم بالكلية. واحتياطياً الحكم بتعويضهم عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهم.
وقالوا شرحاً لدعواهم إن كلية الحقوق بجامعة الزقازيق أعلنت عن قبول طلبات الانتساب العام الدراسي 87/ 1988، وقدم المدعون طلباتهم مرفقاً بها الشهادات الدراسية التي حصلوا عليها، وتم قيدهم مفتشين بالفرقة الأولى بالكلية وحصلوا على البطاقات الدالة على ذلك بعد سداد الرسوم المقررة.
وأضاف المدعون أنهم فوجئوا في أول أيام الامتحان - 7/ 5/ 1988 - بمنعهم من دخول الامتحان بزعم عدم استيفائهم لاشتراطات القبول من حيث المؤهل في الوقت الذي سمحت فيه الكلية لزملائهم حصلوا على ذات مؤهلهم بدخول الامتحان، ولما تظلموا من ذلك أفادهم عميد الكلية أن المجلس الأعلى للجامعات لم يعتمد المؤهل الذي حصلوا عليه. ونعى المدعون على قرار منعهم من دخول الامتحان صدوره مشوباً بعيب مخالفة القانون، لأن قبولهم كطلاب مفتشين أنشأ لهم مركزاً ذاتياً لا يجوز المساس به لأنه نشأ لهم صحيحاً ووفقاً لأحكام اللائحة المنظمة لذلك ومضى عليه أكثر من ستين يوماً.
وبجلسة 4/ 1/ 1989 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً وبصفه مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وأقامت المحكمة قضاءها على أن المادة 88 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات نصت على أنه يتعين لقبول الطالب منتسباً أن يكون حاصلاً على درجة الليسانس أو درجة البكالوريوس أو غيرها من المؤهلات العالية، وأضافت المحكمة أن قضاء مجلس الدولة استقر على أن المؤهل يعتبر عالياً إذا كان الحصول عليه يتم بعد دراسة أربع سنوات بعد الحصول على المؤهل المتوسط، ولما كان المؤهل الذي حصل المدعون عليه هو إجازة الدراسات البريدية العالية يمنح بعد دراسة قدرها أربع سنوات مسبوقة بالحصول على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة أو ما يعادلها من مؤهلات كدبلوم المدارس الثانوية التجارية، أو الصناعية, أو الزراعية فمن ثم فلا مانع حسبما ذكرت محكمة أول درجة في حكمها المطعون فيه من اعتبار هذا المؤهل مؤهلاً عالياً ولا يحول دون اعتباره كذلك أنه لا يعادل بكالوريوس التجارة شعبة البريد لأن معادلة مؤهل لمؤهل آخر شيء واعتباره في حد ذاته مؤهلاً عالياً شيء أخر. وخلصت المحكمة إلى أن مؤهل المدعين يعتبر "مؤهلاً عالياً" ويجوز لهم الانتساب إلى كلية الحقوق.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال، ذلك لأن القرار المطعون فيه جاء بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للجامعات فيما إذا كان المؤهل الذي حصل عليه المطعون ضدهم وهو إجازة الدراسات البريدية العالية "يعادل" "بكالوريوس التجارة شعبة بريد" من عدمه وأفاد المجلس الأعلى بعدم المعادلة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه حين اعتبر مؤهل المطعون ضدهم مؤهلاً عالياً يكون قد صدر مخالفاً لحكم القانون. ومن ناحية أخرى فقد شاب الحكم المطعون فيه قصور في التسبيب، إذ لم يبين الأسانيد التي استند عليها في اعتبار مؤهل المدعين مؤهلاً عالياً خاصة وإن ثمة كتاباً من المعهد العربي للبريد. الذي حصل المدعون على إجازته - يوضح عدم الاعتراف بالإجازة التي يمنحها المعهد كمؤهل عالٍ في مصر.
من حيث إن المادة (49) من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تقتضي بأن "لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ يتعذر تداركها.. إلخ".
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن طلب وقف تنفيذ القرار الإداري يتعين أن يقدم مع طلب إلغائه وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن ولاية إلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقانون بصفة عامة تتولاها محاكم مجلس الدولة كل في حدود اختصاصها وولايتها باعتبارها رقابة مشروعية تحاكم بها تلك المحاكم القرار الإداري المطعون فيه وتزنه بميزان القانون لتقضي إما بإلغائه إعلاء لسيادة الدستور والقانون وتحقيقاً للشرعية أو برفض هذا الإلغاء إذا كان القرار قد صدر سليماً مطابقاً للقانون ومبرءاً من العيوب وهذه الرقابة للمشروعية رقابة لاحقة لتصرفات الإدارة وقراراتها وليس مباشرة لإدارة المرافق العامة التي تتحمل الإدارة العاملة وحدها المسئولين عنها دستورياً وقانونياً وإدارياً وتحت مسئولية السلطات الرئاسية المختصة السياسية والتأديبية والجنائية والمدنية بمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري تجد ولايته ومسئوليته حدها الطبيعي والدستوري والقانوني في رقابة المشروعية تحقيقاً لسيادة القانون والمشروعية في تصرفات الإدارة وقراراتها ولا تتعدى ذلك إلى الحلول محل السلطة الإدارية المختصة في مباشرة اختصاصها وعملها التنفيذي والمنازعة المتعلقة بوقف التنفيذ منازعة مستعجلة هدفها تدارك ما قد يكون للقرار المطعون عليه بالإلغاء من آثار لو تحققت بناء عليه فعلاً في الواقع لتعذر تداركها، ويتعين للحكم بوقف التنفيذ أن يتوافر شرط الجدية في الطلب بحيث يكون القرار المطلوب وقف تنفيذه بحسب ظاهر أوراق الدعوى غير مشروع وواضح المخالفة للدستور أو القانون وظاهر رجحان القضاء بإلغائه عند نظر طلب الإلغاء وتحقيق وقف التنفيذ إعلاء المشروعية وسيادة القانون على مقتضيات طبيعية القرار الإداري تحتم نفاذه وتحقيق آثاره بحسب القواعد العامة بمجرد صدوره بالإدارة المنفردة للسلطة الإدارية المختصة، كما يتعين لذلك أن يثبت بحسب ظاهر الأوراق أن محل القرار الإداري إذا ما تم تنفيذه فعلاً يرتب آثاراً يكون من المتعذر تداركها وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل هذا التنفيذ لتلك الآثار في حالة ما إذا قضت إحدى محاكم مجلس الدولة بإلغائه لعدم مشروعيته ومخالفته للقانون بعد هذا التنفيذ للقرار غير المشروع وتقوم محاكم مجلس الدولة المختصة بمباشرة ولايتها في وقف تنفيذ وإلغاء القرارات الإدارية التي تطعن فيها أمامها في حدود اختصاصها تحت رقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه طبقاً لصريح نص المادة (3) من قانون تنظيم مجلس الدولة سالفة الذكر فإن على محاكم مجلس الدولة أن تطبق الإجراءات الواردة في نصوصه وأن تلتزم بأحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وفيما لا يتعارض مع طبيعة المنازعات الإدارية وذلك حتى يصدر القانون الخاص بالقسم القضائي. ولما كانت المادة (176) من القانون المذكور تحتم أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي ثبتت عليها وإلا كانت باطلة - كما أوجبت المادة (178) من بين ما أوجبت أن تكون أسباب الحكم غير مشوبة بالقصور في عرض الواقع أو حكم القانون وإلا وقع الحكم باطلاً، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على ضرورة أن تلتزم المحكمة التي تصدر الحكم بأن تضمن أسبابها على نحو سليم الأسس الواقعية والقانونية التي تستند إليها فيما انتهت إليه في منطوق حكمها بحيث يكفي عقلاً ومنطقاً ما أوردته من أسباب لإيضاح سندها الواقعي والقانوني فيما قضت به.
ومن حيث إنه بادئ ذي بدء فإن المادة السادسة من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 تنص على أن "يشكل المجلس الأعلى للجامعات لجنة لمعادلة الدرجات العلمية تتولى بحث الدرجات الجامعية والدبلومات التي تمنحها الجامعات والمعاهد الأجنبية أو غيرها في مستويات الدراسة المختلفة ومعادلتها بالدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات في جمهورية مصر العربية وتعتمد توصيات هذه اللجنة من المجلس الأعلى للجامعات".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن لجنة المعادلات المشكلة من المجلس الأعلى للجامعات وافقت بجلستها المنعقدة في 18/ 7/ 1984 على رأي لجنة قطاع الدراسات التجارية بعدم معادلة إجازة الدراسات البريدية العالية من المعهد العالي العربي للبريد - وهي ذات الإجازة التي حصل عليها المطعون ضدهم ومن ذات المعهد - بدرجة بكالوريوس التجارة (شعبة البريد) التي تمنحها جامعة حلوان من كليات التجارة وإدارة الأعمال. كما يبين من كتاب الأمانة العامة للمعهد العالي العربي للبريد الموجه إلى كلية الحقوق بجامعة الزقازيق في 13/ 4/ 1988 أن "جمهورية مصر العربية (الإدارة العامة للمعادلات التابعة للمجلس الأعلى للجامعات) لم توافق حتى الآن على اعتبار شهادة إجازة الدراسات البريدية العالية الممنوحة من المعهد العالي العربي للبريد بعد دراسة أربع سنوات بعد الثانوية العامة أو يعادلها مؤهلاً عالياً......... وأنه يتم متابعة هذا الموضوع مع جامعة حلوان........ مع المجلس الأعلى للجامعات (الإدارة العامة للمعادلات) بشأن إعادة تقييم هذا المؤهل باعتباره مؤهلاً عالياً....."
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الشهادة التي حصل المطعون ضدهم عليها "إجازة الدراسات البريدية العالية" لا تعتبر مؤهلاً عالياً يجوز الانتساب بمقتضاه إلى الكليات التي حددتها المادة (88) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات وأن الحكم المطعون فيه وقد نحى غير هذا المنحى بأن اعتبر الشهادة المشار إليها مؤهلاً عالياً دون أن يتضمن الأسباب التي تؤدي عقلاً ومنطقاً إلى النتيجة التي توصل إليها في منطوقه حيث أهدر النظام القانوني الذي يتم بناء عليه التعادل، وأهدر تماماً القاعدة القانونية التنظيمية الصادرة عن المجلس الأعلى للجامعات وهي السلطة الإدارية والعلمية المختصة بإجراء التعادل والذي رفض فيه المجلس في 18/ 7/ 1984 تعادل مؤهل المطعون ضدهم بمؤهل عال واغفل التعرض في أسبابه للسند القانوني لما ذهب إليه من إغفال وإهدار للقواعد القانونية سالفة الذكر. ومن ثم يكون هذا الحكم قد صدر مشوباً بالقصور الشديد في التسبيب ويعيبه كبطلان لما انطوى عليه من الخطأ الجسيم في تطبيق القانون، ذلك أن تقدير ما إذا كانت شهادة ما تعتبر مؤهلاً عالياً من عدمه هو أمر يدخل - وفقاً لقانون الجامعات ولائحته التنفيذية - في اختصاص المجلس الأعلى للجامعات وحده ولا يملك القضاء الإداري الحلول محله وعقب اختصاصه كما لا يملك استئناف النظر بالموازنة أو الترجيح فيما قررته القرارات الصادرة من المجلس المشار إليه في هذا الصدد طالما أنها صدرت وفقاً للإجراءات والأوضاع المرسومة لها قانوناً وهو ما عليه الحال الماثل وفقاً للثابت من الأوراق ومن ثم فإن الحكم سالف الذكر إذ صدر باطلاً لما شابه من مخالفة جسيمة للقانون فإنه يكون متعين الإلغاء.
ومن حيث إنه ولئن كان ما تقدم إلا أنه ومن وجه أخر فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه لا يجوز لجهة الإدارة سحب القرار المخالف للقانون الذي أصدرته في حدود اختصاصها متى ترتب على هذا القرار مركز قانوني للغير وذلك إذا مضت المواعيد المقررة للطعن فيه قضاء أمام محاكم مجلس الدولة بالإلغاء ويشترط أن يثبت أن القرار لم يصدر بناء على غش أو تدليس أو أن القرار قد شابه مخالفة جسيمة لأحكام الدستور أو القانون تهوى به إلى حد الانعدام وتحتم إعلاء للشرعية بسيادة القانون عدم تحصينها أي مركز قانوني بناء عليه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم - وجميعهم حاصلين على إجازة المعهد العالي للدراسات البريدية وهي شهادة يمنحها المعهد العالي للدراسات البريدية بعد دراسة مدتها أربع سنوات وقد يتم التحاقهم بالمعهد بعد الحصول على شهادة إتمام الدراسة الثانوية أو ما يعادلها - قد تقدموا بطلبات إلى عميد كلية الحقوق بجامعة الزقازيق طلبوا فيها الموافقة على قبولهم ضمن طلاب السنة الأولى - انتساب - بالكلية في العام الجامعي 87/ 1988 وقد أرفقوا بطلباتهم المؤهل الذي حصلوا عليه (إجازة الدراسات البريدية العالية)، وأرفق البعض منهم - بالإضافة لما تقدم موافقة جهة العمل وشهادة الميلاد وشهادة تأدية الخدمة العسكرية وشهادة أخرى تفيد أن الدراسة بالمعهد أربع سنوات بعد الثانوية العامة وقد تأشر على سائر تلك الطلبات بالأتي: "شئون طلاب ونوافق" وعلى أثر ذلك سدد المطعون ضدهم الرسوم الدراسية وحصلوا على البطاقات الدالة على ذلك وانتظموا في الدراسة كطلاب منتسبين.
ومن حيث إن المادة (88) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات نصت على أنه "يجوز الانتساب إلى كلية الآداب والحقوق والتجارة، وغيرها من الكليات التي يحددها المجلس الأعلى للجامعات وذلك لنيل درجة الليسانس أو البكالوريوس على حسب الأحوال ويشترط في طالب الانتساب:
1 - أن يكون محمود السيرة حسن السمعة 2 - أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها وذلك في السنة التي ينتسب فيها إلى إحدى الكليات المذكورة.... ويجوز للحاصلين على درجة الليسانس أو البكالوريوس أو غيرها من المؤهلات العالية الانتساب إلى الكليات المذكورة.
ومن حيث إنه يبين من نص المادة (88) من اللائحة التنفيذية المشار إليها أنه يشترط في طالب الانتساب أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها وذلك في السنة التي ينتسب منها إلى إحدى الكليات المذكورة، كما يجوز لمن حصل على درجة البكالوريوس أو الليسانس أو غيرها من المؤهلات العالية الانتساب إلى الكليات المذكورة أيضاً، وأن اللائحة التنفيذية لمن - في كلا الحالين - بالمجلس الأعلى للجامعات - بعد أخذ رأي مجالس الجامعات ومجالس الكليات المختصة - تحديد الأعداد التي يتم قبولها بكل كلية، وهو أمر بديهي يتفق مع ما حدده القانون رقم 49 لسنة 1972 من اختصاصات للمجلس الأعلى للجامعات من بينها البند سادساً من المادة 19 "تنظيم قبول الطلاب في الجامعات وتحديد أعدادهم".
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن الشرط الجوهري اللازم توافره فيمن يتقدم طالباً الانتساب إلى إحدى الكليات النظرية هو ضرورة أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها أو أن يكون حاصلاً على درجة الليسانس أو البكالوريوس أو غيرها من المؤهلات العالية، ومن ثم إذا تبين أن طالب الانتساب كان فاقداً لشرط المؤهل أساساً امتنع قبوله قانوناً أو إذا تبين أن قراراً صدر بقبول مثل هذا الطالب، كان القرار معدوماً ولا ينتج أي أثر قانوني لمخالفته الجسيمة للقانون.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع النزاع الماثل فالثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم وأن لم يتوافر في حقهم على نحو سالف البيان شرط الحصول على "المؤهل العالي" الذي يجيز لهم الانتساب إلى كلية الحقوق جامعة الزقازيق، إلا أنهم جميعاً قد حصلوا على مؤهل "الثانوية العامة" أو ما يعادلها - وهو - ما لم تدحضه الجهة الإدارية - ولما كان هذا المؤهل يجيز لحامله الانتساب إلى إحدى الكليات النظرية ومن بينها - كلية الحقوق، الأمر الذي يجعل قبول المطعون ضدهم كطلاب منتسبين بالنظر إلى حصولهم على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها مما يوفر في حقهم شرطاً جوهرياً الذي من شأنه أن يجعلهم صالحين لقبولهم طلاباً منتسبين على هذا الأساس.
ومن حيث إن اللائحة التنفيذية جعلت مناط قبول الطالب الحاصل على الثانوية العامة أو ما يعادلها كطالب منتسب هو حصوله على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها في السنة التي ينتسب فيها وهو الشرط الغير متوافر في حالة المطعون ضدهم حيث تم قبولهم دون التقيد بهذا الشرط ولما كان اشتراط الحصول على المؤهل في ذات السنة التي يتم طلب الانتساب فيها هو أمر يتعلق تحديده بسلطة المجلس الأعلى للجامعات - وفقاً - لافتراضات مجالس الجامعات، وبعد أخذ رأي مجالس الكليات المختصة - في تحديد أعداد المقبولين بالكليات المختلفة كطلاب منتسبين، ويتغير هذا التقدير من عام جامعي إلى عام آخر وفقاً للإمكانيات المتاحة للجامعات وللسياسة التي يضعها المجلس الأعلى للجامعات مما يجعل مخالفة شرط ضرورة الحصول على المؤهل في ذات السنة التي يتم فيها الانتساب إلى الكلية، مخالفة عادية لصحيح أحكام القانون ويصححها فوات المواعيد المقررة للطعن بالإلغاء على القرار دون أن تسحب الجهة الإدارية المختصة القرار الخاطئ الذي انطوى على تلك المخالفة للقانون.
ومن حيث إن ذلك هو ما تحقق في الحالة الماثلة للمطعون ضدهم.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم شرحه إلى أن الثابت من الأوراق أن قبول المطعون ضدهم كطلاب منتسبين بكلية الحقوق جامعة الزقازيق في العام الجامعي سنة 1988 قد تم بناء على ما أعلنته جامعة الزقازيق في العام الجامعي المذكور، ولم تستظهر الجهة الإدارية أن غشاً أو تزويراً شاب إجراءات تقديم طلبات الانتساب بل أيد حالة المطعون ضدهم - وخاصة من حيث المؤهلات التي حصلوا عليها قد كانت تحت نظر الكلية المختصة عند إتمام إجراءات قيد المطعون ضدهم طلبة منتسبين ولما كان الثابت حسبما سلف البيان أنه زعم أن قبولهم كان يقوم على أساس حصولهم على مؤهل عال إلا أنهم حاصلون في ذات الوقت على مؤهل الثانوية العامة الذي يجيز أيضاً القبول كطلاب منتسبين وفقاً للائحة الجامعات وبالتالي فإنه رغم أنه قد أصدرت الجهة الإدارية قراراً بحرمان المطعون ضدهم من الامتحان لعدم حصولهم على مؤهل عال فإن جعلها قرار قيدهم لهذا السبب كان دون امتداد لحصولهم على الثانوية العامة على النحو سالف البيان الذي يجيز الاستناد إليه لقيدهم يضاف إلى ذلك أنه يفيد صدور الحكم المطعون فيه - فقد تدرج البعض منهم في الدراسة حتى وصل إلى الفرقة الثالثة بالكلية والبعض الآخر قد نجح بالفعل في امتحان الليسانس دور نوفمبر 91/ 1992 وفق الثابت من الأوراق ولما كان المركز القانوني للطاعنين يكون قد استقر بقبول قيدهم مع مخالفة قبولهم على أساس حصولهم على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها بالمخالفة للائحة بشأن السنة التي حصلوا فيها على المؤهل وهي مخالفة ليست جسيمة للشرعية أو خروجاً شديداً على سيادة القانون ومن ثم فإنه يتعين الاعتداد باستقرار هذا القيد للطاعنين عقب انقضاء ميزة الطعن في القرار وذلك طالما لم تلحق به مخالفة جسيمة للدستور أو للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني وتنزل به إلى حد عقب السلطة أو هاوية الانعدام، وما دام أن ذلك التصرف لم يكن وليد غش أو تدليس.
ومن حيث إن المحكمة تخلص من كل ما تقدم إنها ولئن كانت تطرح جانباً الأسباب التي بني الحكم المطعون فيه قضائه عليها وتقضي بإلغائه لبطلانه ومخالفته الجسيمة للقانون إلا أنها تخلص إلى ذات النتيجة التي انتهى إليها الحكم المذكور في منطوقه للأسباب سالفة البيان.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب وألزمت جامعة الزقازيق المصروفات.