مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 168

(72)
جلسة 24 من فبراير سنة 1974

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أحمد فؤاد أبو العيون - رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة محمد فهمي طاهر ومحيي الدين طاهر وأحمد سعد الدين قمحة ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.

القضية رقم 559 لسنة 13 القضائية

( أ ) "دعوى الإلغاء" "ميعاد رفعها" - "التظلم الوجوبي" - عاملون مدنيون بالدولة "تقارير دورية".
نظام موظفي هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية - اشتماله على تنظيم خاص للتظلم من التقرير السنوي غير التنظيم العام الوارد في قانون مجلس الدولة - هذا التنظيم الخاص ليس من شأنه عدم الاعتداد بالتظلم الوجوبي الذي نظمه قانون مجلس الدولة - قبول الدعوى إذا رفعت خلال ستين يوماً من تاريخ الرفض الحكمي للتظلم الوجوبي - أساس ذلك - ومثال.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - "تقارير دورية".
لا يسوغ قصر تقدير عنصر الصفات الذاتية للموظف على الرئيس المباشر.
(جـ) عاملون مدنيون بالدولة - "تقارير دورية" "ترقية".
عدم جواز ترقية العامل الذي قدم عنه تقرير بدرجة ضعيف - انتفاء مصلحة العامل الحاصل على مؤهل متوسط في الطعن على الترقيات إلى وظائف لا يجوز ترقية حملة المؤهلات المتوسطة إليها - مثال.
1 - إن المادة 30 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1643 لسنة 1960 باللائحة التنفيذية لنظام موظفي هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية قد نصت على أن "يعلن الموظف الذي يقدم عنه تقرير بدرجة مرضي أو ضعيف بصورة منه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ اعتماده من لجنة شئون الموظفين.. وللموظف أن يتظلم لرئيس لجنة شئون الموظفين المختصة من التقرير خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تسلمه صورته وبعرض التظلمات على اللجنة خلال شهر من تاريخ تقديمها". كما نصت المادة 31 من اللائحة ذاتها على أن "تتولى لجنة شئون الموظفين المختصة بنفسها أو بمن تندبه لذلك من أعضائها تحقيق ما ترى تحقيقه من المسائل التي يضمنها الموظفون بتظلماتهم من التقارير المشار إليها في المادة السابقة ويكون لها في ذلك حق الاطلاع على الأوراق والسجلات وسماع الأقوال على أن يعد لذلك محضر مكتوب، ويكون قرار اللجنة الصادر في التظلم نهائياً، ويعلن به الموظف خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره".
ومن حيث إن القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة المعمول به وقت إقامة الدعوى قد نص في المادة الثانية عشرة منه على أنه "لا تقبل الطلبات المقدمة رأساً بإلغاء القرارات الإدارية المنصوص عليها في البندين ثالثاً ورابعاً عدا ما كان منها صادراً من مجالس تأديبية والبند خامساً من المادة (8) وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم..." كما نص كذلك في المادة الثانية والعشرين على أن ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه.. وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئة الرئيسية، ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي ستون يوماً من تاريخ تقديمه وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً، ويعتبر فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة".
ومن حيث إنه يتضح من مقارنة نظام التظلم المنصوص عليه في القرار الجمهوري رقم 1643 لسنة 1960 بنظام التظلم الذي أوجبه قانون مجلس الدولة أن الأول جوازي للموظف إن شاء قدمه وفي هذه الحالة لا يصبح التقرير نهائياً إلا بعد البت في التظلم وإن شاء أغفله وفي هذه الحالة يصبح التقرير نهائياً بعد انقضاء الأجل المقرر للتظلم منه، كما وأن هذا التظلم مقصور على من قدرت كفايته بدرجة "مرضي" أو "ضعيف" فلا يشمل من قدرت كفايته بعد ذلك وميعاده خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان صاحب الشأن به ويكون تقديمه إلى لجنة شئون الموظفين وذلك كله على خلاف نظام التظلم المنصوص عليه في قانون مجلس الدولة الأمر الذي يدل على أن النصوص الواردة بشأن التظلم من التقارير السنوية في نظام موظفي هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية ولائحته التنفيذية لم تلغ أو تعطل العمل بالقواعد الواردة في قانون مجلس الدولة في شأن التظلم الوجوبي، ومن ثم تظل هذه القواعد واجبة التطبيق وبالتالي يكون للتظلم المنصوص عليه في قانون مجلس الدولة أثره في قطع ميعاد رفع الدعوى وفقاً لحكم المادة 22 سالفة الذكر.
ومن حيث إنه ولئن كان نظام التظلم وفقاً لأحكام لائحة نظام موظفي هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية يجعل تقديم التظلم المنصوص عليه في قانون مجلس الدولة غير مجد الأمر الذي يقضي بقبول الدعوى شكلاً ولو لم يسبقها التظلم المنصوص عليه في قانون مجلس الدولة اكتفاء بتقديم التظلم المنصوص عليه في لائحة نظام موظفي الهيئة إلا أن تقرير هذه القاعدة لا يقوم على أساس عدم الاعتداد بأحكام التظلم المنصوص عليه في قانون مجلس الدولة بل يستند إلى الحكمة التشريعية من استحداث نظام التظلم الوجوبي وهي الحكمة التي كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 165 لسنة 1955 والتي ظلت قائمة بالنسبة للنصوص المقابلة في القانون رقم 55 لسنة 1959 وقد جاء بها أن الغرض من ذلك هو تقليل الوارد من القضايا بقدر المستطاع وتحقيق العدالة الإدارية بطرق أيسر على الناس وإنهاء تلك المنازعات في مراحلها الأولى إن رأت الإدارة أن المتظلم على حق في تظلمه فإن رفضته أو لم تبت فيه خلال الميعاد المقرر فله أن يلجأ إلى طريق التقاضي.
ومن حيث إنه وقد تبين أن النصوص الواردة بشأن التظلم من التقارير السنوية في لائحة نظام موظفي هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية لم تلغ أو تعطل العمل بالقواعد الواردة في المادتين 12، 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 المشار إليه في شأن التظلم الوجوبي، وكان ثابتاً من الأوراق أن الطاعن أعلن بقرار تقدير كفايته عن عام 1961 بدرجة ضعيف في 22 من إبريل سنة 1962 وتظلم منه إلى وزير المواصلات في 19 من يونيه سنة 1962 بمناسبة تظلمه من قرار الترقية المطعون فيه أي خلال ستين يوماً من تاريخ علمه بقرار تقدير كفايته وقيد هذا التظلم برقم 100 لسنة 1962 في 24 من يونيه سنة 1962 ولم يتلق عنه رداً فأقام دعواه في 20 من أغسطس سنة 1962 أي خلال الستين يوماً التالية للرفض الحكمي لتظلمه فإنه يكون رفعها في الميعاد بالتطبيق لحكم المادة 22 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب يكون قد أخطأ في تأويل القانون جديراً بالإلغاء.
2 - لا وجه لما ينعى به الطاعن على التقرير المطعون فيه من أن التقديرات التي أدخلها الرئيس الأعلى على تقديرات الرئيس المباشر والمدير المحلي لم تتناول عنصري العمل والإنتاج أو العلاقات والسلوك في العلم بل تناولت عنصر الصفات الذاتية وهي صفات لا يدركها عن يقين إلا الرئيس المباشر للموظف أو المدير المحلي بحكم دوام اتصالهما به، لا وجه لذلك إذا ما كان المشرع قد ناط بكل سلطة من تلك السلطات تقدير هذا العنصر وغيره من عناصر تقدير كفاية الموظف فلا يسوغ قصر تقدير عنصر الصفات الذاتية للموظف على الرئيس المباشر أو إلزام السلطات الأخرى الأعلى بتقدير الرئيس المباشر لهذا العنصر لما في ذلك من إهدار للحكمة التي استلزم من أجلها الشارع مرور التقرير بالمراحل الأربع التي نص عليه القانون، فضلاً عن أن هذا العنصر - شأنه في ذلك شأن العناصر الأخرى في التقرير تخضع للتغيير من عام إلى آخر وإلا لما كان ثمة حاجة إلى تقريره في كل عام على حدة.
3 - إن المادة 23 من قرار رئيس الجمهورية رقم 2192 لسنة 1959 بشأن نظام موظفي هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية تقضي بأن الموظف الذي يقدم عنه تقريران متتاليات بدرجة مرضي أو تقدير بدرجة ضعيف لا يرقى في السنة التي قدم فيها التقرير..." وإذ كان ثابتاً أن الطاعن قدم عنه في 29 من إبريل سنة 1962 تقرير بدرجة ضعيف عن أعماله عن عام 1961 وهو تقرير غير مشوب بما يبطله حسبما سلف البيان - فإن القرار الوزاري رقم 98 لسنة 1962 الصادر في 5 من يونيه سنة 1962 إذ تخطي الطاعن في الترقية إلى المرتبة الثانية بالكادر الفني العالي بفرع الحركة يكون قد صدر على أساس سليم من القانون فضلاً عن أن هذا القرار لا يمس مصلحة للطاعن إذا ما أخذ في الاعتبار أنه غير حاصل على أي مؤهل دراسي - من المؤهلات المقيمة - وبالتالي لا تجوز ترقيته إلى المرتبة الثانية من الكادر الفني العالي عملاً بحكم المادة 34 من لائحة نظام موظفي هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية الصادر بها القرار الجمهوري رقم 1643 لسنة 1960 والتي تقضي بأنه "لا يجوز ترقية حملة المؤهلات المتوسطة إلى المراتب العالية أما حملة هذه المؤهلات الذين يشغلون الآن وظائف في الكادر الفني العالي والإداري فلا تجوز ترقيتهم إلى أعلى من المرتبة الثانية" وعملاً بحكم المادة 13 من اللائحة ذاتها والتي تنص على أن "يطبق في شأن المؤهلات العلمية اللازمة لشعل الوظائف القواعد الخاصة بموظفي الدولة" ومن ثم فإن طلب الطاعن إلغاء القرار الوزاري رقم 98 لسنة 1962 المطعون فيه يكون قد بني على غير سند سليم من القانون خليقاً بالرفض.