مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1993 إلى آخر سبتمبر سنة 1993) - صـ 773

(82)
جلسة 9 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد العظيم جيرة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ علي شحاتة محمد سليمان ومحمد منير جويفل والطنطاوي محمد الطنطاوي ويحيى أحمد عبد المجيد - المستشارين.

الطعن رقم 1030 لسنة 36 القضائية

( أ ) دعوى - عوارض سير الخصومة فيها - وقف الدعوى - مدى جواز الطعن في الحكم الصادر بالوقف.
المادة 129 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - الأمر الذي تصدره المحكمة بوقف الدعوى حتى يفصل في مسألة أولية يتوقف عليها الحكم في موضوعها يقطع بعدم صلاحية الدعوى للحكم في موضوعها بالحالة التي هي عليها فيؤثر بذلك في سيرها ويؤخر نظرها وهو بهذه المثابة حكم قطعي فرعي له حجية الشيء المحكوم به - لا سبيل إلى إلزام المتضرر منه بأن ينتظر حتى يزول السبب المعلق عليه الإيقاف - نتيجة ذلك: جواز الطعن فيه استثناء من قاعدة عدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الخصومة - سبب ذلك: نجاح الطاعن في طعنه في هذا الحكم يجعل الفصل فيها لا يمزقها ولا يؤخرها - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - استقلال المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية.
يرجع استقلال المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية إلى اعتبار المخالفة التأديبية هي أساساً تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية - الاستقلال قائم حتى ولو كان هناك ارتباط بين الجريمتين - تطبيق.


إجراءات الطعن

في 22/ 2/ 1990 أودع الأستاذ/ جورج عزيز كامل المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ أنهار السيد السقا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1030 لسنة 36 قضائية عليا طعناً على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا في الدعوى رقم 28 لسنة 32 قضائية بجلسة 17/ 1/ 1990 والقاضي بوقف الدعوى لحين الفصل في الشق الجنائي.
وطلبت الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون ضده والقضاء بإعادة السير في الدعوى التأديبية.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني حيث ارتأت للأسباب القائم عليها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة السير في الدعوى التأديبية.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة وتدوول بالجلسات على النحو المثبت بالمحاضر إلى أن قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 3/ 11/ 1992 حيث نظر بهذه الجلسة والجلسات التالية إلى أن قررت المحكمة بجلسة 29/ 12/ 1992 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن موضوع الطعن يخلص في أنه في 7/ 1/ 1989 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 28 لسنة 31 قضائية ضد الطاعنة وآخرين أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا حيث أسندت مخالفات تأديبية وكان ما يخص الطاعنة أنها (1) أهملت في فحص تسعة صناديق تحتوي على أدوات سنترال أوتوماتيكي فور ورودها للموقع (2) سمحت بدخول هذه الصناديق مخازن المقاول الخاصة بالموقع بالمخالفة للائحة المخازن والمشتريات (3) وافقت على صرف قيمة محتويات هذه الصناديق بما يوازي 75% من إجمالي قيمة توريد وتركيب السنترال وذلك بالمستخلص رقم 56 في 30/ 4/ 1980 دون فحص محتواها وتأكدها من أنها مطابقة للمواصفات المطلوبة.
وبعد تداول الدعوى أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا حكمت بجلسة 17/ 1/ 1990 بوقف الدعوى لحين الفصل في الشق الجنائي وقد أسست المحكمة قضائها على أن أوراق الموضوع محل الدعوى التأديبية قيدت لدى النيابة العامة تحت رقم 655 في 25/ 3/ 1987 أحوال عابدين، التي أحالته إلى نيابة الزيتون حيث قيد لديها تحت رقم 2082 لسنة 1988 إداري الزيتون، وقد أرسلت نيابة الزيتون الأوراق إلى الرئاسة (شرق القاهرة بمذكرة لإحالتها إلى نيابة شمال القاهرة الكلية للاختصاص ولم يثبت من الأوراق أن ثمة تصرف في الأوراق من جانب النيابة العامة، ولما كانت المخالفة المنسوبة إلى المحالين - ومنهم الطاعنة - هي بذاتها الوقائع التي تم إبلاغ النيابة العامة عنها من جانب شركة النيل العامة للكباري، وإذ خلت الأوراق مما يفيد صدور قرار من النيابة العامة بالتصرف ويتوقف الفصل في الدعوى التأديبية على نتيجة الفصل في الدعوى الجنائية فإنه يتعين القضاء بوقف الدعوى حتى يتم الفصل في الشق الجنائي عملاً بنص المادة 39 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وتنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حيث إنها ليست طرفاً في البلاغ المقدم للنيابة العامة ولم يشملها أي تحقيق جنائي، وأن هيئة النقل العام بالقاهرة والتي تعمل بها أجرت تحقيقاً في الواقعة وانتهت إلى عدم مسئوليتها وأن الدعوى الجنائية لم تظهر للوجود حتى الآن فضلاً عن أن لكل دعوى مجالاً خاصاً به، وأن استمرار وقف الدعوى التأديبية يسبب لها أضراراً جسيمة حيث إنها ندبت لوظيفة من الدرجة العالية وامتنعت الهيئة عن ترشيحها لشغل تلك الوظيفة بسبب إحالتها للمحكمة التأديبية وطلبت إلغاء الحكم والقضاء بإعادة السير في الدعوى التأديبية.
ومن حيث إنه يقصد بوقف الدعوى عدم سيرها لسبب أجنبي عن المركز القانوني لأطرافها وذلك حتى يزول هذا السبب أو تنقضي المهلة التي حددها قرار الوقف وأنواع الوقف ثلاثة وقف بقوة القانون، ووقف باتفاق الأطراف، ووقف بحكم المحكمة وهذا الوقف الأخير ينقسم إلى نوعين أولهما الوقف الجزائي التي تحكمه المادة 99 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وثانيهما وقف الخصومة للفصل في مسألة أولية وتحكمه المادة 129 من القانون المذكور وللمحكمة التي تحكم بالوقف في هذه الحالة الأخيرة سلطة في تقدير جدية المنازعة في المسألة الأولية أو عدم جديتها، وتقدير لزوم الفصل في المسألة الأولية قبل الفصل في الدعوى ويرجع ذلك لتقدير المحكمة تحت رقابة المحكمة التي يطعن أمامها في الحكم بوقف الدعوى للفصل في مسألة أولية لازمه للفصل في الموضوع.
وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن على أن الأمر الذي تصدره المحكمة بوقف الدعوى حتى يفصل في مسألة أولية يتوقف عليها الحكم في موضوعها يقطع بعدم صلاحية الدعوى للحكم في موضوعها بالحالة التي هي عليها فيؤثر بذلك في سيرها ويؤخر نظرها وهو بهذه المثابة حكم قطعي فرعي له حجية الشيء المحكوم به، ولما كان لا سبيل إلى إلزام المتضرر منه بأن ينتظر حتى يزول السبب المعلق عليه الإيقاف وحتى يحكم بعد ذلك في الموضوع، وليس من شأن الطعن فيه أن يمزق الخصومة أو يؤخر سيرها بل على العكس قد يؤدي في حالة نجاحه إلى تعجيل الفصل فيها، ولذا أجازت المادة 212 من قانون المرافعات الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى استثناء من قاعدة عدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الخصومة، ذلك أن الطعن في الأحكام التي تصدر بوقف الدعوى أمام المحكمة الإدارية العليا قبل الفصل في موضوع الدعوى جائز قانوناً.
ومن حيث إنه من المبادئ المستقرة استقلال المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية باعتبار أن المخالفة التأديبية هي أساساً تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية وهذا الاستقلال قائم حتى لو كان ثمة ارتباط بين الجريمتين، ومع ذلك أجاز نص المادة 39 من قانون مجلس الدولة للمحكمة التأديبية إذ رأت أن الواقعة الواردة بأمر الإحالة محل الدعوى التأديبية هي بذاتها تشكل جريمة جنائية ويتوقف الفصل فيها تأديبياً على الفصل في الدعوى الجنائية وجب عليها وقف الدعوى التأديبية لحين الفصل في الدعوى الجنائية وعلى أن يقوم حكم المحكمة بالوقف على وحدة الواقعة محل الدعويين، وعلى تبيان الأسباب التي تجعلها ترى أن الفصل في الدعوى التأديبية يتوقف على الفصل في الدعوى الجنائية على نحو يمنع الفصل في الأولى قبل الفصل في الأخيرة، وأن حكمها بالوقف في مثل هذه الحالة يعتبر من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة الطعن.
ومن حيث إنه وعلى فرض التسليم بأن الحكم بوقف الدعوى التأديبية المطعون عليه قد قام على الأسس السابقة التي توجب الوقف به، إلا أن الطاعنة في الطعن الماثل قد قدمت الدليل على أنها ليست طرفاً في المسألة الجنائية حيث قدمت شهادة رسمية من النيابة العامة للشرابيه تفيد أنه بالاطلاع تبين أن المحضر رقم 655 لسنة 87 ع عابدين مقيد برقم 4791 لسنة 1987 إداري عابدين ثم قيده برقم 2082 لسنة 1988 إداري الزيتون ثم أعيد قيده برقم 5004 لسنة 1989 إداري الشرابية والذي أعيد قيده برقم 445 لسنة 92 جنح الشرابية بتهمة إخلالها بعقد توريد ضد...... وآخرين ولم يتم التصرف في التحقيقات وبالنسبة للسيدة المهندسة/ ....... فليست لها علاقة بالتحقيقات.
ومن حيث إنه متى كان ذلك يكون الحكم بوقف الدعوى التأديبية لحين الفصل في الدعوى الجنائية والتي ثبت أن الطاعنة ليست طرفاً فيها قد أخطأ في تطبيق القانون، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه وإعادة السير في الدعوى التأديبية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة السير في الدعوى التأديبية.