مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1994 إلى 15 سبتمبر سنة 1994) - صـ 1487

(144)
جلسة 21 من يونيه سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعبد السميع عبد الحميد بريك، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 23 لسنة 40 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - الوقف الاحتياطي عن العمل.
المادة (86) من قانون العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978.
الوقف الاحتياطي عن العمل لا يكون إلا لمصلحة التحقيق لمدة لا تزيد على 3 شهور ولا يجوز مدها إلا بقرار من المحكمة التأديبية - يسري الوقف الاحتياطي عن العمل على أعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية وأعضاء مجلس الإدارة المنتخبين - يكون وقفهم عن العمل بقرار من المحكمة التأديبية - شرع الوقف الاحتياطي عن العمل لمواجهة حالات محددة على سبيل الحصر - لا يجوز لجهة الإدارة أن تصدر قرار بوقف العامل في غير هذه الحالات - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 11/ 10/ 1993 أودع الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 23 لسنة 40 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بجلسة 2/ 10/ 1993 في الطلب رقم 200 لسنة 35 ق والذي قرر وقف المعروض حالته (الطاعن) لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف أجره.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف القرار المطعون عليه وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه والقضاء برفض طلب وقفه عن العمل.
وقد تم إعلان الطعن للمطعون ضده.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وفي الموضوع بإلغائه.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث قررت بجلسة 2/ 2/ 1994 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 29/ 3/ 1994 وتدوول الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص، حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 31/ 8/ 1993 أودعت النيابة الإدارية الطلب رقم 200 لسنة 35 ق قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة طالبة في ختامه إيقاف/...... لمدة ثلاثة أشهر تطبيقاً لنص المادة 86/ 4 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وذكرت بياناً لهذا الطلب أن المذكور يشغل الدرجة الأولى بوظيفة مدير إدارة بقطاع المخازن بشركة حلوان للصناعات الهندسية، وعضو مجلس إدارة الشركة المنتخب، ورئيس الجمعية التعاونية الاستهلاكية للعاملين بالشركة، وقد اتهم في القضية رقم 3869 لسنة 1992 جنح حلوان والتي قيدت برقم 10730 لسنة 1992 جنايات حلوان، المقيدة برقم 662 لسنة 1992 كلي جنوب القاهرة وبرقم 352 لسنة 1993 حصر أموال عامة عليا وبرقم 166 لسنة 1993 جنايات أموال عامة، وذلك بناء على اتهام النيابة العامة له، حيث وجهت له أنه والمتهم الثاني بصفتيهما موظفين عموميين استوليا بغير حق وبنية التملك على البضائع المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 65254.610 جنيه والمملوكة للجمعية سالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات.
وإنه بتاريخ 9/ 8/ 1993 تقدم مدير إدارة الأمن والدفاع المدني بمذكرة مرفوعة للسيد وكيل أول وزارة الإنتاج الحربي لشئون الأمن والمشرف على مكتب وزير الإنتاج الحربي وذلك لقرب انتهاء مدة تنحية الطاعن عن مجلس الإدارة بتاريخ 16/ 8/ 1993 بصفته عضواً منتخباً بمجلس إدارة الشركة، ولما ينطوي على عودته من خطورة للعمل بمجلس الإدارة، وقد تأشر على هذه المذكرة من السيد الأستاذ مستشار الوزير أنه يرى إحالة أوراق المذكور للمحكمة التأديبية لتقرير وقفه عن العمل أو نقله إلى إحدى الشركات أو الهيئات، وقد وافق السيد الوزير بتاريخ 14/ 8/ 1993 بالتأشير للسيد رئيس مجلس إدارة الشركة والسيد رئيس قطاع التنمية الإدارية بالوزارة للموافقة على الرأي بالإحالة إلى المحكمة التأديبية للإيقاف عن العمل لمصلحة التحقيق.
وقد تحدد لنظر الطلب أمام المحكمة التأديبية جلسة 2/ 10/ 1993 حيث قدم الحاضر عن المعروض أمره (الطاعن) حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من مذكرة نيابة جنوب القاهرة الكلية في القضية رقم 10730 لسنة 1992 جنايات حلوان والمقيدة برقم 662 لسنة 1992 كلي جنوب القاهرة والتي انتهت إلى قيد الواقعة ضد المتهمة الأولى (.......) واستبعاد الطاعن من الاتهام كما قدم مذكرة بدفاعه التمس فيها رفض طلب الوقف تأسيساً على أن مرحلة التحقيق قد انتهت بصدور أمر الإحالة إلى المحاكمة الجنائية، وبذات الجلسة قررت المحكمة المعروض أمره (الطاعن) لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، ذلك أنه وفقاً لحكم المادة 86 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 فإن الوقف الاحتياطي عن العمل لا يكون إلا في حالة وحيدة وهي ما إذا اقتضته مصلحة التحقيق فإذا كان التحقيق قد انتهى فلا يجوز وقف العامل احتياطياً. ولما كان الثابت من الأوراق المقدمة من النيابة الإدارية ذاتها أمام المحكمة التأديبية أن التحقيق قد انتهى وتم التصرف فيه بإحالة المتهمين إلى محكمة أمن الدولة العليا ولم يفصل بعد في هذه الجناية فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر مخالفاً للقانون فضلاً عن مخالفته لما استقر عليها قضاء المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن المادة (86) من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 سنة 1978 تنص على أنه "لرئيس مجلس الإدارة بقرار مسبب حفظ التحقيق وله أن يوقف العامل عن العمل احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التي تصدرها، ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف الأجر ابتداء من تاريخ الوقف.. وبالنسبة لأعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية وأعضاء مجلس الإدارة المنتخبين يكون وقفهم عن العمل بقرار من السلطة القضائية المختصة، وتسري في شأنها الأحكام المتقدمة الخاصة بمدة الوقف عن العمل وما يترتب عليه من آثار وما يتبع نحو صرف الأجر".
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم أن الوقف الاحتياطي عن العمل لا يكون إلا إذا اقتضته مصلحة التحقيق وذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر ولا يجوز مدها إلا بقرار من المحكمة التأديبية وللمدة التي تحددها وأنه بالنسبة لأعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية وأعضاء مجلس الإدارة المنتخبين فإنه تسري في شأنهم تلك الأحكام إلا أن وقفهم عن العمل لا يكون إلا بقرار من السلطة القضائية المختصة (المحكمة التأديبية).
ومن حيث إن القانون قد شرع إجراء الوقف عن العمل لمواجهة حالات محددة على سبيل الحصر هي حالة ما إذا أجرى تحقيق مع العامل وثبت فيه ارتكابه لذنب إداري معين يتعين مسألته عنه فيوقع عليه الوقف عن العمل كجزاء تأديبي، وحالة ما إذا أسندت للعامل تهم ويدعو الحال إلى الاحتياط والصون للعمل العام الموكول إليه بكف يده عنه وإقصائه عن وظيفته ليجرى التحقيق في جو خال من مؤثراته وبعيداً عن سلطة وهو الوقف الاحتياطي، وحالة الوقف بقوة القانون للموظف الذي يحبس احتياطياً أو تنفيذاً للحكم الجنائي، لذلك فإنه لا يسوغ لجهة الإدارة أن تصدر قراراً بوقف العامل لأن سبب لا يمت إلى الحالات السابقة بصلة.
ومن حيث إنه بالنسبة لوقف العامل عن العمل احتياطياً فإنه لا يسوغ إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحة التحقيق هذا الإيقاف، ومن ثم فصدور قرار الوقف بعد الانتهاء من التحقيق، وهو علة تقريره، يكون قد تم على غير ما يقضي به القانون، وترتيباً على ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن التحقيقات قد تمت مع الطاعن وقد أحيل مع آخرين إلى محكمة أمن الدولة العليا في القضية رقم 10730 لسنة 2 ق جنايات حلوان والمقيدة برقم 622 لسنة 1992 جنوب القاهرة وبرقم 352 لسنة 1993 حصر أموال عامة عليا، وبرقم 166 لسنة 1993 جنايات أموال عامة عليا وإنه لم يفصل في هذه الجناية بعد وإنه لما كانت هذه التحقيقات قد انتهت مع الطاعن بإحالته إلى المحاكمة الجنائية بتاريخ 24/ 6/ 1993 وإن البين من الأوراق (مذكرة مدير إدارة الأمن والدفاع المدني بالشركة المقدمة إلى السيد وكيل أول وزارة الإنتاج الحربي والمشرف على مكتب الوزير والمؤرخة 9/ 6/ 1993) إن الباعث الحقيقي لوقف الطاعن عن عمله هو قرب انتهاء مدة تنحيته عن مجلس الإدارة بصفته عضواً منتخباً بمجلس إدارة الشركة ولما ينطوي على عودته للعمل بمجلس الإدارة من خطورة، وأن هذه المذكرة - حسبما تحمل من ترتيبات المستشار القانوني والسيد الوزير هي السبب الحقيقي لعرض أمره على المحكمة التأديبية توطئة لاستصدار قرار بوقفه عن العمل ومن ثم وطالما أن مرحلة التحقيق قد انتهت مع الطاعن بصدور أمر الإحالة إلى المحاكمة الجنائية فقد انتفى المبرر القانوني للوقف الاحتياطي لأن مناط مشروعيته أن يكون ثمة تحقيق يجرى مع العامل وأن تقتضي مصلحة التحقيق ذلك.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم وإذ ذهبت المحكمة التأديبية إلى خلاف ذلك فإن قرارها يكون قد صدر مخالفاً لحكم القانون متعيناً إلغائه.

فلهذه الأسباب

حكمت الحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبرفض طلب وقف الطاعن عن العمل مع ما يترتب على ذلك من آثار.