مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 180

(76)
جلسة 24 من فبراير سنة 1974

برئاسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون ومحمد فهمي طاهر ومحيي الدين طاهر ومحمد بدير الألفي - المستشارين.

القضية رقم 289 لسنة 16 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - ميعاد الترقية - مدى ترخص جهة الإدارة في تحديد ميعاد الترقية متى كشفت الإدارة عن نيتها في إصدار الترقية في وقت معين فليس لها أن تعود بعد إلغاء هذه الحركة وتتمسك بحقها في اختيار ميعاد الترقية.
(ب) قرار إداري - إلغاء القرار الإداري - مهمة القاضي الإداري تقف عند حد إلغاء القرار الإداري غير المشروع، أما تنفيذ مقتضى هذا الإلغاء فتختص به جهة الإدارة.
(جـ) عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - توجيهات رئيس الوزراء توجيهات إدارية لا ترقى إلى مرتبة القانون ولا تشكل قيداً على حق الإدارة في إجراء الترقيات ما دامت مطابقة للقانون.
1 - إن الثابت من الأوراق أنه في 14 من إبريل سنة 1966 تاريخ صدور قرار المحافظة رقم 701 لسنة 1966 بترقية السيد/ مصطفى رضوان عيسى إلى الدرجة الرابعة الإدارية، كان المطعون ضده يشغل وظيفة مدير شئون العاملين بمجلس مدينة طنطا من الدرجة الخامسة بمجموعة الوظائف التنظيمية والإدارية وترجع أقدميته فيها إلى 21 من فبراير سنة 1963، وأن السيد مصطفى رضوان عيسى ترجع أقدميته في الدرجة الخامسة بالمجموعة المذكورة إلى 20 من يوليه سنة 1961 وقد نقل من وزارة الداخلية إلى محافظة الغربية من 16 من نوفمبر سنة 1965، وأن الطاعنة قد رقت العامل الأخير بالقرار رقم 701 لسنة 1966 المشار إليه قبل مضي سنة على نقله استناداً إلى توجيهات مجلس الوزراء الصادرة في إبريل سنة 1966 والتي تقضي بإضافة سنتين إلى الحد الأدنى المقرر في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة للترقية إلى الدرجة الرابعة الإدارية وهو سنتان بمقولة إن إعمال هذه التوجيهات يقضي بعدم جواز ترقية المطعون ضده وترقية السيد/ مصطفى رضوان عيسى تطبيقاً لحكم المادة 23 من القانون 46 لسنة 1964 التي تجيز ترقية العامل المنقول قبل مضي سنة إذا لم يكن بين عمال الوحدة المنقول إليها العامل من يستوفى الشروط القانونية للترقية خلال هذه السنة. وأنه بعد تعديل توجيهات مجلس الوزراء في 20 من إبريل سنة 1966 بإضافة سنة واحدة إلى الحد الأدنى المقرر قانوناً للترقية بدلاً من سنتين ومن ثم توفر شروط الترقية في المطعون ضده أصدرت المحافظة في 8 من مايو سنة 1966 القرار رقم 885 لسنة 1966 بسحب ترقية السيد/ مصطفى رضوان إلى الدرجة الرابعة الإدارية لعدم جواز ترقيته قبل مرور سنة على نقله إلى المحافظة، ولم ترق المحافظة المطعون ضده مستندة في ذلك إلى أن توجيهات مجلس الوزراء تقضي بإجراء الترقيات في شهر ديسمبر كل عام.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى نظام العاملين المدنين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 يبين أن المادة 23 منه تنص على أنه "لا يجوز الترقية بأية حال قبل انقضاء المدة المقررة للترقية في جداول التوصيف التي يعتمدها المجلس التنفيذي، كما لا تجوز ترقية العامل المنقول إلا بعد مضي سنة على الأقل ما لم تكن الترقية بالاختيار أو في وظائف الوحدات المنشأة حديثاً أو لم يكن بين عمال الوحدة المنقول إليها العامل من يستوفى الشروط القانونية للترقية خلال هذه السنة كما يبين من الجدول المشار إليه أن الحد الأدنى للترقية إلى الدرجة الرابعة سنتان.
ومن حيث إنه قد استبان لهذه المحكمة من الاطلاع على التوجيهات العامة الصادرة من رئيس الوزراء في شأن شغل الدرجات الخالية أو التعيين فيها أنها أبلغت لمحافظة الغربية في 7 من إبريل سنة 1966 ونصت في البند (3) منها على قصر إجراء حركة الترقيات بالنسبة لكافة العاملين في جميع الجهات على مرة واحدة في السنة وتكون خلال شهر ديسمبر من كل عام وذلك اعتباراً من السنة المالية 66/ 67 مع السماح بإجراء حركة الترقيات المنتظرة في إبريل سنة 1966، وقضت في البند (4) بأنه عند الترقية إلى درجة أو فئة أعلى تضاف سنتان إلى الحد الأدنى المقرر قانوناً وتطبق هذه القاعدة على الترقيات التي تجرى في إبريل سنة 1966، وقد عدل رئيس الوزراء هذا البند في تاريخ لاحق من شهر إبريل سنة 1966 بخطاب أبلغ إلى محافظ الغربية في 20 من إبريل سنة 1966 ويقضي هذا التعديل بإضافة سنة واحدة إلى الحد الأدنى المقرر قانوناً للترقية بدلاً من سنتين، ونص التعديل على تطبيق هذه القاعدة المعدلة على الترقيات التي تجري في إبريل سنة 1966. ويستفاد مما تقدم أن توجيهات رئيس الوزراء في خصوصية قصر إجراء الترقيات على مرة واحدة خلال شهر ديسمبر من كل عام إنما يعمل بها اعتباراً من السنة المالية 1966/ 1967 أي اعتباراً من أول يوليه سنة 1966 وليس قبل هذا التاريخ، وأن القاعدة المعدلة لمدة الحد الأدنى المقررة للترقية السالفة البيان تسري على الترقيات التي تجرى في إبريل سنة 1966.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه وإن كانت الإدارة تترخص لما لها من ولاية اختيارية في إصدار حركات الترقية وتوقيتها إلا أنها متى كشفت عن نيتها في إصدار حركة في وقت معين فليس لها أن تعود بعد إلغاء هذه الحركة أو سحب القرار الصادر بها وتتمسك بهذا الحق بعد أن استنفذت ولايتها باستعماله في موعد سبق لها تحديده. وأنه إذا ثبت أن الإدارة قد أصدرت قرارها الترقية على نحو خاطئ فإن تصويب هذا القرار يقتضي رد الأمور إلى وضعها الصحيح باعتبار ترقية المدعي راجعة إلى وقت صدور القرار المسحوب ومن ثم فإنه إذا سحبت الإدارة قرارها المطعون فيه بأن استجابت إلى ترقية المدعي دون إرجاعها إلى تاريخ الحركة الأولى فإنها تكون قد سحبته سحباً جزئياً فيتعين والحالة هذه تصويب الوضع بإرجاع أقدمية المدعي إلى تاريخ تلك الحركة.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن أقدمية المطعون ضده في الدرجة الخامسة الإدارية ترجع إلى أول مارس سنة 1963 أي أنه أمضى في هذه الدرجة أكثر من سنتين وهي المدة المقررة قانوناً فمن ثم فقد كان مستوفياً لشروط الترقية إلى الدرجة الرابعة الإدارية وقت صدور القرار رقم 701 لسنة 1966 الصادر في 14 من إبريل سنة 1966 بترقية السيد/ مصطفى رضوان عثمان إلى هذه الدرجة اعتباراً من 12 من إبريل سنة 1966 بما في ذلك الشرط الخاص بالحد الأدنى للمدة المطلوبة للترقية إلى هذه الدرجة طبقاً لتوجيهات رئيس الوزراء المعدلة وهو ثلاث سنوات، وترتيباً على ذلك فإنه ما كان يجوز للجهة الإدارية الطاعنة ترقية العامل المذكور دون المدعي إذ أن الأول كان قد تخلف بالنسبة إليه شرط انقضاء السنة على نقله الواجب توفره أما وقد أصدرت الجهة المذكورة القرار رقم 701 لسنة 1966 المشار إليه على نحو خاطئ لمخالفته لحكم المادة المذكورة فإن تصويب هذا الخطأ يقتضي رد الأمور إلى وضعها الصحيح ليس فقط بسحب القرار الخاطئ سحباً جزئياً وإنما بترقية المطعون ضده اعتباراً من تاريخ صدور القرار المسحوب في 12 من إبريل سنة 1966، وإذ امتنعت الإدارة عن إصدار هذا القرار تكون قد خالفت القانون، ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بإلغاء هذا القرار السلبي قد التزم صحيح حكم القانون في هذا الشق منه.
2 - أما ما قضى به الحكم المطعون فيه من استحقاق المدعي للترقية للدرجة الرابعة الإدارية فإن مهمة القاضي الإداري تقف عند حد إلغاء القرار الإداري غير المشروع، أما تنفيذ مقتضى هذا الإلغاء فإنه مما تختص به الجهة الإدارية بالقرار الذي يصدر منها مراعية فيه التنفيذ الكامل للحكم الصادر في هذا الشأن.
3 - ولا وجه لما تستند إليه الجهة الإدارية الطاعنة من تبريرها لعدم ترقية المدعي بأن توجيهات رئيس الوزراء المشار إليها كانت تحول دون ذلك لأنها توجب إجراء الترقيات مرة واحدة في شهر ديسمبر من كل عام لأنه فضلاً عن أن هذه التوجيهات قد نصت على نفاذ هذا الشرط اعتباراً من أول يوليه سنة 1966 أي في تاريخ لاحق لإجراء الترقية المطعون فيها، فإن هذه التوجيهات بما تضعه من شروط بالإضافة إلى تلك المقررة بنصوص صريحة لا تعدو مجرد توجيهات إدارية لا ترقى إلى مرتبة القانون ولا تشكل قيداً على حق الإدارة في إجراء الترقيات ما دامت مطابقة للقانون.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن ترقية المدعي إلى الدرجة الرابعة الإدارية اعتباراً من 12 من إبريل سنة 1966 وما يترتب على ذلك من آثار، ويتعين لذلك تعديل الحكم المطعون فيه على مقتضى ما تقدم وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.