مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1993 إلى آخر سبتمبر سنة 1993) - صـ 762

(81)
جلسة 7 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وادوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

الطعن رقم 2005 لسنة 39 القضائية

مجلس الشعب - شروط الترشيح للعضوية - شرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها.
القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب معدلاً بالقانون رقم 201 لسنة 1990 - المادة الثانية من القانون رقم 73 لسنة 1956 بشأن مباشرة الحقوق السياسية.
لا يسوغ القول بأن من يتخلف عن أداء الخدمة العسكرية يحرم بصفة دائمة من مباشرة حقوقه السياسية - الجرائم التي أوردها المشرع كأسباب لافتقاد المرشح شرطاً من شروط الترشيح هي جرائم أشد خطورة من التخلف عن أداء الخدمة العسكرية ومع ذلك لا يؤدي ارتكابها إلى الحرمان المؤبد من الترشيح بل يحرم بصفة مؤقتة ويعود إليه الحق في الترشيح بعد انقضاء فترة زمنية محددة أو إذا رد إليه اعتباره - التخلف عن أداء الخدمة العسكرية جنحة لا يجوز أن تضع مرتكبها في مركز أسوأ ممن ارتكب جرائم أشد جسامة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 27/ 3/ 1993 أودع الأستاذ السيد/ محمد إبراهيم العزازي المحامي وبصفته وكيلاً عن الطاعن، تقرير طعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا قيد برقم 2005 لسنة 39 ق. عليا، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة أسيوط في الدعوى رقم 812 لسنة 4 ق بجلسة 20/ 3/ 1993. والقاضي بقبول طلب أمين محمد عيسى وبقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت جهة الإدارة المصروفات، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته ودون إعلان وبإحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وبجلسة 28/ 3/ 1993، نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث أصدرت قرارها بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. وقررت إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بهذه المحكمة لنظره.
وقدم السيد/ صبري أحمد محمود عبد العال بتاريخ 29/ 3/ 1990. طلب لتحديد جلسة عاجلة لنظر الشق العاجل من الطعن أمام دائرة الموضوع، واحتياطياً الأمر بإرجاء ووقف تنفيذ قرار دائرة فحص الطعون بجلسة 28/ 3/ 1993 القاضي بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، واعتبار الطلب إشكالاً في التنفيذ وقد تحدد لنظر الطعن بدائرة الموضوع جلسة عاجلة الساعة م 29/ 3/ 1993 بمراعاة أن موعد الانتخابات محل الترشيح المطعون فيه قد تحدد له 30/ 3/ 1993.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحضر جلستها بتاريخ 29/ 3/ 1993 حيث قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى إجراءات قبوله الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتلخص حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده صبري أحمد محمود عبد العال قد أقام الدعوى رقم 812 لسنة 4 ق. أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط بتاريخ 13/ 3/ 1993، وطلب في ختامها الحكم أولاً: بقبول الدعوى شكلاً ثانياً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من لجنة طعون قنا بتاريخ 7/ 3/ 1993. فيما تضمنه من رفع اسمه من كشوف المرشحين لعضوية مجلس الشعب، عن دائرة "مركز أبو تشت - قنا" بصفته فلاح، والمحدد لها المرشحين لخوض هذه الانتخابات، مع إلزام جهة الإدارة تنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان.
ثالثاً: في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بكافة مشتملاته مع ما يترتب على ذلك من أثار. مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعي شرحاً لدعواه، أنه تقدم للترشيح لعضوية مجلس الشعب عن دائرة مركز أبو تشت، بصفته فلاحاً حيث خلت الدائرة بوفاة النائب عبد العزيز عبد الرحيم، والمحدد لإجرائها يوم 30/ 3/ 1993 وقد قبلت أوراقه، وقد قام منافسه "أمين محمد عيسى" المرشح بذات الدائرة تقدم ضده طالباً استبعاده من الترشيح استناداً لعدم أدائه الخدمة العسكرية والتهرب منها.
وقد أصدرت لجنة فحص الطعون والاعتراضات، بتاريخ 7/ 3/ 1993 قرارها برفع اسمه من كشوف المرشحين لعضوية مجلس الشعب عن تلك الدائرة. بمقولة أنه قيدت ضده الجنحة العسكرية رقم 509 لسنة 1983 بشأن تخلفه عن التجنيد وقضى فيها بالغرامة كما أنه لم يقدم شهادة تجنيده أو إعفائه من التجنيد ضمن أوراق ترشيحه وفق أحكام القانون رقم (38) لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب. وقانون مباشرة الحقوق السياسية ونعى المدعي على هذا القرار مخالفة القانون لأن نص المادة (5/ 5) من القانون رقم 38 لسنة 1972 المشار إليه أوضحت إعفاء من مبلغ عمره خمسة وثلاثون عاماً من تقديم شهادة الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها.
كما أن القانون رقم (73) لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية نص في المادة 2/ 4 منه أحوال حرمان المرشح من الترشيح ولم يتضمن نصاً بحرمان من لم يقدم شهادة أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها من الترشيح.
وبجلسة 20/ 3/ 1993 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين على أسباب محصلها أن نص المادة (5/ 5) من قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 تشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها. كما تنص المادة السادسة من ذات القانون على أن يعفى المرشح الذي تجاوز عمرة الخامسة والثلاثين (35 عاماً) من تقديم شهادة الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها. وأن مفاد هذين النصين أنه ليس مطلقاً بل جاء مقيداً بالمادة السادسة فيما يتعلق بالمرشحين حيث نص على إعفاء من بلغ الخامسة والثلاثين أو تجاوزها من شرط تقديم ما يفيد أداء الخدمة الوطنية أو الإعفاء منها.. ومن ثم فإذا كان أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها مطلوب تحققه فيمن تجاوز الخامسة والثلاثين، فإن نص المادة السادسة يكون على هذا النحو قد ورد لغو أو تزيداً وهو الأمر الذي يقطع بأن شرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء من أدائها لا يتطلبه المشرع إلا بالنسبة لمن لم يتجاوز الخامسة والثلاثين. وهو الأمر المفتقد في المدعي لما ثبت تخلفه من أداء الخدمة العسكرية.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على سند من أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تفسيره وتطبيقه للأسباب الآتية:-
أولاً: إن المادة الخامسة من قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 قد حددت الشروط التي تطلبها المشرع للترشيح ومن ثم فإن عدم استيفاء أي منها يمثل تخلفاً لأحد الشروط الجوهرية المتطلبة في المرشح ومن ثم يتعين عدم قبول ترشيحه لعدم استيفائه شروط الترشيح.
وشرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها هو شرط جوهري وأساسي يلزم توافره، وإذا افتقده المدعي بثبوت تخلفه عن أداء الخدمة العسكرية ومحاكمته والحكم عليه بغرامة مالية يؤكد هذا الشرط. ثانياً: أن المشرع لو كان يقصد إعفاء من تجاوز الخامسة والثلاثين من شرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها كما ورد بالحكم المطعون فيه لنص على ذلك صراحة، ومن ثم يكون من تخلف عن أداء الخدمة العسكرية يعتبر مفتقداً لأحد الشروط الجوهرية المتطلبة قانوناً لقبول ترشيحه لعضوية مجلس الشعب، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد جاء مخالفاً لصحيح حكم القانون حرياً بإلغائه والحكم للطاعن بطلباته.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن، ولاية محاكم مجلس الدولة في وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايتها في الإلغاء وفرع منها ومردها إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار، على أساس وزنه بميزان القانون، وزناً مناطه مبدأ المشروعية. إذ يتعين على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له بحسب الظاهر من الأوراق - ودون مساس بأصل الحق، إن طلب وقف التنفيذ قد توافر فيه ركنين:
أولهما: ركن الجدية، ويتمثل في قيام الطعن في القرار بحسب الظاهر من الأوراق - على أسباب جدية من حيث الواقع أو القانون، تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع.
ثانياً: ركن الاستعجال
بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه.
ومن حيث إن مقطع النزاع في هذا الطعن تتحدد فيما إذا كان مما اشترطته (الفقرة الخامسة من المادة الخامسة) من القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب والتي تشترط أن يكون المرشح قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى منها وفقاً للقانون المنظم لذلك.
وأن ما نص عليه في المادة (6 و4) من ذات القانون، من إعفاء المرشح الذي جاوز الخامسة والثلاثين من تقديم ما يثبت أدائه الخدمة العسكرية أو إعفائه منها، لا يعفى من شرط أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها للمرشح. كما لا يحول بينه ذوي الشأن وحقهم في إثبات عدم توافر هذا الشرط في المرشح أم لا.
ومن حيث إن المادة (63) من الدستور تنص على أن للمواطنين حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون، ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني.
كما تنص المادة (64) على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة بينما تنص المادة (68) على أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي.
كما تنص المادة (87) على أن (يحدد القانون الدوائر الانتخابية التي تنقسم إليها الدولة. وعدد أعضاء مجلس الشعب المنتخبين ويكون انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر كما تنص المادة الثانية من القانون رقم 73 لسنة 1956 (معدلاً بالقانون رقم 23 لسنة 1972). على أنه
يحرم من مباشرة الحقوق السياسية:
1 - المحكوم عليه في جناية ما لم يكن قد رد إليه اعتباره.
2 - ..........
3 - ..........
4 - المحكوم عليه بعقوبة الحبس في سرقة إخفاء أشياء مسروقة أو نصب أو إعطاء شيك لا يقابله رصيد أو خيانة أمانة. أو غدر. أو رشوة أو تقالس بالتدليس أو تزوير أو استعمال أوراق مزورة أو شهادة زور أو إغراء شهود أو هتك عرض أو إفساد أخلاق الشباب أو انتهاك حرمة الآداب أو تشرد أو في جريمة ارتكبت للتخلص من الخدمة العسكرية والوطنية - كذلك المحكوم عليه لشروع منصوص عليه لإحدى الجرائم المذكورة. وذلك ما لم يكن موقوفاً تنفيذه أو كان المحكوم عليه رد إليه اعتباره.
5 - ........
6 - من سبق فصله من العاملين في الدولة أو القطاع العام لأسباب مخلة بالشرف ما لم تنقضي خمس سنوات من تاريخ الفصل....
7 - من عزل الوصاية أو القوامة..... ما لم تمضي خمس سنوات من تاريخ الحكم نهائياً بالعزل أو سلب الولاية.
كما تنص المادة الخامسة من القانون رقم (38) لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقرار بقانون رقم 201 لسنة 1990 على أن: مع عدم الإخلال بالأحكام المقررة في قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب الآتي:
1 - أن يكون مصري الجنسية من أب مصري.
2 - ...........
3 - ...........
4 - ..........
5 - إن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية، أو أعفى من أدائها طبقاً للقانون.
6 - .........
كما تنص المادة السادسة الفقرة الرابعة من القانون المشار على أنه يعفى المرشح الذي تجاوز عمره الخامسة والثلاثين (35 عاماً) من تقديم شهادة الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها.
كما تنص المادة (49) من القانون رقم 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية على أنه مع عدم الإخلال بحكم المادة (36) يعاقب كل متخلف عن مرحلة الفحص أو التجنيد جاوز سنه الثلاثين أو الحادي والثلاثين حسب الأحوال بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه. ولا تزيد عن ألف جنيه. أو بإحدى هاتين العقوبتين وتنص المادة (50) من ذات القانون على أن يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن سبع سنوات كل فرد يلزم بأداء الخدمة العسكرية تخلص أو حاول التخلص من الخدمة بطريق الغش.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم هو أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فانه من الحقوق الطبيعية لكل مواطن مصري مباشرة حقوقه السياسية في الترشيح والانتخاب وإبداء الرأي في الاستفتاء والقاعدة الدستورية والسياسية العامة في دساتير العالم المتحضر ونظمه القانونية وهي كذلك في الدستور والقانون المصري أن من لا يحمل السلاح دفاعاً عن الوطن بدون مبرر قانوني لا يحق له أن يكون ممثلاً للشعب سواء في مجلس الشعب والشورى أو في المجالس المحلية حيث يمارس نيابة عن الشعب مسئولية التشريع و الرقابة على أداء السلطة التنفيذية فالحقوق السياسية إنما تتقرر للصالحين للخدمة العسكرية أو المعفيين من أدائها طبقاً للقانون لذلك ترتبط ممارسة هذا الحق بوجود المواطن في موقف قانوني سليم مؤدياً الخدمة العسكرية أو معفياً من أدائها وبناء على الحق الطبيعي لكل مواطن في مباشرة الحقوق السياسية وبما أنه لكل مواطن أيا ما كان لا يجوز دستورياً تقرير حرمانه حرماناً مؤبداً من ممارسة حقه الدستوري في الترشيح والانتخاب أو إبداء الرأي في الاستفتاء وهو الأمر الذي اقتضى من المشرع التأكيد على ذلك بالنص عليه في المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية المشار إليها عندما حدد - وعلى سبيل الحصر - الجرائم التي تجعل المتقدم للترشيح لعضوية مجلس الشعب محروماً من مباشرة الحقوق السياسية ومفتقداً لأحد شروط الصلاحية ومع خطورة وكثرة هذه الجرائم ومساس بعضها بالشرف أو الكرامة أو النزاهة، بل تعدى بعضها إلى من ارتكب جرائم وجنايات التزوير أو السرقة أو الاحتيال أو الإخلال بأمانة الأداء في الوظيفة العامة أو ذلك الذي ارتكب الجرائم التي يترتب عليها عدم أدائه للخدمة العسكرية وتمت محاكمته وصدر ضده أي من الأحكام المقيدة للحرية... إلخ فقد عمد المشرع صراحة إلى أن حدد لها حدوداً زمنية معينة للحرمان حتى لا يكون مؤبداً فجعل حدها الأقصى خمس سنوات أو إجراء معيناً في بعضها بأن يكون الحكم المقضي به قد أوقف تنفيذه أو يكون المحكوم عليه قد رد إليه اعتباره.
ومن حيث إن الثابت من سياق المادة السابعة أن أياً من الجرائم التي أوردها المشرع كأسباب لافتقاد المرشح لأحد شروط الترشيح أشد خطورة وأكثر أثراً من التخلف عن أداء الخدمة العسكرية. ولم يجعل أياً منها سبباً لحرمان مرتكب أي منها حرماناً مؤبداً تأكيداً لضرورة تمتع كل مواطن بحقوقه المكفولة في الدستور والقانون بممارسة حقه في الترشيح والانتخاب.
ومن حيث إن البين في الأوراق أن المطعون ضده قد تخلف عن التجنيد وحكم عليه بعقوبة الغرامة في الجنحة رقم 509 لسنة 1983 وهي من العقوبات المالية التي لا يرد فيها للمحكوم عليه اعتباره فمن ثم ولئن كان من الثابت تخلف المطعون ضده عن أداء الخدمة العسكرية ولم يعفى من أدائها طبقاً للقانون مما قد يتصور معه أنه قد تخلف في حقه أحد الشروط المتطلبة في المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 المشار إليه فإن من يرتكب جناية التخلص من الخدمة العسكرية وفقاً للمادة (50) من القانون رقم 127 لسنة 1980 المشار إليه لا يحرم من مباشرة حقوقه السياسية إذا أوقف تنفيذ العقوبة أورد إليه اعتباره وفقاً لصريح نص الفقرة (2) من المادة (4) من القانون رقم 73 لسنة 1956 بشأن مباشرة الحقوق السياسية وتعديلاته. ومن ثم لا يكون محروماً من مباشرة حقوقه السياسية ويضحى والحال هذه صالحاً للترشيح لعضوية مجلس الشعب ومتى كان ذلك بالنسبة لمقترن جناية "التخلص من تأدية الخدمة العسكرية المشار إليها في المادة 2 فقرة 4 من القانون رقم 73 لسنة 1956 فإنه لا يسوغ ومنهم أحكام الدستور وقانون مباشرة الحقوق السياسية والخدمة العسكرية والوطنية رقم 127 لسنة 1981 في ضوء الحق الطبيعي لكل مواطن مصري في مباشرة حقوقه السياسية وعدم حرمانه منها بصفة دائمة لا يسوغ التسليم بأن من يتخلف عن أداء الخدمة العسكرية وهي جنحة وهو ممن لا يرد إليهم الاعتبار في الحالة الماثلة لأن العقوبة الموقعة عليه ليست عقوبة مقيدة بالحرية، وإنما هي عقوبة مالية بالغرامة فقط بأنه يحرم بصفه دائمة من مباشرة حقوقه السياسية. وبالتالي يكون في مركزاً أسوأ ممن ارتكب جرائم أشد عقوبة ومساساً بالشرف والنزاهة فيه وفيمن ارتكب بطريق الغش جناية التنصل من أداء الخدمة العسكرية، التي هي أوجبت نتيجة برفضها المنطق وصحيح التفسير القانوني السليم لنصوص الدستور والقانون وتؤدي إلى نتيجة غريبة وشاذة وهي حرمانه من ارتكاب أشد الجرائم خطورة وفساداً من حق الترشيح بصفة مؤقتة يعود إليه هذا الحق بعد انقضاء فترة زمنية محددة أو إذا رد إليه اعتباره بينما من تخلف عن أداء الخدمة العسكرية وهي جنحة أقل خطورة وعقوبة ولا تتم بطريق الغش أو المسلك العمدي للتهرب من شرف أداء الخدمة العسكرية دفاعاً عن وطنه بحرمانه مؤيداً طوال حياته من ممارسة حقوقه السياسية في الترشيح أو الانتخاب بالمخالفة للأصل الدستوري العام والذي يفرض حق إلا بنص صريح في قانون ولمده مؤقتة وهو الأمر الذي لا مناص معه من التقرير أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في منطوقة قد جاء سليماً ومطابقاً لأحكام الدستور والقانون وفقاً لما سلف بيانه من أسباب كما يكون والحال كذلك هذا الطعن على غير سند من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الانتخابات موضوع الطعن من المقرر إجراؤها في يوم الثلاثاء 30/ 3/ 1993 وهو اليوم التالي لصدور هذا الحكم.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاتها وفقاً للمادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.