مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1994 إلى 15 سبتمبر سنة 1994) - صـ 1509

(148)
جلسة 26 من يونيه سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فواد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد، وجودة فرحات، وعادل محمود فرغلي، والسيد محمد السيد الطحان - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2127 لسنة 32 قضائية

صحافة - قرار سلبي بالامتناع عن اعتماد أسعار المساحة الإعلانية - اختصاص مجلس الدولة.
المواد 13 و14 و15 من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة - اختصاص محكمة القيم ينحصر في الطعون في القرارات الايجابية التي يصدرها المجلس الأعلى للصحافة برفض إصدار الصحف - ما عدا ذلك من قرارات أو منازعات إدارية تتعلق بإصدار الصحف أو تترتب عليها فيظل الاختصاص بنظرها معقوداً لمجلس الدولة صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية - مؤدى ذلك: اختصاص مجلس الدولة بالقرار السلبي بامتناع المجلس الأعلى للصحافة عن اعتماد أسعار المساحة الإعلانية للحكومة والقطاع العام في جريدة صوت العرب وكذلك الامتناع عن اعتماد حصة الورق الخاصة بها - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ السبت 28/ 5/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن رئيس المجلس الأعلى للصحافة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2127 لسنة 32 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 29/ 3/ 1988 في الدعويين رقمي 5282 و5305 لسنة 41 ق المرفوعتين من/........ بصفته ضد الطاعن والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى واحتياطياً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 7/ 2/ 1994 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 20/ 3/ 1994 وتدوول نظره، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين بمحاضر الجلسات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 16/ 7/ 1987 م أقام/....... بصفته الدعوى رقم 5282 لسنة 41 ق ضد رئيس المجلس الأعلى للصحافة طالباً في ختام عريضتها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وقال شرحاً للدعوى أنه بتاريخ 20/ 5/ 1986 استصدر ضد المدعى عليه حكماً من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1470 لسنة 40 ق أصبح بموجبه من حق المدعي إصدار جريدة أسبوعية تحمل اسم صوت العرب، كما استصدر من ذات المحكمة حكماً في الدعوى رقم 4020 لسنة 40 ق بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 1470 لسنة 40 ق وأضاف المدعي أنه قام فعلاً بإصدار جريدة صوت العرب ولما كان الإعلان هو أهم مورد من موارد الجرائد السيارة إذ به تستقيم ميزانيتها وإذا أحاطت المادة 44/ 9 من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة بالمدعى عليه مهمة تحديد أسعار المساحات الإعلانية، وحاول المدعي مع المدعى عليه ليقوم بواجبه المنصوص عليه في القانون فأبى، وهذا الامتناع من جانب المدعى عليه يشكل قراراً سلبياً بالامتناع عن اعتماد أسعار المساحة الإعلانية للحكومة والقطاع العام في جريدة صوت العرب وكذا الامتناع عن اعتماد حصة الورق الخاصة بها، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه صدوره مشوباً بعيب مخالفة القانون والتعسف في استعمال السلطة مما يجعله خليقاً بالإلغاء، وأشار إلى أن نكوص المدعى عليه عن القيام بالتزامه المشار إليه يمثل ضرراً يتعذر تداركه لأن استمرار الجريدة في الصدور دون موارد إعلانية يشكل عبئاً ضخماً على مواردها الهزيلة ويهددها بالتوقف واختتم المدعي عريضة الدعوى بالطلبات المشار إليها، وكان المدعي قد أقام دعوى أخرى برقم 12917 لسنة 1986 مدني كلي جنوب القاهرة بتاريخ 16/ 10/ 1986 طالباً فيها الحكم ضد رئيس المجلس الأعلى للصحافة بندب لجنة من خبراء وزارة الإعلان للاطلاع على جريدة صوت العرب وأقام توزيعها لتقدير أسعار الإعلان بها وبيان الأضرار التي لحقتها من جراء امتناع المدعى عليه عن اعتماد أسعار الإعلان بها والحكم بما يسفر عنه تقرير اللجنة وبجلسة 26/ 5/ 1987 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية "الدائرة 23 مدني" بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري، وأبقت الفصل في المصروفات ووردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" وقيدت بجدولها برقم 5305 لسنة 41 ق وتدوول نطر الدعويين أمام محكمة القضاء الإداري على النحو المبين بمحاضر جلساتها، ورداً على الدعويين أوضح المدعى عليه أن الحكمين الصادرين لصالح المدعي لم يصبحا نهائيين وحجيتهما مؤقتة وقابلين للإلغاء فقد طعن على الحكم رقم 1470 لسنة 40 ق بالطعن رقم 3009 لسنة 32 ق عليا كما طعن على الحكم رقم 4030 لسنة 40 ق بالطعن رقم 327 لسنة 33 ق ومن ثم فلا زالت هناك منازعة في شأن جريدة صوت العرب ولم يستقر وضعها القانوني بصورة نهائية ولا يتسنى للمجلس الأعلى للصحافة أن يصدر قراراً بتحديد أسعار الإعلانات بالنسبة إلى الحكومة والقطاع العام لجريدة لم يستقر وضعها القانوني نهائياً حرصاً على المال العام إذا أن تحديد أسعار الإعلانات وفقاً لحكم المادة 44/ 9 من قانون سلطة الصحافة رقم 148 لسنة 1980 إنما قصد به مصلحة الحكومة والقطاع العام بالحرص على أموالهما ومراعاة حق القارئ في المساحة التحريرية، وأضافت الجهة الإدارية بأن المدعي لم يتقدم بطلب لتحديد أسعار الإعلانات يوضح فيه المساحة التحريرية للصحيفة وحجم توزيع الصحيفة الذي على ضوئه يستطيع المدعى عليه أن يتخذ قراره في هذا الشأن. وبجلسة 31/ 3/ 1988 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من دفاع الجهة الإدارية أن استندت في القرار المطعون فيه إلى سببين وأنه بالنسبة للسبب الأول وهو أن الحكمين الصادرين لصالح المدعي بوقف تنفيذ قرار الامتناع عن الترخيص له بإصدار جريدة صوت العرب والاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر لصالحه لم يصبحا نهائيين وأن حجيتهما مؤقتة وقابلين للإلغاء وطعن عليهما أمام المحكمة الإدارية العليا ومن ثم لا تزال هناك منازعة في شأن الجريدة ولم يستقر وضعها القانوني بصورة نهائية ولا يتسنى للمجلس الأعلى للصحافة أن يصدر قراراً بتحديد أسعار إعلانات لجريدة لم يستقر وضعها بعد، فإنه طبقاً لنص المادة (50) من قانون مجلس الدولة لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك، وأنه طبقاً لنص المادة 101 من قانون الإثبات فإن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة بما فصلت فيه ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، وعلى هذا المقتضى فقد استقرت أحكام القضاء الإداري على أن الحكم الصادر في طلب وقف التنفيذ وإن كان لا يقيد المحكمة عند نظر أصل طلب الإلغاء إلا أنه يظل مع ذلك حكماً قطعياً له مقومات الأحكام وخصائصها، وينبني على ذلك أنه يحوز حجية الأحكام في خصوص موضوع الطلب ذاته وإن كان مؤقتاً بطبيعته، وأنه بناء على ذلك وإذ كان الثابت من الأوراق أن المدعي أقام الدعوى رقم 1470 لسنة 40 ق بطلب وقف تنفيذ القرار السلبي لرئيس المجلس الأعلى للصحافة فيما تضمنه من الامتناع عن إصدار بالترخيص له بإصدار جريدة صوت العرب وفي الموضوع بإلغاء القرار وبجلسة 20/ 5/ 1986 أصدرت المحكمة حكمها في الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه كما استصدر المدعي حكماً من ذات المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى المشار إليها على النحو المبين فيما سبق وإذ كان ما قضى به في الحكم الصادر في الدعوى رقم 1470 لسنة 40 ق هو قضاء قطعي بوقف القرار المطعون فيه في تلك الدعوى وهذا الحكم واجب التنفيذ من يوم صدوره ما لم تأمر المحكمة الإدارية العليا بوقف تنفيذه كما يجوز حجية الأحكام في خصوص ما قضى به وله مقومات الأحكام وخصائصها، وإذ كان ذلك وكان تنفيذ ذلك الحكم يتم في المدى والنطاق الذي حدده على النحو المبين بمنطوقه وأسبابه وهذا التنفيذ يفرض التزامين أولهما سلبي بالامتناع عن اتخاذ أي إجراء تنفيذي يترتب عليه حدوث أثر للقرار المحكوم بوقف تنفيذه وثانيهما إيجابي باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ مؤدى الحكم وذلك جميعاً لا يتأتى إلا بمعاملة الجريدة التي يقوم عليها المدعي "جريدة صوت العرب" معاملة غيرها من الجرائد في تطبيق أحكام القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة وإذا امتنعت الجهة الإدارية عن تحديد المساحة الإعلانية للحكومة والقطاع العام ومن اعتماد حصة الورق الخاصة بها استناداً إلى أن الحكمين سالفي الذكر مطعون فيهما وغير نهائيين فإن قرارها المطعون فيه يكون غير قائم بحسب ظاهر الأوراق على سبب صحيح يبرره، وأضافت المحكمة بالنسبة للسبب الثاني الذي قام عليه القرار المطعون فيه وهو أن المدعي لم يبين ولم يوضح بطلب تحديد أسعار الإعلانات المساحة التحريرية للصحيفة وحجم توزيعها فإن البين من استعراض نص المادة 44 من القانون 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة سالف الذكر أن المشرع أناط بالمجلس الأعلى للصحافة تحديد حصة الورق اللازمة لكل صحيفة وتحديد أسعار مساحات الإعلانات للحكومة والقطاع العام الخاصة بكل صحيفة من الصحف، ولم يترتب المشرع قبل الصحيفة أية التزامات معينة في هذا الخصوص كتلك التي أشار إليها دفاع الجهة الإدارية خاصاً بتحديد المساحة التحريرية للصحيفة أو تحديد حجم وتوزيع الصحيفة، وخلصت المحكمة إلى أن تخلف تلك البيانات في الطلب المقدم من الصحيفة في هذا الخصوص لا يبرر امتناع الجهة الإدارية عن النظر في حرمان الصحيفة من أحد الحقوق المقررة لها قانوناً وتبعاً لذلك لا يكون السبب الثاني الذي استندت إليه الجهة الإدارية قائماً على أساس سليم من صحيح حكم القانون:
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ تطبيقه وتأويله ذلك لأنه طبقاً لما تنص عليه المادة (15) من قانون سلطة الصحافة فإن محكمة القيم هي المختصة دون غيرها بالمنازعات المتعلقة بإصدار الصحف ومن ثم تكون محكمة القضاء الإداري غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى هذا بالنسبة للاختصاص أما بالنسبة لموضوع طلب وقف التنفيذ فإن الالتزام الواقع على عاق المجلس الأعلى للصحافة طبقاً لنص المادة 44/ 9 من القانون رقم 148 لسنة 1980 بتحديد حصة الورق لدور الصحف وتحديد أسعار الصحف والمجلات وتحديد أسعار ومساحات الإعلانات للحكومة والقطاع العام بما لا يخل بحق القارئ في المساحة التحريرية وفقاً للصرف الدولي يقابله التزام آخر على عاتق ممثل الصحيفة بأن يقدم إلى المجلس الأعلى للصحافة العناصر والأسس التي تمكنه من أداء مهمته بصورة تتفق مع الواقع وتطابق صحيح القانون وأنه في النزاع المعروض فإنه كان يتعين على المطعون ضده أن يتقدم بطلبه إلى المجلس الأعلى للصحيفة مستوفياً للبيانات الخاصة بحجم الصحيفة وتوزيعها بحسبان ذلك من العناصر التي تمكنه من أداء مهمته وإذ لم يتقدم المطعون ضده بهذه البيانات فإن مسئولية ذلك يقع عليه وحده، ومن ناحية أخرى فإن ما ذهب إلية الحكم المطعون فيه من أن الحكم الصادر لصالح المطعون ضده في طلب وقف التنفيذ في الدعوى رقم 1470 لسنة 40 ق والحكم الصادر بالاستمرار في تنفيذ هذا الحكم هو قضاء قطعي واجب النفاذ من يوم صدوره وأن الطعن عليهما بالطعنين رقم 3009 لسنة 32 ق عليا لسنة 33 ق عليا لا يوقف تنفيذهما ما لم تقض دائرة فحص الطعون بغير ذلك وأن معاملة جريدة صوت العرب معاملة غيرها من الجرائد في تطبيق أحكام قانون سلطة الصحافة يعتبر أثراً من الآثار التي رتبها الحكم لصالح المدعي (المطعون ضده)، فإن ذلك محل نظر إذ لا يستساغ عملاً أو منطقاً القول بامتداد أثر هذه الأحكام إلى كل طلب أو إجراء تال يطلبه المطعون ضده ويكون غير مستوف للشروط والأوضاع التي تطلبها القانون ولما كان ذلك وكان المطعون ضده قد قدم طلبه بتحديد حصة جريدته من الورق وتحديد الأسعار والمساحات الخاصة بالإعلانات غير مستوف للعناصر اللازمة للفصل فيه فإنه لا مجال لإلزام المجلس الأعلى للصحافة، بإجابته إلى طلبه بمقولة إن ذلك يعتبر أثراً من آثار حجية الحكم الصادر لصالحه، وبجلسة 30/ 3/ 1994 التي عينت لنظر الطعن أمام هذه المحكمة تقرر تأجيله لجلسة 24/ 4/ 1994 ثم لجلسة 5/ 6/ 1994 لضم الحكم الصادر في الطعنين رقم 3009 لسنة 32 ق عليا و327 لسنة 33 ق عليا حيث تم ضمهما.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى واختصاص محكمة القيم بنظره طبقاً لأحكام القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة، فذلك مردود بأن المادة (13) من هذا القانون تنص على أن حرية إصدار الصحف للأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة مكفولة طبقاً للقانون، وتوجب للمادة (14) منه على كل من يريد إصدار صحيفة جديدة أن يقدم إخطاراً كتابياً إلى المجلس الأعلى للصحافة، كما تنص المادة (15) على أن يصدر المجلس الأعلى للصحافة قراره في شأن الإخطار المقدم إليه لإصدار الصحيفة خلال مدة لا تجاوز أربعين يوماً من تاريخ تقديمه، ويعتبر عدم إصدار القرار بمثابة عدم اعتراض من المجلس الأعلى للصحافة على الإصدار وفي حالة صدور قرار برفض إصدار الصحيفة يجوز لذوي الشأن الطعن أمام محكمة القيم بصحيفة تودع قلم كتاب هذه المحكمة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار بالرفض، ومقتضى ذلك ولازمه أن اختصاص محكمة القيم ينحصر في نظر الطعون في القرارات الايجابية التي يصدرها المجلس الأعلى للصحافة، برفض إصدار الصحف أما ما عدا ذلك من قرارات أو منازعات إدارية تتعلق بإصدار الصحف أو مترتبة عليها فيظل الاختصاص بنظرها معقوداً لمجلس الدولة صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية طبقاً لنص المادة 172 من الدستور والمادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ذلك لأنه وإن جاز استثناء إسناد الفصل في بعض المنازعات الإدارية إلى جهات قضائية أخرى فإن هذا الاستثناء وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا يكون بالقدر وفي الحدود التي يقتضيها الصالح العام في إطار التفويض المخول للمشرع في المادة 167 من الدستور والتي تنص على أن يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها، إذ يكون مقتضى ذلك ولازمه وفي إطار ما هو مقرر من أن الاستثناء بقدره فلا يتوسع في تفسيره ولا يقاس عليه فإنه يتعين التقيد في تحديد اختصاص محكمة القيم في هذا الشأن بما ورد النص عليه صراحة في المادة (15) من القانون رقم 148 لسنة 1980 المشار إليها دون التوسع في تفسيره أو القياس عليه، ومن ثم تنحصر ولايتها في نظر الطعون في القرارات الايجابية برفض إصدار الصحف أما ما عدا ذلك من قرارات سلبية أو إيجابية، يصدرها المجلس الأعلى للصحافة في شأن الصحف فإن الاختصاص في شأنه يظل على أصله معقوداً لمجلس الدولة صاحب الولاية العامة في هذا الشأن، وبناء على ذلك يكون القرار السلبي المطعون فيه بامتناع المجلس الأعلى للصحافة عن اعتماد أسعار المساحة الإعلانية للحكومة والقطاع العام في جريدة صوت العرب التي يمثلها المدعي (المطعون ضده) وكذلك الامتناع عن اعتماد حصة الورق الخاصة بهذه الصحيفة مما يدخل الاختصاص بنظر الطعن فيه في ولاية مجلس الدولة الأمر الذي يكون معه الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائياً بنظره عير قائم على سند واجباً الالتفات عنه.
ومن حيث إنه طبقاً لنص المادة (49) من قانون مجلس الدولة سالف الذكر وما جرى به قضاء هذه المحكمة فإنه لا يجوز إيقاف تنفيذ قرار إداري إلا إذا توافر في طلب وقف التنفيذ ركنان: أولهما: ركن الجدية ويتصل بمبدأ المشروعية وهو أن يكون الطلب قائماً بحسب ظاهر الأوراق ودون المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه على أسباب جدية يرجح معها إلغاء القرار المطعون فيه، والثاني ركن الاستعجال، بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه بالنسبة لركن الجدية فإن حقيقة ما يهدف إليه المدعي (المطعون ضده) بطلباته هو الحكم بإلغاء القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية (الطاعنة) عن اعتماد أسعار المساحة الإعلانية للحكومة والقطاع في جريدة صوت العرب التي يمثلها المطعون ضده والامتناع عن اعتماد أسعار حصة الورق الخاصة بالجريدة وقد أسس المدعي (المطعون ضده) دعواه على أنه صدر لصالحه حكم محكمة القضاء الإداري بجلسة 30/ 5/ 1986 في الدعوى رقم 1470 لسنة 40 ق بإيقاف تنفيذ القرار السلبي للمجلس الأعلى للصحافة عن إصدار ترخيص جريدة صوت العرب للمدعي، كما صدر لصالحه من ذات المحكمة بجلسة 28/ 11/ 1986 الحكم الصادر في الدعوى رقم 4030 لسنة 40 ق بالاستمرار في تنفيذ الحكم المشار إليه والمستشكل في تنفيذه لصالح المدعي الأمر الذي يوجب على الجهة الإدارية احتراماً لحجية هذين الحكمين وترتيباً لأثارهما القانونية معاملة جريدة صوت العرب معاملة غيرها من الجرائد في تطبيق أحكام قانون سلطة الصحافة رقم 148 لسنة 1980 وذلك بتحديد أسعار المساحة الإعلانية للحكومة والقطاع العام في جريدة صوت العرب واعتماد حصة الورق الخاصة بالجريدة إعمالاً لحكم المادة 44/ 9 من القانون سالف الذكر مما يكون امتناع الجهة الإدارية عن القيام بهذه الواجبات التي يفرضها القانون عليها قراراً سلبياً مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه يبين من ظاهر الأوراق أن الحكمين اللذين يؤسس عليهما المدعي دعواه وهو الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1470 لسنة 40 ق والحكم الصادر من ذات المحكمة في الدعوى (الإشكال) رقم 4030 لسنة 40 ق قد طعن فيهما بالطعن رقم 3009 لسنة 32 ق عليا ليصدر فيهما حكم واحد حيث صدر في هذا الشأن حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 13/ 6/ 1993 بإلغاء الحكمين المطعون فيهما ومن ثم يكون طلب وقف التنفيذ محل الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل قد أضحى فاقداً لأساسه القانوني متعيناً رفضه مما لا محل معه لبقاء الحكم المطعون فيه قائماً منتجاً لأثاره وإنما يتعين إلغاؤه، بعدما انهار الأساس القانوني الذي ارتكن إليه الحكم فيما قضى.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المطعون ضده المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض طلب وقف التنفيذ وألزمت المطعون ضده المصروفات.