مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1994 إلى 15 سبتمبر سنة 1994) - صـ 1563

(154)
جلسة 30 من يوليه سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: أبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وغبريال جاد عبد الملاك، وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 328 لسنة 36 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - تحقيق - عدم اشتراط
الإحالة من الوزير أو من يفوضه إلى النيابة الإدارية.
المادة (3) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية تمارس النيابة الإدارية سلطتها في إجراء التحقيق مع الموظفين العموميين بناء على ما يحال إليها من الجهات الإدارية المختصة أو بناء على ما تتلقاه من شكاوى الأفراد أو الهيئات - لا يشترط أن تتم إحالة الموظف بمعرفة الوزير المختص أو من يفوضه في ذلك - لا ينال من ذلك ما انتهت إليه اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية في هذا الشأن لأن رأيها لا يعدو أن يكون مجرد توجيهات لا ترقى إلى مرتبة القانون الذي لم يقيد سلطة النيابة الإدارية في التحقيق مع العاملين بضرورة إحالة الأمر إليها من الوزير المختص أو من يفوضه - يؤكد ذلك: أن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 115 لسنة 1983 لم يرد به أي نص يتطلب لإجراء التحقيق مع العامل بمعرفة النيابة الإدارية أن تتم إحالته بمعرفة الوزير المختص أو سلطة أخرى وذلك على غرار ما نص عليه قانون العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 في المادة (83) التي استلزمت أن يكون التحقيق بمعرفة النيابة الإدارية بالنسبة لشاغلي الوظائف العليا بناء على طلب رئيس مجلس الإدارة بناء على طلب رئيس مجلس الإدارة وأن يكون التحقيق مع رئيس مجلس الإدارة بناء على طلب رئيس الجمعية العمومية للشركة - تطبيق.
(ب) صحافة - نشر بيانات غير حقيقية - تصحيحها.
المادة (9) من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة.
لكل من نشر عنه بيانات غير حقيقية أو نسب إليه تصريحات على خلاف الحقيقة أن يطلب تصحيح ما نشر عنه أو ما نسب إليه من تصريحات عن طريق نشر هذا التصحيح بالجريدة بالوسيلة التي حددها المشرع - هذا الحق مقرر للكافة - بعد ذلك أداة لتحقيق التوازن بين حق الصحفي في النشر وحق القارئ في إيضاح حقيقة ما نشر عنه في الصحف حتى لا يتعرض القارئ للمساءلة عن أمور غير حقيقية لم تصدر عنه - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 12/ 1989 أودع الأستاذ/...... المحامي نيابة عن الأستاذ/....... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الراهن، في حكم المحكمة التأديبية بالإسكندرية الصادر في الدعوى رقم 712 لسنة 31 ق بجلسة 25/ 11/ 1989 والقاضي بمجازاة/....... (الطاعن) بخصم خمسة أيام من أجره.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما أسند إليه.
وبتاريخ 10/ 1/ 1990 تم إعلان تقرير الطعن إلى النيابة الإدارية في مقرها.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما نسب إليه وما يترتب على ذلك من آثار.
وتم تداول الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث قدم الطاعن بجلسة 11/ 5/ 1994 مذكرة بذات الطلبات الواردة بتقرير الطعن.
وبذات الجلسة قدمت هيئة النيابة الإدارية مذكرة طلبت فيها رفض الطعن.
وبجلسة 8/ 6/ 1994 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 9/ 7/ 1994 وتم نظر الطعن أمام المحكمة حيث قدم الطاعن مذكرة بجلسة 9/ 7/ 1994 بذات الطلبات الواردة بتقرير الطعن.
وقد تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 15/ 3/ 1989 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 712 لسنة 31 ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية وذلك بإيداع أوراق قضية النيابة الإدارية رقم 336 لسنة 1988 إسكندرية مشتملة على تقرير اتهام فيها ضد: -
........ (الطاعن) مدير إدارة التحصيل والمتابعة بالمديرية المالية بالإسكندرية بالدرجة الأولى.
لأنه خلال شهري أغسطس وسبتمبر سنة 1987 بالمديرية المالية بدائرة محافظة الإسكندرية.
خرج على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤد عمله بأمانة وخالف الحظر الوارد بالقانون بإفضائه بتصريح عن أعمال وظيفته بجريدة المساء ومجلة أكتوبر ضمنه بيان إيرادات المسارح ومنطقتي المنتزه والمعمورة والتي يطلع عليها بحكم وظيفته دون أن يكون مصرحاً له بذلك تتضمن إفشاءه بيانات سرية عن هذه الإيرادات والمحصلة في موسم 1987 مما من شأنه إفادة بعض أصحاب الفرق والإضرار بالبعض الآخر وذلك حسبما توضح الأوراق.
ومن حيث إنه بجلسة 25/ 11/ 1989 صدر الحكم المطعون فيه بمنطوقه سالف الذكر بمجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من أجره مقيماً قضاءه على أساس أن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن المحال (الطاعن) قد أفضى بتصريح عن أعمال وظيفته لجريدة المساء في عددها الصادر بتاريخ 17/ 9/ 1987، ومجلة أكتوبر في عددها الصادر يوم الأحد 12/ 8/ 1987 ضمنه بياناً بإيرادات المسارح في منطقتي المنتزه والمعمورة التي يطلع عليها بحكم وظيفته كمدير للتحصيل والمتابعة بالمديرية المالية دون أن يكون مصرحاً له بذلك وقد تضمن هذا التصريح إفشاءه بيانات سرية عن هذه الإيرادات مما من شأنه إفادة بعض أصحاب الفرق والأضرار بالبعض الآخر مخالفاً بذلك نص المادة 77/ 7/ 8 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، ولا يعول على إنكار الطاعن للواقعة أو ما أفادت به كل من جريدة المساء ومجلة أكتوبر من أن المحال لا صلة له بالخبر المشار إليه وأنه يتعذر الإفصاح عن مصدره إعمالاً لميثاق الشرف الصحفي وقانون الصحافة، ذلك أن الثابت من مطالعة الصورة الضوئية لجريدة المساء ومجلة أكتوبر أن البيانات المشار إليها واردة على لسان المحال (الطاعن) ومنسوبة إليه فضلاً عن اقتران الخبر المنشور بجريدة المساء بصورة المحال (الطاعن) الضوئية مما يؤكد ارتكابه المخالفة واستطرد الحكم المطعون فيه إلى طرح ما تمسك به المحال (الطاعن) من بطلان إحالته إلى النيابة الإدارية لوقوعها دون موافقة وزير المالية وفقاً للتعليمات الصادرة عن اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية بجلسة 24/ 7/ 1985، وذلك استناداً إلى أن ما ورد بالتعليمات المشار إليها لا يعدو أن يكون من قبيل التوجيهات وليس في القانون رقم 47 سنة 1978 ولا في قانون النيابة الإدارية ما يحول دون النيابة الإدارية ومباشرة التحقيق إلا بعد موافقة الوزير المختص.
ومن حيث إن مبنى الطعن صدور الحكم مخالفاً للقانون لما يلي:
أولاً: بطلان إحالة الطاعن إلى النيابة الإدارية وذلك أن التعليمات التي حواها كتاب رئيس الإدارة المركزية للتفتيش المالي بوزارة المالية المؤرخ 7/ 6/ 88 والموجه إلى رئيس النيابة الإدارية بالإسكندرية تستوجب موافقة رئيس قطاع الحسابات بالمديرية المالية المفوض قانوناً بذلك من الوزير ولا يجوز للمفوض أن يفوض غيره في ذلك وبالتالي تكون إحالة الطاعن التي تمت بمعرفة وكيل الوزارة وليس رئيس القطاع، قد تمت باطله بما يترتب عليها بطلان التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية معه.
ثانياً: مخالفة الحكم المطعون فيه الثابت من الأوراق والمستندات المقدمة منه في الدعوى والمتمثلة في كتابين صادرين من مجلة أكتوبر وجريدة المساء يذكران أنه لا صلة للطاعن بما نشر بهما إلا أن المحكمة التفتت عن هذين الكتابين.
ثالثاً: الإخلال بحق الدفاع وتهاتر أسباب الحكم المطعون فيه وتناقضها لأن المحكمة لم تحقق دفاع الطاعن حين أنكر المنسوب إليه وما قدمه من مستندات تفيد أنه لم يخالف وظيفته وأوردت المحكمة أن تلك البيانات من المتداولة النشر في الصحف والمجلات ولا تتصل بعمله كمدير لإدارة التحصيل والمتابعة بما كان من شأنه أن يستتبع براءته إلا أنه رغم هذا فقد انتهت إلى إدانته.
ومن حيث إنه عما يتمسك به الطاعن من بطلان التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارة لإحالته إليه بمعرفة وكيل الوزارة وليس بمعرفة رئيس القطاع المفوض المالية بذلك، فإن تخويل رؤساء القطاعات بمعرفة وزير المالية بشأن إحالة العاملين للنيابة الإدارية قد تم في ضوء قرار اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية بجلستها المنعقدة بتاريخ 24/ 7/ 1985 والتي انتهت فيها إلى أن تراعي الوزارات والجهات المختلفة عدم إحالة أية مخالفات إلى النيابة الإدارية إلا بعد استيفاء النواحي الفنية في الموضوع والتأكد من جدية المخالفات وبعد موافقة الوزير المختص.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى أحكام قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1985 فإنه ينص في المادة (3) منه على أنه: -
"مع عدم الإخلال بحق الجهة الإدارية في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تختص النيابة الإدارية بالنسبة إلى الموظفين الداخلين في الهيئة والخارجين عنها والعمال بما يأتي: -
(1) إجراء الرقابة والتحريات اللازمة للكشف عن المخالفات المالية والإدارية.
(2) فحص الشكاوى التي تحال إليها من الرؤساء المختصين أو من أي جهة رسمية عن مخالفات القانون أو الإهمال في أداء واجبات الوظيفة.
(3) إجراء التحقيق في المخالفات الإدارية والمالية التي يكشف عنها إجراء الرقابة وفيما يحال إليها من الجهة الإدارية المختصة وفيما تتلقاه من شكاوى الأفراد والهيئات التي يثبت الفحص جديتها.
ويجب إرسال إخطار إلى الوزير أو الرئيس الذي يتبعه الموظف بإجراء التحقيق قبل البدء فيه، وذلك عدا الحالات التي يجرى فيها التحقيق بناء على طلب الوزارة أو الهيئة التي يتبعها الموظف".
ومن حيث إن المستفاد من النص المتقدم أن ممارسة النيابة الإدارية سلطتها في إجراء التحقيق مع الموظفين العموميين، قد تكون قد بناء على ما يحال إليها من الجهات الإدارية المختصة وقد تكون بناء على ما تتلقاه من شكاوى الأفراد أو الهيئات، وبالتالي فإن الأمر غير متوقف على ضرورة أن تتم إحالة الموظف بمعرفة الوزير المختص أو من يفوضه في ذلك فقط، ولا يغير من ذلك ما انتهت إليه اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية على النحو المتقدم إيضاحه، ذلك أن ما انتهت تلك اللجنة لا يعدو أن يكون مجرد توجيهات عامة يقصد بها تنظيم العمل فقط ولكنها لا ترقى إلى مرتبة القانون الذي لم يقيد سلطة النيابة الإدارية في التحقيق مع العاملين بضرورة إحالة الأمر إليها من الوزير المختص أو من يفوضه في ذلك، ويؤكد ذلك أن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 115 لسنة 1983 لم يرد به أي نص يتطلب لإجراء التحقيق مع العامل بمعرفة النيابة الإدارية أن تتم إحالته بعرفة الوزير المختص أو سلطة إدارية أخرى، وذلك على غرار ما نص عليه قانون العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 في مادته 83 التي استلزمت أن يكون التحقيق بمعرفة النيابة الإدارية بالنسبة لشاغلي الوظائف العليا بناء على طلب رئيس مجلس الإدارة، وأن يكون التحقيق مع رئيس مجلس الإدارة بناء على طلب الجمعية العمومية للشركة.
ومن ثم فإنه في ضوء ما تقدم فإن ما يتمسك به الطاعن في هذا الشأن لا يستند إلى أساس صحيح من القانون ويكون مستوجباً الرفض وإذ انتهت المحكمة التأديبية إلى رفض هذا الدفع الذي كان تمسك به المحال (الطاعن) أمامها، فإن ما انتهت إليه مطابقاً لصحيح القانون في هذا الشأن.
ومن حيث إن موضوع المنازعة يتحصل في أنه وردت شكوى إلى مدير المديرية المالية بالإسكندرية ضد الطاعن قيدت لدى المديرية برقم وارد 690 في 27 / 1/ 88 لإدلائه بتصريحات في جريدة المساء ومجلة أكتوبر، وقد قام وكيل الوزارة مدير المالية لمحافظة الإسكندرية بإبلاغ النيابة الإدارية بكتابه المؤرخ 31/ 1/ 1988 بأن الطاعن أدلى بتصريحات لجريدة المساء ولمجلة أكتوبر بما يتنافى ويتعارض مع واجبات وظيفته وسرية الأرقام الخاصة بالإيرادات المحصلة في دائرة عمله والتي يشرف على متابعة تحصيلها، بما من شأنه إفادة أصحاب بعض الفرق المسرحية والإضرار بالبعض الآخر، ودون أن يكون مصرحاً له بذلك حيث صرح لجريدة المساء في عددها الصادر يوم الخميس 17/ 9/ 1987 بأن ضريبة الملاهي حققت خلال شهري يوليو وأغسطس إيراداً قدره مليوناً ومائتين وسبعة آلاف جنيه وأن مسرحية "الواد سيد الشغال" حققت إيرادات بلغت 200255 جنيه وخشب الورد 117633 جنيه ضريبة الملاهي المحصلة من بوابات المنتزه بلغت 121667 جنيه وبونات المعمورة والمحال العامة 170290 جنيه وأنه من خلال هذه الأرقام يتضح أن "الواد سيد الشغال" للعام الثالث على التوالي ما زال في المقدمة وأما مسارح القطاع العام فكانت في حالة يرثى لها والأعمال المعروضة كانت في ذيل القائمة وأخيراً ارتفاع ضريبة الملاهي التي تمثل ما بين 30 و40% من قيمة التذاكر مما يؤدي إلى ارتفاعها، كما قرر على لسان الطاعن أن المسرح الحكومي حقق خسارة كبيرة خلال العام وبلغت خسارة مسرحية "معقول" في أول أيام العرض 38 جنيه وبلغ أقصى إيراد 180 جنيه، وأن السيرك العالمي يحقق 6000 جنيه في حين يحقق السيرك القومي 200 جنيه.
وقد أجرت النيابة الإدارية تحقيقاً في الموضوع بالقضية رقم 336 لسنة 1988 إسكندرية القسم الأول، وفيه استمعت إلى أقوال/...... مدير المديرية المالية بالإسكندرية الذي ردد مضمون ما ورد بكتابه المبلغ للنيابة الإدارية سالف الذكر وأورد أن وزير المالية لم يفوض أحد بما في ذلك وكلاء الوزارة ورؤساء القطاعات بالإدلاء بأية تصريحات للصحف حتى لا ينجم عن هذه التصريحات إثارة لأصحاب الفرق المسرحية إذ أنها تؤثر على إيرادات المسرحيات.
وبسؤال الطاعن ومواجهته بما نسب إليه أنكر إدلاءه بأية تصريحات في هذا الصدد وذكر أنه اطلع على ما نشر في هذا الصدد إلا أنه لم يعترض على ما ورد بها لعدم وجود مدير لذلك، أما عن نشر صورته بجوار الخبر فذكر أن صورته كان قد حصل عليها أحد الصحفيين بمناسبة مشاهدته لإحدى المسرحيات وأنه شخصية معروفة بحكم عمله كمراقب تحصيل يقوم بالتفتيش والمراقبة لدى دور العرض.
وقد أرفقت بالتحقيق صورة لما نشر بجريدة المساء ومجلة أكتوبر في هذا الشأن والتي يبين أنها تتضمن البيانات سالفة الذكر، وقد ورد للنيابة الإدارية من المجلة والجريدة المشار إليهما ما يفيد عدم جواز الإفصاح عن المصدر الذي تلقتا منه تلك الأخبار إعمالاً لميثاق الشرف الصحفي وأن الطاعن ليس له علاقة بما نشر.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فقد أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية ضد الطاعن حيث صدر الحكم المطعون فيه استناداً إلى ثبوت الواقعة المنسوبة إليه وإلى أنها تشكل مخالفة تأديبية تستوجب الجزاء وذلك على النحو السابق إيضاحه.
ومن حيث إن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ينص في المادة 77 منه معدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 على أنه:
"يحظر على العامل: 1 - ........ 2 -........ 3 -...... 4 -...... 5 -.......... 6 -.........
7 - أن يفضي بأي تصريح أو بيان عن أعمال وظيفته عن طريق الصحف أو غير ذلك من طرق النشر إذا كان مصرحاً له بذلك كتابة من الرئيس المختص.
8 - أن يفشي الأمور التي يطلع عليها بحكم وظيفته إن كانت سرية بطبيعتها أو بموجب تعليمات تقضي بذلك ويظل هذا الالتزام بالكتمان ولو بعد ترك العامل الخدمة....".
ومن حيث إن المستقر عليه أن المحكمة التأديبية إنما تستخدم الدليل الذي تقيم عليه قضاءها من الوقائع التي تطمئن إليها دون معقب عليها في هذا الشأن ما دام هذا الاقتناع قائماً على أصول موجودة وغير منتزعة من أصول لا تنتجها، وأنه متى ثبت أن المحكمة التأديبية قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها استخلاصاً سائغاً وكيفتها تكييفاً سليماً وكانت النتيجة تبرر اقتناعها الذي بنت عليه قضاءها فإنه لا يكون هناك محل للتعقيب عليها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق ولا سيما الصور الضوئية لمجلة أكتوبر وجريدة المساء المرفقة بأوراق التحقيق أن البيانات التي نشرتها حول إيرادات المسارح بمدينة الإسكندرية والسابق إيضاحها تفصيلاً قد جاءت منسوبة إلى الطاعن وعلى لسانه وقد وردت صورته الضوئية بجوارها بجريدة المساء وتتضمن أولاً: "بيانات متصلة بوظيفة الطاعن فمن ثم تكون المحكمة التأديبية إذ تخلص مما تقدم بثبوت الواقعة المنسوبة إلى الطاعن وأنها تشكل إخلالاً بواجبات وظيفته تكون قد استخلصت ذلك استخلاصاً سائغاً من أصول مادية تنتجها قانوناً، ويكون تكييفها هذا مطابقاً لصحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم إنكار الطاعن للواقعة أو ورود كتابين من الجريدة والمجلة المذكورة بعدم الإفصاح عن مصدر تلك المعلومات وأن الطاعن ليس له علاقة بالموضوع، لا ينال ذلك من سلامة الحكم الذي طرح هذين الأمرين ولم يعول عليهما ذلك أنه إذا كان ما ورد بالجريدة والمجلة المشار إليهما قد ورد على سبيل الخطأ بنسبته إلى الطاعن، فإن المشرع نظم طريقة تصحيح الخطأ الذي يقع في النشر بالصحف والمجلات فنصت المادة (9) من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة على أنه:
"يجب على رئيس التحرير أو المحرر المسئول أن ينشر بناء على طلب ذي الشأن تصحيح ما ورد ذكره من الوقائع أو ما سبق نشره من التصريحات الصحيفة".
ويجب أن ينشر التصحيح خلال الثلاثة أيام التالية لاستلامه على الأكثر أو في أول عدد يظهر من الصحيفة في نفس المكان وبنفس الحروف التي نشر بها المقال المطلوب تصحيحه.
ويكون نشر التصحيح بدون مقابل إذا لم يتجاوز ضعف المقال المذكور...".
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن لكل من نشرت عنه بيانات غير حقيقية أو نسبت إليه تصريحات على خلاف الحقيقة أن يطلب تصحيح ما نشر عنه أو ما نسب إليه من تصريحات عن طريق نشر هذا التصحيح بالجريدة بالوسيلة والطريقة المحددة بالنص المتقدم، وهذا الحق مقرر للكافة ويعد ذلك أداة لتحقيق التوازن بين حق الصحفي في النشر وحق القارئ في إيضاح حقيقة ما نشر عنه في الصحف وحتى لا يتعرض القارئ للمساءلة عن أمور غير حقيقية لم تصدر عنه.
ومن حيث إن الثابت أن الطاعن لم يلجأ إلى هذا الطريق بطلب نشر تصحيح عما ورد بلسانه بالمجلة والصحيفة المشار إليهما وذلك رغم إقراره بالتحقيق أنه علم بما نشر عنه بهما وأنه لم يعترض على ذلك لعدم وجود مبرر على حد قوله كما أن أياً من الجريدة أو المجلة لم تقدم بتصحيح الخطأ بنشر هذا التصحيح بصفحاتها على النحو الذي تطلبه القانون وإنما اكتفت بإرسال خطاب للنيابة الإدارية يفيد أن الطاعن لا صلة بما نشر بهما وهو ليس الوسيلة المقررة قانوناً لتصحيح الخطأ في النشر.
ومن حيث إن عدم طلب الطاعن نشر التصحيح عما ورد بلسانه بالمجلة والصحيفة المشار إليهما وعدم نشر أي منهما تصحيحاً يفيد عدم ما ورد على لسان الطاعن بما هو منسوب إليه، فإن ذلك يؤكد صحة ما ورد بهما على لسانه منسوباً إليه، ويبرر طرح إنكار الطاعن لذلك وإهدار ما ورد بالخطابين الواردين للنيابة من المجلة والجريدة اللتين تزعمان فيهما عدم وجود صلة للطاعن بما نشر وتكون المحكمة التأديبية إذ لم تعول على إنكار الطاعن ولا على خطابي المجلة والجريدة المشار إليهما قد أعملت نظرها في تقدير الدليل إعمالاً صحيحاً ويغدو ما يتمسك به الطاعن في هذا الشأن غير قائم على سند صحيح من القانون مستوجباً طرحه.
ومن حيث إنه عما يتمسك به الطاعن من قول بإخلال المحكمة بحق الدفاع بعدم الرد على إنكار ما نشر عنه وما قدم من مستندات تنفي ذلك عنه، فإنه من المستقر عليه أن المحكمة التأديبية ليست ملزمة بتعقب دفاع المحال في وقائعه وجزئياته للرد على كل منها ما دامت قد أبرزت إجمالاً الحجج التي كونت عقيدتها منها مطرحة بذلك الأسانيد التي قام عليها دفاعه، وفضلاً عن ذلك فقد تبين مما سبق إيضاحه صحة ما انتهى إليه الحكم المطعون بطرح إنكار الطاعن لما نشر عنه منسوباً إليه وعدم صحة الخطابين سالفي الذكر ومن ثم يغدو هذا القول غير مستند إلى أساس صحيح من القانون.
وأخيراً فإنه عما يتمسك به الطاعن من قول بتناقض أسباب الحكم لإدانته رغم إشارته إلى أن البيانات المنشورة لا تتصل بعمله كمدير لإدارة التحصيل والمتابعة إذ أنها من البيانات المتداولة في الصحف، فإنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد لاحظ أن بعض تلك البيانات لا تتصل بعمل الطاعن وأنها من البيانات المتداولة في الصحف، إلا أنه أعمل أثر ذلك في تقدير الجزاء المقضى به بخمسة أيام فقط أي أن الحكم المطعون فيه لم يجاز الطاعن عن نشر البيانات التي لا تتصل بعمله والمتداولة في الصحف وقصر مجازاته على نشر البيانات المتعلقة بعمله.
ومن ثم فلا يكون هناك تناقض في الأسباب على النحو المزعوم ولذلك يتعين طرح ما يتمسك به الطاعن في هذا الصدد.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم يكون الحكم قد صدر صحيحاً ويغدو الطعن فاقداً الأساس القانوني مستوجباً الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.