مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 211

(85)
جلسة 17 من مارس سنة 1974

برياسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون ومحيي الدين طاهر وأحمد سعد الدين قمحة ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.

القضية رقم 381 لسنة 16 القضائية

معاشات الجمع بين المعاش والمرتب في الشركات التي تساهم فيها الدولة.
سلطة وزير الخزانة في الترخيص في الجمع بين المعاش والمرتب في الشركات التي تساهم فيها الدولة لا تقتصر على مجرد الإذن بالجمع وإنما له تحديد مدى هذا الجمع - عدم جواز زيادة المرتب عن المرخص به من وزير الخزانة - أساس ذلك - ومثال:
إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد جاء على غير أساس صحيح من حكم القانون وذلك لسببين: أولهما أن السلطة المخولة لوزارة الخزانة بمقتضى القانون رقم 77 لسنة 1962 إنما تقتصر على أحد أمرين أن تأذن بالجمع بين المرتب والمعاش أو لا تأذن به أما أن تحدد مبلغاً معيناً لا يجوز أن يتعداه دخل الموظف نتيجة لهذا الجمع فهو أمر خارج عن اختصاصها ولا يجوز في هذه الحالة الاستناد إلى قاعدة أن من يملك الكل يملك الجزء لأن اختصاص وزير الخزانة لا شأن له بتحديد المرتب والمعاش وإنما هو يملك أن يأذن بالجمع بين المرتب والمعاش من ناحية المبدأ فقط وقوام هذا النظر أن هذا الأذن كما هو مقصود به صالح الموظف فهو مقصود به أيضاً صالح الشركة التي يعمل بها لأن فكرة إجازة الجمع بين المعاش والمرتب تقوم على أساس التخفيف من الأعباء المالية الملقاة على عاتق الشركات إذا ما أرادت الإفادة من ذوي الخبرات الخاصة بأن تسهم الخزانة العامة في أن تتحمل جزء من مرتبات ذوي الخبرة الذين يعادون للخدمة بهذه الشركات عن طريق استمرار صرف معاشهم الذي يعد في هذه الحالة جزء من المرتب الذي يستحقونه لقاء عملهم في الشركة وذلك بدلاً من أن تتحمل الشركة مرتباتهم كاملة من ميزانيتها أما تقييد الإذن بالجمع في حدود مبلغ معين فإن أثاره تنصرف إلى الموظف الذي تتجمد حالته تجمداً نهائياً بحيث يقضي بقية حياته يحصل على مبلغ معين لا يتغير ولا تلحقه أية زيادة مهما زادت أعباؤه الوظيفية ومهما أصابه من ترقيات في علمه مع أنه لو لم توافق الوزارة على الجمع أصلاً لما لحق بالموظف مثل هذا الغبن والسبب الثاني أنه مع التسليم الجدلي بأن لوزير الخزانة سلطة تقديرية في شأن تقدير المعاش والمرتب اللذين يرخص في الجمع بينهما فإن هذه السلطة التقديرية لا يجوز أن تمارس إلا وفقاً لحدود وضوابط معينة تنأى بها عن التحكم أو الاعتساف بحيث يجيء قرار الوزارة في هذا الشأن قائماً على سبب صحيح ينتجه ويؤدي إليه وخالياً من إساءة استعمال السلطة فإذا كان الثابت أن ما قررته الوزارة من الانتقاص من معاش الطاعن بقدر ما يطرأ على مرتبه من زيادة مؤداه تجميد وضعه طوال حياته فإن ذلك يبدو آية في التعسف لما فيه مصادرة لحق الموظف في الحصول على العلاوات والترقيات على نحو يناهض كافة أحكام التوظف في الدولة، ولا شك أنه من المعايير التي يلزم الاستهداء بها ألا يكون ما يحصل عليه الموظف من مرتب ومعاش أقل مما يستحقه من أجر لقاء الوظيفة التي يعمل بها في الشركة وإلا كان هناك غبن واقع عليه فإذا كان الثابت أن وظيفة الطاعن في شركة المقاولين العرب قدر لها أصلاً الفئة الثانية التي يبدأ مربوطها بمبلغ 72 جنيهاً شهرياً وضح مدى الغبن الذي أصابه من جراء تحديد الوزارة لمرتبه ومعاشه بمبلغ 64 جنيهاً شهرياً وعدم تجاوز مجموعها هذا الرقم ومصادرة أية زيادة لحسابهما مع أنه لو لم توافق على الجمع أصلاً لكان قد عين في الوظيفة بمرتب 72 جنيهاً الأمر الذي يبين منه مدى الخطأ الذي وقعت فيه الوزارة بقرارها المطعون فيه.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أنه بتاريخ 15/ 1/ 1966 أرسلت شركة المقاولون العرب إلى وزارة الخزانة كتاباً طلبت فيه الموافقة على الترخيص للطاعن في الجمع بين المرتب والمعاش وذلك لحاجة الشركة لخدماته علماً بأن مجلس إدارة الشركة قد وافق على ذلك وأن الطاعن يتقاضى المرتب والمعاش في حدود مائة جنيه وأرفقت الشركة بياناً بحالة الطاعن جاء فيه أنه من مواليد 31/ 10/ 1913 وكان يعمل ضابط شرطة بوزارة الداخلية وكان أخر مرتب يتقاضاه قبل إحالته إلى المعاش في 20/ 7/ 1963 هو 64.398 جنيهاً من ذلك 45.500 جنيهاً مرتب أساسي والباقي علاوة غلاء معيشة وبدلات مختلفة وأن قيمة المعاش 34.210 جنيهاً وأن تاريخ تعيينه بالشركة هو 26/ 10/ 1965 وأن مرتبه الحالي بها هو ثلاثون جنيهاً شهرياً شاملاً جميع البدلات وأن مجموع المعاش والمرتب 64.210 جنيهاً - وبتاريخ 16/ 1/ 1966 أرسل وكيل وزارة الخزانة إلى الشركة كتاباً جاء فيه أنه بالإشارة إلى طلب الموافقة على أن يجمع الطاعن بين المعاش المستحق له وقدره 34.210 جنيهاً ومرتبه من الشركة وقدره 30 جنيهاً فإن وزارة الخزانة توافق على هذا الطلب لمدة سنة واحدة اعتباراً من تاريخ تسلمه العمل وبتاريخ 12/ 2/ 1966 أرسلت الشركة إلى وزارة الخزانة كتاباً جاء فيه أن مرتب الطاعن أصبح 35 جنيهاً شهرياً اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1965 وبذلك يبلغ مجموع مرتبه ومعاشه 69.210 جنيهاً وطلبت الشركة التصريح للطاعن بالجمع بين المعاش والمرتب بعد التعديل وبتاريخ 26/ 2/ 1966 أرسل وكيل وزارة الخزانة كتاباً إلى الشركة جاء فيه: أنه لا يجوز تعديل الترخيص السابق صدوره في 16/ 1/ 1966 طوال مدة الترخيص ويعمل به حتى نهاية مدته وأن الوزارة تأسف لعدم الموافقة على هذا الطلب وبتاريخ 22/ 2/ 1967 أرسلت الشركة كتاباً إلى وزارة الخزانة جاء فيه أن المرتب الحالي للطاعن هو 35 جنيهاً شهرياً ومعاشه 34.210 جنيهاً وأنه سبق أن صدرت له موافقة بالجمع بين المعاش والمرتب لمدة سنة من تاريخ تسلمه العمل تنتهي في 25/ 10/ 1966 وأن الشركة لا تمانع في تجديد الترخيص له وبتاريخ 16/ 3/ 1967 أرسل وكيل وزارة الخزانة كتاباً إلى الشركة جاء فيه أن الوزارة توافق على أن يجمع الطاعن بين مرتبه الحالي في الشركة وقدره 35 جنيهاً وجزء من المعاش المستحق له وقدره 29.210 جنيهاً وذلك اعتباراً من التاريخ التالي لإنهاء الترخيص السابق وحتى بلوغه سن الستين وإنه على الشركة إخطار جهة صرف المعاش بأية زيادة تطرأ على مرتبه نتيجة استحقاقه العلاوات الدورية أو فروق الترقية لاستنزالها من جزء المعاش الجاري صرفه.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 77 لسنة 1962 بعدم جواز الجمع بين مرتب الوظيفة في الشركات التي تساهم فيها الدولة وبين المعاش المستحق قبل التعيين فيها قد جرى نصها بأنه لا يجوز الجمع بين مرتب الوظيفة في الشركات التي تساهم فيها الدولة وبين المعاش المستحق من الحكومة أو المؤسسات العامة قبل التعيين في هذه الشركات ومع ذلك يجوز لمجلس إدارة الشركة - بعد موافقة وزير الخزانة - أن يقرر الجمع بين المعاش والمرتب الذي يتقاضاه الموظف عند التعيين في الشركة فإذا جاوز مجموع المعاش والمرتب ما كان يتقاضاه الموظف عند اعتزاله الخدمة وكان هذا المجموع يزيد على مائة جنيه في الشهر أو كان سن الموظف قد جاوز عند تعيينه في الشركة سن الثانية والستين فيصدر القرار المشار إليه من رئيس الجمهورية....." وفي ضوء الغاية التي تغياها القانون - وهي تخفيف الأعباء المالية على الشركات التي تبغي الإفادة من ذوي الخبرات الخاصة من أرباب المعاشات فإن مفاد هذا النص هو أن الأصل أن التعيين في إحدى الوظائف بالشركات التي تساهم فيها الدولة يترتب عليه بحكم القانون وقف صرف المعاش الذي يتقاضاه الموظف من الحكومة أو المؤسسات العامة قبل تعيينه في الشركة فإذا ما ارتأت الشركة أن يجمع الموظف بين معاشه وبين المرتب الذي تقرره له عند التعيين فيها وجب عليها الحصول على موافقة وزير الخزانة وللوزير سلطة تقديرية في منح الإذن بذلك طالما كان مجموع المعاش والمرتب لا يزيد على مائة جنيه في الشهر أو لا يجاوز ما كان يتقاضاه الموظف عند اعتزاله الخدمة والسلطة التي ناطها المشرع بالوزير في هذا الشأن - وهي تشكل استثناء من القاعدة القانونية العامة التي تقضي بعدم الجمع بين المعاش والمرتب الجديد لم يقيدها المشرع بأي قيد وإنما وردت مطلقة على نحو يجيز للوزير أن يمارسها على النحو الذي يراه متفقاً مع صالح الخزانة العامة فكما يترخص الوزير في الموافقة على الجمع بين المعاش والمرتب الجديد فهو يترخص أيضاً في تحديد مدى هذا الجمع وذلك بأن يرخص في الجمع بين المرتب والمعاش كاملاً أو منقوصاً ولا يحد سلطته في هذا الشأن إلا أن يصدر قراره مشوباً بعيب التعسف أو الانحراف في استعمالها - وإذ كان الثابت في خصوص المنازعة الراهنة أن وزارة الخزانة قد رخصت للمدعي في الجمع بين معاشه من الحكومة ومرتبه في الشركة في حدود مبلغ 64.210 جنيهاً منها مبلغ 34.210 جنيهاً قيمة معاشه ومبلغ 30 جنيهاً قيمة مرتبه في الشرك وقد جاء ترخيصها في بادئ الأمر لمدة سنة انتهت في 25/ 10/ 1966 ثم لمدة أخرى تنتهي ببلوغه سن الستين وفي حدود مبلغ 64.210 جنيهاً السالف الذكر، هذا وليس ثمة ما يقوم عليه ادعاء الطاعن من أن وزارة الخزانة قد تعسفت في استعمال سلطتها في هذا الشأن، فمن ثم يقتضي الأمر أن تخصم كل زيادة تطرأ على مرتب الطاعن من المعاش المستحق له من الخزانة العامة ليبقى مجموع المعاش 64.210 جنيهاً وذلك ما لم تحصل الشركة على موافقة جديدة من وزارة الخزانة بالجمع بين المعاش كاملاً والمرتب بعد الزيادة.