مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 215

(86)
جلسة 17 من مارس سنة 1974

برياسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون ومحمد فهمي طاهر ومحيي الدين طاهر ومحمد بدير الألفي - المستشارين.

القضية رقم 444 لسنة 16 القضائية

( أ ) دعوى الإلغاء - ميعاد رفعها - "قرار إداري" - العلم اليقيني.
تقديم المتظلم لبيانات مرفقة بتظلمه تفيد علمه اليقيني الشامل للقرار المطعون فيه - فوات مواعيد التظلم بعد ذلك - عدم قبول الدعوى - أساس ذلك - مثال.
(ب) تعويض - تخطي في الترقية - خطأ يرتب ضرراً يستوجب التعويض - عناصر التعويض لا محل في الحق في التعويض على أساس تفويت ميعاد الإلغاء - أساس ذلك - مثال.
1 - بالنسبة إلى القرار رقم 92 لسنة 1959 فإنه لما كان الثابت من اطلاع المحكمة على ملف خدمة المدعي أنه تقدم بتظلم لوزير التربية والتعليم قيد برقم 17186 ÷ 4 بتاريخ 6/ 8/ 1962 طلب فيه تسوية حالته بمساواته بزملائه الذين رقوا إلى الدرجة السابعة الفنية من 23/ 10/ 1958 بالأمر التنفيذي رقم 235 لسنة 1958 الصادر في 27/ 11/ 1958 تنفيذاً للحكم الصادر لصالحه بأحقيته في الدرجة الثامنة اعتباراً من 8/ 1/ 1952 وقد أثبت في نهاية تظلمه ملحوظة جاء بها أنه مرفق بالتظلم صورة من قرار الوزير وصورة من كشف الأقدمية المطلقة للدرجة السابعة الفنية وبالاطلاع على هذا الكشف تبين أنه عبارة عن جدول ببيان قواعد الترقية للدرجة السابعة الفنية المتوسطة بالأقدمية المطلقة صادر من إدارة الترقيات العامة للمستخدمين بوزارة التربية والتعليم وهذا الجدول مقسم إلى ثلاث خانات الأولى خصصت لتاريخ اعتماد حركة الترقية والثانية للقاعدة التي تمت على أساسها كل ترقية أي تاريخ الأقدمية التي وصل إليها الدور في كل حركة ترقية والخانة الثالثة أثبت بها رقم القرار التنفيذي الصادر بإجراء حركة الترقية وتاريخ صدوره وقد تضمن هذا الجدول ابتداء من القرار رقم 318 الصادر بتاريخ 4/ 7/ 1955 حتى الأمر التنفيذي رقم 218 الصادر في 14/ 4/ 1959 وقد ورد بهذا الجدول الأمر التنفيذي رقم 235 الصادر في 3/ 9/ 1958 الذي يستند إليه المدعي في تظلمه وورد تالياً له الأمر التنفيذي رقم 92 وقد ذكر أمامه أن حركة الترقية بمقتضاه اعتمدت في 31/ 12/ 1958 وأن الدور في الترقية إلى الدرجة الثامنة في هذه الحركة وصل إلى تاريخ 6/ 10/ 1953 وأن القرار المذكور صدر في 20/ 1/ 1959 ولا شك أن هذه البيانات المقدمة من المدعي والمرفقة بتظلمه المذكور تفيد اطلاعه عليها وعلمه بالقرار رقم 92 لسنة 1959 علماً يقيناً شاملاً لجميع عناصره التي تمكنه من تبين مركزه القانوني بالنسبة لهذا القرار يستطيع معه أن يحدد طريقه في الطعن فيه خاصة وأن هذا العلم جاء تالياً لاستقرار مركزه القانوني في الدرجة الثامنة وحسمه نهائياً بحكم المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 28/ 1/ 1960 ولما كان هذا العلم قد تحقق في 6/ 8/ 1962 تاريخ تقديمه التظلم المشار إليه فإنه كان عليه أن يبادر إلى التظلم من القرار رقم 92 لسنة 1959 في الميعاد القانوني ولما كان المدعي قد تراخى في ذلك إلى أن تقدم بتظلم بتاريخ 12/ 2/ 1967 قيد برقم 81 لسنة 1967 أقام على أثره الدعوى موضوع هذا الطعن فإنه يكون قد فوت على نفسه المواعيد ويكون التظلم المقدم منه قد قدم بعد الميعاد القانوني ويتعين الحكم بعدم قبول طلب إلغاء هذا القرار لرفعه بعد الميعاد.
2 - إذا كانت الدعوى ذات شقين أحدهما بالإلغاء والآخر بالتعويض فإن الطعن في شق منهما يثير المنازعة برمتها ما دام الطلبان مرتبطين أحدهما بالآخر ارتباطاً جوهرياً باعتبارهما يقومان على أساس قانوني واحد وهو عدم مشروعية القرار الإداري وأن الطعن بالإلغاء هو طعن فيه بالبطلان بالطريق المباشر وطلب التعويض عنه هو طعن فيه بالبطلان بالطريق غير المباشر.
ومن حيث إن مسئولية الإدارية عن القرارات الإدارية منوطة بأن يكون القرار معيباً وأن يترتب عليه ضرر وأن تقوم علاقة سببية بين عدم مشروعية القرار - أي بين خطأ الإدارة - وبين الضرر الذي أصاب العامل. ولما كان الثابت من الأوراق أن الوزارة المدعى عليها استمرت تنازع المدعي فيما يطالب به من أحقيته في التعيين في الدرجة الثامنة اعتباراً من 18/ 1/ 1952 رغم أنه تظلم في 16/ 9/ 1952 من قرار تعيينه في الدرجة التاسعة ورفضت الوزارة طلبه فرفع دعواه رقم 242 لسنة 3 القضائية المشار إليها في 11/ 3/ 1956 وقضي لصالحه فطعنت الوزارة في هذا الحكم ولكن المحكمة الإدارية العليا رفضت هذا الطعن. ولما كانت وزارة التربية والتعليم قد أصدرت في 20/ 1/ 1959 القرار رقم 92 لسنة 1959 بالترقية إلى الدرجة السابعة متخطية المدعي رغم حسم النزاع في شأن أقدميته في الدرجة الثامنة بحكم المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في الدعوى المذكورة والذي تأيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في 29/ 10/ 1961 مما كشف عن خطأ الوزارة في منازعة المدعي في أقدميته على الوجه المتقدم ومن ثم يكون قرار تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السابعة المشار إليه قد صدر مخالفاً للقانون فيما تضمنه من تخطيه إلى هذه الدرجة وقد ترتب على هذا القرار الخاطئ ضرراً أصابه يتمثل في حرمانه من علاوة الترقية والزيادة في المرتب حتى تاريخ ترقيته إلى هذه الدرجة في 10/ 5/ 1962 وكذلك تخلفه عن زملائه في الترقية إلى الدرجة السادسة القديمة من 30/ 11/ 1964 بموجب القرار رقم 7 لسنة 1965 بما يستتبع ذلك - حرمانه من المرتبات المتعلقة بالترقية والتخلف عن زملائه وتأسيساً على ما تقدم فقد توافرت أركان مسئولية الإدارة عن هذا القرار الخاطئ مما يرتب أحقية المدعي في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي حاقت به من جراء هذا التخطي مما تقدره المحكمة بتعويض جزافي قدره أربعمائة جنيه يجبر ما أصابه من أضرار مادية وأدبية على السواء نتيجة تخطيه في الترقية إلى الدرجتين السابعة والسادسة بالقرارين المشار إليهما ولا وجه لما جاء بتقرير الطعن من أنه وإن كان من حق المدعي الطعن بإلغاء القرار رقم 92 لسنة 1959 لكنه فوت على نفسه ميعاد هذا الطعن مما يسقط حقه في التعويض ذلك لأن انقضاء ميعاد الطعن حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة لا يحول دون مطالبة المدعي بالتعويض عما لحق به من ضرر بسبب تخطيه في الترقية بمقتضى قرار خاطئ صدر مخالفاً للقانون.