مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 157

(68)
جلسة 23 من فبراير سنة 1974

برياسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي -المستشارين.

القضية 1020 لسنة 13 القضائية

تقادم "عقد إداري" مدى سريان قواعد التقادم المنصوص عليها في القانون المدني على روابط القانون العام - معنى الدورية والتجدد - مثال - مقابل استغلال مقصف حق دوري متجدد يخضع للتقادم الخمسي - أساس ذلك.
ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه لا إلزام على القضاء الإداري بتطبيق النصوص المدنية في التقادم أياً كان مجال تطبيقها إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك أو رأى تطبيقها على وجه يتلاءم مع روابط القانون العام إلا أن قضاء المحكمة قد جرى كذلك على أن الدورية والتجدد المنصوص عليهما في المادة 375 من القانون المدني هما من الخصائص المتفرعة عن طبيعة الحق في ذاته إذ يقصد بالدورية أن يكون الحق مستحقاً في مواعيد متتالية وبالتجدد أن ما يؤدى من الدين في موعده لا ينتقص من أصله وقد ذكرت المادة 375 المشار إليها المرتبات من بين الحقوق الدورية المتجددة التي أوردتها على سبيل المثال فالمرتبات بطبيعتها من الحقوق التي تتقادم بخمس سنوات باعتبارها دورية متجددة وهاتان الصفتان لا تزايلان ما تجمد منها كما لا يغير من طبيعة المرتب، كحق دوري متجدد قيام المنازعة في أصل استحقاقه إذ لا شأن لذلك بمدة التقادم كما أشارت المادة 375 حيث نصت على أن الحق الدوري المتجدد يتقادم بتلك المدة ولو أقر به المدين فتسري مدة التقادم من باب أولى إذا نازع فيه ومرد ذلك إلى أن التقادم الخمسي لا يقوم على قرينة الوفاء كما هو الشأن فيما عداه من ضروب التقادم وإنما يرجع في أساسه إلى أن المدين يفرض فيه أداء الديون الدورية المتجددة من إيراده فلو أجبر على الوفاء بما تراكم منها بعد انقضاء خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق لأفضى ذلك إلى تكليفه بما يجاوز السمعة، وقد جعل للمدين، تفريعاً على هذا التوجيه، أن يتمسك بانقضاء تلك المدة ولو بعد إقراره بوجوب الدين في ذمته ومما يجب التنبيه إليه أن القرينة التي يقوم عليها هذا التقادم الخمسي هي قرينة قانونية قاطعة لا تقبل الدليل العكسي فلا وجه للتحدي بأنها لا تسري في حق الخزانة العامة بحسبان أنها مليئة.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم وجوب تطبيق حكم المادة 375 من القانون المدني على روابط القانون العام كما تطبق على روابط القانون الخاص سواء بسواء عند توافر الخصيصتين المنصوص عليهما في المادة المشار إليها في الحق المطالب به أياً كان مجال تطبيق حكم هذه المادة طالما أن هاتين الخصيصتين الدورية والتجدد هما من الخصائص المتفرعة عن طبيعة الحق في ذاته ومن ثم فإنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن في تطبيق حكم المادة 375 سالفة الذكر على روابط القانون العام ما يتعارض مع طبيعة هذه الروابط.
ومن حيث إن حكم المادة 375 من القانون المدني ينطبق كما سبق القول - على كل حق دوري متجدد سواء أكان هذا الحق مما أوردته هذه المادة أم كان غير وارد بها صراحة، إذ أن ما أوردته المادة المشار إليها من الحقوق كان على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر.
ومن حيث إن المبلغ المطالب به تتوفر فيه صفتا الدورية والتجدد أياً كان الوصف الذي يطلق عليه فهو مقابل استغلال مقصف كلية طب القصر العيني في الفترة من 25 من نوفمبر سنة 1953 إلى 24 من أكتوبر سنة 1954 وهو يستحق طبقاً لما يقضي به البند الثالث من عقد استغلال هذا المقصف مقدماً يوم 25 من كل شهر فإن حق الجهة الإدارية في المطالبة بالمبلغ موضوع الدعوى يكون قد استحق أخر قسط منه منذ 25 من سبتمبر سنة 1954 ولكن الجامعة لم ترفع دعواها أمام محكمة القضاء الإداري مطالبة به إلا في 22 من أكتوبر سنة 1962 أي بعد فوات أكثر من خمس سنوات من تاريخ إمكان رفعها ودون أن تتخذ أي إجراء قاطع للتقادم خلال هذه المدة فإن حقها في المطالبة بهذا المبلغ وفي رفع الدعوى التي تحمي هذا حق يكون قد سقط بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 من القانون المدني ومن ثم يكون الدفع الذي أبداه الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري قائماً على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى برفض هذا الدفع قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه ويتعين والحالة هذه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعية بالمصروفات.