مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 161

(70)
جلسة 23 من فبراير سنة 1974

برياسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي - المستشارين.

القضية رقم 1100 لسنة 15 القضائية

جامعات - منح دراسية - مهمة علمية.
لكل من القانونين رقمي 184 لسنة 1958 و112 لسنة 1959 مجاله الخاص به ولا يمنع تطبيق أحكام أحدهما من تطبيق أحكام القانون الآخر. الموفد في مهمة علمية على منحة يلتزم بالالتزامات التي تفرض على الموفد في مهمة علمية وبتلك التي تقع على عضو المنحة. رفض العودة بعد انتهاء المنحة - الالتزام برد المرتبات التي صرفت خلال فترة المنحة - أساس ذلك - مثال.
إنه استبان من الاطلاع على ملف خدمة المدعى عليه أنه حصل على بكالوريوس الهندسة عام 1950 وعين في وظيفة معيد بكلية الهندسة بجامعة القاهرة في 7 من أكتوبر سنة 1950 ثم حصل على الدكتوراه في 20 من ديسمبر سنة 1955 وعين في وظيفة مدرس بالكلية المذكورة في 27 من مايو سنة 1959 وقد ورد إلى كلية الهندسة بعد ذلك كتاب مدير عام إدارة البعثات (قسم المنح الدراسية) متضمناً أن السيد رئيس اللجنة العليا للبعثات سبق أن وافق على قبول المنح الدراسية المقدمة من مؤسسة "الكسندرفون همبولدت" بألمانيا الغربية لعام 60/ 1961 وأن المجلس الأعلى للعلوم رشح المدعى عليه لدراسة توزيع القوى الكهربائية ووافقت الجهة الألمانية المختصة على ترشحيه لأحد منح عام 1961/ 1962 على أن يدرس اللغة الألمانية بمعهد جوته بألمانيا على نفقة الجهات الألمانية المختصة لمدة شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1961 ثم تبدأ منحته لمدة عشرة شهور من أول نوفمبر سنة 1961 وقيمة المنحة 600 مارك ألمانيا في الشهر وانتهى الكتاب المشار إليه إلى طلب "اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنحه المهمة العلمية في أقرب وقت والإفادة كذلك بموافقة مكتب الأمن حتى يتسنى له السفر قبل نهاية شهر أغسطس القادم. والثابت كذلك من ملف خدمة المدعى عليه أنه تقدم إلى كلية الهندسة بطلب مؤرخ 11 من يونيه سنة 1961 للموافقة على سفره في مهمة علمية بمرتب لمدة عام إلى ألمانيا الغربية وذلك للاستفادة من المنحة التي أعطيت له من مؤسسة فون همبولدت وقد وافق مجلس الكلية في 12 من يونيه سنة 1961 على سفر المدعى عليه في مهمة علمية بمرتبه لمدة عام ابتداء من النصف الأخير من شهر أغسطس سنة 1961 وبإخطار الجامعة بهذا القرار وبما ورد من الإدارة العامة للبعثات أعدت إدارة المستخدمين بجامعة القاهرة مذكرة مؤرخة 2 من يوليه سنة 1961 بما تم في شأن ترشيحه للمنحة من إدارة البعثات وبقرار مجلس الكلية المشار إليه وقد عرضت المذكرة على مجلس جامعة القاهرة بجلسته المنعقدة في 11 من يوليه سنة 1961 حيث وافق على اقتراح الكلية وبتاريخ 25 من يوليه سنة 1961 وافق وزير التربية والتعليم التنفيذي على إيفاد المدعى عليه في مهمة علمية بألمانيا الغربية لمدة سنة بمرتبه وذلك للاستفادة من المنحة المقدمة من مؤسسة فون همبولدت وبمرتبه فقط وقد بدأت مدة السنة المشار إليها في 15 من سبتمبر سنة 1961 ولما لم يعد المدعي لمباشرة عمله بالكلية في 14 من سبتمبر سنة 1962 أوقف صرف مرتبه اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1962 ثم وافق مجلس جامعة القاهرة في 17 من يناير سنة 1965 على اعتبار المدعى عليه مستقيلاً من تاريخ انقطاعه عن العمل وإبلاغ النيابة العامة لمخالفته أحكام القانون رقم 296 لسنة 1956.
ومن حيث إنه يبدو واضحاً مما تقدم أن الترخيص للمدعى عليه بالسفر في مهمة علمية لمدة سنة طبقاً للمادة (64) من قانون تنظيم الجامعات رقم 184 لسنة 1958 المعمول به في ذلك الوقت إنما كان بمناسبة ترشيحه من إدارة البعثات لمنحة مقدمة من مؤسسة الكسندرفون همبولدت بألمانيا الغربية للحكومة المصرية وبناء على طلب الإدارة المذكورة حسبما سلف الإيضاح ومن ثم فإن الترخيص له بالمهمة العلمية على هذا الوجه لا يحول دون تطبيق القانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح ذلك أن لكل من القانونين مجاله الخاص به ولا يمنع تطبيق أحكام أحدهما من تطبيق أحكام القانون الآخر متى توافرت شروطه ومن ثم فإن الموفد في مهمة علمية على منحة يلتزم بالالتزامات التي تفرض على الموفد في مهمة علمية وبتلك التي تقع على عضو المنحة.
ومن حيث إن المادة (30) من القانون رقم 112 لسنة 1959 المشار إليه تنص بأنه على عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة أن يعود إلى وطنه خلال شهر على الأكثر من انتهاء دراسته وإلا أوقف صرف مرتبه مع عدم الإخلال بما تقضي به القوانين واللوائح من أحكام أو جزاءات أخرى "وتنص المادة (31) بأن يلتزم عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة بخدمة الجهة التي أوفدته أو أية جهة حكومية ترى إلحاقه بها بالاتفاق مع اللجنة التنفيذية للبعثات لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة قضاها في البعثة أو الإجازة الدراسية وبحد أقصى قدره 7 سنوات لعضو البعثة، 5 سنوات لعضو الإجازة الدراسية إلا إذا تضمنت شروط البعثة أو الإجازة الدراسية أحكاماً أخرى ويجوز للجنة العليا للبعثات إعفاء عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة من التزامه المشار إليه إذا دعت ضرورة قومية أو مصلحة وطنية إلى الإفادة منه في جهة غير حكومية ونصت المادة (33) على أن للجنة التنفيذية أن تقرر إنهاء بعثة أو إجازة أو منحة كل عضو يخالف أحكام إحدى المواد 23، 25، 27، 29، 30 كما أن لها أن تقرر مطالبة العضو بنفقات البعثة أو المرتبات التي صرفت له في الإجازة أو المنحة إذا خالف المادة 25، 31 ومفاد ذلك أن عضو المنحة الذي لا يعود خلال شهر من تاريخ انتهاء بعثته يوقف صرف مرتبه كما يجوز إنهاء المنحة، وإذا رفض العودة فإن ذلك يعني إخلاله بما نصت عليه المادة (31) من خدمة للجهة الموفدة له للمدة المشار إليها بالنص ويلزم تبعاً لذلك بالنفقات والمرتبات التي صرفت له.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعى عليه لم يستجب لطلب الجامعة في العودة إلى الوطن واستلام عمله بكلية الهندسة بالرغم من مطالبته بذلك مما ترتب عليه إنهاء خدمته طبقاً للقانون باعتباره مستقيلاً لانقطاعه عن العمل دون عذر مقبول فإنه يكون قد أخل بما ألزمته به المادة (31) من القانون رقم 112 لسنة 1959 المشار إليه وبالتالي يلتزم برد كافة المرتبات التي صرفت له خلال فترة وجوده بالمنحة وقدرها 775.135 مليمجـ بالتطبيق للمادة (33) من القانون رقم 112 لسنة 1959.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم أن المادة (64) من القانون رقم 184 لسنة 1958 بشأن تنظيم الجامعات وهو القانون المعمول به وقت سفر المدعى عليه في المنحة كانت تنص على أنه يجوز أن يوفد أعضاء هيئة التدريس في مهمات علمية مؤقتة خارج الجامعة ويكون ذلك بقرار من وزير التعليم العالي بناء على طلب مجلس الجامعة وبعد أخذ رأي مجلس الكلية والأقسام المختصة ولا تزيد مدة المهمة العلمية على سنة ولا يجوز إيفاد عضو هيئة التدريس قبل انقضاء أربعة سنوات من عودته من البعثة أو إجازة دراسية أو مهمة علمية ومع ذلك يجوز عند الضرورة القصوى وبموافقة المجلس الأعلى للجامعات مد المهمة إلى ما يزيد على سنتين أو الإيفاد فيها قبل انقضاء الأربع سنوات المشار إليها وعلى المرخص له في المهمة العلمية أن يقدم بعد انتهاء مهمته تقريراً عن الأعمال التي قام بها ونسخاً من البحوث التي يكون قد أتمها ويتقاضى المرخص له مرتباً كاملاً مدة المهمة ذلك لأن القرار الصادر بإيفاد المدعى عليه في مهمة علمية للاستفادة من المنحة ينطوي في الواقع على شقين أحدهما خاص بالمنحة التي رشح لها عن طريق الإدارة العامة للبعثات وهذه ينظمها القانون رقم 112 لسنة 1959 ويلتزم المدعى عليه بأحكامه بصددها والشق الآخر هو الخاص بالمهمة العلمية ويحكمها القانون رقم 184 لسنة 1958 فيلتزم عضو هيئة التدريس بتقديم تقرير عن مهمته ونسخاً من البحوث التي يكون قد أتمها كل ذلك بالإضافة إلى أن إيفاد المدعى عليه في المهمة العلمية كان لازماً باعتباره الوسيلة القانونية لشرعية انقطاع المدعى عليه من العمل طوال مدة المنحة المقدمة للدولة والتي رشح لها. وكذلك لا وجه لحجاج المدعى عليه بأن مدة وجوده في المهمة العلمية اعتبرت مدة خدمة فعلية بدليل أن الجامعة اعتبرته مستقيلاً من تاريخ انتهاء المهمة في 14 من سبتمبر سنة 1966 ذلك لأن التزام المدعى عليه برد ما صرف إليه من مرتبات إنما يستند إلى نص المادة (33) من القانون رقم 112 لسنة 1959 التي لم تعلق التزام عضو المنحة برد تلك المرتبات بأي قيد يتعلق بموقفه الوظيفي في الجهة التي يعمل لها.
ومن حيث إنه متى كان ذلك ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب يكون خالف القانون، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبإلزام المدعى عليه بأن يؤدي إلى المدعي مبلغ 775.135 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 10 من إبريل سنة 1967 حتى تمام السداد والمصروفات.