مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1994 إلى 15 سبتمبر سنة 1994) - صـ 1439

(139)
جلسة 28 من مايو سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: أبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وغبريال جاد عبد الملاك، وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2205، 1501 لسنة 38، 39 القضائية

( أ ) دعوي تأديبية - ضمانات المحاكمة - حيدة المحقق - عدم جواز اشتراكه في الحكم.
المادة (247) من قانون الإجراءات الجنائية.
من يقوم في الدعوى الجنائية أو التأديبية بعمل من أعمال التحقيق يمتنع عليه الاشتراك في نظر الدعوى أو الحكم فيها - يعد ذلك أصلاً من أصول المحاكمات - أساس ذلك: ضمان حيدة القاضي الذي يجلس من المتهم مجلس الحكم بينه وبين سلطة الاتهام وحتى لا يفسر قضاءه بعقيدة سبق أن كونها عن التهمة موضوع المحاكمة وهو يباشر ولاية التحقيق أو يتولى سلطة الاتهام أو يشترك في قرار الإحالة أو في نظر الدعوى في مرحلة سابقة - ثمة قاعدة في الضمير تمليها العدالة المثلى ولا تحتاج إلى نص يقررها وهي أن من يجلس مجلس القضاء يجب ألا يكون قد كتب أو استمع أو تكلم في الموضوع المعروض حتى تصفو نفسه من كل ما يمكن أن يستشف منه رأيه في المتهم بما يكشف لهذا الأخير مصيره مقدماً فيزعزع ثقته فيه أو يقضي على اطمئنانه إليه - تطبيق.
(ب) دعوى - الحكم فيها - الطعن على الحكم - صدور الحكم في موضوع غير قابل للتجزئة - أثره على الطعن.
المادة (218) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته - الموضوع غير القابل للتجزئة لا يعني مجرد تعدد المدعين في الدعاوى المدنية أو تعدد المتهمين في الدعاوى الجنائية - الموضوع غير القابل للتجزئة معناه: أن يكون الحق المطالب به واحداً وإن تعدد المدعون - مثال ذلك: دعوى بطلان إجراءات التنفيذ ودعوى بطلان حكم مرسي المزاد ودعوى انتهاء عقد إيجار الأرض الفضاء المؤجرة لمورث - ورود هذه القاعدة في قانون المرافعات دون قانون الإجراءات الجنائية لا يحول دون إعماله في مجال الدعاوى التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 9/ 6/ 1992 أودع الأستاذ/....... المحامي نيابة عن الأستاذ/........ المحامي - بصفته وكيلاً عن الطاعن الأول - قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2205 لسنة 38 ق، في القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة دمنهور الابتدائية بجلسة 12/ 4/ 1992 في الدعوى رقم 4 لسنة 1992 تأديب، والقاضي بمجازاة الطاعن الأول بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن الأول - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، بما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما بتاريخ 18/ 6/ 1992.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت في الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، فيما تضمنه بمجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة وإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة دمنهور الابتدائية، لنظرهما من جديد أمام هيئة أخرى.
وفي يوم السبت الموافق 27/ 2/ 1993 أودع الأستاذ/....... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن الثاني - قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1501 لسنة 39 ق، في القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة دمنهور الابتدائية بجلسة 12/ 4/ 1992 في الدعوى رقم 4 لسنة 1992 تأديب، والقاضي بمجازاة الطاعن الثاني بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن الثاني - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم: أولاً - بقبول تدخله انضمامياً لزميله في الطعن رقم 2205 لسنة 38 ق. ع، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. ثانياً - بإلغاء القرار المطعون فيه فيما قضى به من فصله والطاعن الأول من الخدمة، بما يترتب على ذلك من آثار.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما بتاريخ 3/ 3/ 1993.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم: أصلياً: بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
واحتياطياً: بإلغاء القرار المطعون فيه، فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة، وإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة دمنهور الابتدائية لنظرها من جديد أمام هيئة أخرى.
وقد تحدد لنظر الطعن رقم 2205 لسنة 38 ق أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11/ 11/ 1992، وتدوول بالجلسات على النحو المبين بالحاضر، حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها عدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني وفي الموضوع برفضه، كما قدم الطاعن مذكرة صمم فيها على طلباته.
وقد تحدد لنظر الطعن رقم 1501 لسنة 39 ق أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10/ 3/ 1993، وفيها تقرر ضم الطعنين معاً - 2205 لسنة 38، 1505 لسنة 39 - ليصدر فيهما حكم واحد. وتدوولا بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها أصلياً عدم قبول الطعن رقم 1501 لسنة 39 ق شكلاً لرفعه بعد الميعاد، واحتياطياً رفض الطعن، كما قدم الطاعن - طعن رقم 1501 لسنة 39 ق - مذكرة صمم فيها على طلباته، كما قدم مذكرة بتاريخ 22/ 9/ 1993 خلاصتها أنه كان قد أقام طعناً ضد قرار مجلس التأديب المطعون فيه أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية، إلا أن المحكمة التأديبية قضت بعدم اختصاصها بنظر الطعن، وأنه قام بالطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 4439 لسنة 39 ق. والتمس في نهاية المذكرة تحديد جلسة لنظر هذا الطعن، مع ضمه إلى الطعنين رقمي 2205 لسنة 38 ق، 1501 لسنة 39 ق للارتباط.
وبجلسة 10/ 11/ 1993 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" وحددت لنظرهما جلسة 11/ 12/ 1993.
وقد تم نظر الطعنين بالجلسة المحددة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة 15/ 1/ 1994، ثم أعيد الطعنان للمرافعة بجلسة 12/ 2/ 1994 لضم الطعن رقم 4439 لسنة 39 ق. عليا المقام من الطاعن الثاني........، إلا أن هذا الطاعن تقدم بطلب مفاده أنه مكتف بالطعن رقم 1501 لسنة 39 ق. عليا، وأنه لا داعي للطعن رقم 4439 لسنة 39 ق. عليا المودع بالمحكمة دون علمه.
وبجلسة 19/ 2/ 1994 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 26/ 3/ 1994، ثم مد أجل الحكم لجلسة 30/ 4/ 1994، ثم لجلسة 28/ 5/ 1994 لإتمام المداولة، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه بالنسبة لشكل الطعن رقم 2205 لسنة 38 ق، فإن الثابت من الأوراق أن قرار مجلس التأديب المطعون فيه قد صدر بجلسة 12/ 4/ 1992، وأن تقرير الطعن فيه قد أودع قلم كتاب المحكمة بتاريخ 9/ 6/ 1992، ومن ثم فإنه يكون قد أقيم بمراعاة المواعيد القانونية المقررة.
ومن حيث إن الوزير وحده هو الممثل القانوني لكافة أجهزة وزارته أمام القضاء.
ومن حيث إنه لما تقدم، ولما كان الطعن قد استوفى بقية أوضاعه الشكلية، فمن ثم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً في مواجهة المطعون ضده الأول وحده.
ومن حيث إنه بالنسبة للموضوع فإن وقائعه تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن أحد المواطنين ويدعى/...... كان قد تقدم بشكوى أورد بها أنه كان يستأجر شقة بعزبة الدكتور/....... بكفر الدوار من المدعو/....... بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 5/ 1987 لاستعمالها سكناً، وأنه قام بتشطيب الشقة، ووضع بها غرفة سفرة، إلا أنه توجه إلى الشقة بتاريخ 28/ 9/ 1989 فوجد بها المالك/...... الذي أفاد محضر الشرطة المحرر ضده أنه تحصل على حكم برقم 115 لسنة 1989 مدني كلي مساكن كفر الدوار بإخلاء الشقة، وقام بتنفيذه قلم محضري محكمة كفر الدوار وأضاف الشاكي أنه لما كان هذا الحكم قد صدر ونفذ دون علمه، ودون أن يحضر أية جلسة، فقد توجه إلى المحكمة حيث تبين له ما يلي:
1 - أن هناك إنذاراً معلناً في 16/ 1/ 1989 على عنوان مخالف للحقيقة وهو عزبة/....... وأنه أعلن لمن يدعى/........ وهو شرطي بمركز الدوار على أنه صهره، كما تبين أن صحيفة الدعوى أعلنت بعزبة الدكتور/...... لمن يدعى/...... أنه صهره وذلك على الرغم مما هو ثابت بالإعلان من أن محل الإقامة هو عزبة/........
2 - أن الإعلان المعاد مسلم لمن يدعى/....... على أنه صهره.
3 - أنه بتاريخ 10/ 8/ 1989 تم سحب صورة من الحكم، سلمت إلى المحضرين في ذات اليوم، وانتقل المحضر في ذات اليوم إلى العين، وأثبت أنه وجد العين مغلقة فقام بإعلان الحكم إدارياً، وذكر أنه أعلن الحكم مخاطباً مع مأمور المركز، وأعلن بالمسجل 8995 بتاريخ 14/ 9/ 1989. وهذا الإخطار لم يصل إليه. وقد تم تحقيق الشكوى بمعرفة المراقبة العامة للشكاوى والتحقيقات بمحكمة الإسكندرية الابتدائية، وتم إعداد مذكرة - نتيجة التحقيق - بمعرفة السيد/....... كبير المحضرين لعرضه على السيد المستشار مساعد وزير العدل لشئون المحاكم، منتهية إلى وجوب مجازاة المحضرين/....... و....... لما ثبت في حقهما من مخالفات بشأن الإعلانات المتعلقة بالدعوى، كما تم إحالة الموضوع للتحقيق بمعرفة النيابة العامة حيث انتهت إلى ثبوت واقعة تزوير الإعلانات في حق المحضرين سالفى الذكر، إلا أنها اكتفت بوجوب مجازاتها إدارياً.
وبتاريخ 15/ 1/ 1992 صدر قرار السيد المستشار رئيس محكمة دمنهور الابتدائية بإحالة المحضرين/....... و....... لمجلس تأديب، ذلك أن أولهما قد أعلن عريضة الدعوى رقم 115 لسنة 1989 مدني كلي مساكن كفر الدوار، وقام بتنفيذ الحكم بالمخالفة للقانون، وأن ثانيهما قد أعلن الإنذار والإعلان المعاد بشأن الدعوى المذكورة بالمخالفة للقانون، إذ سلم كلاهما صور الإعلانات إلى أشخاص لا تربطهم صلة بالمعلن إليه وليس لهم أقامة أو سكن بالناحية، وتحدد لمجلس التأديب جلسة 15/ 2/ 1992، وفيها مثل المحضران المتهمان وطلبا البراءة على أساس أن ما صدر منهما لا يمثل مخالفة القانون.
وبجلسة 21/ 2/ 1992 صدر قرار مجلس التأديب بمجازاة المحضرين الطاعنين....... و........ بالفصل من الخدمة. وأقام مجلس التأديب قراره على أساس ثبوت الاتهام من واقع الأوراق وشهادة الشهود.
ونعى تقرير الطعن رقم 2205 لسنة 38 ق. ع - المقام من....... على قرار مجلس التأديب المطعون فيه البطلان لمخالفة القانون لقيام قرار على غير سبب صحيح وللغو في الجزاء، وإساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "يمتنع على القاضي أن يشترك في نظر الدعوى إذا كانت الجريمة قد وقعت عليها شخصياً، أو إذ كان قام في الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي أو بوظيفة النيابة العامة أو المدافع عن أحد الخصوم، أو أدى فيها شهادة، أو باشر عملاً من أعمال أهل الخبرة.
ويمتنع عليه كذلك أن يشترك في الحكم إذا كان قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة، أو أن يشترك في الحكم في الطعن إذا كان الحكم المطعون فيه صادراً منه".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر - مستلهماً أحكام هذا النص - على أن الأصل أن من يقوم في الدعوى الجنائية أو التأديبية من أعمال التحقيق يمتنع عليه الاشتراك في نظر الدعوى أو الحكم فيها، باعتبار أن ذلك أصل من أصول المحاكمات، وحكمة ذلك هي ضمان حيدة القاضي الذي يجلس من المتهم مجلس الحكم بينه وبين سلطة الاتهام، وحتى لا يفسر قضاءه بعقيدة سبق أن كونها عن التهمة موضوع المحاكمة، وهو يباشر ولاية التحقيق أو يتولى سلطة الاتهام أو يشترك في قرار الإحالة أو في نظر الدعوى في مرحلة سابقة، فثمة قاعدة في الضمير تمليها العدالة المثلى ولا تحتاج إلى نص يقررها، وهي أن من يجلس مجلس القضاء يجب ألا يكون قد كتب أو استمع أو تكلم في الموضوع المعروض، حتى تصفو نفسه من كل ما يمكن أن يستشف منه رأيه في المتهم، بما يكشف لهذا الأخير مصيره مقدماً فيزعزع ثقته فيه أو يقضي على اطمئنانه إليه.
ومن حيث إنه متى كان تقدم، وكان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن السيد/........... كبير المحضرين وعضو مجلس التأديب الذي أصدر القرار الطعين، كان قد تقدم بمذكرة إلى السيد المستشار مساعد وزير العدل لشئون المحاكم بتاريخ 7/ 4/ 1990 مطالباً بمجازاة المحضرين الطاعنين عن ذات المخالفات الصادر بشأنها قرار مجلس التأديب الطعين، فمن ثم فإن قرار مجلس التأديب بمجازاة الطاعن الأول/........ الفصل من الخدمة يكون مشوباً بعيب جسيم في تشكيل مجلس التأديب الذي أصدره، بما من شأنه أن يبطل قرار الجزاء ويستوجب القضاء بإلغائه، مع إعادة محاكمة الطاعن أمام مجلس التأديب بهيئة أخرى.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 1501 لسنة 39 ق. ع المقام من الطاعن الثاني/.......، فإن الثابت من الأوراق أن القرار الطعين بفصله من الخدمة قد صدر بجلسة 12/ 4/ 1929، وأن تقرير الطعن قد أودع قلم كتاب المحكمة بتاريخ 27/ 2/ 1993، وبعد المواعيد القانونية المقررة، استناداً إلى نص المادة (218) من قانون المرافعات، على أساس أن موضوع الحكم التأديبي الطعين غير قابل للتجزئة.
ومن حيث إن المادة (218) من قانون المرافعات المدنية تنص على أن "فيما عدا الأحكام الخاصة بالطعون التي ترفع من النيابة العامة لا يفيد من الطعن إلا من رفعه، ولا يحتج به إلا على من رفع عليه.
على أنه كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه متضمناً إلى في طلباته، فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن. وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم......".
ومفاد هذا النص - في حدود ما هو لازم للفصل في الطعن المعروض - أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة، جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته.
ومن حيث إنه وإن كان موضوع الحكم غير القابل للتجزئة من الموضوعات التي تدق فيها صور التفسير والتقدير، إلا أنه لا يعني على الإطلاق مجرد تعدد المدعين في الدعاوى المدنية أو تعدد المتهمين في الدعاوى الجنائية متى كان لكل المدعين في الدعاوى المدنية مطلب مستقل ومتى كان لكل من المتهمين في الدعاوى الجنائية جرائم محددة تخصه وحده، لا تتناقض براءة أحدهم مع إدانة الآخر، وإنما يعني موضوع الحكم غير القابل للتجزئة، أن يكون الحق المطالب به واحداً وأن تعدد المدعون، ومثاله دعوى بطلان إجراءات التنفيذ، ودعوى بطلان حكم مرسي المزاد، ودعوى انتهاء عقد إيجار الأرض الفضاء المؤجرة لمورث.
ومن حيث إنه وإن كان ورود هذا النص في قانون المرافعات المدنية دون ورود مثيل له في قانون الإجراءات الجنائية، مما قد يثير غباراً كثيراً من الشك حول إمكانية أعماله بالنسبة للدعاوى الجنائية أو التأديبية، إلا أنه وبغرض مسايرة القضاء السابق لهذه المحكمة بجواز إعمال هذا النص بالنسبة للدعاوى التأديبية، فإن الثابت من الأوراق أنه وإن كان الطاعن في الطعن رقم 2205 لسنة 38 ق. ع قدم مع الطاعن في الطعن رقم 1501 لسنة 39 ق. ع إلى مجلس تأديب بدعوى تأديبية واحدة، إلا أن مخالفات كل منهما تختلف عن مخالفات الآخر، إذ أن كلاً منهما قد اتهم بمخالفة القانون عيد قيام كل منهما منفرداً بإجراءات إعلان دعوى معينة وإجراءات تنفيذ الحكم فيها.
ومن حيث إنه لما تقدم، فإنه ليس ثم عدم قابلية للتجزئة في موضوع الحكم التأديبي الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة دمنهور الابتدائية بجلسة 12/ 4/ 1992 بمجازاة الطاعن بالطعن رقم 2205 لسنة 38 ق. ع بالفصل من الخدمة ومجازاة الطاعن بالطعن رقم 1501 لسنة 39 ق. ع بالفصل من الخدمة، بما يجيز للطاعن الأخير الذي أقام طعنه بعد الميعاد أن يتدخل منضماً إلى الطاعن الأول الذي أقام طعنه في الميعاد، وهو ما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن الأخير رقم 1501 لسنة 39 ق. ع شكلاً لرفعه بعد الميعاد.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً: بالنسبة للطعن رقم 2205 لسنة 38 ق. ع بقبول الطعن شكلاً في مواجهة المطعون ضده الأول وحده وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة، وبإعادة محاكمة الطاعن أمام مجلس تأديب العاملين بمحكمة دمنهور الابتدائية وبهيئة أخرى.
ثانياً: بعدم قبول الطعن رقم 1501 لسنة 39 ق. ع شكلاً لرفعه بعد الميعاد.