مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1994 إلى 15 سبتمبر سنة 1994) - صـ 1395

(135)
جلسة 17 من مايو سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعبد السميع عبد الحميد بريك، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 216 لسنة 34 القضائية

إصلاح زراعي - الأراضي المستولى عليها - إلغاء عقود الإيجار - الجهة المختصة به.
المادة (35) مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي الصادر المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والمضافة بالقانون رقم 52 لسنة 1966.
الأصل أن عقود إيجار الأراضي الزراعية تلغي بموجب حكم قضائي - يستثنى من ذلك إلغاء عقود الأراضي الزراعية المستولى عليها طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي والتي تؤول ملكيتها إلى الدولة أو تقوم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بشرائها - منح المشرع مجلس إدارة الهيئة المذكورة الاختصاص بإلغاء تلك العقود إذا اقتضت ذلك إجراءات استصلاح تلك الأراضي أو توزيعها أو التصرف فيها طبقاً لأحكام القانون أو إذا اقتضت المصلحة العامة تخصيص الأراضي لتحقيق غرض ذي نفع عام - لمجلس الإدارة مباشرة هذا الاختصاص في حالة إخلال المستأجر بأحد التزاماته الجوهرية المنصوص عليها في القانون أو العقد - يشترط لذلك أن يسبق القرار إخطار المستأجر حتى يبدي دفاعه بشأن ما هو منسوب إليه - بعرض هذا الدفاع على مجلس الإدارة الذي له أن يتخذ القرار في ضوء ما يراه محققاً للصالح العام - يكون ذلك تحت رقابة القضاء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 17/ 12/ 1987 أودع الأستاذ/....... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا نيابة عن الأستاذ/..... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا والوكيل عن الطاعنين بالتوكيلين 2863 لسنة 1987، 2865 لسنة 1987 - تقرير الطعن رقم 216 لسنة 24 ق ضد المطعون ضدهم - في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - بجلسة 22/ 10/ 1987 في الدعوى رقم 6862 لسنة 38 ق المقامة من الطاعنين ضد المطعون ضدهم والذي قضى برفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه والقضاء مجدداً بأحقيتهم في الانتفاع بالأرض محل النزاع كل حسب نصيبه الذي يضع يده عليه مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة الأولى لفحص الطعون والتي قررت بجلسة 18/ 11/ 1991 إحالته إلى الدائرة الثالثة (فحص) وبعد تداول الطعن أمام الدائرة قررت بجلسة 18/ 8/ 1993 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - لنظره بجلسة 16/ 10/ 1993 حيث تدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 15/ 2/ 1994 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 12/ 4/ 1994 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما هو ثابت بالأوراق - تخلص في أن الطاعنين - أقاموا الدعوى رقم 1426 لسنة 1981 أمام محكمة بني سويف الابتدائية بإيداع عريضتها قلم كتاب تلك المحكمة في 5/ 9/ 1981 طلبوا في ختامها الحكم بتمكينهم من الانتفاع بمساحة 12 ط 8 ف أراضي زراعية كائنة بزمام السبوح مركز الفشن بحوض الفكرية رقم 4 والموضحة الحدود بعريضة الدعوى كل بحسب نصيبه الذي يضع يده عليه وينتفع به مع كف منازعة الإصلاح الزراعي لهم في هذا الانتفاع وذلك في مواجهة السيدين وكيل نيابة الفشن ومأمور شرطة مركز الفشن وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وحفظ حقوقهم الأخرى وذلك على سند من القول بأنهم يضعون اليد كل بحسب نصيبه على الأرض محل النزاع منذ ثماني سنوات بطريق الإيجار من هيئة الإصلاح الزراعي إلا أنهم فوجئوا بتعريض تلك الهيئة لهم وطلب طردهم وذلك بالمخالفة لأحكام القانون.
وبجلسة 29/ 4/ 1982 حكمت محكمة بني سويف الابتدائية بندب مكتب خبراء وزارة العدل بني سويف لتنفيذ المأمورية المشار إليها وعقب تنفيذ هذا المكتب لمأموريته قدم تقريراً عنها مرفقاً به محاضر الأعمال وبجلسة 14/ 8/ 1984 حكمت محكمة بني سويف الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري مع إبقاء الفصل في المصروفات حيث أحيلت الدعوى إلى المحكمة الأخيرة وقيدت بجدولها العام برقم 6862 لسنة 38 ق وبجلسة 22/ 10/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري - برفض الدعوى - تأسيساً على أن الثابت بالأوراق أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد أصدرت القرار 1832 لسنة 1982 متضمناً إلغاء عقود الإيجار مع المدعين عن الأرض محل النزاع استناداً إلى حكم المادة (35) مكرراً "1" من القانون رقم 178 لسنة 1952 معدلة بالقانون 11 لسنة 1972 حيث قام المدعون باعتبارهم مستأجرين لتلك الأرض والتي هي عبارة عن حديقة مزروعة بأشجار الموالح بقطع أشجارها ورأت الهيئة إخلاءهم منها لإعادة تشجيرها وبالتالي يكون هذا القرار متفقاً وصحيح القانون وبالتالي يقتضي القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون عليه للوقائع والقانون ذلك لأنهم لا يستأجرون الأرض محل النزاع لزراعتها وإنما يستأجرونها منذ مدة طويلة ويستغلونها في زراعة مختلف المحاصيل كما وإن ما نسب إلى بعضهم من تقطيع أشجار الحديقة لا ينهض سبباً للقرار الصادر بإخلائهم من تلك الأرض بحسبان أن تلك المخالفة غير منسوبة إليهم جميعاً وإنما إلى بعضهم وقد قام هذا البعض بسداد التعويضات التي طلبتها الهيئة العامة للإصلاح الزراعي هذا فضلاً عن أن الهيئة المذكورة لم تطبق في شأنهم صحيح حكم المادة 35 مكرر (1) في القانون 178 لسنة 1952 حيث لم تخطرها لإبداء دفاعهم قبل صدور قرار إلغاء عقودهم على النحو الذي تشترطه تلك المادة.
ومن حيث إن الثابت بتقرير الخبير المنتدب من محكمة بني سويف الابتدائية وحافظة مستندات الإدارة المقدمة لمكتب الخبراء أن الأرض محل النزاع مملوكة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي بعد الاستيلاء عليها قبل أحد الخاضعين لأحكام القانون 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وقد تم تأجيرها للطاعنين (زراعة مخصوصة) اعتباراً من 30/ 10/ 1974 وأنهم استمروا حائزين لتلك الأرض حتى العام الزراعي 81/ 1982 حيث بدأت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي في اتخاذ إجراءات إخلاء تلك الأرض من الطاعنين الذين عارضوا الإدارة في إخلاء الأرض محل النزاع وبادروا باللجوء إلى القضاء المدني( محكمة بني سويف الابتدائية) وخلال نظر الدعوى أصدرت الهيئة العام للإصلاح الزراعي القرار رقم 1832 لسنة 1982 بتاريخ 11/ 7/ 1982 متضمناً إنهاء العلاقة الإيجارية مع الطاعنين عن الأرض محل النزاع وذلك استناداً إلى أحكام المادة (35) مكرراً من القانون رقم 178 لسنة 1952 وقد تضمنت المادة الأولى من هذا القرار المسبب الذي بني عليه وهو قيام الطاعنين (بتقطيع الأشجار التي كانت بالحديقة وقت التأجير لهم فضلاً على قيامهم بالتأجير من الباطن وإن الهيئة وعيت في 1981 بإعادة تشجير الحديقة وإضافة أنواع أخرى من الفاكهة) فقدم المدعون مذكرة نعوا فيها على هذا القرار مخالفته للواقع والقانون وبجلسة 20/ 3/ 1984 حكمت محكمة بني سويف الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري مع بقاء الفصل في المصروفات.
ومن حيث إنه لما سبق فإن النزاع الماثل قد أصبح بعد صدور القرار رقم 1832 لسنة 1982 ونعى الطاعنين على هذا القرار بمخالفته للواقع القانون - يدور حول مدى مشروعية القرار المشار إليه.
ومن حيث إن الأصل إنه لا يجوز لجهة الإدارة أن تلجأ إلى سلطتها في التنفيذ المباشر إلا إذا وجد نص يقرره القانون لها هذا الامتياز فيكون لها الحق في التنفيذ المباشر في حدود ما يقرره القانون وبمراعاة الضوابط والقيود التي نص عليها فإذا لم يوجد نص يقرر للإدارة الامتياز فلا يجوز لها استخدام سلطتها في التنفيذ المباشر إلا إذا توافرت حالة الضرورة وبشرط ألا يكون المشرع قد منحها دعوى قضائية في هذا الخصوص.
ومن حيث إن المادة (35 مكرراً) من القانون 178 لسنة 1952 والمضافة بالقانون رقم 52 لسنة 1966 تنص على أنه استثناء من حكم المادة 35 يجوز لمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي إلغاء عقود إيجار الأراضي المستولى عليها تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي والأراضي التي تؤول ملكيتها إلى الدولة وتسلم إلى الهيئة بناء على قانون الأراضي التي تشتريها الهيئة كما يجوز لمجلس إدارة كل من الهيئات والمؤسسات العامة التابعة لوزارة الإصلاح الزراعي واستصلاح الأراضي إلغاء عقود إيجار الأراضي التي ترى الدولة إسناد إدارتها واستغلالها أو التصرف فيها إليها وذلك كله إذا استلزم استصلاح تلك الأراضي أو توزيعها أو التصرف فيها طبقاً للقانون أو إذا اقتضى ذلك تخصيص العقار لغرض ذي نفع عام أو إذا أخل المستأجر بالتزام جوهري يقضي به القانون أو العقد.
وفي حالة إلغاء العقد بسبب إخلال المستأجر بأي من التزاماته يجب أن يسبق قرار مجلس الإدارة إخطار المستأجر بالطريق الإداري بأسباب الإلغاء ويجوز إبداء وجهة نظره ودفاعه إلى مجلس الإدارة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإخطار.
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن المشرع قد منح مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي اختصاصاً استثنائياً من الأحكام العامة التي توجب إلغاء عقود إيجار الأراضي الزراعية بموجب حكم قضائي - وهذا الاختصاص الاستثنائي هو جواز إلغاء عقود إيجار الأراضي الزراعية المستولى عليها طبقاً لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي أو التي تؤول ملكيتها للدولة أو تقوم الهيئة بشرائها وذلك إذا ما اقتضت ذلك إجراءات استصلاح تلك الأراضي أو توزيعها أو التصرف فيها طبقاً لأحكام القانون أو إذا ما اقتضت المصلحة العامة تخصيص الأراضي لتحقيق غرض ذي نفع كما يجوز لمجلس الإدارة مباشرة هذا الاختصاص في حالة إخلال المستأجر بأحد التزاماته الجوهرية المنصوص عليها في القانون أو العقد وذلك بشرط أن يسبق القرار إخطار المستأجر الذي له أن يبدي دفاعه بشأن ما هو منسوب إليه ويعرض هذا الدفاع على مجلس الإدارة الذي له أن يتخذ القرار في ضوء ما يراه محققاًَ للصالح العام تحت رقابة القضاء.
ومن حيث إنه لما سبق وكان الثابت بحافظة مستندات الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمقدمة أمام الخبير المكلف بتنفيذ المأمورية المحددة بالحكم الصادر من محكمة بني سويف الابتدائية بجلسة 29/ 4/ 1982 خلال تداول الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون عليه أمام تلك المحكمة - أنها تحتوي على صورة من القرار محل الطعن والذي حددت مادته الأولى سبب إصداره في قيام المستأجرين الطاعنين بتقطيع الأشجار التي كانت بالحديقة وقت التأجير لهم فضلاً على قيامهم بالتأجير من الباطن وأن الهيئة رغبت في 1981 إعادة تشجير الحديقة وإضافة أنواع أخرى من الفاكهة.
ومن حيث إن مؤدى ذلك هو أن القرار موضوع النزاع قد بني على مخالفة الطاعنين لالتزاماتها الجوهرية بالحفاظ على الأشجار الموجودة بالأرض وقت استئجارهم لها وكذا تأجيرها لتلك الأرض للغير من الباطن.
ومن حيث إن الأوراق قد أجديت عن بيان سند الهيئة المطعون ضدها من قيام الطاعنين بتأجير الأرض المتنازع عليها للغير من الباطن أو تحديد أسماء المستأجرين من الباطن أو بيان المصدر الذي استندت إليه مذكرة وكيل الوزارة لشئون الملكية والحيازة بالهيئة والتي عرضت على مجلس الإدارة.
ومن حيث إن الثابت من حافظة مستندات الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المقدمة أمام الخبير المنتدب من قبل محكمة بني سويف الابتدائية أنها تحتوي على محضر تأجير زراعة مخصوصة موقع من المختصين بتلك الهيئة وتحمل تاريخ 30/ 10/ 1974 وقد تضمن إقراراً صادراً من بعض الطاعنين باستئجارهم لمساحة أربعة أفدنة (التي كانت مزروعة حديقة موالح ولم تنتج شيئاً وبناء على موافقة السيد/ وكيل الوزارة بخلع أشجار هذه المساحة وتأجيرها) كما وأن الثابت من حافظة مستندات الهيئة المودعة وفق مذكرة دفاعها أمام محكمة بني سويف الابتدائية بتاريخ 10/ 4/ 1982 أنها تحتوي على صورة من القرار رقم 908 الصادر في 31/ 12/ 1975 بمجازاة السيد/....... مشرف الحديقة بالخصم سبعة أيام من راتبه لما نسب إليه من الإهمال في العمل مما أدى إلى قيام المستأجرين للحديقة بتقطيع الأشجار كما تضمن هذا القرار أسماء المستأجرين الذين قاموا بتقطيع الأشجار والمبالغ الملزمين بسدادها نظير ذلك وهؤلاء المستأجرين هم: -...... و....... و........ و........ و....... و........ كما تضمنت مذكرة وكيل الوزارة للحيازة والملكية المعروضة على مجلس إدارة الهيئة أن هؤلاء المستأجرين قاموا بسداد قيمة الأشجار - كما وأن الثابت من مذكرة مفتش البساتين المرفوعة للمدير العام للإصلاح الزراعي ببني سويف بتاريخ 24/ 6/ 81 أن أرض الحديقة تحتاج إلى تحسين التربة وأن الهيئة رأت زراعتها (..... بأي محصول بقولي أو تأجيرها).
ومن حيث إن مؤدى ما سبق هو أن تقطيع الأشجار قد حدث من بعض المستأجرين وعن جزء من المساحة التي يستأجرها الطاعنون وأن هذا الأمر قد حدث سنة 1974 كما وأنه كان تحت حصر وعلم المختصين بمدرية الإصلاح الزراعي ببني سويف ووفقاً لتوجيهات وكيل الوزارة المختص بالهيئة نظراً لحالة تلك الأشجار وطبيعة الأرض وبالتالي فإن ما نسب إلى الطاعنين في هذا الشأن لا يقوم على سند من الواقع والقانون.
ومن حيث إنه بالنسبة للسبب الثاني للقرار محل النزاع والقائم على قيام الطاعنين بتأجير الأرض الصادر بشأنها هذا القرار للغير من الباطن - فإنه ولئن كان من شأن ثبوت هذا الأمر أن يؤدي إلى القول بإخلال الطاعنين بالتزاماتهم باعتبارهم مستأجرين مما يتيح للهيئة المطعون ضدها التدخل طبقاً لحكم المادة (35 مكرراً) سالفة الإشارة وإصدار القرار محل الطعن بإلغاء عقود استئجارهم للأرض المؤجرة لهم إلا أنه لما كانت الأوراق قد أجدبت من توافر هذا السبب حيث لم تشر الإدارة إلى تحديد أياً من الطاعنين الذي ارتكب تلك المخالفة أو اسم المستأجرين من الباطن فضلاً عن عدم تحديد الدليل الذي استندت إليه لاستخلاص تلك النتيجة فإنه لذلك ونظراً لأن الإدارة لم تنقض ما هو ثابت من مستندات الطاعنين من قيامهم بالتزاماتهم نحو الجمعية التعاونية الزراعية المختصة خاصة فيما يتعلق بتوريد الحصص المقررة بالنسبة للمحاصيل الخاضعة لهذا النظام وبالتالي يغدو هذا السبب بدوره غير قائم على أساس من الواقع والقانون ومن ثم يكون القرار محل المنازعة غير قائم على سبب يبرره بما يعني مخالفته للقانون دون أن ينال من ذلك ما تثيره الهيئة المطعون ضدها في مذكراتها من أن الطاعنين يستأجرون الأرض محل المنازعة لزراعة واحدة بما يستتبع حق الهيئة في إخلائهم من تلك الأرض منذ سنة 1974 وحتى صدور القرار محل النزاع سنة 1982 ثم بعد صدور هذا القرار - فإن هذا السبب بفرض صحته ليس من الحالات التي يجوز للهيئة المطعون عليها التدخل بأسلوب التنفيذ المباشر بإصدار قرار إداري بإخلاء الأرض من المستأجرين طبقاً لحكم المادة (35 مكرراً) المشار إليها وإنما يكون عليها عند المنازعة في هذا الشأن اللجوء إلى القضاء لحسم مثل هذا النزاع كما وأن المحكمة تشير إلى أن ما ورد بالقرار المطعون فيه رغبة الهيئة المطعون ضدها في إعادة تشجير الحديقة لا تعتبر من قبيل تخصيص الأرض لمشروع ذي نفع عام وبالتالي لا يصلح بدوره أن يكون سبباً يحمل هذا القرار ومن ثم يكون القرار المطعون عليه مخالفاً للقانون لفقده السبب المبرر لإصداره الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه وبالتالي يغدو الحكم المطعون عليه وقد ذهب إلى غير ذلك مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن الهيئة المطعون ضدها وقد خسرت الطعن فإنها تلزم بمصروفاته عملاً بالمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما يتضمنه من إنهاء عقود إيجار الطاعنين وإخلائهم من الأرض محل النزاع وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات.